"الإطار الشيعي" يتوعد.. هل يضطر التيار الصدري لإشراكه في حكومة العراق؟
.jpg)
على وقع جلسة البرلمان العراقي الجديد الأولى في 9 يناير/كانون الثاني 2022، والتي نتج عنها انتخاب رئيس البرلمان ونائبيه، أعلنت قوى ومليشيات حليفة لإيران رفضها الاعتراف بنتائج الجلسة، وحذرت من أيام عصيبة سيكون فيها الجميع خاسرا.
وصوت البرلمان العراقي على انتخاب محمد الحلبوسي رئيسا له بـ200 صوت من مجموع 227 نائبا حضروا جلسة التصويت، وذلك بأغلبية شكلها تنسيق بين التيار الصدري وقوى سنية (تحالفي تقدم وعزم) والحزب الديمقراطي الكردستاني، إضافة إلى كتل صغيرة، وشخصيات مستقلة.
جرى ذلك كله في ظل اعتراض وانسحاب قوى "الإطار التنسيقي" الشيعي، وبعض الأطراف السنية من تحالف عزم، والاتحاد الوطني الكردستاني، الذين حاولوا رفع الجلسة لحين التوصل إلى اتفاق داخل البيت الشيعي، وتحديدا مع التيار الصدري.
رفض القبول بنتائج جلسة البرلمان الأولى، والتهديدات التي أطلقتها الجهات الحليفة لإيران أثارت تساؤلات كثيرة عن خيارات القوى والمليشيات في المرحلة المقبلة، ولا سيما إذا جرى اعتماد الآلية ذاتها في التصويت على رئيسي الجمهورية والوزراء الجدد.
تلويح بالعنف
وفي أول ردة فعل من "الإطار التنسيقي" أصدر بيانا في 9 يناير 2022، قال فيه: "حاولنا جاهدين منع انزلاق الأمور إلى هذا التخندق الحاصل الذي شاهدناه اليوم، والذي ينذر بخطر شديد".
وأضاف: "نحمل الجهات السياسية التي تقف خلف هذا التصعيد المسؤولية الكاملة لكل ما سيحدث من تداعيات على هذا التفرد واستخدام العنف والفوضى لفرض الإرادات. وقد سجلنا الكتلة النيابية الأكثر عددا وفقا للإجراءات الدستورية وسنتصدى لهذا التفرد اللامسؤول في القرار السياسي ونمنع أخذ البلد إلى المجهول".
وختمت قوى "الإطار التنسيقي" بيانها بالقول: "نؤكد عدم اعترافنا بمخرجات جلسة انتخاب رئيس المجلس ونائبيه كونها تمت بعدم وجود رئيس السن الذي لا يزال ملتزما بتأدية مهامه".
وكان محمود المشهداني رئيس السن (أكبر الأعضاء سنا الذي يترأس الجلسة الأولى) قد نقل إلى المستشفى على إثر فوضى حصلت داخل الجلسة، حيث قيل إنه تعرض فيها للضرب، لكن التيار الصدري والقوى المتحالفة معه أكدوا أنها "مسرحية" كان الهدف منها تعطيل الجلسة.
وأظهرت صورة ومقاطع فيديو، محمد المشهداني محمولا على الأكتاف، ونقل إلى مستشفى ابن سينا في المنطقة الخضراء ببغداد.
وعلى الوتيرة ذاتها، قال المسؤول الأمني لمليشيا "كتائب حزب الله" في العراق "أبو علي العسكري" إن "أصواتنا بُحت وهي تنادي بإرجاع الحقوق لأهلها، وحذرنا مرارا وتكرارا من خطورة مصادرة حق الأغلبية، والسير وراء الإرادة الخارجية، وبالأخص البريطانية والإماراتية".
وحذر "العسكري" عبر تغريدة له في 10 يناير 2022 من أنه "حسب المعطيات الميدانية والتقديرات الأمنية فإن أياما عصيبة ستمر على العراق، يكون الجميع فيها خاسرا".
وفي خيار آخر بعيد عن التلويح بالعنف، أكد النائب عن دولة القانون عارف الحمامي، أن الإطار التنسيقي رفع دعوى قضائية للطعن بشرعية وقانونية جلسة اختيار رئيس البرلمان، معتبرا ما جرى في مجلس النواب بأنه مثل عمليات تنظيم الدولة لكنها نفذت بلغة الأرقام.
ويتألف "الإطار التنسيقي" الشيعي من: ائتلاف "دولة القانون" بزعامة نوري المالكي، تحالف "الفتح" بقيادة هادي العامري، تحالف "قوى الدولة" بقيادة عمار الحكيم وحيدر العبادي، تحالف "العقد الوطني" فالح الفياض، وحركة حقوق برئاسة حسين مؤنس، كتلة "النهج الوطني" بقيادة عمار الطعمة.
وقال الحمامي في مقابلة تلفزيونية في 10 يناير 2021، إن "إجراء رئيس السن كان سليما، حيث حول الجلسة إلى تشاورية للتأكد من صحة الوثائق المسلمة إليه".
وأضاف أن "المسار الخاطئ الذي اتخذته القوى السياسية المشاركة يجب تصحيحه"، مشددا على أن "الإطار التنسيقي لن يعترف بمخرجات الجلسة ولن يستسلم للمؤامرات".
وأكد أن "الكرد إذا تعاملوا بلغة الأرقام لن يحصلوا على أي منصب سيادي". ولفت إلى أن "الإطار التنسيقي لن يستسلم لمؤامرة حصلت ضده، ونحن نعتقد وقوى الحشد الشعبي أيضا أنها تذبح بهذه الطريقة، فما جرى هو عملية نحر جرت داخل البرلمان".
ونوه الحمامي، إلى أن "الأمين العام لمجلس النواب يتحمل كل التبعات القانونية"، مؤكدا أن "الخروق واضحة، وأن رئيس السن محمود المشهداني رفع الجلسة للتشاور بكامل قواه".
صدام محتمل
وفي ظل التوتر الحاصل في المشهد السياسي، ولا سيما الشيعي، رأى الباحث في الشأن السياسي العراقي، لطيف المهداوي في حديث لـ"الاستقلال" أن "مسار الأمور في العراق يشير إلى أنها ذاهبة نحو الأسوأ".
وأوضح المهداوي أن "التيار الصدري، بزعامة مقتدى الصدر، يريد أن يأخذ حصة الشيعة كلها في البرلمان ورئاسة الجمهورية والحكومة، وهذا ما لا تقبله بقية القوى والمليشيات الشيعية مطلقا".
وأشار إلى أن "ما فعله التيار الصدري في جلسة البرلمان الأولى، وهو أخذ منصب النائب الأول لرئيس البرلمان لصالحه وسعيه لترشيح رئيس الوزراء المقبل، لم يحصل في السابق".
ففي الدورة السابقة عام 2018، وكذلك في جميع الدورات الماضية يتقاسم الشيعة المناصب المخصصة لهم كما الحال للسنة والأكراد، لكنه حاليا يسعى إلى شغل جميع المناصب المخصصة للشيعة من مناصب رئاسية ووزارات، وفق قوله.
من جهته، يشرح المحلل السياسي العراقي حمزة حداد خلال تصريحات نقلتها تقارير صحفية في 10 يناير 2022 أن "انتخاب الحلبوسي في اليوم الأول يؤشر إلى أن الصدر وتحالف تقدّم، والحزب الديمقراطي الكردستاني سيعملون معا في المستقبل".
وأضاف حداد أنه "بالتالي، نظريا، يمكن لهم الدفع باتجاه انتخاب مرشحهم لرئاستي الجمهورية والوزراء".
ولفت إلى أنه "ما لم يسوِّ الطرفان (التيار الصدري والإطار التنسيقي) خلافاتهما ويتجهان إلى تشكيل كتلة واحدة وهو أمر ترحب به الأحزاب السياسية الأخرى لتفادي مزيد من النزاع، فمن الصعوبة بمكان أن يسمح واحد من الطرفين للآخر بهدوء، بالتفرد في تشكيل الحكومة من دون الطرف الآخر".
وأوضح حداد أن "الخشية الأكبر تبقى حصول تقاتل بين الفصائل المسلحة، الصدريون يملكون فصيلا مسلحا والأطراف المختلفة في الإطار، لا سيما تحالف الفتح، لديهم أيضا فصيل مسلح".
Iraqi observers have pointed out the irony that Sunni parties, that have been split for years, were able to unite ahead of the first parliamentary session but not the Shia house. Others are stunned by the KDP’s support to Sadr over the Coordination Framework.
— Lahib Higel لهيب هيجل (@LahibHigel) January 9, 2022
وفي حال نجح التيار الصدري بتشكيل حكومة أغلبية، أو تمكن الإطار التنسيقي من تثبيت نفسه كالكتلة الأكبر، ففي الحالتين "لن يحاول الطرف الآخر إسقاط الحكومة بالطرق القانونية والسياسية، بل سيصعد بعنف"، كما كتبت على "تويتر" الباحثة في مجموعة الأزمات الدولية لهيب هيغل.
وأضافت هيغل على "تويتر" في 10 يناير 2022 أنه من غير المرجح أن يدير الصدر هذا المسار من خلال الحكومة. وكما قال أحد السياسيين العراقيين: "حكومة بدون الصدريين لن تدوم 6 أشهر، ولن تدوم حكومة بدون إطار التنسيق الشيعي".
وأشارت الباحثة إلى أن خطاب الصدر المنتصر لم يهدأ منذ إعلان نتائج انتخابات 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2021. وقد سعى خصومه إلى نزع الشرعية عن الانتخابات، وتشكيل أغلبيتهم، واليوم يرفضون إجراءات الجلسة الافتتاحية.
وبحسب هيغل، فإنه لم تعتمد أي حكومة سابقة على الوحدة داخل الكتل السنية أو الكردية، لكن كان من غير المتصور أن تنجح أي حكومة دون إجماع شيعي.