قتلوهم جوعى.. ناشطون يحمّلون ويتكوف وترامب مسؤولية مجزرة رفح

آلاف المواطنين توجهوا إلى نقطة المساعدات في حي تل السلطان في رفح
استكمالا للمجازر الدامية المروعة والبشعة التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين العزّل المجوعين الباحثين عن المساعدات في قطاع غزة، أطلقت قواته النار مباشرة على مجموعة من الشبان الفلسطينيين بالقرب من موقع توزيع مساعدات أميركية غرب رفح.
وخلفت مجزرة الاحتلال التي ارتكبها مطلع يونيو/حزيران 2025، عشرات الشهداء والمصابين من طالبي المساعدات؛ حيث استشهد أكثر من 30 فلسطينيا، وأصيب ما لا يقل عن 200 آخرين.
وأفادت جهات إعلامية بأن آلاف المواطنين توجّهوا إلى نقطة المساعدات التي يديرها الاحتلال والمرتزقة الأميركان في حي تل السلطان في رفح، وسرعان ما أطلقت طائرات كواد كابتر النار تجاههم قبل أن يجرى استهدافهم بقذائف مدفعية ما أدى إلى مئات الشهداء والجرحى.
ونقلت عن شهود عيان قولهم: إن إطلاق النار جرى من قبل آليات إسرائيلية متمركزة بمحيط الموقع، إضافة إلى إلقاء قنابل من طائرات مسيرة إسرائيلية، ما أسفر عن وقوع العشرات بين شهيد وجريح.
وأشاروا إلى أن إطلاق النار تسبَّب في حالة من الفوضى والهلع بين الفلسطينيين الذين توجهوا لتسلم المساعدات بناء على إعلان الشركة الأميركية. في إشارة إلى مؤسسة غزة الإنسانية المسؤول عن توزيع المساعدات.
وبدوره، أعلن المكتب الإعلامي الحكومي بغزة في بيان استشهاد 32 فلسطينيا وإصابة أكثر من 250 آخرين، بينهم عشرات الحالات الخطيرة، في مدينة رفح ووسط القطاع.
ولم تمضِ سوى لحظات على هذه المجزرة، حتى حاول جيش الاحتلال ارتكاب مجزرة أخرى قرب محور نتساريم وسط القطاع، ما أدى إلى استشهاد فلسطيني وسقوط عدد من الجرحى بعد إطلاق النار على شبان آخرين في أثناء وجودهم قرب موقع مساعدات أميركية.
وصعّد الاحتلال مجازره عقب تسليم حركة المقاومة الإسلامية حماس ردّها على المقترح الأميركي المعدل إسرائيليا الذي قدمه المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيفن ويتكوف، والذي وصفه الأخير بغير المقبول، وطالبها بالموافقة عليه كأساس لمحادثات تقارب.
ورغم تأكيد حماس على لسان عضو مكتبها السياسي باسم نعيم، أنها توافقت مع ويتكوف بداية الأسبوع الماضي على مقترح مقبول للتفاوض، إلا أنه جاء برد لا يلبي الحد الأدنى من متطلبات الشعب الفلسطيني.
وفي الأثناء، أوعز رئيس أركان جيش الاحتلال إيال زامير، بتوسيع العملية العسكرية في القطاع، بحيث تشمل مناطق إضافية في شماله وجنوبه، ضمن حرب الإبادة المستمرة للشهر الـ20، زاعما أن الهدف خلق الظروف المناسبة لإعادة المختطفين، وحسم حماس".
وصب ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي جام غضبهم على الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ومبعوثه للشرق الأوسط، واتهموهم بالوقوف خلف المجزرة التي ارتكبها الاحتلال في منطقة توزيع المساعدات برفح، مستنكرين تعمد الاحتلال استهداف المجوعين طالبي المساعدات الإغاثية.
وأطلقوا على المجزرة التي ارتكبها الاحتلال في رفح اسم "مجزرة ويتكوف" منددين عبر تغريداتهم وتدويناتهم على منصتي “إكس” و"فيسبوك"، ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #مجزرة_ويتكوف #مجزرة_المساعدات #WittkoffMassacre، وغيرها، بالرعاية الأميركية للاحتلال الإسرائيلي.
وأكد ناشطون أن ويتكوف وأميركا لا يصلحان كوسطاء لأنهم شركاء في الحرب بالفعل، مشيرين إلى أن واشنطن هي من تسلح الاحتلال وتدعمه وتسانده وتوجهه وتدافع عنه وتلمعه وتتفاوض وتضغط وتهدد وتتوعد نيابة عنه، وهي المسؤول الأول عن المجازر والإبادة والتجويع.
هندسة الإبادة
وتحت عنوان "ويتكوف ومجزرة الغطاء الإنساني"، أكد وسام عفيفي أن مجزرة مراكز الموت الأميركية، في رفح ونيتساريم، ليست حدثا منفصلا، بل نتيجة مباشرة لسياسة "هندسة الإبادة" بغطاء إنساني التي تتبناها واشنطن وتُنفذها تل أبيب.
وقال: إن مبعوث ترامب لم يأتِ لفرض وقف إطلاق نار بقدر ما جاء لإخضاع الفلسطينيين لصيغة تخدم أمن الاحتلال، مضيفا أن تجاهله التام للجريمة، وموقفه الأخير المنحاز في مقترح التهدئة، يكشف أن الدور الأميركي لم يعد وسيطا، بل أصبح جزءًا من المعركة.
ورأت لمار البلوشية، أن ما جرى في رفح ليس مجرد جريمة، بل فصلا جديدا من الإبادة العلنية، قائلة: إن المساعدات لم تكن نجدة بل شركا محكما صممه ويتكوف ونفذه نتنياهو تحت عباءة "العمل الإنساني".
وأضافت أن "الجائعين لم يزحفوا نحو الطعام، بل سِيقوا إلى المذبحة، هذه ليست مأساة بل رسالة دموية تقول لا نجاة لكم حتى لو جعتم".
وأشار مؤسس ورئيس المرصد الأورومتوسطي رامي عبده، إلى أن الجيش الإسرائيلي قدّم خمس روايات متضاربة في محاولة فاشلة لنفي مسؤوليته عن مجزرة ويتكوف التي وقعت قرب مركز توزيع المساعدات الأميركي الإسرائيلي في رفح.
ولفت إلى أن الاحتلال ادعى بداية أنه لم يحدث أي شيء على الإطلاق، ثم عاد وقال: إن حدثا وقع، لكنه لم يكن قرب مركز التوزيع، ولا علاقة للجيش به، ونشر مقطعا يُظهر توزيع مساعدات كالمعتاد.
وأضاف عبده، أن الاحتلال بعد ذلك، أقر بحدوث إطلاق نار من جنوده، لكن "في الهواء فقط"، ثم زعم أنه لم تقع أي إصابات، إلا أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر أعلنت لاحقا أن مستشفاها الميداني في رفح استقبل 21 قتيلا.
وأوضح أن في النهاية نشر الجيش الإسرائيلي فيديو وُصف بالفضيحة، حاول فيه الإيحاء بأن من أطلق النار هم مسلحون من حماس، وتبيّن أنه لعصابات مدعومة من إسرائيل وفي منطقة مختلفة تماما عن الحادثة، واصفا إسرائيل بأنها "كيان قام على الكذب، وتكذب كما تتنفس".
مبعوث الإرهاب
وهجوما على مبعوث الرئيس الأميركي للشرق الأوسط، قال حسام فاروق: إن ستيف ويتكوف يقدم مقترحات لتسلم الرهائن الإسرائيليين ويضع ذلك في إطار مسمّى "مفاوضات"، بينما حركة حماس تتفاوض لإنهاء الحرب وخروج إسرائيل من قطاع غزة.
وأضاف أن نتنياهو لا يريد التفاوض ولا يريد الرهائن، فقط يريد إعادة احتلال غزة وكذلك تهويد الضفة الغربية والقدس ومنع إقامة دولة فلسطينية، مؤكدا أن المسافة كبيرة بين الفريقين في الميدان وبين الفريقين والوسطاء.
وأشار فاروق إلى أن المشهد العام في قطاع غزة بات مُوجِعا لكل عين ترى وأذن تسمع وضمير حي.
ووصف أحمد سيدان ويتكوف بأنه "مبعوث الولايات الراعية للإرهاب العالمي الذي جلب اتفاقا على مقاس الكيان، وهو يعلم مسبقا رد حماس".
وأشار إلى أن المجزرة حدثت غرب رفح حيث تزاحم الجوعى على الطحين في نقطة مكتظة، ولم يكن في أيديهم شيء سوى أكياس لحمل الدقيق وأحلام بسيطة بأن يكفيهم الرغيف يوما واحدا.
واستنكر سيدان أن رصاص الاحتلال لم يسألهم من أنتم؟ ولم يمنحهم حتى فرصة الوقوف في طابور الحياة، فأُطلق وابلا من الرصاص عليهم، ليسقط منهم من كان يسعى فقط إلى لقمة.
وأكد حاتم أحمد الجوهري أن المجزرة اليوم أثناء توزيع المساعدات هي برسم ستيف ويتكوف الذي يتبنى نتنياهو ويعمل على إنقاذه بدعم حرب الإبادة والتجويع التي يشنها على غزة.
وقال: "هذه هي المساعدات التي قال ويتكوف إنه يريد استخدامها للابتزاز السياسي للحصول على معلومات حول أسرى الاحتلال، تماما كما يستخدم التجويع لأغراض تفاوضية، وهذا هو الإرهاب بعينه".
وأضاف الجوهري: "مجزرة جديدة بين يدي #آلية_الموت لتقديم المساعدات التي أصر عليها ويتكوف ونتنياهو والتي تؤكد وهم قدرة العدو على احتلال غزة واستقرار قواته فيها، وهو الخائف المرعوب من عُزّل ومجوعين ولكنهم أحرار".
وتابع: "العجز العربي هو قرار رسمي عربي لهزيمة غزة وكسر إرادة أهلها، وهو مختلق ومصطنع".
ووصفت زهرة المدائن المبعوث الأميركي ورئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنهما "مهندسا مصائد الموت تحت ما يسمى مراكز المساعدات".
أميركا شريكة
وأكد المغرد أحمد أحمد أن أميركا شريكة إسرائيل في المجزرة التي ارتكبها الجيش الصهيوني قرب نقطة التوزيع، وأن ويتكوف وسيط متحيز لإسرائيل وكذاب وبارع في الكذب مثل نتنياهو.
وقال: إن العالم كله أصبح يعرف حقيقة أن أميركا وإسرائيل شريكان في إبادة أهل غزة. مؤكدا أن توزيع المساعدات تحت إشراف القتلة الإباديين غير قانوني ولا أخلاقي.
وأكد أحمد سالم أن أهل غزة لا يموتون بسبب أفعال النتنياهو وحكومته المتطرفة وحدهم، بل بمشاركة من ترامب وحكومته بدعمهم المادي والسياسي لمجرمي الإبادة، داعيا العرب أن يصرخوا في وجه السياسة الأميركية المنحازة ويرفضوها.
وقالت وداد دانا: "كانت أميركا تقتلنا بيد الإسرائيلي.. أما الآن فهي تقتلنا مع الإسرائيلي بيد واحدة وبنفس السلاح ونفس الأرض، والدليل ما حدث اليوم في مجزرة ما يسمى بالمساعدات الأميركية غرب رفح".
وقال الكاتب رفيق عبد السلام: إن ويتكوف حاور وفاوض وناور، ليخرج من جيبه في نهاية المطاف نسخة اتفاق بقلم نتنياهو.
وأضاف: "كل مرة نكتشف ونعيد اكتشاف أن أميركا هي إسرائيل وإسرائيل هي أميركا، وهذا يعني أن إسرائيل مجرد قاعدة أميركية متقدمة في الشرق الأوسط، مغلفة بصهيونية توراتية بلسان عبري خلافا لصهيونية البيت الأبيض الناطقة بلسان إنجليزي".
وأكد فاضلي الخميس أن الولايات المتحدة بترسانتها العسكرية وقراراتها السياسية المتعمدة، تمارس إبادة جماعية ممنهجة، مدفوعةً بهوس الهيمنة الإمبريالية، في تحدٍ صارخ للضمير الإنساني ومبادئ العدالة.
تأييد حماس
ودفاعا عن موقف حماس وتأييدا لموقفها الرافض لمقترح ويتكوف، أوضح الكاتب عماد أبوالروس، أن حماس والفصائل أصروا على آلية إدخال المساعدات وفقا للآليات السابقة؛ لأنهم يدركون أن آلية المساعدات الأميركية الإسرائيلية ستكون ملطخة بالدم، مشيرا إلى أن الطعام غمس بالدم الأحمر في رفح ونتساريم.
وقال محمود هنية: إن الأخضر قدم تنازلات حقيقية في رده على ويتكوف، وتنازل عن اليوم التالي؛ وطالب بحكومة تكنوقراط، وعن أعداد الأسرى؛ وقدم رغيف الناس على حريتهم، وعن مطلب الوقف الدائم للحرب، وعن الضمانات الكبيرة وقبل بأقلها.
وأضاف أن الأخضر تنازل عن أشياء كثيرة لقاء ألا تحدث مجزرة اليوم؛ لأجل أن يضمن ألا يحدث ما حدث في مجزرة الشركة الأميركية.
وتساءل هنية: "من قتل المجوعين، من صور عملية إعدامهم، من أبادهم بطريقة جماعية؛ من صوّب الرصاص على رؤوسهم، رفض كل ذلك، وأصرّ على هدنة لا تضمن رغيفا آمنا كريما لشعبنا".
وأضاف: لهذا أعاد إليهم الأخضر ورقتهم، وقال لهم: خبز الناس وأمنهم وأمانهم ومأوى سكني بديل يؤمن وجودهم؛ وعودتهم لمناطقهم التي نزحوا منها أولويات لن نتراجع عنها".
وكتب أبو آدم: "حذرت المقاومة أهل غزة من مخاطر الخطة الأميركية لتوزيع المساعدات التي أدت لمجزرة ويتكوف، فانبرت ضد هذه التحذيرات أصوات النشاز من كلاب دحلان وشظايا سلطة عباس واتهمت المقاومة بأنها تسهم في تجويع الناس.. أضحى الآن برقبتكم دماء ما يقارب من 40 شهيدا، فهنيئاً لكم يا تُجار الدم".
واستنكر إياد هجري أن الجميع يريد من حماس التوقيع على تهجير الشعب الفلسطيني، ولا أحد يريد منها إفشال التهجير.
وتساءل: “أيّ غباء وصلنا إليه! هل استسلام حماس هو الحل؟” قائلا: "ربما يكون حلا لو لم تكن لدى إسرائيل خطة لتنفيذ التهجير وفق رؤية ترامب التي تحولت إلى مشروع، لكن في ظل هذا الواقع، وفي ظل هذا الحال، لا خيار سوى الرفض. الثمن كبير، لكن ثمن الاستسلام أكبر بكثير".
خذلان وتواطؤ
واستنكر ناشطون على الأنظمة العربية الحاكمة صمتها أمام التصعيد الإسرائيلي على غزة، وخذلانها الفلسطينيين ومشاهدتهم لهم يستدرجون إلى أماكن توزيع المساعدات ومن ثم إبادتهم، معربين عن غضبهم من تنفيذ الاحتلال لمجازره على مرأى ومسمع من العالم أجمع.