تمرير واشنطن قرار مجلس الأمن.. ماذا يغير في معادلة حرب غزة؟

منذ شهر واحد

12

طباعة

مشاركة

في 25 مارس/آذار 2024، نجح مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أخيرا في إصدار قرار يطالب بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، ولكن دون التزام من إسرائيل.

ونشرت مجلة "ريسبونسيبل ستيتكرافت" (Responsible Statecraft)، مقالا رأت فيه "أن الضغط على الرئيس الأميركي جو بايدن لوقف إطلاق النار في غزة يبدو ناجحا".

ونشرت المجلة التابعة لمعهد "كوينسي" الأميركي مقالا لنائب رئيس المعهد، تريتا فارسي، رأى فيه أن هذا أول مؤشر حقيقي على أن الضغط على بايدن، لمعالجة كوارث الحرب يؤتي ثماره.

وقال فارسي إن الولايات المتحدة سمحت بتمرير قرار أممي يطالب بوقف "الأعمال العدائية"، ويرى أن هذه إشارة إلى أن بايدن بدأ في التوفيق بين خطابه وسياساته.

وقد أعقب اعتماد هذا القرار تصفيق عفوي في مجلس الأمن، وهو أمر غير معتاد إلى حد بعيد، بحسب الباحث.

وأفاد بأن "المرة الأخيرة التي حدث فيها هذا كانت عام 2003، عندما ألقى وزير الخارجية الفرنسي، دومينيك دو فيلبان، خطابا تاريخيا ضد حرب العراق".

وأكد الباحث أن "هذا التصفيق يعكس السخط الهائل من جهود بايدن لمواصلة الحرب".

وطرحت عشر دول مشروع القرار، وهي: الجزائر، وغيانا، واليابان، ومالطا، وموزمبيق، وجمهورية كوريا، وسيراليون، وسلوفينيا، وسويسرا، أي جميع الأعضاء غير الدائمين، أو "الأعضاء المنتخبين" في مجلس الأمن.

وأيدت جميع الدول هذا الإجراء، لكن امتنعت الولايات المتحدة عن التصويت.

دعم الموقف الإسرائيلي

وفي 22 مارس/آذار 2024، استخدمت روسيا والصين حق النقض ضد مشروع قرار لبايدن، وحينها كانت مسودة القرار تحتوي على ثلاثة بنود.

هي: المطالبة بوقف فوري لإطلاق النار خلال شهر رمضان، والإفراج الفوري وغير المشروط عن الأسرى الإسرائيليين لدى حركة المقاومة الإسلامية حماس، والتأكيد على الحاجة الملحة لتوسيع تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة.

وقال فارسي: "خلال عطلة نهاية الأسبوع، جرت مفاوضات مكثفة في أعقاب تهديد الولايات المتحدة بأنها ستستخدم حق النقض ضد أي قرار لا يدعم الدبلوماسية على الأرض، في إشارة إلى الجهود الدبلوماسية لقطر ومصر والولايات المتحدة".

وأوضح أن "إدارة بايدن سعت إلى ربط وقف إطلاق النار بالإفراج عن جميع الرهائن، أي أن إحراز تقدم في قضية واحدة يعتمد على التقدم الكلي في القضايا الأخرى".

وأكد أن "هذا الارتباط كان من الممكن أن يؤدي إلى ارتهان كل بند لباقي البنود".

ويعتقد فارسي أن "هذا هو موقف إسرائيل، فهي لا تريد أي ضغط ضد قصفها العشوائي لغزة حتى يُطلَق سراح جميع الرهائن، مما يجعل سكان غزة برمتهم رهائن لديها".

والنتيجة المباشرة لمثل هذا الارتباط -وفق الباحث- هي أن الحرب والقتل سيستمران؛ لأنه لا يمكن حل أي قضية حتى تُحَل جميع القضايا.

وأضاف أن "الدول الأخرى رفضت الطلب الأميركي وأصرت على أن إطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار أمران حتميان ولا ينبغي ربطهما، وإلا فإنه سيوفر مبررا للقصف الإسرائيلي العشوائي على غزة؛ لأن حماس لم تطلق سراح جميع الرهائن".

ولهذا السبب ضغطت إسرائيل وبايدن من أجل إقرار هذا الربط، بحسب الباحث.

وأوضح أن "القرار الذي مُرر لا يلبي الطلب الأميركي، وبدلا من ذلك، فهو يجمع بين المطلبين (وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن) في بند واحد، ولكن دون الربط بين القضيتين".

إذ يطالب القرار الذي يحمل الرقم 2728 "بوقف فوري لإطلاق النار في غزة في رمضان تحترمه الأطراف ويؤدي إلى وقف ثابت ومستدام".

وطالب أيضا بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع "الرهائن"، فضلا عن ضمان وصول المساعدات الإنسانية لتلبية الحاجة الطبية وغيرها من الاحتياجات الإنسانية.

وطالب "الطرفين بالامتثال لالتزاماتهما بموجب القانون الدولي بشأن جميع الأشخاص المحتجزين".

تغيير لغة القرار

وأشار الباحث إلى أن "إدارة بايدن حاولت تغيير لغة القرار لدعم الجهود الدبلوماسية التي تشارك في قيادتها الولايات المتحدة".

واستدرك: "لكن هذه العملية لم تنجح حتى الآن، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن الولايات المتحدة استخدمت نفوذها لتلبية جميع المطالب الإسرائيلية".

"ويشمل ذلك ربط وقف إطلاق النار بالإفراج عن جميع الرهائن، بما في ذلك الجنود الذكور".

"ومرة أخرى، قاومت الدول الأخرى، واكتفت مجموعة الدول العشر غير دائمة العضوية بمجلس الأمن، بالإقرار بهذه الجهود الدبلوماسية، دون إعلان دعمها أو ادعاء مسؤولية المجلس عنها".

وذكر فارسي أن دبلوماسيا إفريقيا أخبره أن مشروع القرار الأميركي الذي استُخدم حق النقض ضده في 22 مارس/آذار، وضع المفاوضات التي تقودها الولايات المتحدة على عاتق مجلس الأمن الدولي.

"لكن رفضت مجموعة الدول العشر غير دائمة العضوية بمجلس الأمن هذا الاقتراح؛ لأنهم يعتقدون أن إخضاع مجلس الأمن للعمليات الدبلوماسية التي تفضلها الولايات المتحدة، من شأنه أن ينزع الشرعية عن السلطة القانونية للمجلس"، وفق الباحث.

وقال: "إن حقيقة امتناع الولايات المتحدة عن التصويت تمثل الحالة الأولى التي نرى فيها التحول الخطابي لبايدن لصالح وقف إطلاق النار، يترجم إلى عمل سياسي".

والسؤال -وفق الباحث- هو: كيف سيؤثر تمرير هذا القرار على سياسة الولايات المتحدة في سياساتها عمليا؟

وأفاد بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، هدد علنا بإلغاء زيارة وفد إسرائيلي إلى واشنطن، إذا لم يستخدم بايدن حق النقض ضد القرار، وبالفعل نفذ تهديده بعد ذلك.

وأضاف: "من الجدير بالذكر هنا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي لم يجد أي غضاضة في تهديد الولايات المتحدة علنا".

"في حين أن بايدن، وبعد تورط إسرائيل في جرائم حرب واسعة النطاق باستخدام الأسلحة الأميركية وتقويضها لمصالح الولايات المتحدة، لم يتمكن حتى من استجماع الشجاعة اللازمة لإصدار تحذير جدي" لتل أبيب.

"ولكن هل ستستمر الولايات المتحدة في بيع الأسلحة لإسرائيل، حتى لو استمرت الأخيرة في رفض وقف إطلاق النار؟"، يتساءل الباحث.

وأجاب: "من الناحية القانونية، لا يلزم القرار الأممي الولايات المتحدة بوقف مبيعات الأسلحة".

واستدرك: "لكن من الناحية السياسية، سيكون هناك ضغط إضافي على واشنطن للمساعدة في تنفيذ القرار، بدلا من مجرد التصرف كجهة مكتوفة الأيدي حيال مسألة وقف إطلاق النار".

وأردف بأن إدارة بايدن رفضت جميع الاتهامات الموجهة لإسرائيل بارتكاب جرائم حرب، قائلة إن "لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها".

وختم بالتساؤل: “لكن مع مطالبة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بوقف إطلاق النار، هل سيكون من الصعب على بايدن الاستمرار في غض الطرف عن عمليات القتل العشوائي التي ترتكبها إسرائيل في غزة؟”