فقدان البصر وأمراض نفسية.. عاهات مستدامة أحدثتها حماس بجنود إسرائيل

منذ ٥ أشهر

12

طباعة

مشاركة

لم يكن جنود الاحتلال الإسرائيلي يتوقعون أن من نجا منهم من الموت على أرض قطاع غزة سيكون بانتظاره عاهات مستدامة وأمراض نفسية متعددة ستلحق بهم على يد المقاومة الفلسطينية، في حرب ثانية يبدو أنها طويلة وقد ترافق بعضهم حتى مماته.

ومنذ اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي قطاع غزة المحاصر في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2023، قتل أكثر من 411 جنديا وأصيب المئات منهم بجروح ستخرج بعضهم من السلك العسكري وتجعله طريح عاهته.

أمراض نفسية

وفي أحدث التقارير العبرية عن وضع جنود الاحتلال القادمين من معارك غزة، ذكرت شبكة "كان نيوز" العبرية، أن المئات من جنود الاحتلال الذين يقاتلون في غزة أصيبوا بإصابات خطيرة في العيون حتى إن البعض فقد بصره في إحدى العينين أو كلتيهما.

ووفقا لما قالت "كان نيوز" في 6 ديسمبر/ كانون الأول 2023 فإن معظم إصابات العين التي لحقت بجنود الاحتلال كانت بسبب عدم ارتداء المعدات الواقية، أي معدات حماية العين، كما هو مطلوب أثناء المعركة.

وأضافت أن معظم إصابات العين "حدثت نتيجة الاتصال الوثيق بشظايا الرصاص أو تعرض بعضهم لضربات مباشرة" من المقاومة الفلسطينية.

وبحسب التقرير فإن ما يقرب من 15 بالمئة من إصابات العين بين الجنود أدت إلى فقدان البصر، في إحدى العينين أو كلتيهما.

ونفذت المقاومة الفلسطينية عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر 2023 في عمق مستوطنات غلاف غزة وأسفرت عن قتل وأسر المئات من الإسرائيليين، لتبدأ إسرائيل "عدوانا وحشيا" على القطاع منذ التاريخ المذكور وتبعه في 27 من الشهر ذاته عملية اقتحام بري للقطاع.

وبات جنود جيش الاحتلال الذين يفضلون أن يقاتلوا من بعيد من خلال أجهزة التحكم عن بعد بطائرات مسيرة قاتلة، أو عبر الطائرات الحربية، أمام حرب شوارع يواجهونها ضد المقاومة الفلسطينية، حيث فقد هؤلاء الجنود رفاهية القتل السهل في المواجهات المباشرة مع المقاومة في غزة.

وأمام ذلك، فقد أعلنت هيئة البث الإسرائيلية في 4 ديسمبر، أن نحو 2000 من جنود جيش الاحتلال صنفوا بأنهم مصابون ومتضررون، ما استدعى عرضهم على الطبيب النفسي منذ عملية "طوفان الأقصى" بينهم 200 خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من الاقتحام البري.

وبحسب الهيئة، يتم تعريف المصاب في أرض المعركة على أنه جندي تعرض لحدث مثل إطلاق نار أو مواجهة أو إصابة أو كان شاهدا لإصابات خطيرة ومشاهد خطيرة لآخرين، مما أدى إلى تراجع في مستوى أدائه.

وتابعت هيئة البث الإسرائيلية أنه "يمكن أن يتجلى الضرر على المستوى الوظيفي في ردود الفعل لديه، مثل الانزواء أو الصمت أو القلق أو التوتر أو الشعور العام الصعب الذي يلازم الجندي في مثل هذه الحالات".

وبينت أنه كجزء من إجراءات التعامل مع الأمر ومبدأ العلاج النفسي التي حددتها هيئة الأطباء في الجيش، يستحسن إعادة الجندي المصاب إلى النشاط والمشاركة في أسرع وقت.

وذكرت الهيئة أنه منذ 7 أكتوبر، افتتح الجيش مركزين للصحة النفسية، بالإضافة إلى مركز اتصال هاتفي يعمل فيه علماء نفس وأطباء نفسيون وهم في خدمة الاحتياط.

صدمات غير مسبوقة

وضمن هذه الجزئية، نقلت صحيفة "هآرتس" العبرية في تقرير لها نشر في 22 أكتوبر 2023 عن أحد الخبراء قوله إن الجيش الإسرائيلي "لا يتخذ أي خطوات فعالة لمنع الصدمات، وينتظر أن يطلب الجنود المساعدة".

وأضاف التقرير: "يحذر المحترفون من أن العديد من الجنود الإسرائيليين سيجدون صعوبة في العودة إلى الخدمة في غياب خطوات فعالة لتزويدهم بالدعم العاطفي".

وفي الوقت الحالي، ينخرط جنود الاحتلال في مناقشات جماعية مع المعالجين، ويتحدثون عن مخاوفهم وافتقارهم لحافز القتال مرة أخرى في غزة.

وفي ظل حالات الإصابات الكثيرة ضمن صفوف جنود الاحتلال، لجأت وسائل الإعلام العبرية إلى توعية الجنود لحماية أنفسهم من الشظايا. 

فقد ذكرت صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية، في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، أن أطباء عيون من  مركز سوروكا الطبي في بئر السبع، أنتج مقطع فيديو قصيرا لرفع مستوى الوعي العسكري بضرورة ارتداء نظارات واقية في جميع الأوقات.

ونظرا إلى الأعداد الكبيرة في إصابات العيون بين الجنود الإسرائيليين في غزة، يقود مستشفى "سوروكا" حملة تبرعات لشراء نظارات واقية للجنود.

ويقول الخبراء إن الجنود العائدين من غزة قد يواجهون مجموعة من التأثيرات النفسية المتعددة الطبقات، بما في ذلك القلق والاكتئاب والارتباك والحزن سواء بعد تعرضهم لإصابات أو مقتل زملائهم أمامهم وتحول بعضهم لأشلاء بفعل الانفجارات المفاجئة التي تعرضوا لها جراء الكمائن في الأحياء التي يجهلون طبيعتها.

ونقلت صحيفة "جيروزاليم بوست" في 4 نوفمبر 2023، عن تقرير طبي تأكيده استخدم واحد من كل أربعة جنود خدمات الصحة العقلية التابعة للجيش والتقى إما بطبيب نفسي أو ضابط صحة عقلية.

وأكثر من ذلك، فقد أفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" بأن قوات الاحتلال في قطاع غزة واجهت ارتفاعا في حالات الإصابة بالأمراض المعوية والتسمم الغذائي بين الجنود.

وأكدت الصحيفة العبرية في تقرير نشرته في 4 ديسمبر، أنه جرى إجلاء 18 جنديا من غزة إلى قاعدة تدريب اللواء لتلقي العلاج الطبي بعد إصابتهم بتفشي مرض الدوسنتاريا (بكتيريا الشيغيلا) وأعراض الإسهال والقيء.

وأرجع الأطباء تفشي تلك البكتيريا بين قوات الاحتلال إلى انعدام النظافة، وتبرعات غذائية من الجمهور، حيث دأب العديد من المطاعم والإسرائيليين إلى إرسال الطعام للجنود في قطاع غزة.

ونقلت الصحيفة عن أحد الجنود المتواجدين في غزة قوله بأن الجزء الأكبر من الأغذية في وحدته التي يخدم بها يأتي من التبرعات الغذائية، مشيرا إلى أن "طعام العسكريين غير صالح للأكل".

قصص وكوابيس

وتفيد تقارير صحفية أن إسرائيل تحاول التعتيم على الظواهر السلبية الآخذة بالازدياد بين صفوف الجيش المشاركين في اقتحام غزة؛ لأسباب تتعلق "بسمعة الجيش وهيبته". 

ولهذا فقد أقدمت "هآرتس" على الضغط على الجيش الإسرائيلي للاعتراف بأعداد الإصابات في صفوف قواته المقتحمة لغزة بعد أن تسربت أنباء عنهم من المستشفيات.

وقالت الصحيفة إنه بخلاف الحروب السابقة، فقد فرضت الرقابة العسكرية الإسرائيلية قيودا صارمة لمنع تسرب المعلومات عن الجنود الجرحى.

وبحسب ما قال رئيس الصحة العقلية في الجيش، العقيد لوسيان تاتسا لور،فإن "مسؤولي الصحة العقلية الآن يذهبون إلى الميدان ليكونوا مع الأفراد العسكريين".

وأضاف تاتسا لور لـ"جيروزاليم بوست" في 4 نوفمبر 2023 أن "النظام لا يفهم هؤلاء الجنود المقاتلين الذين عادوا بقصص وكوابيس". 

وفقا لتقرير سابق للجيش الإسرائيلي، فقد ارتفع معدل أولئك الذين تم استدعاؤهم للخدمة والجنود الذين ادعوا أن لديهم مشاكل في الصحة العقلية لتجنب الخدمة، ففي عام 2018 بلغت 7.9 بالمئة، وبحلول عام 2020 قفزت إلى 11.9 بالمئة، ومن المتوقع أن تصل إلى 13 بالمئة بنهاية الحرب الحالية.

وسبق أن أوردت صحيفة "يديعوت أحرونوت" في 27 نوفمبر، أن قيادة جيش الاحتلال قررت إقالة ضابطين من وحدة قتالية تشارك في التوغل البري بشمال غزة.

وسوغت قيادة جيش الاحتلال قرارها بإقالة الضابطين من الإشراف على الوحدة القتالية خلال الحرب على غزة والعمليات العسكرية البرية، بأن الكتيبة التي يشرفان عليها انسحبت من موقعها خلال مناورة برية.

وذكرت الصحيفة أن قرار الجنود في الوحدة القتالية الانسحاب جاء، لأن الوحدة القتالية لم تحظ بالدعم العسكري والغطاء الجوي عندما تعرض عناصرها لإطلاق نار كثيف من قبل عشرات المقاتلين من كتائب القسام الذين نصبوا كمينا للجنود الإسرائيليين.

وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي قد استدعى ما بين 300 و360 ألفا من جنود وضباط الاحتياط في أعقاب عملية "طوفان الأقصى".