اشتباكات فلسطينية مسلحة في مخيم "عين الحلوة" بلبنان.. ما دور إسرائيل؟

12

طباعة

مشاركة

بعد أسبوع من الاشتباكات، توصلت الفصائل المتقاتلة في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين جنوبي لبنان إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

واندلعت الاشتباكات بين حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح وفصائل إسلامية في المخيم مما أعاد تسليط الضوء على الصراع الأمني والسياسي في المخيمات المكتظة على الأراضي اللبنانية.

وأسفرت الاشتباكات الأخيرة والتي بدأت في 7 سبتمبر/ أيلول حتى الرابع عشر من ذات الشهر عن مقتل 17 شخصا وأكثر من 150 جريحا.

وعبر حوارات مع بعض قادة وناشطي هذه الفصائل، يحلل موقع "ميدل إيست آي" البريطاني الأحداث ويبحث عن هوية مؤججي هذه الخلافات، وما إن كان لإسرائيل دور فيها.

التهديد مستمر

يشير الموقع البريطاني، بنسخته الفرنسية، إلى الأوضاع التي وصفها بـ "الهادئة غير المستقرة" في مخيم "عين الحلوة"، بعد أيام قليلة من الاشتباكات بين مقاتلي حركة "فتح" ومقاتلي مجموعة تُسمى "الشباب المسلم".

وبدأت أعمال العنف الأخيرة في 7 سبتمبر 2023، بعد اتفاق وقف إطلاق النار "الهش" بين الفصائل المتنافسة.

وكانت التوترات قد تصاعدت منذ محاولة الاغتيال الفاشلة، في نهاية يوليو/تموز 2023، والتي استهدفت قائد مليشيا محلية، يدعى محمود خليل.

وبحسب الموقع، تلاها بعد ذلك كمين  لمقاتلي "فتح"، مما أدى إلى مقتل أحد كبار قادة الحركة، أبو شريف العرموشي، بالإضافة إلى أربعة من حراسه. 

وعد هذا الكمين ردا على محاولة الاغتيال. ويذكر الموقع أن القتال المتقطع والمميت استمر منذ ذلك الحين.

وأشار إلى محاولة الجماعات المسلحة الأخرى، مثل حركة المقاومة الإسلامية "حماس" وحركة "أمل" اللبنانية، إيقاف هذا العنف.

من ناحية أخرى، يقول الموقع إن الحياة تعود تدريجيا إلى إيقاعها داخل المخيم. ففي المناطق التي نجت من الصراعات الأخيرة، أعاد بعض السكان فتح متاجرهم، على الرغم من الوجود العسكري المكثف للفصائل المختلفة. 

وعلى العكس، في المناطق المتضررة من القتال، أصبحت المنازل مهجورة، وغالبا ما تكون مدمرة وغير صالحة للسكن.

ووفقا لـ "ميديل إيست آي"، نالت سلسلة الاشتباكات، في سبتمبر 2023، عدة مناطق في المخيم، منها حطين وبركسات وطوارق والتعمير والصفصاف والرأس الأحمر والطيرة وجبل الحليب.

وعلى الرغم من الهدوء الحالي، فإن التهديد بالعنف ما زال يلوح في الأفق، حيث منحت "فتح" الفصائل الأخرى مهلة، حتى نهاية شهر سبتمبر 2023، لتسليم قتلة أبو شريف العرموشي. 

"مؤامرة كبيرة"

ويقول الموقع إن شخصيات من المعسكرين المتنازعين تؤكد أنه "لا مجال لتدهور الوضع أكثر من ذلك"، في ذات الوقت الذي تزعم فيه أن "ما يحدث ما هو إلا رد فعل على هجمات المعسكر الآخر". 

وبشرط عدم الكشف عن هويته، قال زعيم جماعة مسلحة محلية منافسة لفتح للموقع إن جماعته لا تنوي السيطرة على الأراضي، ولكنها تتهم فتح بالتصرف بطريقة استفزازية.

وأضاف: في المرة الأخيرة لم يكن هذا الحي -الرأس الأحمر- جزءا من الاشتباكات، ولكن هذه المرة بدأ أعضاء حركة فتح إطلاق النار، وكان علينا أن نضع حدا لذلك، وفق وصفه.

وينقل التقرير عن المصدر تأكيده "وجود مؤامرة تهدف إلى تفكيك مخيمهم، والمستفيد الوحيد من ذلك هو الاحتلال الإسرائيلي".

ويتوافق مع هذا الرأي مصدر رفيع المستوى داخل "فتح"، والذي يرغب أيضا في عدم الكشف عن هويته.

وصرح: "سأكون صادقا معك، ما يحدث هنا يُنسق من قبل الإسرائيليين، سواء في معسكرنا أم في معسكر الإسلاميين".

وتابع: "كلانا مخترق، لا أستطيع أن أقول من فعل ذلك أو كيف، لكن صدقوني كل العنف الذي رأيتموه هو نتيجة هذا الاختراق".

ويلفت الموقع إلى أن مزاعم التدخل الخارجي لا يمكن إثباتها بشكل صريح، لكنها أصبحت جزءا من تغطية وسائل الإعلام اللبنانية المحلية للاشتباكات.

وبالإضافة إلى مزاعم التورط الإسرائيلي، يتهم البعض أيضا مقاتلي حركة "الشباب المسلم" بالقتال مع الجماعات المسلحة في سوريا.

لكن بحسب "ميديل إيست آي"، أوضح المصدر داخل "فتح" أن الاشتباكات شملت بشكل أساسي رجالا من المخيم، بالإضافة إلى لبنانيين وفلسطينيين من سوريا ممن غادروا بسبب الحرب.

وأضاف المصدر: "أعدهم جميعا أبنائي في المخيم، لكن لا أستطيع أن أنكر أنهم متسللون وأن بعضهم وراء ما يحدث". 

مرمى النيران

وتابع أن العامل الآخر الذي يفسر استمرار الاشتباكات هو الخلاف الداخلي داخل "فتح". ويوضح ذلك قائلا: "إن عناصرنا الشابة متحمسة وغالبا ما تتحدى القيادة المركزية". 

وأضاف أن "القادة السياسيين يتفقون على وقف إطلاق النار، لكن على الأرض لا يتحقق ذلك".  

وفي أعقاب الاشتباكات الأخيرة، يلفت الموقع إلى أن اللاجئين يجدون أنفسهم أمام واقعة جديدة تزيد من حدة وضعهم الحرج في المخيم. 

إذ تعرضت بعض الأحياء، مثل طوارق وحطين، للدمار بشكل خاص وأصبحت الآن تشبه مناطق خلفتها الحرب. 

أما في الرأس الأحمر، فالوضع أقل كارثية، لكن السكان ما زالوا يغادرون المنطقة بسبب الاشتباكات.

وبحسب وثائق وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، فقد تسبب القتال في نزوح أعداد كبيرة من المدنيين من المخيم، خاصة في حي حطين الذي تعرض لقصف مدفعي ثقيل.

ويلفت "ميدل إيست آي" إلى أن الذين فروا من القتال اتخذوا من المساجد والمدارس، وحتى مباني بلدية صيدا، ملجأ لهم.

وتؤكد بيانات "أونروا" عمليات المغادرة الجماعية هذه من المخيم، موضحة أن ملاجئها الطارئة أصبحت شبه مشبعة.

وأشارت إلى أنها أنفقت ما يقرب من 15.5 مليون دولار كمساعدات لدعم النازحين وضمان مواصلة تعليم الأطفال.  

على هامش آخر، يفيد الموقع بأن إحصائيات الخسائر البشرية الدقيقة لا تزال موضع خلاف، حيث توقف كلا الفصيلين عن توضيح تفاصيل خسائره. 

ومع ذلك، أقر مدير مستشفى الهمشري بمقتل حوالي 17 شخصا خلال موجة العنف الأخيرة.

كذلك ألحقت الرصاصات الطائشة أضرارا بالبنية التحتية وأسهمت في انتشار شعور الخوف بين السكان.