"نجاح لروسيا".. هذه أسباب ضغط واشنطن لوقف نشر مرتزقة فاغنر في مالي

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

قالت مجلة إيطالية إن واشنطن لا تقبل فكرة أن الحكومة الانتقالية في مالي فضلت إبرام اتفاق مع مرتزقة "فاغنر" الروس على استقبال ألفي جندي دولي ضمن إطار بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام، معتبرة أن ذلك "يشكل نجاحا لموسكو".

وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد عبرت في بيان على لسان المتحدث باسمها نيد برايس 15 ديسمبر/كانون الأول 2021، عن قلقها "من نشر محتمل لقوات من مجموعة فاغنر بدعم من روسيا في مالي".

وذكر بيان الوزارة "نحن على علم باتفاق تبلغ تكلفته 10 ملايين دولار شهريا، يرصد الأموال التي يمكن استخدامها لدعم القوات المسلحة والخدمات العامة في مالي لدفع تكاليف نشر قوات مجموعة فاغنر التابعة لرجل الأعمال، يفغيني بريغوزين".

وشدد على أن "قوات فاغنر المعروفة بنشاطاتها المزعزعة للاستقرار وانتهاكاتها لحقوق الإنسان، لن تجلب السلام إلى مالي بل ستزيد من زعزعة استقرار البلاد".

اختراق روسي

وذكرت "فورميكي" أن الاتحاد الأوروبي قد أعلن مؤخرا عن فرض عقوبات على الشركة الروسية على خلفية أنشطتها في البلد الإفريقي. 

بينما تتواصل الملاحقات ولا زالت سارية المكافأة المرصودة من قبل مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي للتبليغ عن مكان بريغوزين منذ فترة طويلة، بتهمة التدخل في الانتخابات الأميركية لعام 2016.

من جانبهما، فرض كل من الاتحاد الأوروبي ولندن عقوبات على مسؤولين روس من بينهم بريغوزين، رجل الأعمال السابق الملقب بـ"طباخ بوتين" والمقرب شخصيا من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كما يعتبر زعيم الشركة العسكرية الخاصة.

وأفادت فورميكي بأن بريغوزين كلف من قبل الكرملين بمهمة إدارة عملاء الشركة وإبرام العقود ونشر المقاولين في المناطق المتفق عليها. 

من جهته، ينكر "طباخ بوتين" أي نوع من المسؤولية، بينما ينكر الكرملين بدوره أي نوع من التواصل.

ولفتت المجلة إلى أن "من يتابع عن كثب تحركات فاغنر، يلاحظ أن رجل الأعمال الروسي السابق يدير منذ فترة هذه العمليات، وسجل حضوره في اجتماعات مهمة للمجموعة على سبيل المثال في ليبيا".

وأشارت إلى أن "أول ما أثار المخاوف بشأن ما يحدث في الأسابيع الأخيرة، وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكين وذلك إثر عودته من جولة قادته إلى بعض الدول الإفريقية (17- 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2021)".

وأوضحت أن "العديد من القادة الأوروبيين عبروا عن قلقهم من انتشار فاغنر في مالي، خاصة الفرنسيين الذين يعانون من اختراق روسي في البلد الذي يعتبرونه جزءا من دائرة نفوذهم ويواجهون الآن صعوبات بشأنه".

بدوره، عبر وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي ماي عن موقفه بوضوح من خلال دعم الموقف الفرنسي.

وذكرت فورميكي أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يتهمان المجموعة الروسية بارتكاب انتهاكات وأفعال تهدد السلام والأمن والاستقرار والسيادة والسلامة الإقليمية في جمهورية إفريقيا الوسطى، حيث ارتكبت إعدامات خارج نطاق القضاء خاصة ضد السكان المسلمين.

كما وجهت لها اتهامات بارتكاب انتهاكات مماثلة في شبه جزيرة القرم وسوريا وليبيا.

آثار ضارة

وحذرت دبلوماسية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن من أن "البلدان التي تشهد انتشار مجموعة فاغنر على أراضيها سرعان ما ستكون عرضة للفقر والضعف وستكون أقل أمانا". 

واعتبرت "ما يحدث في ليبيا وجمهورية إفريقيا الوسطى وأوكرانيا وسوريا، أمثلة على الآثار الضارة لعمليات نشر مجموعة فاغنر". 

واتهمت المرتزقة الروس بـ"تأجيج الصراع في هذه المناطق والتسبب في زيادة انعدام الأمن وعدم الاستقرار، مما تسبب في مقتل جنود ومدنيين محليين وتقويض السيادة الوطنية".

إلى جانب "إفقار الخزانة الوطنية وإهدار موارد أساسية كان من الممكن استخدامها لبناء قدرات القوات المسلحة لتلك البلدان نفسها".

وأردفت فورميكي أن "واشنطن تحذر قائد الانقلاب في باماكو، أسيمي غويتا، من تنفيذ الاتفاق مع المتعاقدين الروس؛ لأن ذلك قد يعرقل جهود المجتمع الدولي لدعم مكافحة الإرهاب، ويمكن أن يعرض للخطر مساهمات أكثر من 20 ألف جندي وقوات حفظ سلام دوليين يخدمون مالي  دون أي تكلفة على الشعب أو الحكومة".

وذكرت المجلة أن هناك أيضا قوات حفظ استقرار عسكرية إيطالية تشارك ضمن عملية تاكوبا، التي تم تشكيلها في أبريل/نيسان 2019، إثر طلب قدمه رئيس الأركان الفرنسي لنظرائه الأوروبيين لإنشاء قوة أوروبية متعددة الجنسيات يتم نشرها في البلاد إلى جانب بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي "مينوسما".

ولفتت إلى أن "فرنسا لطالما أرادت فك الارتباط بالبلد الإفريقي الذي توجد به منذ عام 2013 مع عملية سرفال، ثم واصلت وجودها من خلال عملية برخان المرهقة لسنوات من الالتزام دون تحقيق نتائج استثنائية، وتحاول مع تاكوبا تخفيف الأحمال في مرحلة صعبة".

وفي متابعتها لرصد بيان وزارة الخارجية الأميركية، نقلت المجلة التعبير عن "أسف الولايات المتحدة لرفض الحكومة الانتقالية في مالي قبول أكثر من ألفي جندي وشرطي إضافي من قوات حفظ السلام التابعة لبعثة الأمم المتحدة (مينوسما)، دون أي تكلفة، الأمر الذي كان من شأنه أن يساهم في حماية المدنيين". 

كما تأسفت الولايات المتحدة لـ"تأخير الحكومة الانتقالية جهود الشركاء الدوليين لنشر قوات ومدربين إضافيين وتعزيز العمليات الأمنية"، ودعتها إلى "العمل لتسهيل جهود المساعدة الأمنية المسؤولة  التي تهدف إلى حماية وتمكين الشعب المالي".

واعتبرت فورميكي أن "هذا الطلب، دليل على النجاح الروسي لا سيما وأن رؤية بوتين لدولة إفريقية وهي ترفض مساعدة الأمم المتحدة وتفضل الحصول على المساعدة الأمنية من شركة روسية خاصة، يديرها الكرملين في الغالب، يعني أن الهدف قد تحقق".

وبحسب المجلة، يتمثل هذا الهدف في استبدال النموذج متعدد الأطراف الذي روجت له الأمم المتحدة بالنموذج الخاص بموسكو. 

وختمت فورميكي تقريرها بالقول إن "واشنطن  تدرك ذلك، وبالتالي تستخدم أدواتها لتفادي أن يصبح هذا توجها جديدا نظرا إلى بعض السوابق".