أبو زينب اللامي.. مدير أمن الحشد الشعبي الذي يسرق أراضي العراقيين بسلاح الدولة

يوسف العلي | منذ ٨ أشهر

12

طباعة

مشاركة

"قاتل المتظاهرين، ضابط دمج، سارق الأراضي"، كل هذه الألقاب تطلق على مدير عام جهاز الأمن في قوات "الحشد الشعبي" العراقية، حسين فالح عزيز، المعروف إعلاميا بـ"أبو زينب اللامي"، الذي جرت ترقيته عام 2023 إلى رتبة فريق ركن.

ويمتلك اللامي سجلا حافلا في انتهاكات حقوق الإنسان بالعراق، وتحديدا في قتل المتظاهرين خلال احتجاجات أكتوبر/ تشرين الأول 2019، وأحد المعاقبين من الولايات المتحدة الأميركية، وأبرز المقربين من قائد فيلق "القدس الإيراني" السابق، قاسم سليماني.

سارق الأراضي

اللامي تصدر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بالعراق في 18 أغسطس/ آب 2023، وذلك بعد ظهور مجموعة من سكان منطقة الجادرية في العاصمة بغداد تستنجد بالحكومة ومراجع الدين الشيعية لإعادة أراضيهم التي سرقها مدير أمن "الحشد الشعبي".

على ضوء ذلك، استقبل المرجع الأعلى للشيعة في العراق، علي السيستاني، العائلات التي اغتصبت أراضيها، وأصدر مكتبه بيانا في 19 أغسطس 2023، أكد أن "هؤلاء اشتكوا من التعرض إلى ضغط وتهديد للتخلي عن أراضيهم لصالح بعض الجهات".

وبحسب البيان، فإن السيستاني "أدان هذه الممارسات المخالفة للشرع والقانون"، مؤكدا أن "من أهم واجبات من هم في مواقع السلطة وبيدهم زمام أمور البلد هو حماية ممتلكات المواطنين وحقوقهم، والوقوف في وجه من يسعون للتعدي عليها بالإرهاب والتخويف ولا سيما من يحملون صفات رسمية".

وبعد ذلك مباشرة وفي اليوم نفسه، أصدرت لجنة مشكّلة من رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني للتحقيق في قضية الاستيلاء على أراضي المواطنين بمنطقة الجادرية، توصيات عدة، أبرزها إلقاء القبض على مرتكبي المخالفات القانونية.

وقالت وزارة الداخلية، إنه بإشراف ومتابعة شخصية من وزيرها عبد الأمير الشمري باشرت اللجنة أعمالها التحقيقية على الفور، وتوجهت إلى المنطقة المشار إليها والتقت اللجنة المواطنين الذين وقع عليهم الضرر وقامت بتدوين إفاداتهم، وأكملت اللجنة أعمالها.

وأضافت الوزارة في بيان أن "اللجنة أصدرت توصياتها خلال 24 ساعة، والتي خلصت إلى مفاتحة المحكمة المركزية لاتخاذ الإجراءات القانونية بحق الذين قاموا بالتجاوز وتجريف الأراضي، إضافة إلى العمل على إزالة التجاوزات ومنع التجريف بهذه المنطقة".

وطبقا للبيان فإنه "حصلت موافقة رئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة على تنفيذ التوصيات، وأمر بتنفيذ أمر القبض ضد مرتكبي هذه المخالفات القانونية واتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم".

وفي 21 أغسطس 2023، ظهرت "أم أحمد" إحدى المشتكيات من بطش الحشد الشعبي في منطقة الجادرية على إحدى القنوات الفضائية المحلية، وأكدت أن "صفاء اللامي ابن شقيق أبو زينب ووكيله في الاستيلاء على الأراضي، هددني بالقتل وإخراجي بقوة السلاح من أرضنا للاستيلاء عليها وبيعها".

من جهته، قال عضو لجنة النزاهة البرلمانية السابق، كاظم الصيادي، خلال مقابلة تلفزيونية في 20 أغسطس، إن "أبو زينب اللامي رفض التجاوز على أراضي هؤلاء المواطنين، وعندما أخبرته أن ما يقوم به أمر يخالف القانون، قال لي: أنا القانون".

وتابع: "بعدها جاءت مجموعة مسلحة بقيادة ابن شقيق أبو زينب اللامي وأشهرت أسلحتها في وجهي، وعندما أبلغت البرلمان بضرورة وضع حد للتجاوز على أراضي المواطنين رفضوا التعاطي مع القضية، والدخول في معترك مع رئيس جهاز أمن الحشد الشعبي".

وفي تصريحات سابقة له، وتحديدا في سبتمبر/أيلول 2019، قال الصيادي إن "مسؤول الأمن في الحشد الشعبي أبو زينب اللامي استولى على أراض زراعية تابعة للدولة"، مطالبا في حينها رئيس الحكومة (السابق) عادل عبدالمهدي بإقالته من منصبه.

ضابط دمج

أبو زينب حسين فالح عزيز اللامي من مواليد عام 1969 في محافظة ميسان جنوب العراق، لا يعرف تحصيله الدراسي، لكنه عمل مفوضا في سلك جهاز الأمن بعهد الرئيس الراحل صدام حسين، وهذه الوظيفة عادة يشغلها ممن لم يكمل تعليمه الثانوي.

وبحسب الكاتب والمحلل السياسي العراقي، هارون محمد، خلال مقطع مصور بثه على "يوتيوب" في 19 أغسطس، فإن "حسين فالح عزيزي (أبو زينب اللامي) كان يشغل حتى منتصف ثمانينيات القرن العشرين، مرتبة نائب مفوض في جهاز الأمن بمدينة العمارة (مركز محافظة ميسان)".

وأضاف محمد أنه "في عام 1986 ضُبط اللامي متلبسا بتلقي الرشوة، فطرد على إثرها من الخدمة في جهاز الأمن، وأحيل إلى المحكمة بعدها، وقبل محاكمته على الجريمة الأخلاقية هذه، هرب إلى إيران".

بعد الاحتلال الأميركي للبلاد عام 2003، عاد اللامي إلى العراق، وقام بتزوير وثائقه ليدلي بأنه كان ضابطا برتبة ملازم أول في جهاز الأمن إبان نظام صدام حسين، بحسب محمد.

وعندما أمر الحاكم الأميركي المدني للعراق بول بريمر عام 2003، بدمج عناصر المليشيات الشيعية في الأجهزة الأمنية العراقية، جرى تمرير أبو زينب اللامي ضمن مجاميع من مليشيا بدر بزعامة هادي العامري ليكون ضابطا في وزارة الداخلية، وفقا لرواية الكاتب هارون محمد.

وفي عام 2020، أرسلت الحكومة العراقية أبو زينب اللامي إلى مصر مع مجموعة من الضباط، لدراسة أركان الحرب لمدة عام كامل، وكان حينها برتبة لواء.

وفي يناير/ كانون الثاني 2023، جرت ترقية اللامي إلى رتبة فريق ركن، وذلك ضمن جدول ترقيات ضباط الجيش.

اللامي عرف بأنه عضو في كتائب حزب الله العراقية، وقريب من قاسم سليماني، إلى درجة أنه يعتقد في أحد تصريحاته المتداولة على مواقع التواصل في 23 أغسطس 2023، بأن الأخير "أحد أبرز أولياء الله على الأرض في هذا العصر، فهو وليّ حقيقي".

وكانت الولايات المتحدة الأميركية قد قتلت سليماني، بغارة جوية نفذتها طائرة مسيرة في 3 يناير 2020، قرب مطار بغداد الدولي، برفقة نائب رئيس الحشد الشعبي، أبو مهدي المهندس.

قاتل المتظاهرين

رافقت سيرة اللامي اتهامات بقتل المتظاهرين في احتجاجات أكتوبر 2019، وذلك من خلال ترؤسه غرفة عمليات تدير مجاميع من القناصة كانت تطلق النار على المحتجين من أعلى أسطح المباني المحيطة بساحة التحرير المكان الأساسي لما بات يعرف بـ"ثوار تشرين".

وكشف تقرير لوكالة "رويترز" البريطانية في 17 أكتوبر 2019، أن قناصة تابعين لميليشيات مدعومين من إيران اعتلوا الأسطح وأطلقوا النار على المتظاهرين في العراق، مما تسبب بمقتل أكثر من 100 شخص وإصابة نحو ستة آلاف آخرين.

وذكر التقرير نقلا عن مسؤولين عراقيين قولهم (لم تكشف هويتهم) إن هؤلاء المسلحين كانوا تحت إمرة أبو زينب اللامي الذي كلف هو بمهمة "سحق التظاهرات من مجموعة قادة آخرين".

وبحسب تقرير نشره "مركز أبحاث مكافحة الإرهاب" التابع للأكاديمية العسكرية الأميركية عام 2019، فإن اللامي، يرأس جهاز الأمن في قوات الحشد الشعبي، المسؤول عن معاقبة قادة الحشد في حال خالفوا الأوامر أو التعليمات.

وأكد تقرير المركز أن "اللامي يقود أقوى وكالة داخل الحشد الشعبي (أمن الحشد) وهي مجهزة تجهيزا جيدا ولديها قوات خاصة وقدرات استخباراتية عالية".

وفي عام 2019 أيضا، طرح اسم اللامي كمرشح لمنصب نائب وزير الداخلية لشؤون الاستخبارات، وهو منصب يخول له الحصول على نفوذ كبير في الحكومة، وفقا لـ"مركز مكافحة الإرهاب".

ونقل موقع قناة "الحرة" الأميركية في 2019، عن سياسيين عراقيين (لم يكشف هويتهم) أنهم يعتقدون أن "جهاز أمن الحشد برئاسة اللامي يدير فرعا يسمى بالاستخبارات التقنية يرأسه شخص يدعى أبو إيمان ويركز على إدارة عمليات مساومة بحق سياسيين ومسؤولين في وزارات عراقية مختلفة وقادة أمنيين".

وتشمل مهام مديرية أمن الحشد الشعبي عمليات جمع الأموال "الفاسدة" والسيطرة على الحدود العراقية السورية وانتهاكات حقوق الإنسان وتطوير وإنشاء قواعد تابعة لهم خارج إطار سيطرة الدولة، وفقا للقناة الأميركية.

ومن بين العمليات المثيرة للجدل التي قام بها اللامي اقتحام صالات قمار وسط بغداد في أغسطس 2019، واعتقال شخص يدعى "حجي حمزة الشمري" وصفته قوات الحشد الشعبي وقتها بأنه "زعيم مافيا القمار والدعارة" بالعراق.

وتشير وسائل إعلام عراقية محلية إلى أن اللامي هو من كان يقود هذه المهمة، فيما تحدث نواب عن وجود خلافات حول العوائد المالية الضخمة لهذه الصالات، وفقا لما نشرته قناة "الحرة".

وفي 6 ديسمبر 2019، صنّفت الولايات المتحدة اللامي على قائمة العقوبات وذلك لأسباب تتعلق بـ"الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان" المرتبطة بعمليات "اغتيال وقمع المحتجين".