تغذي الصراعات والحروب.. كيف جنت إسبانيا أرباحا طائلة من تجارة السلاح؟ 

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة بوبليكو الضوء على صناعة الأسلحة الإسبانية التي أمضت عقودا بقيمة 80 ألف مليون يورو خلال خمس سنوات.

وقالت الصحيفة الإسبانية: "حقق هذا القطاع أرباحا طائلة بفضل النشاط الاقتصادي والتجاري الذي يتخذ من البلدان التي تعاني من صراعات دامية عملاء رئيسين له، وهنا، أصبحت الدولة نفسها والعديد من صناديق الاستثمار المستفيد الرئيس".

ولفتت إلى أن تجارة الأسلحة لاقت بيئة خصبة للازدهار منذ نهاية وباء كورونا وبالتزامن مع اندلاع شرارة العديد من الحروب في مناطق مختلفة من العالم.

وبينما اندلعت نزاعات مسلحة جديدة، اشتدت صراعات قديمة وازدادت حدتها، وهنا، انضمت أوكرانيا إلى اليمن والسودان والساحل (الإفريقي) كمسرح للحرب.

وفي وقت تعيد باكستان التسلح، انتشرت مواجهات داخلية في دول مثل الفلبين؛ وهي اضطرابات تضاف إلى تلك الموجودة في مناطق مثل المغرب العربي. 

الصناعة العسكرية

ونوهت الصحيفة إلى أن هناك جهة تجني أموالا طائلة على حساب كل هذه التوترات؛ ألا وهي الصناعة العسكرية الإسبانية التي كانت الدولة الفاعل الرئيس فيها لعقود من الزمن.

وأصبح  وجود صناديق الاستثمار أكثر شيوعا وعلى نحو متزايد في إسبانيا، بفضل هذه الصناعة التي باتت ضمن قطاع الأعمال والصفقات.

بحسب بيانات وزارة الصناعة والتجارة والسياحة، أبرمت الصناعة العسكرية الإسبانية في 5 سنوات مضت (2017-2021) عقود التوريد للعملاء في البلدان الأخرى بقيمة تزيد عن 80 ألف مليون يورو.

وتجدر الإشارة إلى أن العديد من الممثلين الرئيسين والمتكتمين اجتمعوا هذا الأسبوع (17-19 مايو/أيار) في المعرض الدولي للدفاع والأمن المنظم في مدريد. 

ونتيجة هذه العقود، ستصبح صناعة الأسلحة بين المحركات الرئيسة للصادرات الإسبانية، التي بلغ حجمها في العام 2022، نحو 389 ألف مليون (يورو) للاقتصاد الإسباني ككل.

وهو ما سيضعها في مرتبة متقدمة على فروع مثل صناعة السيارات، التي كان ميزانها التجاري عام 2022 في حدود 10 آلاف مليون يورو.

وأشارت بوبليكو إلى أن الفاعل الرئيسي في قطاع الأسلحة الإسباني هو الدولة نفسها، وهي المالك أو الشريك المرجعي لثلاث من الشركات الرئيسية في هذا المجال: إيرباص للطيران، وشركة الملاحة نافانتيا، وشركة إندرا التكنولوجية. 

في هذا السياق، يوضح بيري أورتيجا، الباحث في مركز ديلاس، أن "هذه المجموعة من الشركات تشكل نوعا من احتكار القلة وهم الموردون الرئيسون لوزارة الدفاع.

ويرى أن وجودهم هو "إرث من عهد الدكتاتور الإسباني، فرانثيسكو فرانكو، منذ أن حاول بعد الحرب الأهلية أن يحقق اكتفاء ذاتيا للأسلحة حتى لا يعتمد على الخارج في حالة نشوب صراع، وهو الأمر الذي طالما حاولت جميع البلدان تحقيقه".

ونقلت الصحيفة أن قطاع صناعات الأسلحة الإسبانية شهد دخول صناديق الاستثمار والمجموعات متعددة الجنسيات التي شجعها جنون الحروب في الآونة الأخيرة، خاصة بعد أن حث حلف شمال الأطلسي "الناتو" الدول الأعضاء فيه على زيادة الإنفاق العسكري إلى اثنين بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي على المدى المتوسط.

في الحقيقة، اكتشفت صناديق الاستثمار أن إسبانيا لها العديد من النقاط القوية في هذا المجال خاصة على الصعيد الاقتصادي: حصتها الكبيرة في السوق، حيث إنها من بين أكبر عشرة من مصنعي الأسلحة في العالم، ودرجة التطور التكنولوجي المتقدم للقطاع، وقربه من أحد البنوك التي تمول عملياته (لم يذكره). 

الأكثر ربحية

وأضافت الصحيفة أن الحرب في أوكرانيا أصبحت تمثل فرصة تجارية مثيرة لمصنعي الذخيرة الإسبان. وبينما كانت الذخيرة والمتفجرات التي استوردتها تلك الدولة من إسبانيا بين عامي 2018 و2021 تقدر بقيمة 6.87 مليون يورو، حققت هذه الأرقام قفزة نوعية منذ بداية الحرب في فبراير/شباط 2022. 

وخلال الأشهر القليلة الماضية، كشفت البيانات المتاحة في قاعدة بيانات مصلحة الضرائب والغرف التجارية الإسبانية تحويلات بقيمة 7.25 مليون في ديسمبر/كانون الأول 2022، و5.45 في يناير/كانون الثاني 2023، و12.18 في فبراير/شباط الذي يليه.

وتقول بوبليكو: "بشكل عام، في غضون هذه الأشهر الثلاثة فقط، حققت صناعة الأسلحة الإسبانية أرباحا، من المبيعات إلى أوكرانيا، بقيمة 24.88 مليون يورو، أي أربعة أضعاف أرباح السنوات الثلاث السابقة". 

ويشير المصدر ذاته إلى أن نصف حجم مبيعات الصناعة العسكرية الإسبانية، تحت عنوان "الذخائر والقذائف والقنابل اليدوية وأجزائها"، في الشهرين الأولين من العام، بقيمة 17.64 مليون يورو من أصل 34.28، كانت من نصيب أوكرانيا. 

وفي حال جرى الحفاظ على هذا النسق طوال العام، فسيؤدي المعدل الموجود إلى رفع مبيعات الذخيرة إلى أكثر من 100 مليون يورو في السنة، وهو حجم من شأنه أن يضع الصناعة العسكرية الإسبانية على رأس قائمة المستفيدين من الحرب في أوكرانيا. 

وأوضحت الصحيفة أن الصراع في أوكرانيا ليس النزاع المسلح الوحيد المربح للشركات الإسبانية النشطة في قطاع الأسلحة.

وتكشف البيانات المتعلقة ببيع الأسلحة، التي تسيطر عليها مصلحة الضرائب والغرف التجارية الإسبانية، والتي لا تشمل المركبات أو البرامج، أن العديد من المتنافسين في الحروب الرئيسة النشطة على هذا الكوكب من بين أفضل عملاء هذه الشركات الإسبانية. 

تحديدا، حصلت ثلاث دول متورطة في الحرب في اليمن أو في السودان أو في كلا البلدين، مثل السعودية أو عمان أو الإمارات العربية المتحدة، على مواد حربية من إسبانيا في السنوات الثلاث الماضية (من 2020 إلى 2022) بقيمة 257 مليون يورو.

وتصدرت الرياض القائمة بين هذه الدول، محتكرة أكثر من ثلثي الفاتورة، بقيمة 175 مليون يورو، وفق الصحيفة. 

في حالة النزاعات في منطقة الساحل، حافظت غانا على إمداد يزيد قليلا عن خمسة ملايين يورو سنويا من الذخيرة والمتفجرات منذ عام 2020.

وبينما تصاعدت توترات باكستان مرة أخرى مع طالبان الأفغانية بعد انسحاب القوات الغربية منذ أكثر من عام ونصف، أنفقت 67.5 مليون يورو في نفس الفترة، لشراء الأسلحة الثقيلة في المرتبة الأولى والمعدات التكميلية.

بشكل عام، تحتكر الصراعات الموجودة في أوكرانيا واليمن والسودان، والصراعات المختلفة في منطقة الساحل، وتلك الواقعة على الحدود الأفغانية الباكستانية وأيضا في الفلبين، ثلث صادرات الأسلحة الإسبانية، بقيمة 424 مليون يورو، بحسب مصلحة الضرائب والغرف التجارية الأسبانية.