صحيفة تركية: لهذه الأسباب علاقات واشنطن وأنقرة ستشهد مفاجآت في عهد ترامب

"يجب أن تكون تركيا مستعدة لمفاوضات ومفاجآت وتسويات محتملة"
بعد فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، كثرت التساؤلات عن انعكاسات ذلك على علاقات واشنطن بعديد من العواصم الإقليمية.
من تركيا، نشرت صحيفة حرييت مقالاً للكاتب "سيدات أرجين" ذكر فيه أنّ تأثير فوز ترامب لن يقتصر على الولايات المتحدة وحدها، بل ستظهر آثاره أيضاً على النظام الدولي الذي يشهد بالفعل تصدعات حادة في الفترة المقبلة.
تقلبات في العلاقات
وفي مستهل مقابله، توقع الكاتب أن تؤدي السياسات التي سيتبعها ترامب عند عودته إلى البيت الأبيض نهاية يناير/ كانون الثاني 2024 إلى نتائج جدية بشأن القضايا الدولية الكبرى والأزمات المستمرة.
ومن المؤكد ستتأثر تركيا بعودة ترامب للمرة الثانية للرئاسة، خاصة فيما يتعلق بتغيير سياساتها تجاه حلف شمال الأطلسي “ناتو”.
كذلك، وبالنظر إلى علاقة تركيا الخاصة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فإن السياسة التي قد يتبعها ترامب تجاه غزو أوكرانيا هي إحدى أكبر النقاط المثيرة للاهتمام.
فإنَّ أيَّ تغيير طفيف في الموقف مقارنة بسياسة جو بايدن قد يؤثر على حل أزمة أوكرانيا، كما يمكن أن يؤثر على نمط السياسة الخارجية لروسيا في المرحلة المقبلة. وكل هذه التطورات تهم تركيا من الدرجة الأولى.
ويمكن تقديم ملاحظات مماثلة في سياق سياسات ترامب تجاه الشرق الأوسط، فمن غير الممكن أن تمر أي تغييرات في السياسات تجاه إسرائيل وإيران دون أن تؤثر على تركيا كدولة في المنطقة.
على سبيل المثال قد يؤدي منح ترامب "شيكّاً مفتوحاً" لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى تصعيد عدوانية إسرائيل إلى مستوى غير متوقع.
أما بالنسبة لسوريا، فالموقف الذي سيتخذه ترامب تجاهها ونظرته لمستقبل "الإدارة الذاتية" التي تسيطر عليها امتدادات حزب العمال الكردستاني في شرق الفرات يعد من أكثر القضايا أهمية بالنسبة لتركيا في المرحلة المقبلة. فهذه الإدارة الذاتية تخضع اليوم لحماية الولايات المتحدة.

علاقة شخصية
من جهةٍ أخرى، تميزت العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة بتقلبات خلال فترة رئاسة ترامب الأولى، حيث لم تُدَر ضمن إطار مؤسسي ثابت، بل اعتمدت بشكل كبير على العلاقة الشخصية بين ترامب وأردوغان، خاصة عبر مكالماتهما الهاتفية.
وقد استضاف ترامب أردوغان مرتين في المكتب البيضاوي، وكان بإمكان أردوغان التواصل بسهولة مع ترامب عند ظهور أي خلاف.
ومع ذلك، لا ينبغي أن ننسى أن الحوار بين ترامب وأردوغان قد شهد فترات مضطربة من حين لآخر.
وفي هذا السياق، فإنّه من المعروف أنّ ترامب كان قد استخدم "ورقة العقوبات الاقتصادية" ضد تركيا في عام 2018 عندما لم يُطلق سراح القس الأميركي أندرو برونسون المحتجز في تركيا.
ولا يزال في الأذهان رسالة ترامب غير اللائقة التي أرسلها لأردوغان في أزمة عام 2019 المتعلقة بسوريا، إلى جانب تهديده بـ “تدمير الاقتصاد التركي".
ومع ذلك فقد أدى الحوار الوثيق بينهما أيضاً إلى نتائج مهمة فتحت الباب لتفاهمات، من أبرزها إقناع أردوغان لترامب في ديسمبر 2018 بسحب القوات الأميركية من سوريا مقابل أن تتولى تركيا محاربة داعش.
وفي هذا الحدث بالذات فقد أوقفت "المؤسسة" الأميركية محاولة ترامب هذه التي كان قد أعلن عنها من حديقة البيت الأبيض.
لكن في المحاولة الثانية في أكتوبر 2019 انسحبت الولايات المتحدة بقيادة ترامب من مساحة واسعة على طول الحدود السورية، ما سمح لتركيا بإطلاق عملية نبع السلام وإقامة منطقة آمنة بعرض 155 كيلومتراً وعمق 30 كيلومتراً بين تل أبيض ورأس العين.
ومع ذلك، فإن ترامب نفسه أخرج تركيا من برنامج الإنتاج المشترك لمقاتلات F-35 في عام 2019 بسبب حصولها على صواريخ S-400 من روسيا.
وقبل مغادرته البيت الأبيض بفترة وجيزة، فرض عقوبات قانون مكافحة أعداء أميركا من خلال فرض العقوبات على تركيا.

تغييرات محتملة
وانطلاقا من مثال الانسحاب من سوريا الذي أوردناه هناك نقطة مهمة يجب التأكيد عليها بشأن الاختلاف المحتمل لفترة ترامب الثانية، وفق الكاتب التركي.
حيث إنه في فترة رئاسته الأولى كان ترامب يميل إلى تجاوز البيروقراطية في السياسة الخارجية، واتخاذ قرارات حاسمة بشكل شخصي.
إلا أنه كان يواجه في تلك الفترة عراقيل من بيروقراطية وزارة الخارجية والأمن وأحياناً من الكونغرس، حيث كانت هناك مواجهات مستمرة بينه وبين تلك المؤسسات. لكن مع فوزه في الانتخابات وتوليه الرئاسة مجدداً، قد نشهد فترة مختلفة.
فمن المتوقع أن يعين ترامب هذه المرة شخصيات تتماشى مع توجهاته، مما يسمح له بتوجيه البيروقراطية نحو نهج أكثر مرونة.
كما يجب أن نأخذ في الاعتبار احتمال هيمنة الجمهوريين على مجلسي الكونغرس، مما سيقلل من الضغوط والقيود التي واجهها ترامب في ولايته الأولى، وربما يتيح له حرية أكبر في تنفيذ سياساته.
بمعنى آخر قد يكون لدى ترامب في ولايته الثانية قدرة أكبر على اتخاذ قرارات وتنفيذ سياسات عديدة بحرية أكبر مقارنة مع فترته الأولى.
كما يجب أن نضيف إلى ذلك شخصيته المتقلبة والمدفوعة بالغرائز، إلى جانب الثقة العالية التي يمنحها له فوزه الجديد.
وأشار الكاتب إلى أن جميع هذه العوامل مجتمعة تجعل فترة ترامب الثانية في السياسة الخارجية غير متوقعة وقابلة للتغيرات المفاجئة.

تسويات منتظرة
وإذا عدنا إلى تركيا فبمجرد إعادة التواصل بين ترامب وأردوغان مطلع يناير 2024، يجب أن تكون تركيا مستعدة لمفاوضات ومفاجآت وتسويات محتملة في قضايا عديدة مع الولايات المتحدة.
ومن المفارقات الموجودة أن ترامب عندما غادر البيت الأبيض في يناير 2021 ترك خلفه ملفات عالقة في العلاقات التركية الأميركية، ويُرجح أنه سيجد هذه الملفات دون تغيير يذكر بعد أربع سنوات.
ومن بين هذه القضايا ملف S-400 الذي كان نقطة خلاف في حواراته مع أردوغان والذي مازال عالقا في مكانه.
كما أن طلبات تركيا بشراء طائرات F-35 ورفع العقوبات بموجب قانون مكافحة أعداء أميركا مازالت معقدة ومرتبطة بقضية S-400.
وإذا بقيت هذه الملفات دون حل خلال فترة الانتقال البالغة حوالي شهرين ونصف الشهر، فمن المحتمل أن يعود ترامب وأردوغان لمناقشتها من حيث توقفت.
وربما تكون البداية بالحديث عن صفقة تتضمن حلاً لقضية S-400 مقابل حصول تركيا على F-35 ورفع العقوبات.
بالإضافة إلى ذلك، فإن مطلب تركيا من الولايات المتحدة بإنهاء دعم "الإدارة الذاتية" شرق الفرات في سوريا سيكون موضوعاً آخر مألوفاً قد يعود للنقاش بين الرئيسين بعد أربع سنوات.
وبحسب تقييم الكاتب التركي فلا شك أن توجّه ترامب بشأن هذه المسألة بمجرد توليه الرئاسة في يناير سيكون من أكثر القضايا أهمية في المرحلة المقبلة.
















