"خطوة خطيرة".. ما تداعيات إنشاء نتنياهو جهاز استخبارات "ملاكي"؟

“رئيس الهيئة الجديدة وموظفيها سيقدمون تقييمات تتماشى مع أجندة رئيس الوزراء”
في مظهر جديد من مظاهر الانقسام بين المؤسستين السياسية العسكرية في إسرائيل، وافقت اللجنة الوزارية للشؤون التشريعية، على مشروع قانون قدمه عدد من أعضاء الائتلاف، يهدف إلى إنشاء دائرة استخبارات مستقلة تعمل بشكل مواز لشعبة الاستخبارات العسكرية في جيش الاحتلال.
وسلط موقع "زمان" العبري الضوء على تلك الدائرة الجديدة وعن أسباب نشأتها وأهدافها المرجوة، وعن دورها المتوقع خلال الفترة المقبلة.
كما أوضح علاقتها برئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، وبمسار عملها مع الأجهزة الأمنية والاستخباراتية الأخرى، مبينا حدود صلاحيتها المنتظرة، ومحذرا من تأثير ذلك التطور على مستقبل واستقرار الكيان حيث وصف تلك الخطوة بـ"الأمر الخطير".
وتطرق الموقع كذلك إلى الحديث عن تاريخ التعامل والتعاون بين مجتمع الاستخبارات الإسرائيلي ورؤساء الوزراء السابقين، خلال العقود الماضية.
دافع سياسي
هذه الهيئة، بحسب الموقع، "سيتم إنشاؤها لتقديم تقييمات استخباراتية بديلة قبل اتخاذ أي قرار".
ويرى أن إنشاء تلك الهيئة خطوة سياسية بالأساس، قائلا: "لا يستند هذا الاقتراح إلى عمل طاقم منظم ولا إلى استنتاجات لجنة تحقيق رسمية، بل جاء بدافع سياسي لإرضاء رئيس الوزراء، الذي لا يتمتع بعلاقات جيدة مع المنظومة الأمنية، وخاصة مجتمع الاستخبارات".
وأشار إلى أن تلك الهيئة "ستكون خاضعة مباشرة لرئيس الوزراء، وسيتم تعيين رئيسها من قبله دون ترشيحات أو تدخل من أي جهة أخرى، وسيكون موظفوها من أولئك الذين لم يكونوا جزءا من مجتمع الاستخبارات في السنوات الأخيرة".
وستتمتع الهيئة بصلاحيات واسعة، "حيث يحق لها طلب أي معلومات تحتاجها لمساعدتها في عملها من مجتمع الاستخبارات والجيش الإسرائيلي ووزارة الدفاع، أو أي جهة أخرى".
وحول الأهداف من وراء تلك الخطوة قال: "ظاهريا، يبدو أن هذا الاقتراح يهدف إلى مساعدة رئيس الوزراء في تعامله مع مجتمع الاستخبارات والأمن، لكن في ظل العلاقات السيئة بين نتنياهو والمؤسسة الأمنية، وانعدام الثقة الذي يعبر عنه تجاهها، من الصعب افتراض أن هدف الاقتراح هو فعلا تحسين عمليات اتخاذ القرار لرئيس الوزراء".
وعزا دوافع نتنياهو وراء إنشاء الهيئة الجديدة إلى "سعيه لتعزيز موقفه وتجاهل مجتمع الاستخبارات، وربما لاحقا تجاهل الجيش، بحيث سيكون بإمكانه فعل ما يراه مناسبا".
وستوفر الهيئة الجديدة -التي من المحتمل أن تكون ذات ميول سياسية تدعم رئيس الوزراء- دعما (مهنيا وفنيا) لذلك".
وتابع: "يمكن الافتراض أيضا أن رئيس الهيئة وموظفيها سيقدمون تقييمات تتماشى مع أجندة رئيس الوزراء"، مما يترتب عليه "انتفاء الحاجة إلى الهيئات المهنية لمجتمع الاستخبارات في تقديم التقييمات المهنية لرئيس الوزراء وللكابينت".
وقد سبق أن كان هناك منصب مستشار رئيس الوزراء للاستخبارات.
وذكر الموقع أنه "بعد حرب أكتوبر/ تشرين الأول 1973، أوصت لجنة التحقيق الرسمية الإسرائيلية (لجنة غرانت) التي تم إنشاؤها للتحقيق في الإخفاقات العسكرية والاستخباراتية، بإنشاء وظيفة تساعد رئيس الوزراء والكابينت في التعامل مع أجهزة الاستخبارات من خلال عمل إداري منظم، وتقديم تقييمات موحدة له بناء على التقييمات الصادرة عن مختلف أجهزة الاستخبارات".
واستطرد: "وبالفعل، بين الأعوام 1975-1977، شغل الرئيس السابق لجهاز الأمن القومي، اللواء يهوشافات هاركابي، منصب مستشار رئيس الوزراء للاستخبارات لرئيسي الوزراء إسحاق رابين ومناحيم بيغن".
وأضاف: "كان هاركابي شخصية تحظى باحترام كبير، لكنه استقال من منصبه لأنه لم يتلق تعاونا من مجتمع الاستخبارات، ونادرا ما استشاره رؤساء الوزراء واستمعوا إلى تقييماته، ومنذ ذلك الحين لم يتم شغل هذا المنصب المهم".
تقييمات منحازة
وحذر الموقع مجددا من أن "إنشاء الهيئة الجديدة، سيؤدي إلى وجود نظام استخباراتي مخصص لتقديم تقييمات تهدف إلى إرضاء الحكومة، مما يُعد خطوة خطيرة".
ويُذكّر بما حدث سابقا "في الولايات المتحدة قبل غزو العراق عام 2003، عندما تم إنشاء هيئة استخباراتية خاصة داخل وزارة الدفاع برئاسة نائب وزير الدفاع دوجلاس فيث".
إذ "عمدت هذه الهيئة إلى تقديم تقييمات استخباراتية منحازة للرئيس الأميركي جورج بوش، مفادها أن العراق يمتلك أسلحة دمار شامل تهدد الولايات المتحدة والعالم"، يقول الموقع.
وأضاف: "كانت هذه التقييمات مطابقة لما ترغب فيه إدارة بوش، لتبرير قراره بغزو العراق، وذلك على عكس التقييمات التي قدمتها الجهات المهنية في وكالة الاستخبارات المركزية (CIA)".
وأردف: "وبالنظر إلى الماضي، يتبين أن زعيم العراق الراحل صدام حسين لم يكن لديه مثل هذا السلاح، وأن الغزو الأميركي لم يكن له سببا حقيقيا، وبات يعتقد الكثيرون في الولايات المتحدة أن غزو العراق كان أغبى قرار حرب في تاريخ الولايات المتحدة".
واستنادا إلى الواقع الحالي الداخلي لإسرائيل والسوابق التاريخية، يعتقد الموقع أنه "من الناحية العملية سيكون دور جهاز الاستخبارات الجديد التابع لرئيس الوزراء، مساعدة الحكومة على تعزيز سياساتها".
وشدد على أنه "ليست هذه هي الطريقة التي تعمل بها المخابرات في النظام الديمقراطي الذي يساعد الحكومة على اتخاذ قرارات أفضل، بل ستكون هذه الهيئة بمثابة جهاز دعم القرار في نظام دكتاتوري، تساعد الحكومة ورئيسها على تنفيذ قراراتها من خلال تقييمات متحيزة وغير مهنية".
واستطرد: "ما سيحدث فعليا هو أن جهاز المخابرات الجديد سيدار كجسم سياسي، حيث لن تكون التعيينات والترقية والإدارة اليومية مستقلة، وسيكون مسؤولوه مطيعين تماما لكل ما يمليه المستوى السياسي".
وختم الموقع تقريره محذرا: "وهكذا فإننا نتقدم بسرعة إلى مرحلة أخرى، في تراجع الديمقراطية تحت قيادة نتنياهو".