إيران تركز على إعادة بناء العلاقات مع أوروبا ومصر.. لماذا الآن؟

منذ ٢٠ ساعة

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة عبرية الضوء على تحوّل في الإستراتيجية الإيرانية نتيجة العقوبات الأميركية الجديدة، مشيرة إلى أن طهران تركز الآن على تعزيز علاقاتها مع أوروبا وبعض الدول العربية، مثل مصر.

وأوضحت صحيفة "جيروزاليم بوست" في تقرير تحليلي أن إيران تستغل الاضطرابات الداخلية في الولايات المتحدة والمفاوضات النووية لتعزيز هذه الروابط، بهدف الضغط على واشنطن وعزل إسرائيل.

في هذا السياق، أصبحت إيران أقل تركيزا على المحادثات والتوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة خلال الأيام الأخيرة، ويرجع ذلك -بحسب التقرير- إلى أن السياسة الأميركية تتجه بشكل أكبر نحو القضايا الداخلية، لا سيما الاحتجاجات وأعمال الشغب في كاليفورنيا.

ترقب إيراني

وتدرك إيران أن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ينتقل بسرعة من قضية إلى أخرى، ويبدو أن طهران تتخذ موقف انتظار لترقب ما ستؤول إليه الأمور.

وفي 10 يونيو/حزيران 2025، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في مقابلة جديدة مع قناة "فوكس نيوز" إن إيران أصبحت "أكثر تشددا" في المحادثات النووية.

وأضاف ترامب أن "إيران تتصرف بشكل مختلف تماما في المفاوضات عما كانت عليه قبل أيام قليلة. أكثر تشددا. إنه أمر مُفاجئ بالنسبة لي. إنه أمر مُخيب للآمال، لكننا مُستعدون للقاء مرة أخرى غدا - سنرى".

وأفاد موقع "أكسيوس" بأن قائد القيادة المركزية الأميركية قدّم للرئيس ترامب ووزير الدفاع مجموعة من الخيارات العسكرية للتعامل مع إيران، في حال تعثّر المسار التفاوضي.

وبحسب الموقع، عقد ترامب اجتماعا مطولا في منتجع كامب ديفيد، في 8 يونيو، ناقش خلاله مع عدد من كبار مستشاريه ملامح السياسة الأميركية تجاه الملف النووي الإيراني والحرب الجارية في قطاع غزة.

وشارك في الاجتماع كل من نائب الرئيس جيه دي فانس، ووزير الخارجية ماركو روبيو، ووزير الدفاع بيت هيغسيث، إضافة إلى المبعوث الخاص ستيف ويتكوف وعدد من المسؤولين الآخرين.

وأخيرا، أدانت وزارة الخارجية الإيرانية، ممثلة في المتحدث الرسمي إسماعيل بقائي، العقوبات الأميركية الجديدة المفروضة على الجمهورية الإسلامية، مشيرة إلى أنها تعكس العداء المتجذر لواشنطن تجاه الشعب الإيراني، حسبما نقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا).

وجاء في بيان لبقائي، نشرته وزارة الخارجية، انتقاده للعقوبات الأميركية التي نالت أكثر من عشرين فردا وكيانا متهمين بالانخراط في أنشطة تجارية ومصرفية مع إيران.

وأعربت إيران عن غضبها من هذه الإجراءات الأحادية الجانب التي تتخذها الولايات المتحدة. وأوضح المسؤول الإيراني أن هذه القيود الاقتصادية القسرية، المصممة لتشديد الأعباء على المواطنين الإيرانيين وحرمانهم من حقوقهم الأساسية، لن تؤدي إلا إلى تعزيز تصميم إيران على حماية مصالحها الوطنية المشروعة في مواجهة المطالب الأميركية المفرطة، وفقا لتقرير "إرنا".

ويأتي ذلك ردا على قائمة جديدة من العقوبات أعلنت عنها وزارة الخزانة الأميركية، استهدفت 30 شخصا مرتبطين بشبكات المصارف الإيرانية.

وفي الوقت نفسه، تناول بقائي أيضا جهود إيران مع الدول الأوروبية والتزاماتها بموجب "معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية".

وقد انتقدت إيران بشكل واضح موقف الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا ودفعهم نحو إصدار قرار في اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا.

وقالت وكالة "إرنا": إن بقائي أكد أن الجمهورية الإسلامية اتخذت خطوات خلال العام أو العامين الماضيين بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لكن الدول الأوروبية الثلاث والولايات المتحدة كثيرا ما استغلوا الوكالة لأغراض سياسية.

وبحسب التقرير، تشعر إيران بالقلق إزاء مشروع قرار يتهمها بـ "عدم الامتثال"، وقد حذرت من أن أي خطوة من هذا القبيل ستُقابل برد جاد وحاسم.

كما لا تزال تصر على حقها في تخصيب اليورانيوم، وذكرت تقارير أن هذا يمثل خطا أحمر في أي محادثات مع الولايات المتحدة.

وتؤكد إيران أن التخصيب لا يعني بالضرورة أن لديها برنامجا للأسلحة النووية، وتدعي أن "هذا الحق معترف به صراحة للدول الأعضاء ولا يمكن التفاوض عليه بموجب المادة الرابعة من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية"، مؤكدة أن برنامجها النووي سلمي.

ووجه بقائي اتهاما للدول الأوروبية بأنها تمارس ضغوطا متزايدة تحت ذريعة انعدام الشفافية، بحسب ما أوردته وكالة "إرنا".

وقالت الصحيفة العبرية: "بينما تُركز إيران على أوروبا، تُركز قيادتها أيضا على بناء علاقات أقوى مع دول الشرق الأوسط، ويشمل ذلك العلاقات مع الخليج والعمل مع مصر، وهي دول عربية رئيسية".

حماسة مصرية

وصرح وزير التراث الثقافي والسياحة والحرف اليدوية الإيراني، رضا صالحي أميري، مؤخرا بأن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان يُركز على إعادة بناء العلاقات مع مصر، بما في ذلك في قطاع السياحة.

وجاء ذلك خلال حديثه عن زيارته إلى مصر، والتي اعتُبرت جزءا من سلسلة تطورات مهمة في العلاقات بين طهران والقاهرة.

وبحسب ما نقلته وكالة "إرنا"، أوضح أميري أن زيارته هدفت إلى متابعة جهود إعادة بناء العلاقات بين البلدين، في أعقاب محادثات أجراها مسؤولون إيرانيون ومصريون بهذا الشأن.

وقال أميري: "المصريون متحمسون لتوسيع العلاقات مع إيران، والحكومتان عازمتان على فتح هذا المسار. لا بد من تأسيس دبلوماسية سياسية بين البلدين. وقد اتُخذت حتى الآن خطوات جيدة، ولا توجد عقبات جدية أمام تطوير التعاون في مجال السياحة".

وتسعى إيران إلى توقيع مذكرة تفاهم جديدة مع مصر. وبحسب وكالة إرنا، أضاف أميري أن الجانب الإيراني شجع القطاع الخاص المصري على المشاركة في مشاريع كبرى داخل إيران، وأن السلطات الإيرانية مستعدة لتسهيل السفر الجوي والبري وتنظيم جولات تاريخية ودينية.

وبحسب الصحيفة، ففي إطار انفتاح إيران على العالم العربي، عمد النظام كذلك إلى الترويج لمزاعم تفيد بحصول طهران على "وثائق إسرائيلية سرية".

بدوره، ادعى وزير الاستخبارات الإيراني، إسماعيل خطيب، أن بلاده تمتلك "مجموعة ضخمة من الوثائق الاستراتيجية والحساسة التابعة للكيان الصهيوني"، مؤكدا أن طهران ستكشف عنها قريبا، وفقا لما نقلته وكالة "إرنا".

وأضافت وسائل الإعلام الإيرانية أن هذه المعلومات جاءت، استنادا إلى مصادر مطلعة، وأن أجهزة الاستخبارات الإيرانية حصلت على كم كبير من المعلومات الاستراتيجية والحساسة من داخل إسرائيل.

وتشير التقارير الإيرانية إلى أن طهران تدرس حاليا عدة خيارات. وهناك مخاوف من أن بعض الدول الأوروبية المشاركة في الاتفاق النووي لعام 2015 قد تسعى إلى زيادة الضغط على إيران، وهو ما قد يعرقل التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة، أو يدفع إيران في المقابل إلى تسريع المفاوضات، وفق التقرير.

واستدرك: "لكن إيران تدرك أن واشنطن منشغلة الآن بقضايا داخلية، لذلك تُركّز الجمهورية الإسلامية على توسيع علاقاتها مع الدول العربية، في إطار مساعٍ تهدف إلى عزل إسرائيل".

وختمت "جيروزاليم بوست" بأن طهران تبدو أنها بدأت تبتعد عن دعم الهجمات عبر الوكلاء، وتركز بدلا من ذلك على مبادرات دبلوماسية رفيعة المستوى.