علي الشكري.. مرشح توافقي ينافس المالكي والسوداني على رئاسة وزراء العراق

يوسف العلي | منذ ساعتين

12

طباعة

مشاركة

في ظل الحراك السياسي الذي يشهده العراق لاختيار رئيس وزراء جديد، لا سيما داخل الإطار التنسيقي الشيعي الذي يمتلك الكتلة البرلمانية الأكبر، تُطرح أسماء عدة لتولي المنصب، ويبرز بينها اسم علي الشكري كأحد أبرز مرشحي التسوية لشغل الموقع التنفيذي الأول.

ويُطرح الشكري كخيار توافقي في أعقاب تعادل الكفّة داخل الإطار التنسيقي بين رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، زعيم ائتلاف دولة القانون الساعي إلى ولاية ثالثة (2006–2014)، ورئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني، رئيس تحالف الإعمار والتنمية الذي يطمح إلى ولاية ثانية، ما أعاد ملف “مرشح التسوية” إلى الواجهة.

مرشح توافقي

بالتزامن مع تزايد تداول اسمه في الأوساط السياسية، كشفت مواقع عراقية محلية عن تحركات يجريها علي الشكري خارج العراق، في إطار مساعٍ تهدف إلى تسويق نفسه مرشحًا توافقيًا لتولي منصب رئاسة الوزراء، بوصفه الخيار الأنسب لتجاوز الانقسام داخل الإطار التنسيقي.

ونشر موقع هاف بوست عراقي، في 23 ديسمبر/كانون الأول 2025، تقريرًا أفاد بوصول علي يوسف الشكري، رئيس هيئة المستشارين في رئاسة الجمهورية العراقية، إلى العاصمة اللبنانية بيروت، في زيارة وُصفت ظاهريًا بالأكاديمية، لكنها تحمل في جوهرها أبعادًا سياسية واضحة.

وبحسب التقرير، فإن الزيارة تمثل حملة تسويق سياسي متكاملة، جرى الإعداد لها بعناية من قبل رجال أعمال عراقيين ولبنانيين، إلى جانب شخصيات دينية، فضلًا عن رئيس حكومة سابق يتمتع بعلاقات وثيقة في بيروت، في سياق مساعٍ لحشد دعم إقليمي غير معلن لترشيحه.

وأشار الموقع إلى أن الشكري حاول لقاء شخصية عراقية بارزة لها صلة بالمرجعية الدينية العليا في النجف، وتقيم بشكل شبه دائم في لبنان، غير أن هذه المحاولة لم تُكلل بالنجاح، في ظل موقف المرجعية الرافض التدخل في مثل هذه الاستحقاقات السياسية.

كما أفاد التقرير بأن الشكري التقى شخصية شيعية مؤثرة في بيروت، في محاولة للتأثير على قادة الإطار التنسيقي ودفعهم للتمسك به بوصفه مرشح تسوية، ضمن سلسلة لقاءات أجراها مع شخصيات شيعية عراقية ولبنانية ترتبط بعلاقات مع دوائر القرار الشيعي في بغداد، وقد أكد خلال هذه اللقاءات أنه المرشح التوافقي الأنسب في المرحلة الحالية.

ولفت الموقع إلى وجود نشاط سياسي عراقي مكثف في لبنان، مرتبط بملف رئاسة الحكومة، تشارك فيه شخصيات اقتصادية لبنانية نافذة تمتلك استثمارات واسعة داخل العراق، وتترقب فرصًا مستقبلية للحصول على مشاريع اقتصادية كبرى في البلاد.

ووفقًا للمصدر ذاته، يسعى الشكري، عبر قنوات شيعية لبنانية مؤثرة إلى إيصال رسالة إلى طهران مفادها أنه الخيار الأنسب لإدارة المرحلة المقبلة في العراق، في ظل تعقيدات المشهد السياسي الحالي.

وفي السياق ذاته، كتب المحلل السياسي المقرب من الإطار التنسيقي عباس العرداوي تدوينة على منصة "إكس"، في 22 ديسمبر/كانون الأول، قال فيها: إن رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني لم ينجح في كسب ثقة الإطار خلال اجتماعاته الأخيرة. مشيرًا إلى استمرار رفض بعض الأطراف تجديد ولايته، رغم تقديمه شرحًا تفصيليًا للأزمة المالية وتعهدًا بتجاوزها في حال الإسراع بالتجديد له.

وأضاف العرداوي أنه مع إدراك تحالف الإعمار والتنمية صعوبة تجديد ولاية السوداني، طُرحت رؤية جديدة أمام الرأي العام تتعلق بمواصفات المرشح القادر على تولي المنصب، لافتًا إلى وجود توجه لدى بعض القوى لفتح باب الترشيح مجددًا، وطرح أسماء أخرى، أو إعادة مناقشة اسمين سبق تداولهما، هما علي الشكري وحميد الشطري، رئيس جهاز المخابرات الحالي.

وفي 16 ديسمبر/كانون الأول، أفاد مركز صوت لشؤون الانتخابات في العراق بوجود شبه إجماع داخل الإطار التنسيقي على حصر مرشحي رئاسة الحكومة المقبلة بثلاثة أسماء، هي: علي الشكري، ومحمد شياع السوداني، ونوري المالكي.

وتصاعدت التكهنات بشأن ترشيح الشكري لرئاسة الوزراء عقب الزيارة التي أجراها أخيرًا إلى زعيم حركة عصائب أهل الحق، والقيادي في الإطار التنسيقي الشيعي قيس الخزعلي، في 2 ديسمبر/كانون الأول، وهي الزيارة الأولى من نوعها منذ عودة اسم الشكري إلى واجهة الترشيحات خلال الفترة الأخيرة.

مرفوض شعبيًا

لم يكن طرح اسم علي الشكري لتولي منصب رئاسة الحكومة العراقية جديدًا؛ إذ سبق أن جرى تداوله عقب استقالة حكومة عادل عبد المهدي في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2019، على خلفية احتجاجات تشرين الشعبية التي اندلعت في وسط وجنوب البلاد، وأسفرت عن مقتل نحو 800 متظاهر برصاص الأجهزة الأمنية ومجموعات مسلحة.

وفي 20 يناير/كانون الثاني 2020، أعلن متظاهرون في ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد رفضهم الأسماء المطروحة لتولي رئاسة الوزراء، من خلال تعليق لافتات ترفض ترشيح علي يوسف الشكري ومحمد توفيق علاوي، في مشهد عبّر عن موقف شعبي واضح من مرشحي الطبقة السياسية آنذاك.

وامتدت موجة الرفض الشعبي في تلك الفترة إلى محافظات عدة، من بينها محافظة السماوة جنوبي البلاد؛ حيث رُفعت شعارات مماثلة تعارض إعادة إنتاج الوجوه السياسية المرتبطة بالمنظومة الحاكمة.

وقبل ذلك، عُرف الشكري بانتمائه إلى التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، وتوليه منصب وزير التخطيط بين عامي 2011 و2014، كما شغل لاحقًا منصب وزير المالية لمدة تقارب عامًا واحدًا خلال المرحلة نفسها.

وفي عام 2014، فاز الشكري بعضوية مجلس النواب العراقي عن التيار الصدري، غير أنه انشق لاحقًا عن التيار، وخاض انتخابات عام 2018 ضمن تحالف الفتح بقيادة هادي العامري، زعيم منظمة بدر المقرّبة من إيران، لكنه لم ينجح في الفوز بمقعد برلماني آنذاك.

كبير المستشارين

يشغل علي يوسف الشكري منصب كبير مستشاري رئيس الجمهورية، ورئيس هيئة المستشارين والخبراء في رئاسة الجمهورية العراقية، بعد أن سبق له العمل مستشارًا قانونيًا خلال ولاية الرئيس السابق برهم صالح.

وُلد الشكري عام 1969 في مدينة النجف، وحصل على شهادة البكالوريوس في القانون من جامعة بغداد عام 1990، ثم نال درجة الماجستير من الجامعة ذاتها، قبل أن يحصل عام 1998 على الدكتوراه في القانون من جامعة بغداد، عن أطروحته الموسومة: «رئيس الدولة في الاتحاد الفيدرالي: دراسة مقارنة».

وشغل الشكري عددًا من المناصب الأكاديمية داخل العراق وخارجه؛ إذ بدأ مسيرته مديرًا لشؤون الطلبة في كلية الإدارة والاقتصاد بجامعة بغداد بين عامي 1995 و1996، ثم مقررًا لقسم إدارة الأعمال في الكلية نفسها عام 1998.

وفي مطلع الألفية، غادر العراق إلى ليبيا، حيث عمل رئيسًا لقسم القانون العام في جامعة عمر المختار للفترة من 2001 إلى 2002، ثم رئيسًا لقسم القانون الخاص في الجامعة ذاتها حتى عام 2003، قبل أن يتولى رئاسة قسم الدراسات العليا لمدة عام واحد. وفي الفترة بين عامي 2004 و2005، شغل منصب عميد كلية القانون في جامعة الساحل والصحراء بليبيا.

وبعد عودته إلى العراق، عُيّن الشكري معاونًا للعميد للشؤون العلمية في كلية القانون بجامعة الكوفة في 11 أغسطس/آب 2006، ثم تولى منصب عميد الكلية في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه.

وعلى الصعيد العلمي، أصدر الشكري عددًا من الكتب والمؤلفات، من بينها: المنظمات الدولية والإقليمية والمتخصصة، مبادئ قانون النشاط الاقتصادي، النظرية العامة في القانون الدستوري، مبادئ القانون البحري الليبي، النظم السياسية المقارنة، والدبلوماسية في عالم متغير.

كما نشر مجموعة من البحوث والدراسات الأكاديمية، تناولت موضوعات من بينها: مبادئ القانون الدستوري والنظم السياسية، القانون الجنائي الدولي في عالم متغير، حقوق الإنسان في ظل العولمة، والإرهاب الدولي في ظل النظام العالمي الجديد.