بعد تعيين أول سفير لها لدى سلطة عباس.. هل اقتربت السعودية من التطبيع مع إسرائيل؟

12

طباعة

مشاركة

في قرار مريب ذي رسائل متعددة، أعلنت السعودية تعيين "سفير غير مقيم" لها في الأراضي الفلسطينية، لأول مرة، في خطوة متزامنة مع تزايد الحديث عن توصل السعودية لـ"مسودة" اتفاق تطبيع مع إسرائيل برعاية أميركية، وتسهيلات إسرائيلية لرام الله.

وذكرت سفارة الرياض لدى عمان، في تغريدة عبر تويتر في 12 أغسطس/آب 2023، أن السفير السعودي الحالي في الأردن، نايف السديري، سيتولى المنصب الجديد، بالإضافة لمنصب "القنصل العام في مدينة القدس"، ما يعني عدم الاعتراف بها عاصمة لإسرائيل.

دلالات السفير

مراقبون عدوا هذه الخطوة "رسالة سعودية" لواشنطن وإسرائيل لبيان مطالب المملكة مقابل موافقتها على التطبيع، والتي قيل إنها تتضمن ترتيبات لصالح الفلسطينيين، فيما يراها آخرون خطوة "شكلية" تنم عن قرب التطبيع.

وبالتزامن مع هذه الخطوة السعودية، قال مصدر فلسطيني كبير إن الاجتماع الذي عقده رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي، بمدينة العلمين في 13 أغسطس 2023، مع كل من رئيس فلسطين محمود عباس وعاهل الأردن عبد الله الثاني، ناقش الجهود الأميركية للتوصل إلى اتفاق بين السعودية وإسرائيل ومطالب الفلسطينيين في إطار هذا الاتفاق.

وأضاف المصدر (لم تسمه) لصحيفة "هآرتس" العبرية في 13 أغسطس 2023 أن الفلسطينيين سيطالبون الرياض بعدم التخلي عن "مبادرة السلام العربية" الصادرة عام 2002، وأن أي خطوة تجاه إسرائيل يجب أن تكون بهذه الروح فقط، وسينقل ذلك ملك الأردن إلى واشنطن حين يزورها قريبا.

الأكاديمي السعودي، أحمد بن راشد بن سعيّد، أكد أنه "لا يمكن فصل تعيين سفير سعودي في الأرض المحتلة عن سياق التطبيع السعودي الإسرائيلي الذي لا يسير بخطى بطيئة كما يظنّ كثيرون".

وقال ابن سعيّد لـ"الاستقلال" إن "عملية التطبيع هذه بدأت منذ مؤتمر فاس بالمغرب عام 1982، الذي تبنّى مشروعا للملك فهد بن عبد العزيز، ولي العهد السعودي آنذاك، يعترف ضمنيا بالكيان الصهيوني ضمن خطة تسوية".

وتابع: "ثم انطلقت ما سُمّيت (عملية السلام) في مدريد عام 1991 التي أعقبت غزو العراق وتدميره في حرب تحرير الكويت، وكانت برغبة سعودية، والملك فهد هو صاحب الفكرة، بحسب رواية الأمير بندر بن سلطان، في حوار أجرته معه قناة العربية".

الولايات المتحدة أعجبتها الفكرة، ورأت أنها أفضل استغلال لتلك اللحظة التي خرج فيها العراق، أو أُخرج من دائرة الصراع العربي الإسرائيلي، لتفرض على العرب الاستسلام رسميا، بحسب ابن سعيّد، الذي أكّد "تغيّر الخطاب السعودي الرسمي منذ ذلك الحين، فلم يعد الكيان الصهيوني يُذكر إلا باسم إسرائيل، واختفى تماما مصطلح العدو الصهيوني".

وكان التطبيع الأبرز في عام 2002 حين طرحت السعودية مشروع تسوية جديد تحت مسمى (المبادرة العربية)، وتبنّته الدول العربية في قمة بيروت.

ويقضي ذلك الاعتراف صراحة بـ"الاحتلال الإسرائيلي" لـ80 بالمئة من فلسطين، بما فيها الجزء الغربي من القدس، مقابل دولة فلسطينية في الضفة والقطاع، وهو ما رفضته تل أبيب وواشنطن، وإن كانتا قد استفادتا منها في كسر المزيد من الحواجز مع الاحتلال، والتمهيد لتنازلات جديدة مستقبلا.

وجاء فوز حركة "حماس" في الانتخابات الفلسطينية عام 2006 ليشكّل صدمة للمشروع التطبيعي السعودي، لأن صعود حركة إسلامية في فلسطين يعني إجهاض مسيرة التطبيع، والعودة إلى "الكفاح المسلح" بوصفه الخيار الوحيد لإنهاء الاحتلال.

ومنذ ذلك الحين، بدأ يظهر في السعودية "الخطاب المتصهين" الذي لا يكتفي بشيطنة حركة حماس، بل يتناول إسرائيل بطريقة إيجابية ويُظهرها مسالمة وديموقراطية ومتفوّقة علميا، بحسب الأكاديمي ابن سعيّد.

ثم تسارعت عجلة التطبيع في السنوات الأخيرة مع شيطنة القضية الفلسطينية برمّتها، وخرج بندر بن سلطان على قناة العربية في أكتوبر/تشرين الأول 2020 ليهجوَ الفلسطينيين، ويخوّنهم متجاهلا دوره هو في تطويع المنطقة للتطبيع.

واستطرد ابن سعيّد: "ثم أصبحنا نرى الدعاية السعودية ترمي الفلسطينيين عن قوس واحدة، سواء في الصحف أو في المنصات الاجتماعية، بكل مقذع من الشتم، بدءا من (فلسطين ليست قضيتي)، وليس انتهاء بـ(الفلسطيني الذي رضع الحقد من صدر أمّه، وباع اليهود أرضه)".

وتابع: "ثمّ أصبحنا نرى صهاينة يفدون إلى المملكة، منهم الحاخام، يعقوب يسرائيل، المعروف بسعيه إلى هدم المسجد الأقصى لبناء الهيكل المزعوم على أنقاضه، والذي حلّ هذا الحاخام ضيفا على المملكة، ويقيم فيها بوصفه كبير الحاخامات في السعودية".

لهذا كله، يرى البروفسور ابن سعيّد، أن "تعيين السعودية قنصلا لها في القدس وهي تحت الاحتلال، ليس إلا امتداد لإرث من التطبيع، وليس مفاجئا ولا خارجا عن السياق".

مخرج تجميلي

محلل سياسي مصري فسر لـ"الاستقلال" خطوة تعيين سفير سعودي في فلسطين بأمرين، الأول، إما أنها "خطوة شكلية" تحاول بها المملكة إظهار أنها لم تنس الفلسطينيين، لأن السفير المُعين "غير مقيم"، أي لن يذهب لزيارة إسرائيل (في طريقه للأراضي الفلسطينية)، وسيمارس نفس الدور الذي كان يقوم به سفير الرياض في الاردن.

وتسلم مستشار الرئيس الفلسطيني للشؤون الدبلوماسية مجدي الخالدي، أوراق اعتماد السفير نايف السديري، لدى دولة فلسطين، وقنصلا عاما للمملكة في القدس، بمقر سفارة فلسطين لدى الأردن، وفق الوكالة الرسمية الفلسطينية (وفا)، في 12 أغسطس 2023.

والثاني، أنها ربما رسالة سعودية موجهة لأميركا وإسرائيل بضرورة اتخاذ خطوات لتعزيز السلطة الفلسطينية أو مبادرة لإنشاء الدولة الفلسطينية، كمقابل للتطبيع، وفق المحلل المصري الذي طلب عدم ذكر اسمه لأسباب خاصة.

ورأى أن هذا يشير إلى أن حديث الغرب وإسرائيل عن قرب التطبيع "صحيح والرياض تبحث عن مخرج تجميلي لموقفها بموقف يصب في خانة القضية الفلسطينية".

من جهته، قال الباحث السياسي السعودي، أحمد الشهري، إن "الرياض لا تمانع في إقامة علاقة مع إسرائيل، بشرط أن يقدم الإسرائيليون تنازلات حقيقية، وعلى رأسها الاعتراف بدولة فلسطين على حدود 67 وفق المبادرة العربية".

وأفاد الشهري لموقع "الحرة" الأميركي في 12 أغسطس 2023 بأن "خطوة تعيين سفير سعودي تهدف لترسيخ الاعتراف بدولة فلسطين وتفعيل القرارات الدولية بشأنها".

لكن الرد الإسرائيلي على القرار السعودي جاء سريعا برفض وزير الخارجية، إيلي كوهين، تعيين السفير في الأراضي الفلسطينية، مشيرا ضمنا إلى "عدم تنسيق الرياض معهم".

وفي مقابلة مع راديو "103 إف إم" في 13 أغسطس 2023، قال كوهين إن "إسرائيل لن تسمح بفتح بعثة دبلوماسية سعودية لدى السلطة الفلسطينية"، زاعما أن تلك الخطوة "تتعارض مع مواقف إسرائيل".

وأضاف: "هم (السعوديون) لا يحتاجون إلى طلب إذننا، ولم يتشاوروا معنا وليسوا بحاجة إلى ذلك، لكننا لن نسمح بافتتاح أي بعثة دبلوماسية على الإطلاق".

لكن كوهين وصف القرار السعودي بأنه "جاء مدفوعا بإحراز تقدم في مفاوضات التطبيع" بين إسرائيل والمملكة، كأنه يشير إلى قرب التطبيع.

وقال: "يمكن التوصل إلى اتفاقيات تطبيع، الأمر معقد لكنه قابل للتحقيق"، متمنيا إنجاز ذلك خلال الـ13 شهرا المقبلة قبل الانتخابات الأميركية.

صحيفة "يسرائيل هيوم" رأت في 12 أغسطس 2023 أن "قرار السعودية تعيين السفير مقدمة للتطبيع مع إسرائيل".

وقالت إن "نظام الحكم في الرياض معني بتقديم بادرة حسن نية للفلسطينيين لتقليص تأثير قرار التطبيع مع تل أبيب".

وقبل القرار السعودي بتعيين سفير لدى رام الله، أقرت إسرائيل تسهيلات "جزئية شكلية" للسلطة الفلسطينية بعد تدخل أميركي.

وأبلغت الإدارة الأميركية السلطة الفلسطينية في 8 أغسطس 2023، أن الحكومة الإسرائيلية أقرت بعض التسهيلات المحدودة لمساعدتها على مواجهة الأزمة المالية. 

هذه التسهيلات تتمثل في تأجيل دفع الأقساط الشهرية لقرض سابق قيمته نصف مليار شيكل، ودفع 50 بالمئة من رسوم السفر عبر المعبر الحدودي مع الأردن للسلطة ابتداء من سبتمبر/ أيلول 2023 والمصادقة على إقامة منطقة صناعية في بلدة ترقوميا قرب الخليل.

وتطالب السلطة الفلسطينية إسرائيل بدفع 800 مليون شيكل من رسوم المعابر التي توقفت الأخيرة عن دفعها لها منذ 10 سنوات، لكن إسرائيل رفضت دفع هذه المستحقات ووافقت على دفع نصف الرسوم ابتداء من أغسطس 2023.

تطبيع أم لا؟

بالتزامن مع خطوة تعيين سفير سعودي في فلسطين، يثير الإعلام الغربي والأميركي خصوصا تكهنات متضاربة عن قرب التطبيع بين السعودية وإسرائيل برعاية أميركية.

وتتحدث صحف عن قرب التطبيع وتصل لحد الحديث عن وضع "الخطوط العريضة" (مسودة) للاتفاق، وأخرى تنفي وتنشر معلومات عن "مشكلات" تعرقل التطبيع، تتعلق بمطالب سعودية قليلها خاصة بفلسطين وكثيرها بالمملكة.

وترى أنه رغم مواقف ولي العهد السعودي محمد بن سلمان المعلنة وتصويره معارضا للتطبيع دون حصول تقدم في الملف الفلسطيني خاصة أن بلاده هي التي قدمت "المبادرة العربية"، إلا أنه يوافق في الخفاء ويريد فقط المقابل (الثمن).

صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية نشرت في 9 أغسطس 2023 تقريرا قالت فيه إن الولايات المتحدة والسعودية اتفقتا على الخطوط العريضة لاتفاق التطبيع مع إسرائيل.

وقالت إنه "خلال 9-12 شهرا قد تتم صفقة التطبيع السعودية الإسرائيلية برعاية أميركية"، ونقلت عن المتحدث باسم الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر: "أحرزنا تقدما في عدد من القضايا، لكن ما زال أمامنا طريق طويل يتعين قطعه، مع مستقبل غير مؤكد".

وذكرت "وول ستريت جورنال" أن "ابن سلمان قرر ألا ينتظر حتى الانتخابات الأميركية القادمة لكي يمضي في موضوع التطبيع مع إسرائيل"، لكنه في الوقت ذاته متردد في التسرع بعقد صفقة مع الحكومة الإسرائيلية المتشددة الحالية. 

وحين كذب البيت الأبيض تقارير صحف أميركية وإسرائيلية بشأن "تقدم" في اتصالات التطبيع، قال إيلي كوهين وزير الخارجية الإسرائيلي "لا يوجد دخان من غير نار!".

وشدد على أن "الاتفاق بات قريبا، والسلام مع السعودية هو فقط مسألة وقت"، وفق صحيفة "يديعوت أحرونوت" في 10 أغسطس 2023.

مع ذلك، كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية في 11 أغسطس 2023 أن عقبات "حقيقية" لا تزال تقف في طريق التوصل لأي اتفاق تطبيع محتمل بين السعودية وإسرائيل.

وأشارت إلى تصريحات أدلى بها مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، تساحي هنغبي، قال فيها إن بلاده ليست مستعدة لتقديم "تنازلات ذات مغزى" بشأن قضية إقامة دولة فلسطينية، والتي يعتقد أنها أحد الشروط المسبقة التي وضعتها الرياض من أجل ضمان حصول التقارب مع إسرائيل، لحفظ ماء وجهها.

وقال هنغبي: "من أجل التطبيع مع السعودية، لن تدفع إسرائيل ثمن أمنها".

وذكر أن الصفقة ستسمح بمزيد من الاستثمار السعودي في مشاريع البنية التحتية الفلسطينية، دون أن يذكر دولة فلسطين.

فيما قالت "واشنطن بوست" إن "إسرائيل تتوقع مسودة اتفاق أميركي سعودي إسرائيلي بحلول سبتمبر 2023"، رغم وجود عقبات.

وأوضحت صحيفة "ديلي بيست" في 9 أغسطس 2023 أن صفقة التطبيع بين السعودية واسرائيل "ليست مؤكدة"، لأن الطريق إليها معقد للغاية، وسيتعين على الرئيس الأميركي جو بايدن الحصول على تأكيدات من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وابن سلمان، وهما من أقل القادة جدارة بالثقة في العالم.

لكن تحليلا لمجلة "+972" التي تعبر عن الصحافة المستقلة من إسرائيل وفلسطين، أكد في 8 أغسطس 2023 أنه "بالنسبة لابن سلمان، فإن التطبيع مع إسرائيل يمثل فرصة لتعزيز السيطرة الاجتماعية، وقمع النشاط المؤيد لفلسطين داخل مجتمع المملكة".

وأوضح أن "الإسرائيليين يريدون تعميق تحالفاتهم مع المستبدين الإقليميين لزيادة ترسيخ الوضع الراهن الذي لا يقبل بأي دولة فلسطينية، كما أن التطبيع مع السعودية سيضمن ألا تضطر إسرائيل أبدا إلى إيقاف جرائمها المتصاعدة".

وأكدت المجلة أن التطبيع السعودي الإسرائيلي "لن يعزز السلام أو الاستقرار، بل سيكون ركيزة أخرى لهيكل إقليمي قمعي".

وأضافت: "هذا الاتفاق سيعجل باختناق الفلسطينيين وتهجيرهم الجماعي المحتمل أكثر من أي وقت مضى، ولن يكون لهم ملاذ على المسرح الدولي".

وكان موقع "ميدل إيست آي" البريطاني قال في 12 أغسطس 2023 إن "أي صفقة مقترحة بين السعودية وإسرائيل وأميركا هي خدعة لحرمان الفلسطينيين من حقوقهم".

تمنيات إسرائيلية

ولفت الخبير الفلسطيني، سعيد بشارات، إلى أن كل التقارير التي تتحدث عن التطبيع مع السعودية، وتنفيها واشنطن لاحقا، تصدر عن مصادر إسرائيلية لا أميركية.

وأوضح في تحليل نشره عبر موقع "الهدهد" في 13 أغسطس 2023 أنه "رغم التقارير الكثيرة والحديث الإعلامي الذي ظهر أخيرا حول محادثات صفقة ثلاثية بين الرياض وواشنطن وتل أبيب تنتهي باتفاق تطبيع مع السعودية".

وأضاف "إلا أن هذه الأخبار والتحليلات لا تزال تبني توقعاتها وتحليلاتها على تسريبات معظمها إسرائيلية تنشر عبر صحفيين إسرائيليين في صحف أميركية، وسرعان ما تنفيها واشنطن!!، ما يعني أنها مسربة من إسرائيل لأهداف".

وقال بشارات: "يبدو أن هناك شيئا ما خلف هذه التسريبات، وخاصة أن هناك ردة فعل إسرائيلية داخلية، عبر عنها زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير ليبد الذي يبذل كامل جهده للتخريب على نتنياهو".

وتابع: "لقد أبلغ ليبد واشنطن أن اتفاق تطبيع مع السعودية مشروط بحصول الأخيرة على برنامج نووي مدني "قد يضر بأمن إسرائيل"، ما قد يشير إلى قبول "نتنياهو" بفكرة برنامج نووي سعودية مدني".

وأشار إلى أنه "في إعلام العدو، يقولون إنه وخلال الاتصالات بين الولايات المتحدة والسعودية ظهر خلاف كبير بين الإدارة الأميركية والكيان، حول التنازلات التي ستُطلب لصالح الفلسطينيين".

ويشن قادة المعارضة وقيادات عسكرية في إسرائيل "حربا كلامية" على فكرة السماح للسعودية بتخصيب اليورانيوم على أراضيها حتى لو كان ضمن برنامج سلمي، لأن السماح لهذا بذلك يفتح الطريق نظريا أمام تمكينها من تخصيب اليورانيوم لأغراض عسكرية.

وتخشى إسرائيل من أن تمكن السعودية من تخصيب اليورانيوم بقدراتها الذاتية سيؤجج سباقا نوويا يمكن أن تضم له تحديدا تركيا ومصر.

وهو ما يؤكده الخبير الفلسطيني، صالح النعامي، الذي غرد عبر تويتر في 11 أغسطس 2023 أن "إسرائيل تريد مطبعين عرب بدون أسنان".

شروط السعودية

صحيفة "واشنطن بوست" أوضحت في 11 أغسطس 2023 أن ولي العهد السعودي ابن سلمان يدير "صفقة صعبة، ويريد مقابلا كبيرا للتطبيع".

وذكرت أنه "يريد أسلحة أميركية واتفاقا أمنيا على غرار حلف الناتو مع واشنطن، سيلزم الولايات المتحدة بالرد عسكريا في حالة وقوع هجوم على أراضي السعودية".

وأفادت بأن "السعودية تريد أيضا مساعدة أميركية في تطوير برنامج نووي مدني، وتخصيب وقود اليورانيوم الخاص بها، بينما تفضل واشنطن صفقة مماثلة لتلك التي أبرمتها مع الإمارات، أي تستورد وقود المفاعلات".

ومقابل هذه المطالب الخاصة بالمملكة، لا يبدو واضحا ما ستكون الرياض مستعدة لقبوله نيابة عن الفلسطينيين، حيث أشار المسؤولون الإسرائيليون إلى أنهم لن يكونوا مستعدين لتلبية المتطلبات السعودية لإقامة دولة فلسطينية. 

وكان وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان قد أعاد التأكيد على هذا المطلب في يونيو/حزيران 2023 رغم أنه قال إن تطبيع العلاقات مع إسرائيل سيكون "في مصلحة المنطقة".

والجدير بالذكر أن الوزير فيصل لم يشر إلى دولة فلسطينية بحدود 1967، والتي كانت أساس مبادرة السلام السعودية التي قدمت عام 2002 ورفضتها إسرائيل وأميركا.

كما أشارت إسرائيل إلى أنها لن تتنازل عن الوضع النهائي للقدس حيث يطالب الفلسطينيون بالقدس الشرقية المحتلة عاصمة لهم.

وحاول وزير الخارجية الإسرائيلي كوهين في حوار مع موقع "إيلاف" السعودي في 6 أغسطس 2023 توجيه دفة القضية الفلسطينية التي قال إنها "لن تكون عقبة أمام السلام مع السعودية"، بتجاهل الحديث عن "دولة فلسطينية" وإنما تسهيلات للسلطة الفلسطينية.

وقال إن إسرائيل ستتخذ خطوات لتحسين الاقتصاد الفلسطيني، وزعم أن "هذا السلام مع السعودية سيغير العلاقة بين العالمين اليهودي والإسلامي".

أيضا نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مسؤولين أميركيين رغبة السعودية بتطوير برنامج نووي سعودي بمساعدة أميركية، يشمل السماح للسعودية بتخصيب اليورانيوم في المملكة. 

وتعد مسألة تخصيب اليورانيوم حساسة، إذ يمكن استخدامه في عملية إنتاج الأسلحة النووية، وهو سبب رفض إسرائيل هذا الطلب السعودي ضمن اتفاق التطبيع.

وقال كوهين، لـ"وول ستريت جورنال" إن "منح الولايات المتحدة السعودية ضمانا للدفاع ضد العدوان الإيراني سيجعل الطموحات النووية العربية أقل أهمية".

ووفقا للصحيفة، فإن إحدى أهم العقبات والشروط السعودية هي الحصول على عرض إسرائيلي يعزز مبدأ حل الدولتين وإنشاء دولة فلسطينية مستقلة.

مع ذلك قال نتنياهو لوسائل إعلام عبرية في 6 أغسطس 2023 إن "القضية الفلسطينية تُطرح في المفاوضات بشكل أقل بكثير مما تعتقدون!!".

وفي يونيو 2023 قال نتنياهو إنه "يجب العمل على اجتثاث فكرة إقامة دولة فلسطينية".

وتحدث تحليل نشرته صحيفة "هآرتس" العبرية في 11 أغسطس 2023 عن أن "صفقة سعودية فقط هي التي يمكن أن تنقذ نتنياهو من كارثة الانقلاب القضائي التي صنعها وسيغطي على تطرف حكومته وعدوانها".

وأكد أنه "بدون اتفاق تطبيع مع السعودية، سيظل وضع رئيس الوزراء الإسرائيلي مترديا سياسيا، وسيزداد ضعف الاقتصاد"، مؤكدا أن "محور الرياض وواشنطن (بشأن التطبيع) ينبض بالحياة".

أيضا ذكرت صحيفة "هآرتس" في 19 يونيو 2023 أن "ما تبقى على التطبيع السعودي-الإسرائيلي هو الاتفاق على الثمن".

وقالت إن "نتنياهو يريد من الولايات المتحدة التوسط في تحسين العلاقات السعودية الإسرائيلية، ليكون إنجازا كبيرا بالنسبة له، ويجعل القضية الفلسطينية غير ذات صلة بذلك".