مستوطنون يعربدون في الضفة الغربية المحتلة.. وعباس يلاحق المقاومة

منذ ٤ ساعات

12

طباعة

مشاركة

في جريمة جديدة تجسد سياسة إسرائيل بتحويل الضفة الغربية إلى ساحة مفتوحة للإرهاب الاستيطاني، شن مستوطنون إسرائيليون عدوانا وحشيا على قرية كفر مالك شرق رام الله، مدعومين بحماية كاملة من قوات جيش الاحتلال.

ففي 25 يونيو/حزيران 2025، اقتحم نحو 30 مستوطنا القرية، وأضرموا النار في عدد من المنازل والمركبات، مما أدى إلى استشهاد 3 فلسطينيين وإصابة آخرين بحالات اختناق، وسط مواجهات عنيفة مع الأهالي الذين تصدوا للهجوم بكل ما أوتوا من قوة.

وأفاد المشرف العام لمنظمة "البيدر" للدفاع عن حقوق البدو حسن مليحات لوكالة الأنباء الفلسطينية “وفا” أن المستوطنين اقتحموا الموقع تحت حماية قوات الاحتلال، وأحرقوا سيارة متوقفة أمام أحد المنازل.

وأكد شهود عيان أن الاعتداء جاء بعد أيام من تحركات استفزازية للمستوطنين في محيط التجمعات البدوية، شملت ترديد شعارات دينية وتهديدات مباشرة، في محاولة لفرض واقع جديد على الأرض.

وبالتزامن مع ذلك، دخل العدوان الإسرائيلي على مخيمي نور شمس وطولكرم شمال الضفة يومه الـ150، مع مواصلة الاحتلال عمليات الهدم وشن حملة اعتقالات في مدن عدة.

وقالت وكالة وفا: إن ما يجرى جزء من "مخطط أعلنت عنه سلطات الاحتلال في مايو/أيار 2025، يقضي بهدم 106 مبانٍ في كلا المخيمين، تشمل 58 مبنى في مخيم طولكرم وحده، وتضم أكثر من 250 وحدة سكنية، وعشرات المنشآت التجارية، بالإضافة إلى 48 مبنى في مخيم نور شمس.

وجاء ذلك بذريعة فتح طرق وتغيير المعالم الجغرافية، ما أدى إلى تهجير قسري لأكثر من 5 آلاف عائلة، تضم ما يزيد عن 25 ألف مواطن، وتدمير أكثر من 500 منزل تدميرا كليا، و2573 منزلا بشكل جزئي. حسب الوكالة.

وبدورها، قالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس): إن جرائم الاحتلال ومستوطنيه، وآخرها في كفر مالك، تستدعي تشكيل لجان حماية رسمية وشعبية عاجلة للتصدي لها، مشيدة بمقاومة الأهالي للهجوم.

وحثّت على ضرب المحتل وقطعان مستوطنيه بكل قوة في كل نقاط التماس بالضفة الغربية المحتلة، داعية السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية لأخذ دورها الطبيعي في حماية الشعب والإفراج الفوري عن المقاومين والمعتقلين السياسيين كافة لديها.

تغول متصاعد

ووفق معطيات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان (رسمية)، نفذ مستوطنون إسرائيليون 415 اعتداء في الضفة خلال مايو/أيار 2025.

وأوضحت الهيئة أن الاعتداءات توزعت بين هجمات مسلحة على قرى فلسطينية، وفرض وقائع على الأرض، وإعدامات ميدانية، وتخريب وتجريف أراض واقتلاع أشجار، والاستيلاء على ممتلكات، وإغلاقات، وحواجز تقطع أواصر الجغرافيا الفلسطينية.

ومنذ بدء العدوان على قطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، شهدت الضفة الغربية سلسلة من العمليات العسكرية الإسرائيلية استهدفت مدنها ومخيماتها، بالإضافة إلى استفزازات المستوطنين الإسرائيليين، أدت إلى استشهاد أكثر من 980 فلسطينيا وإصابة نحو 7 آلاف آخرين.

واعتمد الجيش الإسرائيلي في عملياته بالضفة الأساليب العسكرية ذاتها التي استخدمها في الحرب على غزة، إلى جانب تكتيكات من شأنها إلحاق أكبر قدر من الضرر بالبنية التحتية والمنازل والمنشآت.

ومن أبرز العمليات العسكرية التي نفذها الاحتلال بالضفة في أعقاب عدوانه على غزة، عملية المخيمات الصيفية التي شنها فجر 28 أغسطس/آب 2024، وشملت حصارا وهجوما على مدن جنين وطولكرم وطوباس وبلدات الشمال بهدف استهداف المقاومين.

ووصفتها إسرائيل بأنها الأوسع منذ عملية "السور الواقي" عام 2002، وشارك فيها لواء كفير (لواء للمشاة)، و4 كتائب تابعة لحرس الحدود ووحدات من المستعربين وقوات النخبة، ووحدات من الهندسة العسكرية.

وذلك بتنسيق مع جهاز الأمن العام (الشاباك) ودعم من سلاح الجو الإسرائيلي الذي دفع بمروحيات عسكرية ومقاتلات ومسيرات لتوفير غطاء للقوات البرية.

وردا على هذه العملية أعلنت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الفلسطينية (حماس) وسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، وكتائب شهداء الأقصى، عملية مشتركة سمتها "رعب المخيمات"، تضمنت عمليات إطلاق نار واشتباكات واستهداف آليات عسكرية.

وفي 21 يناير/شباط 2025 أطلق جيش الاحتلال عملية "السور الحديدي" في مخيم جنين للاجئين الفلسطينيين شمال الضفة (أكثر من 20 ألف نسمة)، وتلتها عملية أخرى تحت المسمى ذاته في مخيم طولكرم (15 ألف نسمة) أيضا في 27 من الشهر نفسه.

واقتحم الاحتلال مناطق محافظة طوباس الجنوبية، مستهدفا على وجه التحديد بلدة طمون (17 ألف نسمة) ومخيم الفارعة (7 آلاف نسمة) في 2 فبراير/شباط 2025.

وحملت العملية طابعا عسكريا من بدايتها؛ حيث استُخدمت عشرات الآليات العسكرية المجهزة تقنيا بأحدث الأسلحة وأدوات المراقبة، وناقلات الجند مختلفة النوع والحجم، والجرافات العسكرية "دي 9″ و"دي 10" المجنزرة وذوات العجلات.

ومطلع العام 2025، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه شن نحو 110 غارات جوية على الضفة ونفذ سلسلة من الاقتحامات والاعتقالات وتفجيرا جماعيا لعشرات المنازل وتسبب في نزوح مئات الفلسطينيين.

وندد ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي، بتصعيد الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على الضفة الغربية، واقتحام مستوطنين لقرية كفر مالك وتعمدهم إتلاف وتدمير ممتلكات الفلسطينيين، مؤكدين أن هذه الاعتداءات ضمن سياسة التهويد والاستيطان.

وعبر تغريداتهم وتدويناتهم على منصتي "إكس"، "فيسبوك" ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #كفر_مالك، #الضفة_الغربية، #طولكرم، #رام_الله، وغيرها، صبوا جام غضبهم على السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس، واتهموه بمحاربة المقاومة مما يسهل جرائم المستوطنين.

وندَّد ناشطون بتنفيذ المستوطنين هجومهم تحت حماية القوات الإسرائيلية، مشيدين بتصدي أهالي قرية كفر مالك لاقتحامهم وصمودهم وشجاعتهم في مواجهة العدوان الإسرائيلي المتصاعد، وتداولوا مقاطع فيديو وصورا لتوديعهم للشهداء مقدمين النعي والرثاء.

تنديد واستنكار

واستنكارا لتصعيد العدوان على الضفة وتنديدا بغض الطرف عن جرائم جيش الاحتلال، أشار السياسي الفلسطيني مصطفى البرغوثي إلى أن المستوطنين الإرهابيين قتلوا ثلاثة فلسطينيين أبرياء في كفر مالك.

وندَّد بأن جيش الاحتلال اغتال الطفل ريان حوشية في اليامون بجنين، وواصل مجازره في غزة والتي أودت بحياة مائة شهيد في 25 يونيو، بينما كثيرون من مدعي الحرص على حقوق الإنسان في الغرب يواصلون صمتهم الإجرامي.

وأكَّد الكاتب أحمد سليمان العمري، أن هذه الجريمة ليست سوى حلقة في سلسلة تطهير عرقي ممنهج، تُنفذ بغطاء دولي صامت؛ حيث تحوّل الضفة الغربية إلى ساحة مفتوحة لبلطجة المستوطنين، بينما يُقتل أطفال غزّة برصاص الجيش الإسرائيلي دون رادع. 

وقال: إن العالم يشهد جرائم الحرب هذه، ويُصدر «إدانات» جوفاء، بينما تُنتهك قرارات محكمة العدل الدولية، وتُمنع الإسعافات من الوصول للجرحى، وتُسرق الأراضي تحت سمع القانون الدولي وأبصاره.

وتساءل العمري: “هل يحتاج الضمير العالمي والعربي والإسلامي إلى مزيد من الدماء ليتحرّك؟ أم أن دم الفلسطيني صار أرخص من حبر التقارير الدولية؟”

وعد المغرد عمر، ما حدث في كفر مالك التي تقع على بعد 17 كم شمالي شرق رام الله مذبحة بما تعنيه الكلمة.

وتوقع المغرد علي أن ما حدث في قرية كفر مالك هو ما سيجرى للضفة في الأشهر القادمة وسيكون بشكل متزايد ووحشي أكثر مما يتخيل البعض.

إشادة ورثاء

وإشادة بتصدي الأهالي للعدوان وتقديما للنعي والرثاء للشهداء، أشارت جودة معدي، إلى أن كفر مالك خرجت عن بكرة أبيها تتصدى لهجوم المستوطنين الذين اعتقدوا أنهم قادرون على العربدة والاعتداء دون رادع.

ولفتت إلى أن المستوطنين فوجئوا بمواجهة شرسة من أهل القرية، صغارًا وكبارًا، الذين هبّوا للدفاع عن أرضهم وبيوتهم.

وقال يوسف أبو ضياء: "لشهدائنا الأبرار المجد والخلود وللكيان الصهيوني الفاشي المؤقت ولأعوانه كرازي  فلسطين الخاين محمود عباس وسلطته الساقطة الخزي والعار".

وعرضت أم الأيهم، مقطع فيديو يوثق وداعا غاضبا وحزينا للشهيد لطفي صبري، الذي ارتقى جراء عدوان المستوطنين وقوات الاحتلال على قرية كفر مالك، لافتة إلى أنه كان أسيرا ثم جريحا ثم شهيدا.

وأشارت المغرد هالة إلى أن "شباب كفر مالك تصدوا بصدورهم العارية لقطعان المستوطنين بعد هجومهم المستمر والمتواصل على البلدة".

وعرض خالد طايح صورا للشهداء الذين ارتقوا في كفر مالك، قائلا: "مش مسموح أبدا ننسى أنه المأساة مستمرة بإيد مستعمر بيعربد يوميا بأرضنا وبيخطف منا أعز ما نملك واللي هو أولادنا".

السلطة شريكة

وقال المحلل السياسي ياسين عزالدين: إن الوضع العام في الضفة تدهور أضعافا مضاعفة منذ بدأت السلطة حملتها على مخيم جنين.

وأشار إلى أن السلطة تحاول إيهام الناس أن التدهور نتيجة الحرب على إيران، لكن هذه المواجهة انتهت والوضع أصبح أسوأ في اليومين الأخيرين.

ولفت إلى أن التدهور المتزايد في الضفة هو النتيجة الطبيعية لسياسة الانبطاح ومحاربة السلطة للمقاومة.

وأضاف عز الدين: “حاربوا المقاومة بحجة سحب الذرائع والحفاظ على الضفة فإذا الاحتلال يستغلها للمزيد من العدوان”.

وأكد أنه لا مناص من مواجهة الاحتلال بكل قوة وعدم الانخداع بكلام السلطة ودجلها. وفق تعبيره.

وكتبت الكاتبة ماجدة محفوظ: “من رام الله.. من يقتل الاحتلال الإسرائيلي ومن يتخابر معه هو ما يقال عنه الأمن الفلسطيني، ومن يدفع الدماء، شهداء كفر مالك الثلاثة”.

وهاجم أحد المغردين، السلطة الفلسطينية واستنكر ملاحقتها للمقاومين، قائلا: إنها "اشتغلت منيح على ملاحقة النشطاء وحلّ لجان حراسة القرى".

وقالت المغردة تغريد: "الضفة تُقتل بِصمت.. شُهداء بِشكل شبه يومي بِلا قلمٍ ناطِق واسِعَ المَدى، ولا عدسةٍ تَشهدُ على ما يحدُث!!".

وعرضت مقطع فيديو يوثق اللحظات الأولى لهجوم المستوطنين في  كفر مالك رام الله واستشهاد ثلاثة  شبان.

وتساءلت صفاء بركات عمن يوقف حقدا أسود للمستوطنين الذي يعربدون تحت حماية جيش كيانهم بإحرامهم في قرى الضفة الغربية.

وأشارت إلى أن المستوطنين انتقلوا بعد هجومهم على قرية كفر مالك شمال رام الله وتعديهم على أهلها، إلى قرية الطيبة في نفس المحافظة يعربدون ويحرقون الممتلكات هناك.

وعلق نادر حلوة على بيان الصحة الفلسطينية الذي أعلنت فيها عن عدد الشهداء والجرحى نتيجة عدوان المستوطنين على قرية كفر مالك، قائلا: "هنا الضفة الغربية حيث محمود عباس وسلطته، وليست غزة حيث المقاومة".

وتساءل: "هل سلم الفلسطينيون من بطش الاحتلال، وإجرام قطعان المستوطنين المتوحشة".

وتهكم أحمد عز العرب، على رئيس السلطة الفلسطينية، قائلا: "عباس لا يسمع ولا يرى ما يدور خارج مكتبه ولا يشاهد التلفزيون ولا يسمع أصوات الرصاص والمجنزرات الإسرائيلية التى تلتهم أراضي الضفة الغربية كل ساعة ليبتلعها المستوطنون الغزاة فى حماية جيش إسرائيل".