السلاح التركي لحكومة الوفاق.. هل يغير سير المعارك في طرابلس؟

زياد المزغني | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

بعلنية مطلقة دخلت تركيا على خط الدعم العسكري بالسلاح والعتاد لقوات حكومة الوفاق الوطني الليبية المعترف بها دوليا من أجل صد عدوان اللواء المتقاعد خليفة حفتر على العاصمة الليبية طرابلس، الذي أطلقه بداية أبريل/نيسان 2019.

وكالة "رويترز" أكدت وصول عشرات المركبات المدرعة من طراز (بي إم.سي كيربي) تركية الصنع إلى ميناء "طرابلس" البحري، ونشر ناشطون مقاطع "فيديو" لهذه المدرعات وهي تدخل إلى قلب العاصمة وسط تكبيرات وصيحات المقاتلين الموالين لحكومة الوفاق برئاسة فائز السراج.

يبدو أن دعم "أنقرة" لا يهدف فقط لدعم مقاومة حكومة الوفاق في صد العدوان، بل يهدف لحسم المعركة لصالح حكومة "طرابلس" وإفشال مشروع حفتر المدعوم من الإمارات ومصر والسعودية.

أسلحة نوعية

كشف "تجمع ثوار تاجوراء"، أحد الفصائل المسلّحة الموالية لحكومة الوفاق على صفحته الرسمية بـ"فيسبوك"، وصول شحنة من الأسلحة التركية إلى المجموعات المسلحة المؤيدة لحكومة الوفاق عبر ميناء طرابلس.

وأضافت الصفحة أن 40 ناقلة مدرعة من طراز "بي. أم. سي كيربي" تركية الصنع، إلى جانب عدد من الصواريخ المضادة للدبابات والطائرات وبنادق القنص ورشاشات، وصلت عن طريق ميناء طرابلس، على متن سفينة شحن تحمل علم مولدوفيا.

وتوزعت الأسلحة والذخائر على الأجسام العسكرية المدافعة عن العاصمة الليبية التي تتعرّض لهجوم منذ 4 أبريل/نيسان 2019 من قبل قوات حفتر، وبالأخص "لواء الصمود" بقيادة صلاح بادي، والكتيبة 33 مشاة  بقيادة بشير خلف الله.

 

كما نشر "لواء الصمود" الذي يقوده القيادي العسكري المعروف من مدينة مصراتة صلاح بادي، صورا ومقطع فيديو عبر صفحته الرسمية بـ"فيسبوك"، تظهر لحظة إنزال السفينة لشحنتها من المدرعات البالغ عددها تقريبا، بحسب المقاطع، من 30 إلى 40 قطعة، فيما توعد بالقتال بها وإحداث فرق على الأرض.

تحمل السفينة، التي رفع عليها علم مولدوفيا، اسم "AMAZON"، وأبحرت، حسب معلومات عن موقع "فيسيلفايندر" المختص بمتابعة حركة السفن، في 21 أبريل/نيسان المنصرم، من ميناء سامسون شمال تركيا.

وفي وقت سابق قال المتحدث باسم حكومة "الوفاق"، مهند يونس أن "الحكومة تتواصل مع "تركيا" للحصول على أي شيء يلزم لوقف الهجوم بما في ذلك الدعم العسكري والمدني".

ورغم أنه لم تصدر أي تأكيدات من قبل حكومة الوفاق أو أي نفي للأمر، إلا أن عملية "بركان الغضب" التي أطلقتها الحكومة لصد عدوان "حفتر" على العاصمة، أكدت أنها "تلقت دعما من حكومة الوفاق تعزّز قواتها المدافعة عن طرابلس بمدرعات وذخائر وأسلحة نوعية، استعدادا لعملية موسعة يتم الإعداد لها للقضاء على المتمردين التابعين لمجرم الحرب المتمرد حفتر. وبسط الأمن في كافة ربوع ليبيا"، بحسب بيان مقتضب لمكتبها الإعلامي.

موازين القوى

في 4 أبريل/نيسان 2019، فاجأت قوات حفتر المتمركزة في الشرق الليبي الجميع بشنّ هجوم واسع على طرابلس، في وقت كانت تتجه فيه الأنظار إلى عقد الملتقى الوطني الجامع  لكل الفرقاء الليبيين ومن بينهم حفتر لإيجاد حل للأزمة المستمرّة منذ العام 2011 بعد سقوط نظام العقيد معمّر القذافي.

وفي الأيام الأولى للمعارك تمكّنت القوّات المهاجمة من السيطرة على عدد من المواقع الإستراتيجية من بينها المطار، قبل أن تتراجع بعد دخول قوات مدينة مصراته على خط المعارك، لتفشل مخطط حفتر للسيطرة على العاصمة رغم بقاء قواته في محيطها واستمرار المعارك لأكثر من شهرين.

دخول السلاح التركي للمعركة قد يكون له أثر على سيرها وعلى التفاوت الموجود بين قوات حفتر المدعومة من الإمارات والسعودية ومصر، وهو ما أكّده وولفرام لاشر الباحث في المعهد الألماني للسياسة الدولية والأمن لفرانس برس بقوله: إن "دعم تركيا للقوات التابعة لحكومة الوفاق الوطني سيساهم في ردم الهوة في مجال التسلح بين الجانبين".

وأضاف أن حفتر كان في البداية "في موقع قوة" بفضل تسلمه عشرات الدبابات الإماراتية الصنع التي "قد يخسرها الآن"، كما قال مستشار شؤون الدفاع  الفرنسي والمختص في ملف ليبيا لقناة "فرانس 24" "حتى الآن تبدو القوات الجوية متكافئة مع حوالى 15 مقاتلة لدى كل طرف، إضافة إلى بعض المروحيات التي تستخدم فقط ليلا لأنها قد تتعرض للنيران خلال النهار"، وهو ما قد يفسّر عدم تغيّر خطوط الجبهة بعد قرابة الشهرين من المعارك عند مداخل طرابلس.

دعم إماراتي

رغم القرار الدولي رقم 1970 الصادر عن مجلس الأمن في مارس/آذار 2011 والذي طالب جميع الدول الأعضاء بالأمم المتحدة بمنع بيع أو توريد الأسلحة ومتعلقاتها إلى ليبيا، بجانب القرار 2420، الذي يسمح للدول الأعضاء بتفتيش السفن المتجهة إلى ليبيا أو القادمة منها بهدف التصدي لدخول السلاح إليها، إلا أن الواقع على الأرض مختلف تماماً.

فالسلاح لم يتوقف عن التدفق إلى ليبيا، بل شهد خلال فترات من الصراع تطورا ملحوظا، خاصّة بعد إعلان حفتر إطلاق عملية "الكرامة" للإطاحة بالحكومة الشرعية والسيطرة على السلطة في ليبيا.

تقارير عدة أكدت تقديم الإمارات ومصر دعماً لحفتر بضربات جوية خلال حملاته للسيطرة على شرق ليبيا. وقال مسؤولون أمريكيون في ذلك الوقت إن كلتا الدولتين وجهتا ضربات جوية على طرابلس في 2014 خلال صراع مختلف لمساعدة قوة متحالفة مع حفتر، بالإضافة إلى دعم بالعتاد والأسلحة.

ويحقق خبراء في الأمم المتحدة في مشاركة عسكرية إماراتية محتملة في النزاع في ليبيا بعد اطلاق صواريخ جو-أرض من طراز "بلو آرو" في نيسان/أبريل الماضي بواسطة طائرات وينغ لونغ من دون طيار الصينية الصنع كما جاء في تقرير اطلعت عليه فرانس برس.

وفي تقريرها الأخير بأيلول/سبتمبر أشارت مجموعة خبراء الأمم المتحدة إلى ان "عددا أكبر من آليات مدرعة للمشاة وشاحنات بيك آب مجهزة برشاشات ثقيلة ومدافع غير مرتدة وقذائف هاون وراجمات صواريخ" وصلت الى ليبيا.

وقال رئيس المجلس الأعلى للدولة بليبيا خالد المشري خلال استضافته في برنامج "بلا حدود" على قناة الجزيرة 1 مايو/آيار 2019: "تقارير مجلس الأمن وثقت معلومات عن رحلات جوية لنقل أسلحة إماراتية إلى حفتر، وحصلت حكومة الوفاق على أدلة تثبت هذا من لجنة الخبراء التابعة للأمم المتحدة، ولديها معلومات أكثر دقة مما لدى لجنة الخبراء تتعلق بالطائرات المسيرة ولمن بيعت، حتى أنها باتت تملك أرقام هياكل هذه الطائرات والتي يتضح من تتبعها أنها تتبع أبو ظبي".

يبدو أن هذا الدعم العلني لحفتر والذي يقود تمردا عسكريا على حكومة الوفاق، وفّر للجانب التركي حججا من أجل دعم الحكومة المعترف بها دوليا، وهو ما تؤكده تصريحات الرئيس رجب طيب أردوغان: "في ليبيا حكومة تتلقى شرعيتها من الشعب، وديكتاتور يتلقى الدعم من أوروبا وبعض الدول العربية"، في إشارة إلى حفتر.

أردوغان أشار إلى أن "ليبيا باتت تشكل مسرحا لسيناريوهات مظلمة تستهدف أمن المنطقة"، حسب ما أوردت وكالة الأناضول التركية الرسمية، مضيفا أن "تركيا ستقف بقوة إلى جانب أشقائها الليبيين، كما فعلت في السابق، وستستنفر كل إمكاناتها لإفشال مساعي تحويل ليبيا إلى سوريا جديدة".