بعد خلافات امتدت شهورا.. كيف يمكن تفسير لقاء بارزاني وطالباني؟

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

سلط مركز دراسات الشرق الأوسط (أورسام) التركي الضوء على أهمية لقاء رئيس وزراء حكومة إقليم كردستان العراق "مسرور بارزاني" ونائبه "قوباد طالباني" بعد أكثر من ستة أشهر.

وجاء اللقاء في 8 مايو/أيار 2023، بعد أشهر من الخلافات والحملات السياسية والإعلامية الحادة بين الحزبين الكرديين الرئيسين الديمقراطي والاتحاد الوطني.

ووصلت الخلافات إلى حد تعليق قوباد الطالباني ووزراء الاتحاد الوطني مشاركتهم في اجتماعات حكومة الإقليم، التي يرأسها مسرور البارزاني عن الحزب الديمقراطي الكردستاني.

وجاء ذلك احتجاجا على ما وصفه الطالباني بـ"تفرّد" الحزب الديمقراطي الكردستاني بزمام السلطة في كردستان.

كما جاءت هذه الأحداث بعد حادثة اغتيال العقيد هاوكار الجاف، أحد أبرز الضباط في مؤسسة مكافحة الإرهاب، في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2022 بمدينة أربيل.

وهو ما أدى لمقاطعة الفريق الوزاري للاتحاد الوطني جلسات مجلس الوزراء في حكومة الإقليم، بعد أن اتهم الحزب الديمقراطي قادة أمنيين في الاتحاد الوطني بالوقوف وراء عملية الاغتيال.

وفي الاجتماع الأخير، ناقش الطرفان القضايا المالية والإدارية التي تواجه حكومة إقليم كردستان في أجواء إيجابية، واتفقا على حل جميع القضايا من خلال الحوار والتعاون بين الفصائل الوزارية في مجلس الوزراء.

وفيما يتعلق بالموضوع الذي ناقشه بارزاني وطالباني خلال الاجتماع، ذكر بيان الحكومة  أنه جرى التركيز على إقليم كردستان وآخرِ الأوضاع السياسية فيه.

وبحسب البيان، جرى التشديد على ضرورة الحفاظ على الوحدة الداخلية والتضامن من أجل حماية المصالح الوطنية والحقوق الدستورية لمواطني إقليم كردستان.

وقد شارك نائب رئيس وزراء حكومة إقليم كردستان "قوباد طالباني" المعلومات بعد اجتماعه مع "مسرور بارزاني". 

وصرَّح "قوباد طالباني" على حسابه على وسائل التواصل الاجتماعي تويتر: "نحن متحدون في الاعتقاد بأننا معا نستطيع التغلب على التحديات والعمل على خدمة المواطنين بشكل أفضل والوقوف بقوة ضد التهديدات العديدة التي تواجه إقليم كردستان".

مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى "باربرا ليف" عدت إقامة هذا الاجتماع "خطوة رائعة". 

فيما هنأت السفيرة الأميركية في العراق "ألينا رومانوسكي" بارزاني وطالباني على هذه الخطوة التي اتخذت لحل المشاكل من خلال الحوار. 

وقالت رومانوسكي "تستفيد البلاد بشكل كامل عندما يركز قادتها على احتياجات الشعب"، مضيفة "دعونا نمضِ قدما بشكل بنّاء من خلال أخذ القوة من هذه الخطوة المهمة".

بناء العلاقات

وقال الكاتب التركي "سرجان تشالشكان": "اكتسبت المفاوضات بين الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني الكردستانيين في الإقليم زخما لا سيما في الأشهر الستة الماضية". 

إذ جرى تقديم الاجتماع المذكور بين بارزاني وطالباني على أنه لقاء مهم لتصوير الأجواء الإيجابية في تقدم العلاقات، وخاصة للرأي العام الوطني والدولي في هذه الفترة. 

وفي هذه المرحلة، لن يكون من الخطأ قراءة المحادثات بين الجانبين على أنها عملية مدعومة دوليا وحتى تحت قيادة الولايات المتحدة. 

ويعود ذلك إلى أن زيارة منسق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بريت ماكغورك إلى العراق مع وفده في يناير/كانون الثاني 2023، وخاصة للتأكيد على أنهم يريدون "الوحدة" في حكومة إقليم كردستان، كانت مؤشرا مهما لهذا التطور.

كما يمكن أن تتأثر كيفية استمرار هذه العملية بشكل كبير على انتخابات البرلمان في حكومة إقليم كردستان، المقرر إجراؤها في نوفمبر/تشرين الثاني 2023. 

وأضاف الكاتب أن حجم الخلافات التي ستنشأ أثناء فترة الانتخابات وبعدها قد يعطل أيضا العلاقات التي يجرى السعي لبنائها بين الجانبين.

ومع ذلك، عندما ننظر إلى الوضع قبل الانتخابات، فإن الحكومة المركزية التي تمكنت على الأقل من تحقيق توازن في العلاقات مع إيران يمكن أن تحقق عملية "سلسة" فيما يتعلق بالسياسة الأميركية في العراق.

ويمكن تقييم هذه العملية بشكل خاص في وقت تكثف فيه الولايات المتحدة فهمها للأمن في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. 

ففي الفترة الأخيرة، كانت الولايات المتحدة تسير بخطوات لكسب النفوذ من خلال الخطوات السياسية بدلا من متابعة مصالحها في الشرق الأوسط بسياسات عسكرية، يقول الكاتب. 

من وجهة النظر هذه، يمكن القول إن الصراعات بين الجهات الفاعلة في العراق، والتي تلعب دورا مهيمنا في سياسة الولايات المتحدة بالشرق الأوسط، يجري تقليلها إلى الحد الأدنى وتحاول واشنطن إبقاءها في نظام مستقر يمكّنها من التدخل فيه سياسيا عند الضرورة.

وأشار الكاتب إلى أن حل المشاكل بين الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني في حكومة كردستان قد ينعكس إيجابا على الأخيرة محليا.

ولن يكون من الخطأ توقع أن يكون أحد أكبر انعكاساته على حكومة بغداد برئاسة محمد شياع السوداني. 

ومع ذلك، ونظرا لأهمية دعم حكومة السوداني في البرلمان، فإن السعي إلى التوافق مع الأحزاب السياسية الكردية قد يؤدي أيضا إلى سياسات جديدة من شأنها أن تؤدي إلى صالح إقليم كردستان. 

من وجهة النظر هذه، قد يكون أحد نتائج جهود الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني لحل المشاكل بينهما هو ظهور سياسات لصالح حكومة إقليم كردستان في السياسة في بغداد. 

الحفاظ على الحوار

في واقع الأمر، لوحظ أن الفصل بين الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني قد حدث بشكل متكرر في الفترة الأخيرة، وقد اتخذ الحزبان خطوات بأجندات مختلفة. 

وأحد أهم الأمثلة على ذلك هو عملية بناء الحكومة في بغداد، حيث شارك الحزب الديمقراطي الكردستاني في تحالف مع التيار الصدري وائتلاف السيادة الذي شكلته السياسة السنية في عملية تشكيلها.

ومن ناحية أخرى، دعم الاتحاد الوطني الكردستاني تحالف الأحزاب السياسية الشيعية ضمن إطار التنسيق الشيعي، المدعوم من إيران.

وقد أدى هذا الوضع إلى مفترق طرق حاد بين الحزبين في السياسة في بغداد. ومع ذلك، لم يقتصر الاختلاف على هذا، فقد حدثت صورة مماثلة في عملية تحديد المرشح الرئاسي.

وأضاف الكاتب: الأزمات التي تنشأ بين الحزبين بسبب التطورات في السياسة الداخلية لحكومة إقليم كردستان ستشكل عوامل مهمة تختبر سلامة عملية الحوار. 

ولفت إلى أنه كانت هناك أزمة حكومية اندلعت بين الجانبين، وعلى الرغم من أن عملية الحوار اكتسبت زخما، فإنه من الخطأ القول إن الأسباب التي مهدت لهذه الأزمات قد أزيلت. 

وبين أن الخطوات التي اتخذها بافل طالباني (رئيس حزب الاتحاد الوطني الكردستاني) لتعزيز قيادته كانت قد خلقت مشاكل مع الحزب الديمقراطي.

وقد انعكس فتح الحزب المجال الجوي لمنظمة حزب العمال الكردستاني في السليمانية بشكل سلبي على العلاقات مع تركيا وحكومة الإقليم، مما قد يزيد التوتر بين الجانبين.

وفي أبريل/نيسان 2023، أعلنت تركيا إغلاق مجالها الجوي أمام الرحلات من وإلى السليمانية في العراق بسبب تصاعد نشاط عناصر حزب العمال الكردستاني هناك.

ودخل الإغلاق حيز التنفيذ في الثالث من أبريل، ومن المتوقع أن يستمر حتى الثالث من يوليو/تموز. وأشارت تركيا إلى أنه سيجرى بعد ذلك إعادة النظر في هذا الموعد عقب متابعة وتقييم التطورات عن كثب.

وفي هذا السياق، بينما تجرى مناقشة عملية الحوار بين الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني ينبغي أن يؤخذ في الحسبان المرحلة التي وصل لها الطرفان في حل المشاكل التي بدأت تصبح مزمنة بين الجهات الفاعلة، في إشارة إلى تركيا. 

فهذه المشاكل كانت دائما على جدول الأعمال بعد وفاة الرئيس العراقي السابق والزعيم الكردي جلال طالباني وقد كشفت عن إشكالية العلاقات بين الطرفين اليوم، وفق الكاتب.

وختم مقاله قائلا: الحزب الديمقراطي يريد أن يبقى الفاعل المهيمن من خلال فرض سلطته المطلقة على الاتحاد الوطني في حكومة الإقليم.

لكن سياسات الاتحاد الوطني الكردستاني في السليمانية، والتي تصبح أكثر عدوانية مع الوقت، تتسبب في إطالة عمر عملية الحوار بين الحزبين، وفق تقديره.