غزة تحت النار.. المجاعة تحصد أروح الفلسطينيين ونتنياهو يتشرط

منذ ١١ ساعة

12

طباعة

مشاركة

في تصعيد مستمر للإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على غزة مستخدما الأسلحة كافة وعلى رأسها سلاح التجويع، انكبَّ على استهداف المجوعين والنازحين المدنيين ومفاقمة الأوضاع الإنسانية، مستهدفا خياما تؤوي نازحين في مخيم الشاطئ غربي مدينة غزة.

وأفادت جهات إعلامية بأن الاحتلال استهدف قبيل فجر 22 يوليو/تموز 2025، خيام نازحين بمخيم الشاطئ بقصف مدفعي أسفر عن استشهاد 16 فلسطينيا بينهم أطفال ونساء، فيما أكَّدت وسائل إعلام فلسطينية بأن نحو 50 آخرين أصيبوا في هذا القصف بجروح متفاوتة.

وقالت مصادر في مستشفيات غزة: إن 23 فلسطينيا استشهدوا بنيران جيش الاحتلال الإسرائيلي في القطاع منذ الفجر، مؤكدة أن 5 منهم ارتقوا خلال انتظارهم الحصول على مساعدات غذائية.

وتتوالى بيانات إعلان الوفيات نتيجة حرب التجويع الإسرائيلية، آخرها إفادة مستشفى شهداء الأقصى، بأن الطفل أحمد الحسنات توفي نتيجة سوء التغذية.

وجاء ذلك بعد دقائق من استشهاد رضيعين آخرين أحدهما يدعى يوسف الصمدي عمره 40 يوما من شمال القطاع، والثاني من جنوبه يدعى عبد الحميد الغلبان من خان يونس.

وسجَّلت وزارة الصحة بغزة وفاة 900 فلسطيني -بينهم 71 طفلا- بسبب الجوع ونقص الدواء منذ بدء حرب الإبادة الإسرائيلية في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، فيما ارتقعت حصيلة العدوان إلى 59 ألفا و29 شهيدا، و142 ألفا و135 مصابا.

من جانبه، حذّر مدير الإغاثة الطبية في غزة، محمد أبو عفش، من موت جماعي لسكان غزة بسبب التجويع، قائلا: "دخلنا مرحلة الخطر من المجاعة ونتوقع موتا جماعيا من النساء والأطفال".

وأضاف أن هناك أعدادا كبيرة من الحالات التي تعاني من سوء التغذية في المراكز الصحية، لافتا إلى أن 60 ألف حامل في القطاع يعانون سوء التغذية والجوع.

فيما أكَّد المتحدث باسم بلدية غزة، عاصم النبيه، أن العطش يجتاح مدينة غزة، وأن نصيب الفرد أقل من 5 لترات يوميا للشرب والطبخ والاستحمام واحتياجات أخرى، موضحا أن آبار المياه تغطي حاليا أقل من 12 بالمئة من إجمالي احتياجات المواطنين اليومية.

وقالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا): إن "سكان غزة بمن فيهم زملاؤنا في الوكالة يغمى عليهم بسبب الجوع الشديد". مؤكدة وجوب رفع الحصار عن القطاع والسماح لها بإدخال الطعام والأدوية.

وفي أعقاب توالي الإعلان عن الأرقام الصادمة لأعداد الشهداء سواء المجوعين أو منتظري المساعدات عند نقاط التوزيع، نقلت شبكة "فوكس نيوز" عن مسؤول إسرائيلي أن مناقشات تجرى حاليا بين "إسرائيل" و3 دول إقليمية بشأن تنفيذ عمليات إنزال جوي للمساعدات.

وتداول مراقبون خبرا نقلا عن مصادر أردنية يفيد بأن طائرات سلاح الجو الأردني ستبدأ من اليوم الثلاثاء بعمليات إنزال جوي للمساعدات في جميع أنحاء القطاع.

بينما اشترط رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، استسلام حركة المقاومة الإسلامية حماس لوقف الحرب، قائلا: إن اللحظة التي تلقي فيها حماس سلاحها وتستسلم وربما نسمح لهم بمغادرة غزة وقتها ستنتهي الحرب.

وصب ناشطون على منصات التواصل جام غضبهم على نتنياهو، وعدو تصريحاته دليلا على عدم جديته في المفاوضات الجارية مع المقاومة لوقف إطلاق النار في القطاع التي تتم برعاية أميركية وبوساطة قطرية، واتهموه بالتلاعب ومفاقمة معاناة الفلسطينيين.

وندَّدوا عبر تغريداتهم وتدويناتهم على منصتي "إكس" و"فيسبوك" ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #مخيم_الشاطئ، #نتنياهو، #غزة_تباد، بإمعان الاحتلال في تجويع غزة واستنكروا عودة الحديث عن إنزال جوي للمساعدات، طارحين حلولا أخرى على المستوى السياسي والشعبي.

وتداول ناشطون مقاطع فيديو وصورا نشرتها وسائل إعلام فلسطينية تظهر عددا من ضحايا المجزرة التي ارتكبها الاحتلال بمخيم الشاطئ، وأدانوا القصف المتعمد لخيام النازحين وعدوه عملا وحشيا وانتهاكا صارخا للقوانين الإنسانية والدولية، داعين إلى وقف المجازر والانتهاكات بحق المدنيين.

مجزرة الشاطئ

وقال محمد: “يا صديقي: صباحا، قصفت الطائرات المتوحشة خيام النازحين على شاطئ مخيم الشاطئ، 15 بريئا صعدوا إلى السماء دون وداع، بينهم أطفال كانوا يظنون أن البحر مأوى لا مقبرة”.

وأضاف “أيها الموت، ماذا تبقّى لتأخذه؟.. هل ستقصف الهواء أيضا؟ أم ستجفف الدمع من عيون الأمهات؟”

غزة جائعة

وتحت عنوان "غزة تنام وتصحو جائعة"، أشار الكاتب إياد إبراهيم القرا إلى أن ‏الاتحاد الأوروبي قدّم غطاء حقيرا ومجرما للاحتلال، عبر ما تُسمى اتفاقية إدخال الغذاء، والتي كانت نتيجتها المباشرة بالأمس فقط، 98 شهيدا من المجوّعين.

واستنكر تحرّك بعض الجهات العربية لتبييض صفحة الاحتلال، عبر الترويج لخطة "إنزال المساعدات" جوا، وكأنها مبادرة إنسانية، بينما هي في حقيقتها مشاركة في الجريمة.

وتساءل القرا: “‏أي مساعدات هذه؟ وأين سيتم إنزالها؟” مؤكدا أن "‏لا مكان في غزة ولا متّسع حتى للخيام، ‏إلا إذا كان المقصود إنزالها لصالح جيش الاحتلال نفسه!".

وقال: "أوقفوا هذه المسرحية المخزية.. لا تكونوا شهود زور على تجويع شعب بأكمله".

وأكد الكاتب إبراهيم المدهون، أن الاحتلال يستخدم سلاح التجويع والحرمان كسيف مسلط لفرض الاستسلام واستكمال مشروع الإبادة، وأن هناك تفكيرا حقيقيا بوقف كل أشكال التفاوض إذا لم يحدث تحرك حقيقي لإدخال المساعدات وإنقاذ شعبنا.

وأوضح أن المعطل الحقيقي لأي حل هو الاحتلال الإسرائيلي، الذي يراهن على إنهاك الجبهة الداخلية، مستندا إلى واقع إقليمي ضعيف، ومجتمع دولي متواطئ، وعجز أممي فاضح.

وقال المدهون: إن الرسالة الآن إلى الجميع: أوقفوا الحرب، أدخلوا المساعدات والاحتياجات الإنسانية، أنقذوا ما تبقى، مضيفا: "باعتقادي إذا وجدت حماس تجاوبا حقيقيا ودخولا كافيا وكريما للمساعدات، فهي مستعدة لإبداء مرونة كبيرة في ملف صفقة التبادل، بما يحقق مصلحة شعبنا في غزة".

استعراض وأكذوبة

واستنكارا للحديث عن إنزال جوي للمساعدات، قال الكاتب يحيى بشير: “رجعنا للمسخرة والاستعراضات ؟؟! انتو بتتهابلوا علينا ولا معنيين تعمقوا المجاعة عبر مسرحية وأكذوبة المساعدات الي يدوب بتوصل لـ3 بالمئة من الشعب بغزة؟”

وحذر أحمد حجازي، من خطورة الإنزال الجوي في مناطق مزدحمة بالخيام، مؤكدا أن أي إنزال ممكن يقتل ناس بدل ما يطعمهم، كما حدث مسبقا.

ورأى أن الحل الحقيقي والوحيد إدخال المساعدات برا، من منافذ متعددة، وبكميات تكفي الناس، مش بس كميات للاستعراض الإعلامي، قائلا: "الناس بتموت من الجوع، والحلول الجزئية مش إنقاذ، بل مشاركة في الكارثة".

وأكدت المغردة إيمان، أن الإنزالات الجوية كذبة، وليست حلا، وإنما مصائد موت جديدة، واستعراض للدولة أمام شعبها لتخفيف الضغط عليها، قائلة: إن الإنزال الجوي لا يخفف حتى من المجاعة.

وكتب المغرد طارق: "الأردن (ملكا استعراضيا وجيشا بائسا) يتصدرون لكسر رواية المجاعة في غزة وتقويضها عالميا بدخولهم على الخط وبأوامر مباشرة من تل أبيب، وهذا معلن للجميع، فهي تتجهز للإذلال الجوي برمي بعض الطعام لمُجوّعي غزة عبر الطائرات وقبض ثمن ذلك!! هذا مش حل، عشرات قضوا بعد أن سقطت عليهم".

حلول مقترحة

وعرضا لبعض الحلول لمواجهة المجاعة في القطاع ودعوة للأنظمة لاستخدام وسائل الضغط الممكنة، قال محمد علي: "طالما ابتلانا الله بحكومات عديمة المروءة أقترح على شعوب مصر ولبنان والأردن (حتى لو وصل لأهل القطاع 25 بالمئة من الشحنات) إطلاق أسراب من الحمام والبط والإوز لتخترق حصار القطاع عن طريق الجو".

وأوصى بـ"إطلاق أسراب من الأسماك وأطواق نجاة معلق بها بعض الأغذية لتخترق حصار القطاع عن طريق البحر". مؤكدا أن “حركة الأمواج من مصر للقطاع ستساعد”.

ونصح علي بـ"إطلاق أسراب من الدواجن والماعز والأرانب لتخترق حصار القطاع عن طريق البر من خلال السياج العازل".

وقال: "ربما تنجح تلك المخلوقات الضعيفة بأمر الله فيما فشلت فيه حكومات وجيوش الأمة الإسلامية والعربية، وربما يوقظ ذلك ضمير العالم النائم". 

وأضاف أن "التمويل سيكون من تبرعات الشعوب، والكيان لن يستطيع مواجهة ذلك، وإن حاول ستكون التكلفة المادية أكثر من قيمة الأهداف، يعني خسائر ليهم وكله مصلحة". داعيا إلى “نشر هذا الحل وتطويره لإنقاذ أرواح عزيزة علينا وليكون كذلك معذرة لنا أمام الله بأننا حاولنا”.

واقترح أحمد علي أن تعلن القسام أن "كل ثلاثة أيام سيموت أسير أو أكثر إن لم يتم إدخال المساعدات الكافية إلى غزة وبشكل عاجل".

وسأل الصحفي يوسف الدموكي، المصريين: “إيه الفكرة اللي تقدروا تنفذوها لإغاثة أهلنا في غزة ولو من دلوقت حالا؟ أي بدائل شعبية؟” 

واقترح على أهالي المدن القريبة من غرة، "دراسة اتجاه الرياح وإرسال مواد غذائية عن طريق الجو أو البحر بطرق بدائية بسيطة؟ للتجربة حتى لو لم يصل إلا كيلو طحين واحد!".

وعرض محمود جمال بعض أوراق الضغط المتاحة بيد رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي لإجبار العدو على إدخال المساعدات وتثبيت السكان، والتي لم يستخدم أيا منها.

وذكر من هذه الأوراق ملف الغاز، وعبور قناة السويس، تعليق كامب ديفيد، الانضمام إلى دعوى جنوب إفريقيا، وقف التبادل التجاري، ملف الأسمنت، طلب رقابة دولية على دخول الشاحنات، وقطع العلاقات الدبلوماسية.

وقال الباحث محمد شعبان أيوب: إن “الذي يريد فعلا أن يطعم غزة ممكن يفكر في حلول عملية بدون هيصة المعبر، ممكن من الأنفاق، وممكن من التهريب عبر البحر، وممكن غصب عن عين نتنياهو بعشرين ثلاثين ألف جندي يحمون المساعدات حتى الداخل الغراوي”.

واستطرد: “ممكن عن طريق الدرونات، وممكن عن طريق التهريب بكل أنواعه، وممكن بطرق أخرى إذا كان في إرادة حقيقية”.

وأضاف: "لكن الخوف من نتنياهو يجعل حجة الطرف التاني من المعبر مقفول حجة حقيرة مشاركة فعليا في الإبادة.. فضلا عن تثبيت تهمة التواطؤ أو الخوف من الصهاينة".

وأشار أيوب إلى أن "الصهاينة اللي بيبرطعوا ويتدخلوا في إيران والعراق وسوريا ولبنان واليمن فضلا عن غرة والبحرين الأحمر والمتوسط ودايسين بالجزمة على فكرة تقديس الحدود دي!".

ورأى المحلل السياسي أحمد الحيلة، أن "دعوة بريطانيا و25 دولة أخرى، لوقف الحرب على غزة وإدخال المساعدات فورا، على أهميتها، إن لم تقترن بأفعال كفرض العقوبات على إسرائيل أو وقف التسليح لها والشراكات التجارية معها، سيبقى موقفا أشبه بذر الرماد في العيون والتنصّل من المسؤولية عن الإبادة والتجويع أمام الرأي العام الدولي والمحلي الغاضب".

وأكد أن “إسرائيل تجاوزت كل الخطوط الحمر وتتعامل باحتقار مع القانون الدولي وازدراء لمواقف الدول الأخلاقية، وستبقى كذلك إن لم يتم معاقبتها ومحاسبتها على أفعالها”.

استكبار نتنياهو

وتنديدا باشتراط نتنياهو استسلام حماس وتسليم سلاحها لوقف الإبادة، قال موسى جرادي: "يعني المفاوضات كانت مجرد تضييع وقت".

وعلق أحد المغردين، على تصريحات نتنياهو، قائلا: "كما قلنا سابقا لن يكون هناك صفقة ونتنياهو في سدة الحكم، هو يماطل ويخادع ويريد العودة للحرب واحتلال غزة".

وأكد أن "نتنياهو لا يأبه بمصير الرهائن ويستغل علاقته بترامب الذي أعطاه فرصة التصرف كيفما يشاء".

وعدد الباحث في العلاقات الدولية علي أبو رزق، الأسباب التي شجعت نتنياهو على تجاوز كل الخطوط الحمر والإمعان في حرب التجويع الممنهجة ضد قطاع غزة، رغم المشاهد القاسية وغير المسبوقة، ورغم الانتقادات الدولية اللاذعة.

ورصد منها توقيع اتفاق لئيم جدا بين الاتحاد الأوروبي والكيان لفتح المعابر قبل يوم واحد من اجتماع مقرر للاتحاد لفرض عقوبات على تل أبيب، تم الترويج للقرار أنه فرصة لوقف المجاعة، والذي حصل أنه تم تمرير الاجتماع دون فرض عقوبات، وبعد يوم واحد، لم تُفتح المعابر.

وأشار أبو رزق إلى أن الاحتلال تمكن من استيعاب حالة الضغط الدولي التي أحدثتها سفينة "مادلين" لكسر حالة المجاعة في قطاع غزة، عبر فتح ممر لما يسمى مؤسسة غزة الإنسانية، المعروفة بمصائد الموت، وحصوله على اللقطة التي يريد من تصوير عدة شاحنات تدخل بشكل يومي، مع أنها لا تكفي لبضعة آلاف.

وأرجع تمادي نتنياهو إلى الدور الذي لعبه ترامب في هذا الصدد، عبر تعويم كل المناشدات والنداءات الدولية لفتح المعابر في الدعم المقدم لما يسمى بمؤسسة غزة الإنسانية، وإصراره على أن حكومته تموّل المؤسسة بـ30 مليون دولار شهريا، يعني ترامب كان أكثر من ابتلع الضغوط عن نتنياهو.

ولفت أبو رزق إلى تقديم الجوار العربي خدمة بالمجان لنتنياهو عبر تحييد الضغوط الشعبية الرامية لكسر الحصار عن غزة وقمع القوافل التي جاءت عبر مصر تارة، وإغلاق المؤسسات والجمعيات واستهداف النشطاء في الأردن تارة أخرى.

وأرجع أيضا تمادي نتنياهو إلى الرفض الشعبي الفلسطيني الضعيف والضعيف جدا، فلم تقم القيامة لأجل المجاعة الطاحنة وغير المسبوقة في قطاع غزة، لا في مدن الضفة الغربية ولا في الداخل الفلسطيني، بعد أن كنا نشهد اندلاع هبّات شعبية وانتفاضات لأجل استشهاد طفل واحد أو امرأة أو أسير في السجون.