"لم تنهزم إستراتيجيا".. وكالة روسية: هذا ما حققته أميركا في أفغانستان

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

اعتبرت وكالة "سبوتنيك" الروسية أن غرض الولايات المتحدة الأميركية الخفي للانسحاب من أفغانستان، "يرتبط ارتباطا وثيقا بروسيا، بالإضافة إلى عدم الاستقرار الدائم في المنطقة".

وتناولت الوكالة في نسختها الفارسية، علاقة الأمر بحدود طاجيكستان وكيف ستتأثر من التغيرات الأخيرة في المنطقة، وما الخطر الذي ستتعرض له باكستان، كما تحدثت عن سيل المهاجرين الذي من الممكن أن تتعرض له أوروبا.

وافتتحت المقال قائلة: "لم تحدث أي هزيمة إستراتيجية للسلطة الأميركية في أفغانستان، هدف واشنطن في الوقت الحالي هو إلقاء كل شيء على عاتق الروس".

كابوس متعمد

وكتبت سبوتنيك نقلا عن "جيوبولتيك نيوز" الكرواتية: "أحدث وجود الأميركان في أفغانستان استقرارا متوقعا في المنطقة، وكان هذا الأمر مفيد لروسيا والصين، حيث إن تباطؤ الصراع في أفغانستان لم تكن حربهم، والآن انتقل التركيز على الفوضى وعدم الاستقرار إلى آسيا الوسطى، وحدود روسيا والصين".

ونفس الهدف الواضح مع مرحلة أفغانستان؛ حيث من البديهي أنه بعد التراجع وخلق كابوس متعمد في المرحلة الأخيرة، تبدأ مرحلة جديدة خفية من الهجوم الجيوسياسي في المنطقة والعالم الأميركي.

وكانت دمقرطة الشرق الأوسط باعتبارها فقط أساسا أيديولوجيا للتدخلات السياسية، والاستخباراتية، والعسكرية لأميركا وأوروبا في المنطقة، والحقيقة أنها انهزمت في أفغانستان.

وتكرر الوكالة أن دمقرطة الشرق الأوسط هذه هي باعتبارها الأساس الأيديولوجي للتدخلات السياسية والاستخباراتية والعسكرية لأميركا وأوروبا، وكانت تغطي المصالح الاقتصادية والجيوسياسية الأميركية.

وفي الوقت الحالي لإخفاء هذه المصالح، يجب السعي وراء دوافع جديدة وتبرير سياسي جديد، "الهزيمة الظاهرية" ما هي إلا مجرد تبرير للانتقام من الذل وعودة "السلطة الأميركية" إلى نقاط العالم المختلفة بأشكال متعددة.

المحلل الباكستاني المتخصص في العلاقات الدولية والجيوسياسية، سلمان رفيع شيخ، تنبأ بأن الحروب التي اشتعلت في أفغانستان خلال العقود الثلاثة الماضية، وفي المنطقة بشكل عام، "لن يصاحبها السلام"؛ لأنها ارتبطت بخلق الفوضى وعدم الاستقرار.

وفي الوقت الحالي، قرر السياسيون الأميركان أن يجعلوا وضع أفغانستان وآسيا الوسطى "أسوأ".

والخلاصة، الهدف من هذا هو اتهام الروس في كل المشاكل المتعلقة بـ"تنظيم الدولة"، القاعدة، طالبان (منظمات محظورة في روسيا)، وكذلك المنظمات الإرهابية.

إنه التطرف الذي كان يستغله الأميركان عشرات السنين باعتباره أداة لحملاتهم الجيوسياسية في العالم الإسلامي، حيث قاموا بأعمالهم القذرة في العراق، سوريا، وليبيا، وفي إفريقيا إلى حد ما، وينتقل الآن إلى ميدان الحرب في آسيا الوسطى، تقول "سبوتنيك".

ضربة لطاجيكستان

وذكرت الوكالة أن "أحداث المنطقة لا يمكن إلا أن تسبب قلقا لروسيا، ففي يناير/كانون الثاني 2021 استولت طالبان بالتدريج على معابر الحدود في شمال أفغانستان، وبالتزامن مع ظهور طالبان على الحدود، أصبحت العصابات الطاجيكية والأوزبكية أكثر نشاطا".

وطبقا لتقرير شبكة NRK النرويجية، "سلمت طالبان التحكم في جزء كبير من الحدود الطاجيكية إلى جماعة من الإسلاميين، وجعلت روسيا قواها العسكرية تستقر في آسيا الوسطى كرد لذلك، وتمرنت بمشاركة الوحدات الروسية، والطاجيكية والأوزبكية في الحدود الأفغانية".

وكذلك قامت روسيا بتوسيع قاعدتها العسكرية في طاجيكستان حيث يستقر هناك أكثر من 6 آلاف عسكري روسي.

قالت سبوتنيك: "بلا شك أن دول آسيا الوسطى هي أول خط دفاعي روسي لمواجهة التطرف، هذه الدول ستكون ضمن الأوائل التي سيهاجمها المتطرفون. وفي حالة السقوط، سيفتح الطريق إلى المناطق الجنوبية من قبل الاتحاد الروسي مع السكان المسلمين".

وأضافت "إذا استطاعت روسيا أن تبعد المتطرفين عنها عن طريق أدوات مجتمعة، من ضمنها الدبلوماسية السرية، ستتهم بدعم الإرهاب. فهذا فخ، وعلى أي حال روسيا الآن مجبرة أن تبعد انتباهها عن أوروبا وأوكرانيا، وتركز على بؤرة التوتر الجديدة في آسيا".

وتابعت: "سيسعى الإرهاب نحو نزاعات متوسعة في المناطق الصينية التي يقطنها المسلمون. وفي هذه الحالة، بلا شك ستستغل الصين خدمات باكستان من الناحية الدبلوماسية والعسكرية في نزاعها مع الهند المتعلق ببكين".

باكستان في خطر

وتتساءل الوكالة: من يستطيع أن يضمن أن باكستان ستقاوم تنامي قوى الإرهاب؟

وأجابت: "المعلومات العسكرية وغير العسكرية خاصة ISI (وكالة الاستخبارات الباكستانية) تدار تحت التأثير الشديد لطالبان".

بالإضافة إلى ذلك، فإن الحدود بين باكستان وأفغانستان تسمح للمتطرفين بالسيطرة على المناطق الجبلية في باكستان واستحكام نفوذها على الدولة بأكملها. فهل تستطيع وكالة الاستخبارات الباكستانية والجيش الباكستاني أن تكبح جماحهم؟.

وعلى كل حال، بمرور الزمن جميع الجماعات المتطرفة في أفغانستان ستتقارب مع بعضها البعض، ومما لا شك فيه أنه يمكن وقوع نزاعات دموية بينهم. لكن لديهم هدف جيوإستراتيجي مشترك وهو اتساع التطرف في الشرق الأوسط، وآسيا الوسطى، القوقاز، وروسيا، ثم في أوروبا.

بمرور كل يوم في أفغانستان، تزداد قواهم المشتركة، وتصبح الأنشطة خارج أفغانستان أسهل بالنسبة لهم.

وأفادت سبوتنيك بأن "روسيا تدرك جيدا ماذا سيحدث، وقد اتخذت موقفا دفاعيا بناء على ردود أفعال نوابها الرسميين".

فيما أميركا متأكدة من أنها ستسيطر على الهجمة الجديدة من قبل المتطرفين، ولكنها من الممكن أن تنخدع بقسوة، كما استطاعت التلاعب في وقتها بالعراق، ليبيا، وسوريا بمساع منها ومن الغرب.

وبعد الحرب العالمية الثانية وخاصة في خمسينيات القرن الماضي، استغل الأميركان والأوروبيون "متطرفي الإسلام" من أجل إسقاط الأنظمة التي لم تتطبع كما يحلو لهم، وفي النتيجة التطرف الآن في شمال إفريقيا والشرق الأوسط، وفي سائر العالم في حال مزدهرة، بحسب الوكالة.

مغازلة القوى

رغم أن أميركا تتعرض للهجمات الإرهابية، إلا أن الإقليم الأميركي لا يلعب أي دور بشكل فعلي في إستراتيجية المتطرفين العالمية.

فأوروبا التي تدعم سياسة المغازلة الأميركية مع الإسلاميين بلا سبب، واجهت حوادث تتعدى الهجمات الإرهابية.

فعلى سبيل المثال الأندلس إسبانيا، أو البوسنة والهرسك، ثبتوا واستقروا لفترة من الزمان على خرائط الدولة الإسلامية.

وواجهت أوروبا منذ فترة سابقة سيلا من المهاجرين، وستقابل موجة أخرى حيث تزخر أوروبا بالمليشيات، ومن ثم فإن موقف أوروبا مثير للدهشة، كما وصفته الوكالة.

واختتمت سبوتنيك قائلة: "بناء على ذلك لم تحدث هزيمة إستراتيجية في أفغانستان، انتهت فقط مرحلة التحول في الشرق الأوسط من إستراتيجية تدخل الليبراليين الكبرى، وبدأت مرحلة جديدة". 

وأوضحت أن "الهدف منها دفع مجموعة من الإسلاميين ناحية آسيا الوسطى، والأكثر حتى حدود روسيا الجنوبية، بالإضافة إلى الضغط على الصين".

واستدركت قائلة: "لكن بالنسبة للكثير، وخاصة بالنسبة لأوروبا التي تغازل هذه القوى من أجل مصالحها في النزاع مع الصين وروسيا، والذي من الممكن أن يتحول إلى مأساة سريعا، وبناء على ذلك، لم تكن أفغانستان هزيمة لقوى الغرب، بل ربما انتصارا للمتطرفين".