"اقطعوا يد إيران".. مطالبات سورية بالردع بعد مقتل 14 شرطيا على يد فلول الأسد

"لعبة إيرانية قديمة وأعتقد أن الإدارة السورية واعية لهكذا مخططات"
ندد ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي، بمقتل 14 عنصرا من وزارة الداخلية السورية على يد فلول نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في ريف طرطوس، داعين إلى ردع محاولات إيران للانتقام من نجاح الثورة.
وزير الداخلية محمد عبد الرحمن، أفاد في بيان أصدره في ساعة مبكرة من صباح 26 ديسمبر/كانون الأول 2024، بمقتل 14 عنصرا وإصابة 10 آخرين من عناصر وزارة الداخلية إثر تعرضهم لـ"كمين غادر من قبل فلول النظام المجرم بريف طرطوس".
وأشار إلى أن عناصر وزارة الداخلية كانوا يؤدون "مهامهم في حفظ الأمن وسلامة الأهالي".
وبعد يوم من الاشتباكات أسفرت عن قتلى وجرحى، نشرت حكومة تصريف الأعمال في سوريا تعزيزات أمنية كبيرة في دمشق وحمص والساحل، وتعهدت بملاحقة من يرفض تسليم السلاح.
وكر النظام
وطرطوس مدينة ساحلية في غرب سوريا، تقع جنوب اللاذقية، وتبعد 250 كيلومترا شمالا عن العاصمة دمشق، و30 كيلومترا عن الحدود اللبنانية.
وتعد مدينة طرطوس ملاذا لأنصار النظام السوري المخلوع الفارين من مناطق أخرى، خاصة دمشق، لأن غالبية سكانها من المسيحيين والطائفة العلوية المؤيدة للنظام والتي ينتمي إليها المخلوع الأسد.
وكانت الشرطة السورية قد فرضت حظر تجوال خلال ساعات الليل في بعض المدن، منها طرطوس وحمص واللاذقية، بعد اشتباكات مرتبطة باحتجاجات غاضبة، إثر انتشار فيديو كذبت السلطات أنه جديد، يظهر اعتداء على مقام ديني علوي في حلب شمالي البلاد.
واتهم وزير الإعلام السوري محمد العمر جهات وصفها بـ"أياد خفية" تسعى لإثارة الفتن الداخلية في سوريا، قائلا إن الفيديو المتداول عن حرق مزار ديني في حلب قديم، وإن الحكومة ملتزمة بحماية كل المواقع الدينية والتاريخية في البلاد.
وفي محاولات لتهدئة الأوضاع، أصدر وجهاء الطائفة الإسلامية العلوية في محافظة حمص وسط سوريا، بيانا موجها إلى أهالي المحافظة أعلنوا فيه نبذ الشعارات الطائفية ودعوا للكف عن التحريض الإعلامي.
سياسيا، تلقت الخارجية السورية اتصالات هاتفية من 4 وزراء عرب "الكويت والبحرين ولبنان وليبيا" أكدوا فيها على دعم الحكومة الجديدة والاستعداد لتعزيز العلاقات الثنائية مع دمشق، بعد نحو أكثر من أسبوعين على سقوط نظام الأسد.
وأشاد ناشطون عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #طرطوس، #أحمد_الشرع، #سوريا_الجديدة، وغيرها ببيان وجهاء الطائفة العلوية وموقف الثوار السوريين الداعم للقيادة الجديدة، وعدوه دليلا على الوعي الشعبي بضرورة الحفاظ على مكتسبات الثورة.
واتهموا إيران بالوقوف خلف أعمال الشغب والتخريب والفتن في طرطوس وحمص واللاذقية، وتحريك أذنابها لنشر الفيديوهات القديمة والحث على اعمال التخريب المقصودة لإثارة الفتن، ومحاولتها التدخل في الشؤون السورية والبقاء ضمن المعادلة الإقليمية.
تخبط الفلول
وتفاعلا مع الأحداث، عد الباحث ماهر عبدالهادي، ما جرى في طرطوس، دليلا على تخبط الفلول وقلة ذكاء داعميهم الذين يعيشون رعشة الهزيمة/ الموت، قائلا: "لو صبروا قليلا لتنظيم صفوفهم ووقتوا تحركهم مع الانتخابات المقبلة مثلا لكانت مكتسباتهم أكبر وضربتهم أكثر إيلاما".
وقال: "رغم أن ما يجرى يعكر صفو الانتصار الكبير الذي يعيشه السوريون، إلا أنه ليس أكثر من سحابة صيف عابرة في توقيت لصالح سوريا الحرة، فلا مقومات لحرب عصابات من قبل الفلول الذين بحاجة لمن يخبرهم أن الزمن لا يعود للوراء".
وأشار عبدالهادي، إلى أن الإدارة العسكرية حاولت ترحيل الملف لأمور سياسية- وليس لعجز عسكري- لكن الفلول أرادوا تعجيل الأمر وقدم الذريعة لذلك، مضيفا أن "المعروف أن علاج السرطان مبكرا يزيد من فرص التعافي التام."
وأوضح أن ما يجرى ليس أكثر من محاولة يائسة من مجرمي الحرب لحماية أنفسهم عبر عصبتهم العائلية والطائفية.
وأكد أن الخاسر الأكبر هم المكون العلوي الذي تحاول إيران وبعض الأجهزة المخابراتية الدولية استخدامهم لتحقيق أجندتها ويجب عليهم القفز من المركب الغارق وتجنيب الطائفة أن تكون حصان طروادة مرة أخرى.
من جانبه، ذكر الصحفي سمير العركي، أن أحداث سوريا رغم مرارتها إلا أنها انطوت على عدة مكاسب مهمة، منها تعرية النظام الإيراني أمام العالم وإثبات عدائه للشعب السوري وتدخله السلبي في شؤونه، وقد تنتهز الإدارة الجديدة هذه الفرصة لقطع علاقتها مع إيران.
وأشار إلى أن الأحداث كشفت هشاشة التفكير الإستراتيجي الإيراني وكيف أنهم لا يزالون يعيشون في مرحلة تخبط دفعتهم لكشف عدوانيتهم بسرعة عجيبة، بدلا من ترميم العلاقات مع النظام الجديد في سوريا.
ولفت العركي إلى أن الأحداث في طرطوس عرت شبيحة نظام الأسد أمام السوريين الذين تأكدوا أن التسامح معهم كارثي، كما أثبتت قوات الأمن كفاءة في الانتشار السريع والسيطرة.
بدوره، قال المحلل السياسي محمود الطرن، إن التحذير شديد اللهجة الذي أرسله الشيباني لإيران منذ يومين لم يكن فقط للرد على تصريحات وزير خارجيتهم، بل بناء على معلومات استخباراتية دقيقة رصدت ما حصل بالأمس ولذلك، كانت ردة الفعل الأمنية والعسكرية سريعة وحاسمة.
وأضاف: "اليوم، عرفنا أننا نمتلك جهاز استخبارات يقظا وقادرا على رصد المخاطر"، مؤكدا أنه في النهاية، العمليات الأمنية والعسكرية حققت أهدافها، وألقي القبض على مطلوبين وتم مصادرة أسلحتهم، كما تم فض التظاهرات السخيفة بالقوة مع رسالة شديدة اللهجة، والحملة مستمرة.
فتنة إيرانية
وتنديدا بتحركات إيران وأذنابها، أكد الكاتب إياد الدليمي، أن ما جرى اليوم في حمص وطرطوس وبعض المدن السورية الأخرى ليس أكثر من تطبيق فعلي لما تحدث به وزير خارجية إيران، من إثارة النعرات.
وقال: "لعبة إيرانية قديمة وأعتقد أن الإدارة السورية واعية لمثل هذه المخططات، المهم أن يعي الآخرون داخل سوريا ممن تستخدمهم إيران خبث هذا المخطط ونتائجه الكارثية عليهم قبل غيرهم".
وقال الإعلامي أنس حسن، إن إيران كان من الممكن أن تعبث بالمشهد السوري دون أن يشعر أحد وتمنح للفوضى شكلا طبيعيا وتقلب الأوضاع على الإدارة الجديدة.
واستدرك: لكن هوس الشعور بالهزيمة، وإنكار أنها كاملة وأبدية يدفعها للتبني وإعلان ذلك علنا، لدرجة أن التحريض بدأ قبل الأحداث بيومين كنوع من التبني الكامل والشامل.
ورأى أن هذا الأمر لا يمكن تحليله سياسيا بل "نفسيا" هناك شعور ضاغط على العقل الإيراني والقلق الوجودي أن ما حدث بسوريا يعني نهاية كاملة للمشروع الإقليمي الخاص بها، واحتمالية انتقاله لملاعب ثانية تابعة لها أصبح كبيرا.
وأوضح حسن، أن إيران تسعى عبر التبني والتحريض لمحاولة دفع الشبح بعيدا عنها عن طريق التأكيد أنها قوية وتستطيع أن تفعل.. لتخيف الدول الإقليمية، مؤكدا أن إيران ليست معنية "باستعادة" سوريا، لأنها لو كانت كذلك لصمتت وخططت بشكل جيد، لكنها معنية "بحرق" سوريا.
وأكد الصحفي إياد أبو شقرا، أن نظام الملالي لا يعرف كيف يربح بشرف ولا كيف يخسر بشرف، فقط يعرف، بل يجيد، التآمر والإجرام والتحريض وتصدير التعصب والفتن، قائلا: "لن يرتاح العالم العربي طالما هو موجود".
حذر وتحوط
فيما قال الكاتب رفيق عبدالسلام، إن التحركات في حلب وبعض المدن الساحلية لم تكن بريئة أو عفوية في هذا التوقيت بالذات، مذكرا بأنه ذات الأسلوب الذي استخدمته الثورة المضادة في مصر وتونس سابقا.
وأكد أن الحوار والتفاعل مع الجميع وضمان الحريات أمر مطلوب، ولكن يتوجب أن يكون ذلك مصحوبا بالحزم والضرب على رؤوس الفتنة ووأدها من البداية خصوصا إذا تبين أن هذه التحركات ليست تلقائية بل تقف وراءها أيادٍ خفية.
من جهته، خاطب الطبيب يحيى غنيم، القيادة السورية، قائلا: "أعزائي: هيئة تحرير الشام، وجميع الفصائل الثورية المسلحة: أطلت الثورة المضادة برأسها فبادروا بقطعها! أعلم أن الوضع في سوريا غيره في مصر وتونس".
وأضاف أن "في مصر وتونس كان الشعب والثوار عزَّلا، أما أنتم فمازالت أسيافكم بأيديكم، وهم مرتزقة جبناء فلا تمهلوهم، اليوم تخسرون عشرا، ولو صبرتم للغد صاروا ألوفا، اليوم هم يتوارون وغدا يجاهرون، لا تعولوا على ترضية المجتمع الدولي فهو منافق ويريد ذبحكم".
وتابع غنيم: “لا تنظروا إلى المحيط العربي فهو الممول لأعدائكم، ولا تنظروا إلى الدهماء والعوام فسيصفقون لكم عند فوزكم، وسيكونون عليكم لو كانت الغلبة لعدوكم، أريقوا محجمة من دماء المجرمين قبل أن تصبح بحورا من دماء المظلومين وفي رقابكم.”
وأكد الباحث لقاء مكي، أن لا وقت للإدارة الجديدة في سوريا تقضيه بانتظار الاعتراف الدولي، أو تستهلكه بالترتيبات الإدارية، من المهم ضمان الشرعية في أقرب وقت، والتحول من الإدارة المؤقتة إلى الحكومة الانتقالية.
وقال إن ذلك وحده ما يمنحها شرعية الحسم والحزم لمواجهة الثورة المضادة، مشيرا إلى أن المؤتمر الوطني الموعود خيار عاجل، ولم يعد يحتمل الانتظار.
وعي سوري
فيما أثنت الإعلامية صبا مدور، على موقف عقلاء الطائفة العلوية، قائلة إن هذه المواقف المسؤولة هي ما نعول عليه لضمان سلامة الأبرياء من جميع الطوائف وتطبيق حكم القانون وترسيخ السلم الأهلي في سوريا، مبشرة بأن الحرب الأهلية التي يخطط لها الإيراني ستبقى وهما بعيد المنال.
ورأى الباحث محمد حسان، أنه يمكن القول إن الشعب السوري بات يمارس دورا رياديا في حفظ مكتسبات الثورة وبناء الدولة، مضيفا أن "الآن نرى نموذجا مشتركا بين السلطة والشعب الساعي لذات الهدف وكل منهما يعطي الشرعية للآخر."
وأرجع سبب رؤيته لذلك ما أعقب محاولة بعض ذيول إيران إشعال فتيل الطائفية في سوريا، من بيانات أهلية من كل المحافظات وأطياف الشعب السوري الداعمة للسلم الأهلي والأمن العام والحفاظ على الاستقرار.
بينما رأى أحمد سويد أبو حمزة، أن "الوقت حان لقطع يد إيران في سوريا والضرب بيد من حديد".