وقف العدوان على غزة أم خوف جغرافي.. ماذا وراء توقيت جولة ملك الأردن الخليجية؟

منذ ٦ أشهر

12

طباعة

مشاركة

بعد  مرور 3 أسابيع من اندلاع الحرب بين المقاومة الفلسطينية ودولة الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، بدأ عاهل الأردن عبد الله الثاني، جولة خليجية تشمل الإمارات والبحرين وقطر، من أجل بحث وقف هذه الحرب، حسب بيان للديوان الملكي.

بيان الديوان الملكي الصادر في 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، لم يحدد فيه مدة جولة الملك الأردني في الدول الخليجية، لكنه أشار فقط إلى أن "الجهود العربية المكثفة لوقف الحرب على غزة" تتصدر جدول أعمال الجولة، إضافة إلى بحث العلاقات "الأخوية".

زيارة العاهل الأردني إلى دول الخليج أثارت تساؤلات بخصوص توقيتها ومغزاها الحقيقي، ولا سيما أنها جاءت بعد مطالبة الأردن في 29 أكتوبر، من واشنطن نشر منظومة الدفاع الجوي (باتريوت) لتعزيز الدفاع عن حدودها، وكذلك تزويدها بمنظومة مقاومة للطائرات المسيرة.

استشعار الخطر

لكن تقارير وتحليلات مراقبين للشأن الأردني أرجعوا توقيت الزيارة إلى "استشعار الأردن من خطر" يحيط به بسبب موقعه الجغرافي، الذي قد يجد نفسه عالقا وسط المواجهات مع إسرائيل، كونه يقع وسط محيط يضم لبنان وسوريا والعراق، يلوح فيه أطراف عدة باحتمالية دخول الحرب.

وذكرت صحيفة "رأي اليوم" التي يرأسها الصحفي الفلسطيني عبد الباري عطوان في 31 أكتوبر، أن خطاب الأردن الرسمي يتفق مع أي تصريح يصدر في المجتمع الدولي تحت عنوان "منع اتساع الصدام العسكري".

وتأتي جولة ملك الأردن الخارجية بعد "الكشف عن التصدي ولأول مرة إلى طائرات مسيرة حاولت التسلل إلى البلاد من العراق، فقد طلبت عمان من الولايات المتحدة الأميركية نشر منظومة باتريوت، وذلك استعدادا للسيناريوهات المفتوحة"، وفقا للصحيفة.

ورأت أن "التعامل مع طائرات مسيرة صغيرة أرسلت من العراق والانتباه لأخرى تحاول العبور عبر البحر الأحمر إلى إيلات الإسرائيلية عناصر قرعت الجرس الأمني الأردني بالمعنى العسكري".

وأشارت إلى أنه "بعد الكشف عن التصدّي لطائرات مسيرة حاولت التسلل إلى البلاد من العراق، وجد الأردن نفسه مضطرا لتعزيز احتياطاته في الدفاع الجوي حصرا تحسبا لاتساع نطاق الصدامات إقليميا، وبسبب الإطار الجيوسياسي للأردن وسط معركة لم يكن طرفا فيها بكل الأحوال".

كما أن الأردن- وبحسب معلومات الصحيفة- "وجه رسالة خاصة إلى قيادات في حركة حماس تقضي بأن تتجنّب قصف إيلات بسبب إطارها اللصيق جغرافيا بمدينة العقبة الأردنية، إذ إن مطاري رامون والحسين في العقبة وإيلات متلاصقان معا".

وفي 26 أكتوبر، قالت حركة "حماس" إنها أطلقت صاروخا، باتجاه منتجع إيلات في جنوب إسرائيل على بُعد نحو 220 كيلومترا من قطاع غزة، فيما ادعى جيش الاحتلال أن الصاروخ وقع في منطقة نائية.

وللأردن حدود طويلة مع إسرائيل، وخط ساحلي صغير على البحر الأحمر، بجوار مدينة إيلات، وجاء الكشف عن الطلب الذي وجهه لواشنطن في 29 أكتوبر، على لسان الناطق باسم الجيش الأردني، مصطفى الحياري، قائلا: إن "نشر باتريوت يتعلق بالتهديدات التي تحيط بنا من جميع الاتجاهات".

"مصافحة المقاومة"

وفي السياق ذاته، قال الكاتب الأردني، بسام البدارين، إن "الأفضل لجميع الأطراف في هذه المرحلة، التعامل مع تطورات المشهد الفلسطيني على أساس أولويات أردنية، ومركزها الأساسي منع التهجير القسري".

وتابع في مقال نشرته صحيفة "القدس العربي" في 27 أكتوبر: "صحيح أن الأولويات الأردنية لا توافُق عليها وليست معروفة بعد وسط الفوضى التي تنتجها في المنطقة عمليات القصف الإسرائيلية الوحشية خصوصا ما بين الحكومة والشارع، لكن صحيح أيضا بالمقابل، أن التقارب مع المقاومة هو الإستراتيجية التي ينبغي أن تتجه لها البوصلة الآن وبوضوح".

وأشار البدارين إلى أن "دعم المقاومة التي تحارب العدو الآن هو الضمانة لكل الأنظمة العربية الراغبة في البقاء، ومستوى التعقيد في الحملة الغربية الإسرائيلية الصليبية المبيتة التي تستهدف الأردني قبل الفلسطيني يقود إلى نتيجة واحدة تتمثل في أن كل الاتفاقيات والمعاهدات مع الإسرائيلي لم تعد قائمة".

ولفت إلى أن "المقاومة هي التي تؤطر مصالح الدولة الأردنية وليس تلك الأولويات المصوغة بركاكة سياسية زاحفة".

وبين البدارين أن "مطالبة قيادات حماس بأن تتجنب قصف إيلات ثم توجيه خطابات مباشرة للجمهور الأردني والتحدث معه، قد يعبر عن نظام أولويات يدخل في باب التصور الذاتي لمصالح المملكة في مرحلة حرجة من حق المؤسسات التأشير عليه".

وأردف: "لكن ذلك يمكن أن يمارس برؤية أوسع قليلا، وضمن منطق مصافحة باتت ملحة وضرورية ومطلوبة شعبيا مع قادة المقاومة ومقاربة تفترض بأن نظام الأولويات نفسه ينبغي له أن يأخذ بالاعتبار بعد الآن، تصنيف من هو العدو ومن هو الشريك أو الضحية".

وعبر الملك الأردني عبد الله بن الحسين صراحة عن مخاوفه من أن يؤدي الصراع إلى نزوح جديد للفلسطينيين إلى المملكة، حسبما ذكرت وكالة "رويترز" في 31 أكتوبر.

وبحسب ما نقلت "رويترز" فإن "المملكة تطلب الآن الحصول على عتاد ودعم دفاعي أميركي متطور بسبب المخاوف من احتمال تورط إيران ووكلائها أكثر في أي صراع أوسع نطاقا قد ينشب في الشرق الأوسط".

وكانت آخر مرة نشرت فيها واشنطن هذا النظام في الأردن في عام 2013 عندما أثار الصراع المتفاقم في سوريا مخاوف من اندلاع حرب في المنطقة قد تهدد المملكة، وهي واحدة من أكثر حلفاء واشنطن ولاء في الشرق الأوسط.

سيناريوهات مفتوحة

وعلى صعيد مشابه، قال مدير مركز "الطريق الثالث للاستشارات الإستراتيجية" في الأردن، عمر الرداد، إن "توقيت طلب عمان (منظومة باتريوت) غير معزول عن الحرب التي تجري في غزة، والسيناريوهات المفتوحة التي تترتب عليها، بما فيها التهديدات الإيرانية بفتح جبهات".

وأشار الرداد لموقع "الحرة" الأميركي في 30 أكتوبر، إلى تصاعد المناوشات بين "حزب الله" في لبنان وإسرائيل، ووصولها إلى عمق 10 كيلومترات، مؤكدا أن "طلب باتريوت لا ينفصل عن هذه السياقات التي تجري، واحتمالات توسع الحرب باتجاه حزب الله والمليشيات الإيرانية".

ورأى أن بلاده "قادرة على التعامل مع الطائرات المسيرة التي تعمل في مجال تهريب المخدرات عبر مليشيات إيرانية من سوريا إلى الأردن، وتطورت بتهريب متفجرات".

لكن الرداد رأى أن "هناك تقدير موقف أردني بأنه ربما إذا توسعت الحرب وجبهات المقاومة، قد يكون أمام طائرات أخرى متطورة، منها مسيّرات (شاهد) الإيرانية".

وأكد أن "الأردن يتحسب لهذا الموقف، ولذلك طلب هذه المنظومة الدفاعية من الولايات المتحدة".

وفي أعقاب حرب إسرائيل في غزة بعد هجوم "حماس" المباغت، سلّطت وسائل إعلام غربية، من بينها صحيفة "وول ستريت جورنال" الضوء على ما يجري بالخفاء على طول الحدود السورية – الأردنية.

وقالت الصحيفة الأميركية خلال تقرير لها في 25 أكتوبر، إن "إيران تمكنت عبر شبكة المليشيات الموالية لها، من إنشاء ممر بري عبر العراق وسوريا إلى لبنان، ومن خلال الأردن إلى الضفة الغربية، مما سمح لها بنقل المسلحين والمعدات والأسلحة إلى حلفائها في المنطقة".

وفيما يتعلق بالضفة الغربية، أشارت الصحيفة إلى أن "الأسلحة التي وفرتها إيران كانت تدخل إلى الأردن بشكل غير شرعي ومن ثم تصل إلى الضفة الغربية داخل الأراضي الفلسطينية".

ونقلت "وول ستريت جورنال" عن مسؤول أمني أردني كبير (لم تكشف هويته) قوله إن "شبكات من المهربين آخذة في النمو بمساعدة من الحكومة السورية والمليشيات المدعومة من إيران مثل حزب الله اللبناني".

ولم تصل عمّان والنظام السوري حتى الآن، رغم تطبيع العلاقات إلى حل لمشكلة تهريب المخدرات عبر الحدود، التي تطورت مؤخرا لعمليات عبور أسلحة وذخائر، وكذلك الأمر بالنسبة لباقي الدول العربية، وفقا للصحيفة.