بسبب الانقلاب وفاغنر وماكرون.. صحيفة إيطالية تحذر من تفاقم أوضاع مالي

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

قالت صحيفة إيطالية إن "تأجيل الانقلاب العسكري في مالي نقل السلطة إلى المدنيين لسنوات، يقابله تزايد المشاعر المعادية للفرنسيين في البلاد، فيما تستفيد موسكو بذلك من الوضع السائد". 

وأوضحت صحيفة "نيغريسيا" أن "التوتر يتصاعد حاليا مع باريس والاتحاد الأوروبي بشأن تحالف (عاصمة مالي) باماكو مع القوات شبه العسكرية الروسية التابعة لمجموعة فاغنر".

وفي 16 يناير/كانون الثاني 2022، أصدرت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إيكواس" سلسلة من العقوبات القاسية ضد مالي.

ونصت العقوبات، على إغلاق الحدود البرية والجوية مع الدول الأخرى المنتمية إلى الكتلة الإقليمية، وتجميد أرصدة قادة الانقلاب لدى المصارف ومنع التحويلات البنكية، وسحب كافة الدبلوماسيين من باماكو، وإلغاء كافة أشكال التعاون معها، وكذلك وقف المساعدات المالية باستثناء الأدوية والمواد الغذائية.

وضع مقلق

وجاء قرار العقوبات، عقب إعلان المجلس العسكري في مالي بقيادة العقيد أسمي غويتا، في 31 ديسمبر/كانون الأول 2021، عزمه تمديد الفترة الانتقالية الحالية من ستة أشهر إلى خمس سنوات، من أجل القيام بإصلاحات مؤسسية هيكلية قبل قيادة البلاد إلى الانتخابات.

وكان رئيس وزراء مالي الانتقالي، تشوغويل كوكالا مايغا، قد رد على هذا القرار بالقول إن بلاده ستلجأ للمحاكم الدولية للطعن في العقوبات "غير القانونية" التي فرضتها دول غرب إفريقيا عليها والهادفة إلى "إخضاعها".

وأضاف مايغا، في مقابلة بثها التلفزيون الرسمي أن "هذه الإجراءات غير قانونية بموجب العديد من الاتفاقات الدولية، بينها تلك التي تحظر عقوبات ضد دول غير ساحلية، مثل مالي".

ويذكر أنه بعد انقلاب 24 مايو/أيار 2021، وهو الثاني في غضون أشهر بعد الانقلاب الذي أطاح بالرئيس (الراحل) إبراهيم بوبكر كيتا في 18 أغسطس/آب 2020، وعد المجلس العسكري بأن مالي ستعود إلى الحكم المدني في فبراير/شباط 2022، بعد إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية، إلا أنه اعتبر مؤخرا أن "الذهاب إلى مراكز الاقتراع ليس من أولوياته".

من جانبها، اعتبرت دول منظمة "الإيكواس" في بيان، أن المجلس العسكري بهذه الطريقة "أخذ الشعب المالي كرهائن على مدى الخمس سنوات المقبلة". 

بدوره، يبدي الاتحاد الأوروبي استعداده أيضا لفرض إجراءات تتماشى مع تلك التي اعتمدتها المنظمة الإقليمية ضد الانقلاب في مالي "الذي يعرقل الانتقال الديمقراطي بالبلاد".

وأعلن ذلك الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، بعد اجتماع غير رسمي لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في مدينة بريست غرب فرنسا. 

من جهته، وصف وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الوضع بأنه "مقلق"، مؤكدا أن فرنسا والأوربيين سيبقون في مالي "لكن ليس بأي ثمن".

استياء من الفرنسيين

ولفتت الصحيفة الإيطالية إلى أن قرار وزير الخارجية المالي عبد الله ديوب السماح بنشر مرتزقة من "فاغنر"، أدى  إلى تقويض العلاقات بين باريس وباماكو.

وأوضحت أن الوجود المؤكد للمرتزقة الروس أثار ردود فعل دبلوماسية قوية من فرنسا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، التي تتهم المجموعة بـ"دعم المجلس العسكري الحاكم في مالي، بحجة محاربة المتطرفين".

وتتوقع بأنه في حال لم تتراجع السلطات المالية الحالية عن قرارها، فهناك احتمال خطر أن يتدهور الوضع أكثر في البلاد، وهو ما قد يؤدي إلى انسحاب عملية "تاكوبا" الفرنسية متعددة الجنسيات بقيادة العديد من الدول الأوروبية تضم أيضا وحدات إيطالية.

وأعادت صحيفة "نيغريسيا" التذكير أن الحكومة الانتقالية كانت قد نفت في ديسمبر/كانون الأول 2021، انتشار مرتزقة في البلاد، مؤكدة الاستعانة فقط بـ"مدربين روس" على الميدان؛ لتعزيز القدرات العملياتية للقوات الأمنية. 

في غضون ذلك، ظهرت موسكو كداعم رئيس لمالي بتأييد من السكان، مقابل استياء متزايد ضد فرنسا، وفق قول الصحيفة.

وترى بأنه "مما لا شك فيه أن عقوبات إيكواس سمحت لسلطات باماكو بالتلاعب بهذه المشاعر لصالحها، مما أدى إلى إثارة مشاعر القومية ومعاداة فرنسا". 

ناهيك عن التلاعب الذي تقوم به روسيا التي تسعى إلى بسط نفوذها في القارة، تضيف "نيغريسيا".

ووفقا للصحفي الفرنسي أنطوان غلاسر، أحد أبرز الخبراء المختصين في شؤون القارة السمراء، تعود جذور المشاعر المعادية للفرنسيين إلى حقيقة ربطه بالماضي الاستعماري للدولة الأوروبية.

فيما أوضحت الصحيفة الإيطالية أنه "نظرا لأن القارة أصبحت عالمية بشكل أكبر، فإن الوجود العسكري الفرنسي يعطي انطباعا لعدد كبير من السكان أن باريس لا تزال تريد فرض نفوذها على النمط القديم الذي يعرف بمصطلح (فْغُونْسَافْخِيك/إفريقيا الفرنسية)". 

وترى أن هذا النهج "لم يعد الشباب المالي والشباب الإفريقي بشكل عام على استعداد للتسامح معه".

تحالف جديد

ولفتت "نيغريسيا" إلى أنه "عندما يتعلق الأمر بمالي، تتصدر فرنسا دائما جميع المباحثات لسبب واحد بسيط، وهو أن قوتها العسكرية ووجودها في إفريقيا، هما أساس نفوذها على الساحة الدولية".  

وبينت بالقول إنه "دون إفريقيا، تضعف فرنسا وتظل عالقة في توازن صعب بين المصالح الإفريقية والدولية".

وأشارت إلى أنه "من خلال تولي الرئاسة الدورية لمجلس الاتحاد الأوروبي، ستحاول فرنسا تعزيز هذا التوازن، كما يتضح من إعلان الرئيس إيمانويل ماكرون أمام الجلسة العامة للبرلمان الأوروبي بمدينة ستراسبورغ، في خطابه الافتتاحي للأشهر الستة للقيادة الفرنسية".

وخلال نفس المناسبة، أعرب الرئيس الفرنسي عن عزمه تجديد الشراكة بين أوروبا وإفريقيا على ضوء القمة المقبلة بين الاتحادين الأوروبي والإفريقي المقرر عقدها يومي 16 و17 فبراير/شباط 2022 في بروكسل.

وأضاف أن "مستقبل إفريقيا له أهمية إستراتيجية بالنسبة للاتحاد الأوروبي". 

واستنتجت الصحيفة الإيطالية أنه "من هنا تأتي الحاجة إلى اقتراح تحالف جديد على القارة الإفريقية قائم على الحوار السياسي والالتزام العملي من الصومال إلى منطقة الساحل".

وأكدت نيغريسيا أن "هذا الالتزام متجدد ومستمر من قبل المؤسسات الأوروبية من أجل نزع فتيل هذا المزيج الخطير المكون من عدم الاستقرار ونشاط الجماعات المتطرفة وكذلك الحدود التي يسهل اختراقها، بالإضافة إلى الهياكل الحكومية الضعيفة إلى جانب انتشار المرتزقة والفقر، وهو ما يهدد مستقبل مالي ومنطقة الساحل الإفريقي".