أعداء جدد.. هل تستغل اليابان دعم الغرب لاستعادة جزرها من روسيا؟

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

استبعدت صحيفة "غازيتا دوت رو" الروسية، أن تتحرك اليابان لاستعادة جزر "الكوريل" المتنازع عليها بين الجانبين، على خلفية التوترات الأخيرة التي طرأت على العلاقات بين البلدين مع انضمام طوكيو إلى العقوبات الغربية المفروضة على موسكو.

وذكرت الصحيفة في مقال للكاتبين "ايكاترينا أندريفا" و"نيكولاي تشيغاسوف"، أن اليابان لا تريد فتح جبهة جديدة مع روسيا في ظل مخاطر حقيقية تواجهها على الجبهتين الصينية والكورية الشمالية.

تغير لافت

وأشارت الصحيفة إلى أنه في تغير لافت، أعلنت اليابان، في تقريرها السنوي عن السياسة الخارجية للبلاد الصادر في 22 أبريل/ نيسان 2022، أن جزر الكوريل "محتلة بشكل غير قانوني" من قبل روسيا.

وسلط التقرير الضوء على خروج اليابان عن نهج التصالح تجاه روسيا الذي تعتمده منذ عام 2003، وتبنيها موقفا أكثر تشددا.

وذكر التقرير أن الجزر هي جزء متأصل من أراضي اليابان، وهو وصف لم يكن موجودا منذ تقرير عام 2011.

كما وصف التقرير التدخل الروسي في أوكرانيا بأنه عمل فظيع يقوض أسس النظام الدولي، ليس فقط في أوروبا ولكن في آسيا أيضا.

وذكر أن الحكومة اليابانية تطالب روسيا بشدة بالاستجابة لانتقادات المجتمع الدولي، وسحب قواتها من أوكرانيا، والامتثال للقانون الدولي.

ومنتصف مارس/ آذار 2022، أعلنت روسيا تعليق محادثات السلام مع اليابان بشأن "جزر الكوريل" وجميع المشاريع ذات الصلة، ردا على العقوبات التي فرضتها طوكيو ضد موسكو على خلفية غزوها أوكرانيا.

وقالت وزارة الخارجية الروسية، في بيان آنذاك، إن "موقف اليابان غير الودي بشكل واضح، والذي يسعى إلى الإضرار بمصالح روسيا، يجعل من المستحيل التوقيع على وثيقة أساسية بشأن العلاقات الثنائية".

ولم توقع روسيا واليابان على معاهدة سلام بعد الحرب العالمية الثانية، حيث لا يزال هناك نزاع إقليمي بينهما بشأن جزر الكوريل.

وفي "مؤتمر يالطا" عام 1945، وافق الاتحاد السوفيتي على بدء العمليات العسكرية على الجبهة الشرقية بموجب اتفاق مع حلفائه الغربيين، حصل بموجبه على بعض الأراضي اليابانية، بما في ذلك جزر الكوريل.

وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، رفضت اليابان سيادة الاتحاد السوفيتي على الجزر، حيث يدعي كلا الجانبين سيادته على تلك المناطق.

وتحتج طوكيو بانتظام على زيارات المسؤولين الروس للجزر، فيما تخشى موسكو من احتمال نشر أنظمة صواريخ أميركية على الجزر في حالة إعادتها إلى اليابان، ما يشكل تهديدا عسكريا مباشرا لروسيا.

سر التغيير

ولفتت الصحيفة الروسية إلى أنه تعليقا على هذا التغيير اللافت، صرح "ديمتري بيسكوف" السكرتير الصحفي للرئيس الروسي قائلا: "من الواضح، أنه بعد الآن أصبحت اليابان دولة غير ودية وانضمت إلى عدد من الأعمال العدائية ضد روسيا".

وأضاف: "من الصعب للغاية التحدث عن مواصلة عملية التفاوض، والجزر الأربع، التي تعدها اليابان محتلة، هي أرض روسية غير قابلة للتصرف".

ونقلت الصحيفة عن "أليكسي ماسلوف"، مدير معهد الدراسات الآسيوية والإفريقية في جامعة موسكو الحكومية، أن قرار اليابان الأخير  ليس له علاقة تذكر بالأزمة الأوكرانية".

وأضاف: كان اليابانيون يطمعون شعبهم لفترة طويلة بحقيقة أن قضية جزر الكوريل على وشك أن تنتهي. وكان هذا موضوعا وطنيا مهما في السرد السياسي الياباني الداخلي. ولكن قررت السلطات اليابانية الآن تغيير موقفها بشكل كبير وإخبار سكانها بحقيقة أن الجزر لن تتم إعادتها.

وتابع: "للقيام بذلك، كان عليهم إعادة صياغة روايتهم السياسية، معلنين صيغة "احتلال غير قانوني" ، على الرغم من أن هذه الصياغة بالذات غير كفؤة تماما من الناحية القانونية، نظرا لأن اللوائح المتعلقة بجزر الكوريل لا تزال موجودة، والتي يعرفها الدبلوماسيون اليابانيون والمحامون جيدا".

وأوضح ماسلوف أن التغيير في الخطاب مهم للجماهير اليابانية المحلية، وهو موجه أيضا للولايات المتحدة والعالم الغربي عموما، وهو الأمر الذي يتطلب من اليابان التحدث عن "الاحتلال" من أجل تصوير روسيا على أنها المعتدية.

من جانبه رأي "فاسيلي كاشين" مدير مركز الدراسات الأوروبية والدولية الشاملة في المدرسة العليا للاقتصاد بموسكو، أن العلاقات الروسية اليابانية أصبحت أكثر تعقيدا منذ رحيل رئيس الوزراء الياباني السابق "شينزو آبي" ، الذي يمكن تسميته مهندس سياسة التقارب مع موسكو.

وأردف كاشين: "خلال حقبة آبي، كانت محاولة اليابان للتقارب مع روسيا يمليها في المقام الأول القلق المتزايد بشأن التهديد الصيني. وكان من المستحيل تنفيذ ذلك، وبالتالي كان هناك خيبة أمل بعض الشيء".

مستقبل التهديدات

وأشارت الصحيفة الروسية  إلى أنه مع بدء العملية العسكرية في أوكرانيا واجهت اليابان ضغوطا خطيرة من الولايات المتحدة.

ومن وجهة نظر " كاشين"، خيبة الأمل العامة لليابانيين، ورحيل الزعيم الذي يروج للحوار مع موسكو ، والضغط من واشنطن، كلها أمور ساهمت في تغيير الخطاب حول جزر الكوريل.

في الوقت نفسه، لم يستبعد الأستاذ المساعد في معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية "فلاديمير نيليدوف"، أن التغيير في نهج اليابان مرتبط بالأزمة الأوكرانية ، لكنه لا يزال يحدث على خلفية الانهيار العام في العلاقات الروسية اليابانية.

وأوضح أنه "من حيث المبدأ، تم تحديد اتجاه سلبي منذ عدة سنوات ، لأنه حتى نهاية رئاسة "شينزو آبي للوزراء، أصبح من الواضح أن مبادرة التقارب مع روسيا لم تنته لصالح اليابان".

وأضاف: "مع وجود رؤساء الوزراء الجدد، استمرت العلاقات في التدهور. الآن هم في الواقع انهاروا تماما من وجهة نظر سياسية".

وأكد الباحث "ماسلوف"، أنه من غير المرجح أن يشكل تحول طوكيو في الخطاب تهديدا خطيرا لموسكو، وخاصة على الصعيد العسكري، لأن مثل هذا النهج في التعامل مع قضية جزر الكوريل يضر بالحوار بين البلدين.

كما أن الصين ماتزال خصما أكثر خطورة لليابان، لذلك، لن تفتح الأخيرة "جبهة ثانية" مع روسيا، وفي مثل هذه الظروف ستكون طوكيو بمثابة المعتدي.

وأشار ماسلوف إلى أنه من غير المحتمل أن ترغب اليابان ككل في القتال، لأن نموذجها بالكامل موجه نحو التنمية الاقتصادية خارج التحصين العسكري الجاد.

ويتفق كاشين مع ماسلوف في هذا الرأي، أن الوضع الحالي لا يشكل أي تهديد لروسيا، حتى لو عملت اليابان على زيادة الإنفاق العسكري، لكن الصين وكوريا الشمالية سيظلان محور اهتمام طوكيو.