فيديو السنوار نموذجا.. صحيفة عبرية: لماذا يصدق الإعلام رواية الفلسطينيين ويكذب روايتنا؟

منذ ٤ أشهر

12

طباعة

مشاركة

مستشهدة بالفيديو الأيقوني الذي خلد استشهاد قائد حركة المقاومة الإسلامية “حماس” يحيى السنوار، تقول صحيفة عبرية إن الكيان الإسرائيلي خسر معركة الإعلام، وبات العالم يصدق رواية الفلسطينيين.

وكنموذج على ذلك، ترى  صحيفة "زمان إسرائيل"، أن نشر فيديو السنوار عزز صورة المقاومة الفلسطينية إقليميا ودوليا، وأضر بشدة بصورة إسرائيل دوليا.

وشددت على أن العديد من صناع القرار في إسرائيل لا يعترفون أن وسائل الإعلام هي ساحة معركة حقيقية. 

إذ تنتشر حالة من التشتت والبيروقراطية بين الأجهزة الحكومية المختلفة، التي تتولى ملف تحسين صورة إسرائيل.

وأخيرا، تسلط الصحيفة في تقريرها الضوء على أنه يوجد حاليا فراغ قيادي في إدارة الملف الإعلامي حكوميا، حيث لم يُشغَل منصب رئيس الإعلام في مكتب رئيس الوزراء منذ أكثر من ستة أشهر.

معركة حقيقية

تدعي الصحيفة الإسرائيلية في بداية تقريرها أنه في 17 أكتوبر/ تشرين الأول عام 2024، حقق الجيش الإسرائيلي أحد أكبر إنجازاته في غزة، لكنه في الوقت نفسه واجه إخفاقا إعلاميا بارزا منذ بداية الحرب. 

وبعد بحث استمر عاما، قتل الجيش الإسرائيلي بالصدفة يحيى السنوار، قائد حركة حماس والعقل المدبر وراء هجوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

وفي فيديو اغتياله الذي نشره الجيش الإسرائيلي، يظهر السنوار جالسا على كرسي في الطابق الثاني من منزل مدمر في غزة، وهو مغطى بالغبار وذراعه اليمنى مصابة وتنزف. 

لكنه رغم إصابته، وبعد اقتراب الطائرة بدون طيار منه، رمى السنوار عصاه باتجاهها.

وفي الإعلام الإسرائيلي، عُرض الفيديو كصورة انتصار، حيث ظهر زعيم حركة حماس معزولا وحيدا.

لكن أنصار حماس رأوا الفيديو بصورة مختلفة؛ حيث يقاتل القائد حتى اللحظة الأخيرة.

وفي هذا الصدد، يقول إيلون ليفي، خبير في العلاقات العامة، المتحدث السابق باسم وزارة الخارجية: "لو كانوا استشاروا شخصا مطلعا على العالم العربي، لكانوا أدركوا أن نشر الفيديو خطأ".

وتابع: "هذا الفيديو يعزز صورة المقاتلين الفلسطينيين الشجعان الذين يقاومون إسرائيل الشريرة، لذلك أعتقد أن هذا ألحق بنا ضررا كبيرا على الساحة الدولية".

وهنا، يشدد ليفي على أن "العديد من صانعي القرار لا يدركون أن الإعلام هو ساحة معركة حقيقية".

فشل كبير

وفي هذا السياق، تلفت "زمان إسرائيل" إلى أنه بسبب فشل إسرائيل في الحفاظ على صورتها، علقت عدة دول تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، بما في ذلك إيطاليا وكندا. وحتى الولايات المتحدة، أكبر حليف لإسرائيل، أجلت إحدى الشحنات.

بالإضافة إلى ذلك، وبالإشارة إلى أن الدعم الدولي لإسرائيل تراجع بشكل كبير، تذكر الصحيفة أنه "في ألمانيا، التي تُعد أقرب حليف أوروبي لإسرائيل من حيث الدعم المادي، أعرب أكثر من 60 بالمئة من المواطنين عن معارضتهم لعمليات إسرائيل في غزة، وفقا لاستطلاع أُجري في يونيو/ حزيران 2024".

وفي الولايات المتحدة، أظهر استطلاع أجرته "YouGov"  أن نسبة المؤيدين لإسرائيل، التي بلغت ذروتها عند 48 بالمئة بعد أسبوع من 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، انخفضت إلى 33 بالمئة في يوليو/ تموز 2024.

وبخلاف ذلك، تشير الصحيفة الإسرائيلية إلى أن "العديد من الدول قطعت أو خفضت مستوى علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل". 

إذ اعترفت دول أوروبية بالدولة الفلسطينية، كما أصدرت المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي أوامر اعتقال، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت.

وبالقول إنه "منذ اجتياح حماس، في السابع من أكتوبر، تراجعت مكانة إسرائيل الدبلوماسية ودعمها العالمي بشكل كبير"، تعزو الصحيفة هذا الإخفاق إلى "وجود مشكلة خطيرة في جهود الاتصال الإستراتيجي لإسرائيل". 

فتقول: "على الرغم من امتلاكها وفرة من المعلومات والصور، إلا أنها تواجه صعوبة في إيصال رسالة موحدة وفعالة إلى العالم". 

وعندما تنجح الرسالة في الوصول، بحسب الصحيفة، غالبا ما تصل متأخرة إلى دورة الأخبار، التي تعتمد في كثير من الأحيان على مواد غير مؤكدة من غزة.

صورة دموية

في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، أعلن وزير الخارجية، جدعون ساعر، أن وزارته ستحصل على زيادة في الميزانية قدرها 545 مليون شيكل لتحسين صورة إسرائيل في الخارج.

وكان ساعر -بحسب الصحيفة- قد صرح في السابق، بشكل عام، أن الأموال ستُستخدم، من بين أمور أخرى، في "أنشطة موجهة بالجامعات الأميركية لتغيير المواقف تجاه إسرائيل وسياساتها، إلى جانب العمل مع الجالية اليهودية، دون المساس بأنشطة وزارة الشتات".

وفي هذه النقطة، تستنكر الصحيفة عدم وجود خطة عمل واضحة حتى الآن لدى وزارة الخارجية، على الرغم من الوعود بأنها ستُكشف لاحقا.

ومن ناحية أخرى، تشير "زمان إسرائيل" إلى وجود هيئة مركزية للدبلوماسية العامة تمتلك موارد كبيرة وخبرة واسعة في إسرائيل، وهي وحدة المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي. ومنذ 7 أكتوبر، كان ضباط وجنود هذه الوحدة في طليعة هذا الجهد.

وتقول الصحيفة إنه "في الأسابيع الأولى من الحرب، كان يعمل في وحدة المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي عشرة جنود فقط في المناوبة للتعامل مع الكم الهائل من الطلبات"، وذلك وفقا لما صرح به مصدر في الجيش الإسرائيلي. 

بالإضافة إلى ذلك، تذكر الصحيفة أن إسرائيل لم تصدر قط هذا العدد الكبير من بطاقات الصحفيين للصحفيين الأجانب كما فعلت خلال العام الذي تلا هجوم حماس في 7 أكتوبر.

ووفقا لمكتب الصحافة الحكومي، فقد سجل أكثر من ألفي صحفي في الأشهر الأولى من الحرب، بينما وصل العديد من الصحفيين الآخرين إلى إسرائيل دون تسجيل مسبق.

وتنقل الصحيفة الإسرائيلية عن مصدر في الجيش الإسرائيلي قوله إن "المتحدثين العسكريين تمكنوا من إقناع الصحفيين بتغيير عبارة (وزارة الصحة في غزة) إلى (وزارة الصحة في غزة التابعة لحماس)". 

ومع ذلك، تنوه "زمان إسرائيل" إلى أنه "على الرغم من أن الوحدة تعمل الآن بكفاءة أكبر، لا يزال العديد من الصحفيين الدوليين متشككين في المعلومات القادمة من الجيش الإسرائيلي".

وفي حديث مع الصحيفة الإسرائيلية، أوضح صحفيون أوروبيون أنهم "يتوخون الحذر بشكل مبدئي من المعلومات القادمة من الجيش الإسرائيلي، لأنه طرف مشارك في القتال". 

فراغ إعلامي

وبوصفها أنها "المجموعة التي تؤثر أكثر من أي مجموعة أخرى على صورة إسرائيل في العالم"، إلى جانب الصحفيين، تتحدث الصحيفة عن الدبلوماسيين الأجانب في إسرائيل. 

موضحة أن "تقاريرهم تشكل الطريقة التي يُنظر بها إلى إسرائيل في بلادهم، وبخاصة في حكوماتهم".

ورغم الأهمية البالغة لدور الدبلوماسيين، تستنكر الصحيفة أن "وزارة الخارجية الإسرائيلية لا تجري إحاطات منتظمة للسفراء، حسب ما ذكره دبلوماسيون أجانب". 

جدير بالإشارة هنا إلى أن السفراء غالبا يحصلون على المعلومات من خلال فرقهم في البلاد ومن خلال تقارير الإعلام، مما يعني أن إسرائيل تفوت الفرص لعرض مواقفها بشكل مباشر.

ومن ناحية أخرى، بالنسبة لأولئك الدبلوماسيين الأجانب والصحفيين الدوليين، تشير الصحيفة إلى أن إيلون ليفي، المتحدث السابق لوزارة الخارجية الإسرائيلية، برز كمتحدث فصيح وسهل الوصول. 

وفي هذا الصدد، تقول الصحيفة إن "ليفي عُين بسرعة وبشكل غير رسمي في منصب المتحدث باسم الحكومة في الإعلام الأجنبي بعد أيام قليلة من 7 أكتوبر". 

ووفقا لتقديره، فقد أجرى حوالي 270 مقابلة تلفزيونية وإذاعية وبودكاست و70 إحاطة و50 مؤتمرا صحفيا حتى إقالته في مارس/ آذار 2024.

وفي حديث له مع "زمان إسرائيل"، قال ليفي: "لم يكن لدي عقد كمتحدث حكومي ولم ألتق أبدا برئيس الحكومة، وسأكذب إذا قلت إن مكتب رئيس الحكومة دفع للجميع مقابل ساعات عملهم".

وفي هذه النقطة، تنوه الصحيفة مستنكرة أن ليفي عُين في منصب المتحدث باسم مكتب رئيس الحكومة بعد المقابلات التي أجراها مع الإعلام من تلقاء نفسه بعد بداية الحرب، رغم أنه كان قد شارك سابقا في احتجاجات ضد الإصلاحات القضائية لحكومة نتنياهو.

ورغم أن ليفي كان نقطة مضيئة في الدبلوماسية العامة الإسرائيلية أثناء الحرب، كما تدعي الصحيفة، إلا أنه أُقيل بعد أقل من ستة أشهر. 

ووفقا للتقارير، فإن فصله جاء بعد أن قدمت وزارة الخارجية البريطانية شكوى بشأن تغريدة رد فيها ليفي على تصريحات وزير الخارجية البريطاني السابق، ديفيد كاميرون، حول تقديم مساعدات لغزة. 

ولكن بحسب ما صرح به ليفي لصحيفة "زمان إسرائيل"، فإنه لا يعتقد أن هذه هي القصة كاملة.

وبهذا الشأن، توضح الصحيفة أن الكثيرين يعتقدون أن "سارة نتنياهو دفعت إلى فصله لأن ليفي شارك في احتجاجات ضد الإصلاح القضائي قبل عدة أشهر من الحرب". 

فشل متواصل

وفي نهاية التقرير، تسلط الصحيفة الإسرائيلية الضوء على أن وظيفة رئيس قسم الإعلام في مكتب رئيس الحكومة شاغرة منذ أكثر من نصف عام، بعد أن شُغلت مرتين لفترات قصيرة فقط. 

وتوضح الصحيفة أن الوظيفة تهدف إلى "تنسيق أنشطة المتحدثين في الجيش الإسرائيلي والشرطة وخدمات الاستخبارات والوكالات الأخرى، بالإضافة إلى التأكد من أن إسرائيل تنقل رسائلها إلى وسائل الإعلام في العالم".

وفي هذا السياق، تذكر الصحيفة أنه في عامي 2021 و2022، شغل إيلاد تانا، محرر صحيفة "ماكور ريشون" الحالي، هذا المنصب. 

وفي حديث له مع "زمان إسرائيل"، صرح المحرر بأنه "من المفترض أن تعرض وزارة الخارجية خططها الجديدة للإعلام في قادم الأسابيع، ومن ثم يتبين ما إذا كانت إسرائيل قد تعلمت شيئا من الأخطاء العديدة التي ارتكبتها". 

وهنا، تختتم الصحيفة الإسرائيلية تقريرها بالإقرار أنه "رغم توافر الأدوات في إسرائيل بكثرة حتى الآن، إلا أن استغلال الحكومة لها والاستفادة منها ضعيف جدا".