جوشوا هاريس.. دبلوماسي أميركي يشرف على الانسحاب من العراق في وقت حساس

يوسف العلي | منذ ١١ ساعة

12

طباعة

مشاركة

كلفت وزارة الخارجية الأميركية شخصية جديدة لتولي مهمة القائم بأعمال سفارتها في بغداد وذلك في وقت حساس بدأت فيه الولايات المتحدة بسحب قواتها من العراق، إضافة إلى ضغطها المستمر على الحكومة العراقية من أجل تفكيك الحشد الشعبي وتقليص نفوذ إيران.

وأعلنت واشنطن في 25 أغسطس/ آب 2025 تعيين جوشوا هاريس خلفا للقائم بالأعمال الأميركي في العراق ستيفن فاجن بعد ثلاثة أشهر مثيرة، عُرف خلالها الأخير بنقل الرسائل والتحذيرات إلى القادة السياسيين بخصوص رفض بلاده إقرار قانون الحشد الشعبي بالبرلمان.

ويقضي مشروع القانون بعَدّ الحشد الشعبي جزءا من القوات النظامية العراقية، ويرتبط مباشرة بالقائد العام، وهو ما ترفضه واشنطن؛ لأن “من شأنه أن يُرسخ النفوذ الإيراني والجماعات المسلحة، مما يقوّض سيادة العراق”.

وكان فاجن قد تسلم منصبه في السفارة الأميركية ببغداد في 28 مايو/أيار، وذلك بعد أشهر عدّة من شغور المنصب وتأخر تسمية الولايات المتحدة سفيرا جديدا بدلا من إلينا رومانوسكي السفيرة السابقة فوق العادة، التي غادرت منصبها منذ نهاية العام 2024.

دبلوماسي مخضرم

وجاء تعيين جوشوا هاريس بعدما كان يشغل منصب نائب مساعد وزير الخارجية الأميركية في مكتب شؤون الشرق الأدنى لمدة 3 أعوام.

"هاريس" الذي يقدر أنه في العقد الخمسين من العمر، لا تتوفر معلومات عن حياته الشخصية، سوى ما نشرته الخارجية الأميركية عن تخصصه الدراسي.

وذكر الموقع الإلكتروني للوزارة أن هاريس خريج كلية "إدموند أ. والش" للخدمة الخارجية بجامعة جورج تاون، وكذلك تخرج في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، ويتحدث العربية والكرواتية والفرنسية والإيطالية والبولندية.

شغل في السابق منصب مدير السياسات للمبعوث الرئاسي الخاص للتحالف العالمي لهزيمة تنظيم الدولة، ومدير شؤون العراق في مجلس الأمن القومي، وهو عضو مخضرم في السلك الدبلوماسي رفيع المستوى.

وذكر موقع الخارجية أن هاريس كان مسؤولا عن ملفات عدة دول من بينها الجزائر ومصر وليبيا والمغرب وتونس.

شغل منصب مدير شؤون شمال إفريقيا في مجلس الأمن القومي بين عامي 2021 و2022، حيث نسق تطوير وتنفيذ السياسات الأميركية تجاه منطقة المغرب العربي.

وشغل هاريس منصب نائب رئيس البعثة، والقائم بالأعمال بشكل متكرر في السفارة الأميركية في طرابلس الليبية، والمكتب الخارجي الليبي في تونس من 2019 إلى عام 2021.

وفي السابق تولى الدبلوماسي الأميركي منصب نائب مساعد وزير الخارجية بالإنابة ومدير مكتب شؤون المغرب العربي في مكتب شؤون الشرق الأدنى التابع للوزارة. وشملت مهامه الخارجية الأخرى سلوفينيا والعراق وليبيا وكرواتيا.

مواقف سابقة

برزت تصريحات عدة عبر فيها هاريس عن موقفه تجاه قضايا مختلفة، وذلك أثناء شغله منصب نائب مساعد وزير الخارجية في  إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن،  لا سيما ما يتعلق بالعدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

وقال هاريس خلال مقابلة مع صحيفة "الجزائر الآن" نشرت في 9 ديسمبر/كانون الأول 2023: “نرفض العنف الذي يمس المدنيين في أي جهة وأي مكان”، مؤكدا في الوقت ذاته تأييده "لإيجاد حل نهائي لهذا الصراع في إطار حل الدولتين". 

وشدد وقتها على ضرورة معالجة الوضع الإنساني في غزة، وضمان وصول الغذاء والدواء والماء والوقود إلى الفلسطينيين الذين يعانون بشدة". 

وعن هجمات جماعة الحوثي اليمنية على السفن الداعمة لإسرائيل، قال هاريس: نرى بعض الجهات الفاعلة في المنطقة تحاول الاستفادة من الوضع الحالي لخلق صراع إقليمي أوسع، بما في ذلك ما تفعله إيران من خلال مجموعات بالوكالة في جميع أنحاء المنطقة.

ولفت إلى أن الإجراءات التي اتخذتها الولايات المتحدة (مهاجمة الحوثيين) كانت محسوبة للغاية"، مضيفا: “لا نسعى للتصعيد ولكن سندافع عن أنفسنا. نحن نركز على محاولة منع صراع إقليمي أوسع”.

وبخصوص الخلاف التاريخي على الصحراء الغربية بين المغرب وجبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر، أكد هاريس أن الحل السياسي الدائم من وجهة نظر أميركا يتمثل في تمكين الشعب الصحراوي من تقرير مستقبله بنفسه.

وتشير سياسة إدارة الرئيس الحالي دونالد ترامب إلى تغير في بعض هذه الموقف، حيث تتخلى واشنطن عن خيار حل الدولتين وتتبنى مخططا لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة.

كما أن تصريحات هاريس تخالف موقف ترامب من الصحراء الغربية، إذ أعلن في 10 ديسمبر/كانون الأول 2020 خلال ولايته الأولى اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الإقليم المتنازع عليه.

وقد جدد ترامب مطلع أغسطس 2025 دعمه الصريح لسيادة المغرب على الصحراء الغربية، مؤكدا أن مبادرة الحكم الذاتي التي تقترحها المملكة تمثل الحل الوحيد الواقعي والجاد للنزاع.

عدو إيران

وسلط رواد مواقع التواصل الاجتماعي الضوء على سيرة جوشوا هاريس، وخلفيات تكليفه بالمنصب الجديد في ظل توترات أمنية وسياسية تشهدها المنطقة.

وقال الناشط العراقي، محمد كفاح عبر منصة "إكس" في 25 أغسطس: "هذا رجل يجلب الاستثمارات أينما حل وارتحل، وهي مهمة جدا للعراق في الفترة القادمة".

وقال محمد مهدي الصحفي العراقي الذي زار إسرائيل أكثر من مرة: "جوشوا هاريس يهودي الأصل وصهيوني يدعم (بنيامين) نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي لتدمير طهران وذيولها بالعالم العربي".

وأضاف مهدي خلال تغريدة على "إكس" في 25 أغسطس، أن هاريس مؤيد لقتل قائد فيلق القدس الإيراني السابق قاسم سليماني، ونائب رئيس الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس، الذين اغتالتهم الولايات المتحدة قرب مطار بغداد في 3 يناير/ كانون الثاني 2020.

وتحدى الصحفي العراقي حلفاء إيران في العراق أن يمنعوا الدبلوماسي الأميركي من العمل.

من جهته، قال الكاتب والسياسي العراقي سليمان الفهد: إن "جوشوا هاريس يستعد للقدوم إلى سفارة الشر الأميركية في بغداد خلفا لستيفن فاجن، في وقت توتر إقليمي".

وأشار الفهد عبر "إكس" في 25 أغسطس إلى أن "خبرته السابقة في شؤون العراق ومهارته في التلاعب بالدبلوماسية تُهيئه لتسيير مصالح واشنطن بخبث وشرّ في السياسة العراقية".

من جهتها، نقلت الناشطة نغم جاسم عن السياسي العراقي المقيم في الولايات المتحدة، نزار حيدر، قوله: مهمة السفير الأميركي الجديد استكمال إخراج العراق من “اليد الإيرانية”، فهو لديه خبرة استخباراتية وأمنية، واختاره البيت الأبيض بقصدية التوقيت، وفق تقديرها.

وعلق الناشط العراقي المهندس عمار عبر "إكس" بالقول: "جوشوا هاريس يعد خبيرا تقنيا في الملف العراقي أكثر من كونه شخصية سياسية, ويعرف عنه الصرامة في الملف الأمني خاصة مكافحة الإرهاب, مع محاولة التوازن بين بغداد وأربيل، ويتخذ موقفا متشددا تجاه النفوذ الإيراني داخل العراق".

وعلى الصعيد ذاته سلط العديد من وسائل الإعلام العراقية الضوء على تعيين هاريس المفاجئ بعد مدة قصيرة من تكليف ستيفن فاجن، خصوصا في ظل توقيت حساس يشهد تحديات كبيرة على مستوى العراق والمنطقة.

 وأكدت أن توقيت هذا التغيير الدبلوماسي يُعد بالغ الأهمية؛ حيث يتزامن مع بدء تنفيذ المرحلة الأولى من سحب قوات التحالف الدولي من العراق في 22 أغسطس، والتي ستستمر حتى نهاية سبتمبر/ أيلول 2026، لتحقيق الانسحاب الكامل.

ويواجه هاريس تحديات كبيرة في منصبه الجديد، أبرزها إدارة الانسحاب الأميركي بطريقة تضمن استقرار العراق، ومواجهة تزايد النفوذ الإيراني، وإعادة بناء الثقة مع القادة السياسيين العراقيين، وفق تقرير نشره موقع “ميدل إيست أونلاين” في 26 أغسطس.

وأضاف الموقع أنه سيتعين على هاريس التعامل مع حالة الشغور التي عانى منها منصب السفير الأميركي في بغداد لفترة طويلة، بعد أن ظل المنصب شاغرا منذ مغادرة السفيرة السابقة إلينا رومانوكسي.

وأشار إلى أن تعيين دبلوماسي بحجم جوش هاريس يؤكد أن واشنطن تولي أهمية قصوى لمستقبلها في العراق، ومهمته لن تقتصر على الدبلوماسية التقليدية، بل ستتجاوزها إلى إدارة شبكة معقدة من المصالح المتضاربة.