ظاهرة مزعجة.. كيف تتغلب تركيا على الغلاء الفاحش للسلع والخدمات؟

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة "يني شفق" التركية الضوء على الوسائل الواجب اتباعها لمواجهة ظاهرة ارتفاع الأسعار، من أجل نجاح "النموذج الاقتصادي الجديد" بالبلاد، مؤكدة أن للمستهلك نفسه دورا كبيرا في هذا التحدي.

ويقوم النموذج الاقتصادي التركي الجديد، على أسس خفض الفائدة، وزيادة الإنتاج والصادرات، وجذب الاستثمارات المباشرة مقابل الأموال الساخنة، وضمان انعكاس مستوى الرفاهية على المجتمع بأسره، وليس أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة فقط.

وفي إطار هذا النموذج، خفض البنك المركزي التركي منذ أغسطس/آب 2021 سعر الفائدة بمقدار 500 نقطة أساس، من 19 بالمئة إلى 14 بالمئة، ما تسبب في انخفاض قيمة العملة المحلية لتتجاوز حد 18 ليرة مقابل الدولار الواحد.

لكن مع كشف الرئيس رجب طيب أردوغان عن أداة مالية جديدة لحماية العملة، في 20 ديسمبر/كانون الأول 2021، ارتفعت قيمتها في أقل من أسبوع لتبلغ 10.5 ليرات مقابل الدولار، لكن لم تنخفض الأسعار.

وفي 3 يناير/ كانون الثاني 2022، كشفت هيئة الإحصاء التركية أن التضخم ارتفع في ديسمبر 2021 بنسبة 13.58 بالمئة ليصبح 36.08 بالمئة على أساس سنوي.

أوضاع غير طبيعية

وقالت "يني شفق" في مقال لرئيس وقف "حماية المستهلكين وتعليمهم" التركي بايرام كيسيكلي إن الأوضاع لم تكن طبيعية في الفترة بين 15-20 ديسمبر 2021، على خلفية سعر صرف الدولار المتذبذب، ما ساهم في ارتفاع كبير بأسعار جميع السلع والمواد تقريبا.

وأضافت أنه أصبح من غير الممكن مواكبة التغيير في أسعار المنتجات، فتفشى الاحتكار، وشهدت السوق السوداء تحركا كبيرا، وعمت أجواء الجزع والقلق على الأسواق ومحلات البقالة والمستهلكين.

غير أنه مع كشف الرئيس أردوغان عن آلية الحسابات التي تدفع فرق العملة للودائع بالليرة التركية وفق النموذج الاقتصادي الجديد، انخفض سعر الدولار إلى 11.11 ليرة بين ليلة وضحاها.

وأشارت إلى أن وقف حماية المستهلكين وتعليمهم معني بالاستجابة لشكاوى المستهلكين منذ عام 1991. غير أنه لم يشهد ارتفاعا سريعا في العملة بهذا الشكل من قبل.

لكن ثمة مشكلة جديدة؛ فبينما كان يتلقى الوقف شكاوى حول ارتفاع الأسعار في البداية، أصبح يتلقى شكاوى بعدم انخفاض الأسعار بالتوازي مع انخفاض سعر الدولار.

ولفتت إلى أن الوقف لم يتلق شكاوى بهذا الكم والغضب من المستهلكين، وكان عددها ضعف عدد الشكاوى التي تلقاها إبان الأزمة الاقتصادية عام 2001.

فارتفاع الأسعار جاء في وقت انخفضت فيه قدرة المستهلكين الشرائية، لا سيما منذ 2018، وضاقت بهم السبل بسبب تداعيات وباء كورونا الذي أثر على الظروف المعيشية.

ولسوء الحظ، لم ولن تشهد أسعار السلع والخدمات التي ترتفع بسرعة الصاروخ، انخفاضا بنفس السرعة. إذ من الواضح والملاحظ أن الانخفاض في الأسعار سيكون أبطأ، أو حتى لن يكون هناك تخفيضات أبدا.

رقابة مستقلة

وأشارت الصحيفة أن الرئيس أردوغان كشف في فعالية اقتصادية في 12 مارس/ آذار 2021 أن حكومته ستتخذ خطوة في مجال مراقبة السوق، ستكون الأولى من نوعها.

وتتمثل هذه الخطوة بإنشاء كيان مستقل تحت اسم "مؤسسة مراقبة السوق والإشراف عليها"، ستعمل على حماية المستهلك ومنع المنافسة غير العادلة بشكل فعال في السوق.

فهذه المؤسسة ستتولى مسؤوليات الإشراف والرقابة كافة على الإدارات المختلفة المعنية، ما سيحد من تكرار الإجراءات واتخاذ قرارات فردية سريعة.

كما ستضمن بيئة تنافسية وعادلة في السوق، وستتمتع بسلطة وضع لوائح مستقلة والتفتيش والرقابة بشكل مستقل.

وتوقعت "يني شفق" أن مؤسسة مراقبة السوق والإشراف عليها المستقلة ستصنع طفرة مهمة في حماية المستهلكين، وستضمن فرقها المراقبة المستمرة على جميع البائعين والمنتجين، ما سيساهم في نجاح نموذج الاقتصاد الجديد.

وعي المستهلك

كما نوهت الصحيفة بأن المستهلك الواعي يعتبر أقوى الأدوات الفعالة في مراقبة السوق.

وأضافت أن المستهلك الواعي يفضل اختيار المنتجات الصحية وتلك عالية الجودة، ويعرف تقنيات التسوق الذكية، ويسعى لإعطاء أكبر قيمة لماله.

وهو أيضا يعترض على المنتجات الرديئة وغير الصحية، ولا يتسامح مع الخداع والاحتيال، ويعرف جميع حقوقه ويستخدم جميع الوسائل على علم وبينة.

وسيكون المستهلك الواعي مدركا لمصالحه الاقتصادية وسيسعى لأخذ حقوقه بعد معرفة الوسائل القانونية لذلك. فهو الحكم الطبيعي للمنافسة الاقتصادية، والضامن أن تكون المنافسة عادلة وطبيعية.

لذا يتعين على الوقف تدريب المستهلكين ليصبحوا كتلة تتحرك بعقلانية والتأكد من أن المستهلكين الواعين يتحكمون في الأسواق تلقائيا من خلال ممارسات وعادات الشراء الذكية.

وأكدت الصحيفة أنه يستحيل حماية المستهلكين من الانتهازية وارتفاع الأسعار في بلد ما إذا كانوا هم أنفسهم لا يعرفون حقوقهم القانونية ومبادئ التسوق الذكي.