"ورقة الجبري".. هل تستخدمها الولايات المتحدة للضغط على ابن سلمان؟

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

في 6 أغسطس/آب 2020 رفع سعد الجبري، الرجل الثاني سابقا في المخابرات السعودية، دعوى قضائية ضد ولي العهد محمد بن سلمان في الولايات المتحدة. 

كان الأمر متعلقا بإرسال ابن سلمان فريق الاغتيال "تايغر-1" إلى كندا لقتل الجبري بعد اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول أكتوبر/تشرين الأول 2018.

غير أن قضية الجبري التي رفعها ضد ابن سلمان لم تحظ بالاهتمام المتوقع في الرأي العام الدولي ولم يعاقب القضاء الأميركي ولي العهد حتى الآن. 

وأجرى الجبري نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2021 مقابلة تحدث فيها حول النظام السعودي في برنامج 60 دقيقة على قناة سي بي إس، إحدى القنوات الأميركية الشعبية.

بداية القصة

سلط حديث الجبري في المقابلة الضوء على قضايا أكثر أهمية من القضية التي رفعها ضد ابن سلمان في الولايات المتحدة. 

إذ عمل الجبري الذي يبلغ من العمر 61 عاما في العديد من المناصب المهمة والحاسمة في السياسة السعودية، وكان يتمتع بمكانة مرموقة في المملكة حتى عام 2015.

وتقول صحيفة "ستار" التركية: "كان الجبري من أبرز الشخصيات في المخابرات السعودية، وقد عرف بصلاته الوثيقة بمحمد بن نايف" ولي العهد السابق الذي اتخذ ابن سلمان ضده إجراءات انتقامية.

 لكن ومع إقالة العاهل السعودي سلمان بن عبدالعزيز محمد بن نايف وتعيينه لمحمد بن سلمان في عام 2017 تغيرت مكانة الجبري في السياسة السعودية، وبدأ الملك بعملية تصفية لفريق ولي العهد السابق.

وأضاف: وهكذا أصبح الجبري على قائمة ابن سلمان السوداء قبل أن يبدأ الأخير حملة اعتقالاته التي نفذها في عام 2017 بذريعة الفساد. 

وطلب الجبري اللجوء في تركيا أولا، ثم ألمانيا فكندا. لكنه أصبح على قائمة المطلوبين من قبل الإنتربول (الشرطة الدولية) بتهم مختلفة؛ مثل تهديد النظام السعودي، واستخدام الممتلكات العامة لمصالح شخصية، وتقويض مكافحة الإرهاب.

غير أن الجبري لم يجد الدعم المتوقع من كل من كندا والولايات المتحدة، وفق الكاتب التركي محمد رقيب أوغلو.

وكان أكثر ما فعلته المخابرات الكندية هو متابعة الفريق الذي أرسل لقتل الجبري ومنع اغتياله، إلى جانب نصحها للرجل بعدم الاقتراب من أي مبنى تابع للإدارة السعودية.

وتابع: أما في الولايات المتحدة فقد وقف 4 من أعضاء مجلس الشيوخ من الكونغرس الأميركي إلى جانب الجبري وكتبوا رسائل إلى الرئيس السابق دونالد ترامب أثناء رئاسته. 

كذلك قال أعضاء مجلس الشيوخ لترامب إن على الولايات المتحدة أن تبادر بالإفراج عن أقارب الجبري. لكن ترامب تجاهل نصيحتهم وقرر أن الأمر يتعلق بالشأن الداخلي للسعودية.

بيد أن وصول رئيس ديمقراطي مثل جو بايدن يولي اهتماما لحقوق الإنسان والديمقراطية أعاد قضية الجبري إلى الواجهة مرة أخرى. 

لذلك يأمل الجبري حاليا أن تضغط حكومة بايدن على ابن سلمان وتحرر عائلته، خاصة وقد كشف الغطاء عن "جانب مظلم" من النظام السعودي أثناء حديثه إلى قناة سي أي إس الأميركية.

كشف المستور

وقال رقيب أوغلو: قدم الجبري في برنامج 60 دقيقة معلومات مهمة حول كيفية عمل الاستخبارات في السياسة الخارجية السعودية. 

وكانت أولى المعلومات الصادمة التي قدمها تتعلق بوجود مقطع فيديو مسجل يعلن فيه ابن سلمان أنه يريد قتل الملك السابق عبد الله.

 وذكر الجبري أنه تم إخفاء الفيديو وأنه يعرف مكانه. 

واستدرك: أما المعلومة الثانية المثيرة للاهتمام فهو تصريح الجبري بأن ابن سلمان اشترى خاتما مسموما من روسيا لقتل الملك عبد الله. 

وقال الكاتب: إن هذا "يثبت الدور الذي تلعبه الجهات الخارجية للجلوس على العرش في المملكة العربية السعودية". 

أما المعلومة الثالثة فهي قول ابن سلمان لولي عهد الملك عبد الله (لم يذكر اسمه) بعد وفاته: "كنت من جعل والدي يعتلي العرش" وذلك أثناء تصافحهما. 

وهو الأمر الذي يظهر المدى الذي يمكن أن يذهب إليه ابن سلمان في التهديد، بحسب ما يراه الكاتب.

وتابع قائلا: وفي المعلومة الرابعة يتحدث الجبري عن شريط فيديو سيتم نشره في حال اغتياله. 

وقد قال إنه يشرح في هذا الفيديو كيفية قتل النظام السعودي للمعارضين وطريقة تعاونهم مع الولايات المتحدة في هذا الأمر. 

أما في الخامسة فيقول الجبري إن بن سلمان أمره بخطف المعارضين للنظام في أوروبا.

وعلق قائلا: ومع أن هذا يثبت بأن الجبري ليس بريئا، فإنه يدل أيضا على أن ابن سلمان يعمل جاهدا ليصبح ديكتاتورا كلاسيكيا في الشرق الأوسط تماما مثل حسني مبارك في مصر ومعمر القذافي في ليبيا وصدام حسين في العراق.

 أما في المعلومة السادسة فيقول الجبري إن ابن سلمان قاتل ومختل عقليا. 

وبين أن "ابن سلمان لا يملك عقلية متوازنة"، وهو ما يكشف عن خوف الجبري من النظام السعودي.

وعقب: أما السابعة فهو كون الجبري مستعدا للموت. إذ وفقا له لن يرتاح ابن سلمان إلا إذا قتله. 

والثامنة، التي تعتبر الأهم، فهي أن الجبري يملك معلومات يخشى ابن سلمان افتضاحها. 

وكمعلومة تاسعة رفع الجبري قضية في المحاكم الأميركية، ويرغب في جعلها واحدة من القضايا التي تثير التوتر في العلاقات مع السعودية.

احتمالات الضغط

واستطرد الكاتب: دعا الجبري الإدارة والشعب الأميركيين إلى إطلاق سراح أبنائه. 

وهو بهذه الطريقة يحاول أن ينقل القضية من كونها شأنا داخليا إلى قضية تمس العلاقات بين البلدين. 

كذلك يرغب الجبري في أن يضغط المجتمع الدولي على ابن سلمان الذي يقلقه بشكل كبير.

وينوه: غير أنه من الصعب أن يتحقق هذا؛ خاصة وأن المجتمع الدولي لم يتخذ الخطوات اللازمة حتى في اليمن التي أصبحت مسرحا لأكبر الأزمات الإنسانية في العالم. 

وعلى الرغم من أن بايدن انتقد النظام السعودي طوال حملته الانتخابية فإن حقيقة عدم اتخاذه قرارا بفرض عقوبات على ابن سلمان وفريق الاغتيال، بعد تقرير مقتل خاشقجي، يكشف عن مدى تناقضه.

ومع أنه يمكن أن يقال إنه كان لقضية الجبري صدى واسعا في الإعلام العربي على المدى القصير فإنه لم ولن يعرقل طريق ابن سلمان على المدى الطويل.

 لذلك، وكما حدث بعد صدور تقرير خاشقجي، يمكن أن نتوقع أن يستغل بايدن قضية الجبري كورقة رابحة تضمن تبعية السعودية للولايات المتحدة، يلفت الباحث في مركز دراسات الشرق الأوسط.

ويختم الكاتب مقاله قائلا: تحدث نائب مدير وكالة المخابرات المركزية السابق مايكل موريل عن أهمية الجبري بالنسبة للولايات المتحدة، بعد أن استضيف في نفس البرنامج عقب الرجل السعودي.

وبحسب تصريحات موريل، لعب الجبري دورا حاسما في عرقلة العديد من الأعمال التي خطط لها تنظيم القاعدة في الولايات المتحدة.

ويردف: لذلك يمكن لبايدن أن يستخدم القضية كورقة إستراتيجية رابحة ضد ابن سلمان من خلال التذرع بالمساهمات التي قدمها الجبري للولايات المتحدة.

لذلك من المرجح أن يضغط بايدن على النظام السعودي ليرضي الديمقراطيين، وفق تقدير الكاتب.

 وعلى الناحية الأخرى تظهر محاولة ابن سلمان قتل مواطن سعودي معارض في كندا، كما فعل مع خاشقجي، عدم تسامح ولي العهد مطلقا مع المعارضين.