هل تُدفع تركيا "عن قصد" إلى الحرب ضد إسرائيل؟.. كاتب قريب من أردوغان يجيب

منذ ٦ ساعات

12

طباعة

مشاركة

مع تصاعد التكهنات عن قرب وقوع مواجهة مباشرة بين تركيا والكيان الإسرائيلي، نشرت صحيفة “حرييت” التركية مقالا للكاتب "عبد القادر سيلفي"، ذكر فيه أن هناك سؤالا بارزا يجب طرحه في الوقت الراهن.

وهو “هل تُدفع تركيا عمدا وعن قصد إلى صراع مباشر مع إسرائيل؟ ليجيب الكاتب المعروف بقربه من الرئيس رجب طيب أردوغان بالقول: ”ثمة فخ يُنصب بعناية، والواجب يحتم التنبيه حتى لا تقع تركيا فيه".

أصوات مشبوهة

وذكر الكاتب التركي أنه من اللافت أن بعض الأصوات الخارجية لا تخفي رغبتها في جرّ تركيا إلى هذا المستنقع. 

وأحد هؤلاء هو مايكل روبن، المعروف بعدائه الشديد لتركيا وللرئيس أردوغان. 

وروبن كان من أبرز الداعين لإزاحة أردوغان عبر انقلاب قبل محاولة 15 تموز/يوليو 2016، بل ويُذكر اسمه ضمن من كانوا خلف ذلك الانقلاب الفاشل. 

ففي مقال له على صفحات منتدى الشرق الأوسط، كتب روبن أن الوجهة التالية بعد ضرب قطر قد تكون تركيا نفسها. 

ولم يتوقف الأمر عنده؛ إذ بادر "سنان جدّي" إلى مشاركة مقاله على منصات التواصل الاجتماعي، ثم نشر بدوره مقالا مشابها في صحيفة هآرتس الإسرائيلية. 

حيث اتّهم "جدّي" تركيا بتوفير بنية تحتية لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، وطرح تساؤلا خطيرا: "من يضمن أن إسرائيل لن تستهدف عملاء الحركة داخل تركيا؟"

وأضاف أن المثير للانتباه هنا هو أن روبن وجدّي يظهران على منابر إعلامية متشابهة؛ حيث يتبادلان مقالات بعضهما البعض، ويقودان حملات إعلامية تسير في الاتجاه ذاته. 

لكنّ الأخطر من ذلك أن عناصر تنظيم “غولن” الفارّين يستخدمون كتاباتهم كأدوات لتضليل الرأي العام، في حين تتقاطع هذه التحركات مع أجندات أجهزة استخباراتية كالموساد الإسرائيلي.

وعلق الكاتب التركي على أن ما يحدث ليس مجرد تباين في الآراء، بل عملية ممنهجة تستهدف دفع تركيا إلى صدام مباشر مع إسرائيل. 

لذلك، علينا أن نقرأ هذه الإشارات جيداً، وألا نسمح بجرّ البلاد إلى حرب ليست من صنعنا، بل من تدبير من يريدون إضعاف تركيا واستنزافها.

تركيا الهدف المقبل

ومنذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تواصل إسرائيل استهداف دول عدة في المنطقة، والمؤشرات على ذلك واضحة: تركيا واحدة من الأهداف المقبلة.

لكن في الوقت الذي يسعى فيه البعض لدفع أنقرة نحو مواجهة مباشرة، لا بد من التوقف والتأمل قبل الانجرار إلى فخ مرسوم بعناية.

وأشار الكاتب التركي إلى أن تركيا، بخلاف كثير من الدول، لا تنتظر حتى تُضرب لتردّ، بل تبادر إذا شعرت بتهديد حقيقي. 

فهي قوة صاعدة في الإقليم وعلى الساحة الدولية، بينما إسرائيل قوة في تراجع. لذلك، فإن استمرار تركيا في مسارها التصاعدي ضرورة إستراتيجية.

وأضاف: يكفي أن نتذكر حافظ الأسد، الذي استعمل منظمة حزب العمال الكردستاني كأداة لإضعاف تركيا، ثم خلفه بشار الأسد الذي تبنّى سياسة عدائية تجاه أنقرة. 

لكنّ النتيجة في النهاية كانت سقوط نظام الأسد بدعم تركي. وهذا درس يوضح أنّ محاولات استنزاف تركيا غالباً ما تنقلب على أصحابها.

واليوم، التنافس التركي ـ الإسرائيلي في الساحة السورية حقيقة، لكن الكفة هناك تميل بوضوح لصالح أنقرة. 

وإذا كان لا مفر من الحرب، فإن تركيا هي التي تختار زمانها ومكانها وظروفها، لا إسرائيل. فإنّ الدخول في حرب وفق شروط الخصم انتحار إستراتيجي، وهو ما تدركه أنقرة جيداً.

وتركيا لا تحتاج الآن إلى مواجهة عسكرية مفتوحة، بل إلى تعزيز حضورها في سوريا والعراق ولبنان، حيث تملك فرصاً تاريخية غير مسبوقة. 

فأمن أنقرة يبدأ من بيروت ودمشق وبغداد، لا من العاصمة التركية فقط.

وأردف الكاتب: يجب أن نتذكر الفخ الذي نُصب لتركيا عبر دفعها نحو مواجهة مع روسيا: بإسقاط الطائرة الروسية، واغتيال السفير الروسي في أنقرة، ومحاولات إشعال أزمة كبرى. لكنّ حكمة القيادة بين أنقرة وموسكو حالت دون حرب كارثية.

اليوم الفخ ذاته يُرسم من جديد، لكن هذه المرة باتجاه إسرائيل، عبر أدوات مثل الموساد وتنظيم غولن، وكل ذلك في إطار حرب نفسية تستهدف استدراج تركيا.

بين فخ الحرب ومأزق قسد

وشدد الكاتب القريب من أردوغان على أن تركيا تجد نفسها اليوم في قلب مرحلة معقدة تتشابك فيها التهديدات والأطماع. 

فمن جهة، هناك محاولات واضحة لجرّها إلى مواجهة مباشرة مع إسرائيل، ومن جهة أخرى برزت عقدة لا تقل خطورة: ملف قوّات سوريا الديمقراطية (قسد).

فرغم التفاهمات السابقة، ما زالت قسد ترفض الاندماج في مؤسسات الدولة السورية، وهو ما يفتح الباب أمام استغلالها من قبل إسرائيل الساعية إلى تقسيم سوريا وإعادة رسم خرائط المنطقة. 

وتدرك أنقرة هذه المخاطر جيدا، لذلك تتحرك بدقة وحذر؛ فهي تمارس ضغوطا دبلوماسية متواصلة، وتُبقي خيار التدخل العسكري حاضراً على الطاولة.

في الوقت نفسه، تؤكد تركيا أن على عبد الله أوجلان أن يتحمل مسؤوليته التاريخية في هذا الملف؛ لأن الساعة الرملية بدأت تنفد، وأي محاولة من قسد لتعطيل مسار «تركيا بلا إرهاب» لن يُسمح لها بالنجاح.

والمشهد الراهن يضع تركيا أمام فخاخ متزامنة: فخ الحرب مع إسرائيل، وفخ زعزعة أمنها القومي عبر قسد، لكن المبدأ الذي تنطلق منه أنقرة ثابت: "أعظم الانتصارات هي التي تتحقق بلا حرب".

وإذا فُرضت الحرب يوماً، فلن تكون إلا بشروط تركيا، وفي التوقيت الذي تحدده هي. 

والأكيد أن أنقرة لا تشبه غيرها من الدول: فهي لا تدخل حربا لتخرج منها بلا مكاسب، بل لتصل إلى أهدافها الكبرى، وعلى رأسها القدس.