إنشاء ثكنة للناتو على بعد 140 كيلومترا من روسيا.. كيف ترد موسكو؟

منذ ١٣ يومًا

12

طباعة

مشاركة

أزاحت صحيفة إسبانية الستار عن مقترح فنلندي لإنشاء ثكنة عسكرية على بعد 140 كيلومترا من روسيا، مما ينذر بتصعيد التوتر بين موسكو وحلف شمال الأطلسي "الناتو".

وتمتلك فنلندا أكبر عدد من الكيلومترات من الحدود مع الروس، ويوجد على أراضيها ما يصل إلى 870 ألف جندي احتياطي وشبكة استثنائية من الأنفاق.

وقالت صحيفة الإندبندينتي الإسبانية إن حلف "الناتو" سيحتفل بمرور 75 سنة على تأسيسه بالتزامن مع الاحتفال بالذكرى السنوية الأولى لانضمام فنلندا.

وبمجرد انضمامها، أضافت المنظمة العسكرية والسياسية الأولى في العالم حوالي 1300 كيلومتر إلى حدودها المشتركة مع روسيا. 

وفي قمة مدريد صيف عام 2022، أوضح الحلفاء أن روسيا هي التهديد الرئيس لهم اليوم، بعد أن نفذت الغزو الكامل لأوكرانيا.

مقترح جديد

 ويدرس الناتو الآن العرض الذي قدمته فنلندا لإنشاء ثكنة في مدينة ميكيلي (تقع في إقليم سافو الجنوبية)، بحسب الصحيفة.

وأوردت أن فنلندا خاضت حربين مع الاتحاد السوفيتي، وتعيّن عليها أن تتخلى عن عشرة بالمئة من أراضيها ولكنها تجنبت الاحتلال. 

من ناحية أخرى، يملك البلد الإسكندنافي بالفعل ثلاثة عقود من الشراكة مع حلف شمال الأطلسي، متجاوزا ذلك الوقت الذي كان ملزما فيه بالحفاظ على الحياد من قبل الاتحاد السوفيتي.

وبشكل عام، يفسر القرب الجغرافي لهذا البلد الأوروبي من روسيا استعداده على أفضل وجه في حالة نشوب حرب. 

وتحديدا، تمتلك فنلندا شبكة واسعة من المخابئ والأنفاق؛ حيث يوجد في هلسنكي لوحدها 5500 مخبأ. وبفضل الخدمة العسكرية الإجبارية، يشارك السكان في الدفاع عن الحدود. 

وأضافت الصحيفة أن الرئيس الفنلندي، ألكسندر ستوب، الذي التقى في 10 أبريل/نيسان 2024، الأمين العام لحلف الناتو، النرويجي ينس ستولتنبرغ، في بروكسل، أكد في مؤتمر صحفي أن التعامل مع هذا الاحتمال يسير على محمل الجد، ويدرس أن يكون مقر القوات المسلحة الفنلندية في ميكيلي كي تستخدمه قوات التحالف.

وقال الرئيس الفنلندي: "نحن بصدد البحث عن أفضل الخيارات العسكرية، لكن لسنا بحاجة إلى إجازة دكتوراه في الإستراتيجية العسكرية كي نعي أن هذه الثكنة العسكرية مهمة للغاية إذا أردنا ضمان الأمن على مستوى الحدود البرية مع روسيا". 

وبحسب صحيفة إيلتالهتي الفنلندية التي نقلت هذا الخبر، فإن مقر الناتو في ميكيلي سيعمل تحت إشراف نورفولك (فيرجينيا)، على الساحل الشرقي للولايات المتحدة، حيث يوجد أكبر قاعدة عسكرية في العالم. وفي وقت السلم، ستخطط الثكنة لأنشطة تدريب الناتو في المنطقة.

من جهته، أشار وزير الدفاع النرويجي، بيورن أريلد جرام، إلى أن جيش بلاده يريد أن تكون دول الشمال تحت قيادة قاعدة نورفولك العسكرية في الهيكل الجديد لحلف شمال الأطلسي. 

ومن المرجح أن يكون قائد قوات الدفاع النرويجية هو الذي دعا إلى استخدام هذه الثكنة في فنلندا.

وسيصل حوالي 375 ضابطا من الدول الحليفة، بما في ذلك 25 فنلنديا، إلى نورفولك قريبا، وسيكونون مسؤولين عن عمليات القوات البرية وسيستعدون لقيادة القوات العسكرية السويدية والفنلندية إذا لزم الأمر.

 لا يفهم فنلندا

وأوردت الصحيفة أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكد في عديد المناسبات أنه "لا يفهم" لماذا قررت فنلندا الانضمام إلى حلف الأطلسي.

 لكن، تجسدت عضويتها على أرض الواقع بمجرد موافقة جميع الحلفاء، حيث كانت تركيا الدولة الأكثر ترددا. وفي وقت لاحق انضمت السويد إلى الحلف.

 ومع فنلندا والسويد، يضم الناتو 32 حليفا على جانبي المحيط الأطلسي. وعلى عكس ما كان يقصده الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تماما، أدى غزو موسكو لأوكرانيا إلى تعزيز حلف شمال الأطلسي.

وفي مقابلة مع ديمتري كيسليوف، أحد مسؤولي الدعاية في الكرملين، قال بوتين، في مارس/آذار 2024، إن فنلندا وروسيا تربطهما "علاقات مثالية"، دون أي احتكاك. 

وتابع بوتين، الذي يرى أن ما فعلته فنلندا "خطوة لا معنى لها"، أن "روسيا لا تملك قوات هناك، لقد سحبنا جميع قواتنا من الحدود الفنلندية".

وتساءل لماذا أقدموا على هذه الخطوة؟ معتقدا أن "ذلك كان لأسباب سياسية بحتة. وربما أرادوا أن يكونوا أعضاء في النادي الغربي تحت مظلة ما". 

وأضاف: "في السابق لم تكن لدينا قوات على الحدود، والآن سيكون لدينا قوات. لم تكن لدينا أسلحة، والآن ستكون لدينا. هذا الأمر يعود لهم، لقد اتخذوا القرار".

عندما أعلنت فنلندا عزمها على الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، وعدت روسيا بالرد "العسكري والفني وغيره". 

وفي أوائل سنة 2023، أعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو عن إنشاء فيلق جديد للجيش في كاريليا (جمهورية مُستقلة ذاتيا في الاتحاد الروسي)، يضم ثلاث فرق مشاة آلية وفرقتين للهجوم الجوي. وفي الوقت نفسه، تم الإعلان عن إنشاء منطقة لينينغراد العسكرية.

لا حوار سياسيا

وأشارت الصحيفة إلى أن ستاب أوضح أنه لا يوجد الآن حوار سياسي مع روسيا، ويرى أن "الطريقة الوحيدة لتحقيق السلام في أوكرانيا هي النصر في ساحة المعركة". 

وبهذه الطريقة، يدعو إلى الحفاظ على المساعدات لأوكرانيا حتى تتمكن من هزيمة الجيش الروسي.

ونوهت الصحيفة بأنه على الرغم من التهديد والوعيد، لم تنتقم روسيا من فنلندا والسويد.

وعلى النقيض مما يدافع عنه البعض، مثلما قال السيناتور الراحل جون ماكين، لا شيء يستفز بوتين أكثر من الضعف.

عموما، من المرجح أن الفنلنديين هم الأوروبيون الذين يعرفون جيرانهم الروس أفضل من غيرهم. وكانت فنلندا جزءا من الإمبراطورية الروسية حتى سنة 1917 ثم خاضوا حربين ضدها. 

وقد كان سولي نينيستو، سلف ألكسندر ستوب في رئاسة فنلندا والخبير الكبير في شؤون الكرملين، من أوائل الذين حذروا من أنه لا ينبغي استبعاد احتمال انتشار الحرب في أوكرانيا إلى دول أخرى في المنطقة. ولم يخف نينيستو قلقه بشأن احتمال استخدام الأسلحة النووية.

ونقلت الصحيفة أن التعداد السكاني في فنلندا لا يتجاوز 5.5 ملايين نسمة. وتعمل البلاد على تشييد جدار يفصلها عن روسيا، بطول 200 كيلومتر، ومن المقرر الانتهاء منه سنة 2026. 

وعلى عكس معظم الدول الأوروبية، لم تستجب فنلندا لانهيار الاتحاد السوفيتي عن طريق خفض جيشها ولازمت الحذر. ومع التجربة الرهيبة لما يعنيه أن تكون روسيا جارة، لم تستبعد أبدا احتمال العدوان. 

تستطيع فنلندا نشر قوة دفاع قوامها 280 ألف جندي كما يبلغ عدد جنود الاحتياط 870 ألفا. أما ترسانتها العسكرية، فتعد الأقوى في أوروبا وقد حصلت الآن على 64 طائرة من طراز إف-35 لتجديد قواتها الجوية، كما راهن البلد الإسكندنافي على الصناعة العسكرية. 

وأشارت الصحيفة إلى أن فنلندا لا تريد مواجهة جديدة مع روسيا، ولهذا السبب عززت علاقتها بحلف شمال الأطلسي. 

وعموما، يعد هذا البلد من بين الحلفاء الذين يعرفون أكثر من غيرهم كيف يمنعون بوتين من الوقوع في إغراء مواصلة اعتداءاته على الأراضي المجاورة، والتي يعدها جزءا من مجاله الحيوي. ويتمثل هذا التكتيك  في الاستعداد الجيد في حالة حدوث الأسوأ.