عملاء بهويات مزورة.. لماذا عاد التوتر بين فرنسا والنيجر إلى الواجهة؟

منذ ٩ أيام

12

طباعة

مشاركة

تصاعد التوتر في الآونة الأخيرة بين النيجر وفرنسا، في ظل اتهامات متبادلة بالتدخل وزعزعة الاستقرار وحتى “دعم الإرهاب”. 

واعتقلت النيجر فرنسيا زُعم أنه عميل من وكالة الاستخبارات الخارجية الفرنسية "DGSE"، ما أدى إلى زيادة التوتر. 

بالإضافة إلى أن التلفزيون الرسمي النيجري اتهم فرنسا بمحاولة تقويض النظام الحالي ودعم الإرهاب، وفق ما قالت صحيفة "جون أفريك" الفرنسية.

وفي المقابل، تذكر الصحيفة أن العاصمة نيامي شهدت مظاهرات منددة بما وصفته بالاستعمار الجديد، ودعوات لدعم النظام الحاكم الحالي.

وفي هذا السياق، تطرقت جون أفريك إلى التحديات المستمرة للعلاقات الفرنسية-الإفريقية، حيث تتداخل القضايا الأمنية مع السياسية والاقتصادية، مما يضع الطرفين في مواجهات متكررة.

تكرار الأحداث

وأردفت أنه: "إذا كانت هناك مدارس لتعليم الانقلابات، فمن المؤكد أن مادة أساسية فيها ستتناول كيفية تثبيت الأنظمة الانقلابية عبر الجمع بين اتهامات زعزعة الاستقرار والتعبئة الشعبية في الشوارع". 

وأضافت أن تلك الاتهامات تكون بدرجات متفاوتة من الصحة، أما التعبئة فتكون بدرجات متفاوتة من العفوية. 

وفي هذا الصدد، توضح الصحيفة أنه في 16 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، خرج العشرات من المتظاهرين النيجريين إلى شوارع العاصمة نيامي للتنديد بما وصفوه بمحاولات قوى "إمبريالية" للإطاحة بالسلطة التي جاءت عبر الانقلاب.

وكانت نيامي أحد آخر حلفاء باريس، قبل الانقلاب العسكري أواخر يوليو/تموز 2023، والذي أطاح بالرئيس محمد بازوم، وتبعه الإعلان عن تعليق العمل بالدستور وتشكيل “مجلس وطني لإنقاذ الوطن”، ثم حكومة تضم مدنيين وعسكريين.

وأعلن الجيش النيجري في ديسمبر/كانون الأول 2023، أن القوات الفرنسية أكملت انسحابها من أراضيها بعد وجود عسكري امتد عشرة أعوام، كان الغرض منه مكافحة الإرهابيين.

وجاء ذلك بعد توتر على مدى شهرين مع السلطات العسكرية المنبثقة عن الانقلاب التي ألغت العمل بعدد من اتفاقيات التعاون العسكري مع باريس.

وعلى أثرها، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في سبتمبر/أيلول 2023، أن قوات بلاده ستنسحب من نيامي بحلول نهاية العام.

وآنذاك، طالب المجلس العسكري الانقلابي باريس بعدم التدخل في سياسات البلاد الداخلية، واتهم حكومة بازوم بأنها تابعة سياسيا للإرادة الفرنسية التي تمثل القوة الاستعمارية السابقة في النيجر.

كما اتهم الانقلابيون باريس بأنها أبرز محرّض على التوجه نحو التدخل العسكري من قبل المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا (إيكواس) لإعادة بازوم إلى السلطة، وأنها تسعى لفرض عقوبات على نيامي.

وبالعودة إلى التوتر الجديد، تقول جون أفريك إن التعبئة الأخيرة جاءت نتيجة دعوة مشتركة أطلقتها عدة جمعيات ومجموعات مدنية لدعم قوات الدفاع والأمن، التي تزعم تلك الجمعيات أنها مستهدفة من قبل قوى أجنبية. 

وخلال التجمع التظاهري، حدث في النيجر ما حدث في الدول الأخرى في تحالف دول الساحل. وسبق أن وجهت كل من مالي وبوركينا فاسو اتهامات مماثلة بوجود مؤامرات، في منتصف سبتمبر وبداية نوفمبر 2024 على التوالي.

الهدف المفضل 

وتوضيحا لسبب ذلك الحشد، تلفت "جون أفريك" النظر إلى أن الشرارة المباشرة التي كانت سببا في مظاهرة نيامي هي الإعلان الأخير على قناة "تلفزيون الساحل" عن اعتقال فرنسي في النيجر، قُدم على أنه عميل لمديرية الأمن الخارجي "DGSE"، جهاز الاستخبارات الفرنسي. 

ووفقا للتلفزيون الرسمي، فإن الرجل الخمسيني "دخل النيجر بطريقة غير شرعية في 12 نوفمبر 2024"، قبل أن تعتقله الأجهزة الأمنية النيجرية في اليوم التالي.

وعلى حد قول الصحيفة، استغل الإعلام الرسمي هذه الفرصة للتأكيد على أن القوة الاستعمارية السابقة "تواصل تنفيذ خططها عبر جهاز استخباراتها" من أجل “زعزعة استقرار النيجر، بل وتحالف دول الساحل بأسره". 

علاوة على ذلك، اتهمت وسائل الإعلام فرنسا بأنها “تدرب وتسلح الإرهابيين”، موضحة أن "عملاء آخرين لمديرية الأمن الخارجي يعملون بهويات مزورة وتحت غطاء غير رسمي".

ومن زاوية أخرى، تبرز الصحيفة الفرنسية أنه "بالنسبة للمتظاهرين، فإن النضال من أجل تحقيق السيادة الكاملة هو معركة طويلة الأمد ضد وحش نيوليبرالي متعدد الرؤوس". 

وفي 12 نوفمبر 2024، وقع وزير الداخلية، الجنرال محمد تومبا، قرارا بسحب ترخيص منظمة "أكتيد" الفرنسية غير الحكومية. 

وأعلنت الشركة الفرنسية "أورانو" في منتصف ذات الشهر، تعليق "نفقاتها المتعلقة بأنشطة استخراج اليورانيوم".

وتعتقد الصحيفة أن الحدثين مرتبطان بتدهور العلاقات بين النيجر وفرنسا.

وفي هذا الإطار، تؤكد "جون أفريك" على أن "النضال "طويل الأمد" ضد الإمبريالية يتيح تبرير الفترة غير المحددة لأنظمة حكم تحالف دول الساحل. 

وتختتم تقريرها بتوضيح أنه خلال المظاهرة النيجرية، أعلن منظموها عن أهداف المجلس العسكري خلال العشر سنوات المقبلة، في إشارة إلى بقاء هذا النظام طويلا.