أشرف ريفي.. سياسي لبناني يناهض إيران وحزب الله ويرفض ترحيل السوريين

يواصل "أشرف ريفي" النائب في البرلمان اللبناني واللواء السني الذي شغل منصب وزير العدل سابقا، إظهاره مواقفه الجريئة أمام حزب الله ونظام بشار الأسد وحلفاء الأخير الداعين لطرد اللاجئين السوريين وتشويه صورتهم في هذا البلد المجاور.
وفي موقف أمام موجة "العنصرية الجديدة" ضد السوريين في لبنان، طالب النائب "أشرف ريفي"، بخروج مليشيا "حزب الله" من قرى وبلدات القصير بريف حمص والقلمون السوري ليعود اللاجئون في لبنان إلى أرضهم.
وقال ريفي في تصريحات نشرها موقع "النشرة" اللبناني في 26 أبريل/نيسان 2023، "إنه ما من لبناني إلا ويريد العودة الآمنة والنهائية للاجئين السوريين، أما النظام السوري "وحزب الله" الذين هجروا الشعب من أراضيه واحتلوا قراه ومدنه ودمروها فهم المسؤولون عن استمرار كارثة اللجوء".
وأضاف أنه يجب على المجتمع الدولي أن يساعد لبنان عبر العودة الآمنة، مشيرا إلى أنه ليس صدفة أن تتحرك بعض المواضيع بسحر ساحر، وهي إطلاق الصواريخ من الجنوب، وموجة البناء غير الشرعي في الجنوب وعلى أراضي الدولة اللبنانية، وكذلك قضية الأحكام على شباب عرب خلدة في المحكمة العسكرية، وآخرها قضية النزوح السوري.
وتدخل "حزب الله" بقوة إلى جانب قوات الأسد في سوريا بأمر مباشر من المرشد الإيراني علي خامنئي منذ عام 2012، مرسلا العناصر لمنع سقوط الأسد ومساعدته على قلب المعادلة العسكرية لصالحه.
وتشير التقديرات إلى أن الحزب خسر 2000 من مقاتليه وأصيب الآلاف منهم مع تعرض بعضهم لإعاقات جسدية دائمة، كما يسيطر على مدن وبلدات سورية بشكل كامل.
ويعد اللواء أشرف ريفي، قائد مدينة طرابلس عاصمة السنة في لبنان، من أبرز الداعين لنزع سلاح حزب الله المدعوم من إيران ويهيمن به على هذا البلد.
كما يعد ريفي الخارج من صفوف تيار المستقبل الذي يقوده رئيس الوزراء السابق وحليفه القديم سعد الحريري، في هرم المسؤولين اللبنانيين الذين واجهوا نظام الأسد.
كما أنه وقف في وجه تدخلات الأسد في لبنان، ولا سيما عقب اندلاع الثورة السورية في مارس/آذار 2011 والتي ساندها ريفي بمواقفه الداعمة.
النشأة والتكوين
ولد أشرف ريفي عام 1954 بالحديدة في منطقة طرابلس شمال لبنان، وانتسب إلى المدرسة الحربية تلميذا ضابطا في قوى الأمن الداخلي عام 1973، وهو حائز على شهادة ماجستير في علم اجتماع الجريمة من الجامعة اللبنانية عام 1981.
تدرج ريفي في الرتب الأمنية حتى رقي إلى رتبة لواء وعين مديرا عاما لقوى الأمن الداخلي نهاية أبريل 2005.
إذ كان ريفي يشغل قبل ذلك منصب قائد سرية حرس رئاسة الحكومة ورئيسا لفرع المعلومات، وقائدا لـ"مدرسة الرتباء" في معهد قوى الأمن الداخلي، ورئيسا لقسم المباحث الجنائية الخاصة، ومساعدا للمفتش العام لقوى الأمن الداخلي.
كما تسلم رئاسة شعبة أمن الدولة الداخلي، وعين أيضا مديرا لأمن الدولة الإقليمي في محافظة الشمال خلال 1993-1995، قبل أن يصبح وزيرا للعدل في فبراير/شباط 2014، ضمن حكومة تمام سلام.
وتعرف ريفي مبكرا إلى رئيس الحكومة اللبنانية الراحل رفيق الحريري (اغتيل عام 2005 في بيروت) فصار مقربا جدا منه.
وأصبح ريفي لاحقا أحد رموز تيار "14 آذار" المناهض لنظام بشار الأسد والمعروف بمواقفه المعارضة لدور ونفوذ حزب الله في لبنان.
لذلك كان ريفي على رأس القوة الأمنية التي كشفت الخيوط الأولى لاغتيال الحريري، وقد استندت إلى نتائج تحقيق المحكمة الدولية التي أنشئت بقرار أممي.
وأدانت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان غيابيا، عام 2020 سليم عياش، وهو عضو في "حزب الله" (حليف إيران والنظام السوري) بعملية الاغتيال، بينما برأت 3 متهمين آخرين ينتمون للحزب.
من رموز السنّة
كان الزعيم السني البارز، من الرافضين لهيمنة سلاح حزب الله بالقوة على لبنان، وقد أثبت نهجه هذا، بإعلان استقالته من منصب وزير العدل في حكومة تمام سلام، في 21 فبراير/شباط 2016، احتجاجا على تحكم ذراع إيران بالقرار الحكومي.
وقال ريفي في بيان له حينئذ: "لقد استعمل حزب الله هذه الحكومة، في سياق ترسيخ مشروع الدويلة، حيث أراد تحويلها إلى أداة من أدوات بسط سيطرته على الدولة وقرارها".
وجاء ذلك بعد أيام من وقف الرياض مساعدات تفوق قيمتها ثلاثة مليارات دولار للجيش وقوى الأمن الداخلي اللبنانيين، معللة ذلك باتخاذ بيروت مواقف "مناهضة" لها، محملة المسؤولية عنها لحزب الله الشيعي حليف دمشق وطهران.
ومع مقاطعة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري الذي يعد من أبرز زعماء الطائفة السنية، الانتخابات البرلمانية مع حزبه، "تيار المستقبل"، أطل ريفي برأسه مستغلا الفراغ ودخل قبة البرلمان بحصوله على مقعد في انتخابات 2022.
وفي هذا السياق، أكد اللواء أشرف ريفي، في مقابلة مع صحيفة "الشرق الأوسط" نشرتها في 12 فبراير 2022، أن مستقبل السنة في لبنان "حتما سيكون أفضل من الوضع الحالي".
وأوضح أن "الطائفة السنية عبارة عن طاقة حيوية وديناميكية عالية جدا مرت بظرف استثنائي تسبب بخنقها وأسرها في مكان معين، واليوم فتحت آفاقها وهي تتحرر تدريجيا".
وعن مدى تأثير انسحاب سعد الحريري من الحياة السياسية على الطائفة السنية، أوضح ريفي أن الأخيرة "ستحتاج إلى مرحلة انتقالية، لكن في النهاية هذه الطائفة ليست عاقرا ولا عقيمة، ولديها خامات وقيادات وحيوية سياسية وامتداد عربي كبير وكل مقومات الانطلاق".
وينفي ريفي أن يكون هناك أي تخبط أو تشظي في الطائفة السنية، لافتا إلى أنها "تمر بمرحلة تحور بعد سقوط القيادة السابقة نتيجة خياراتها وإدارتها وعدم معايشتها لنبض الناس".
ومضى يقول: "اليوم الطائفة قد تنتقل إلى قيادات جديدة عدة وليس قيادة أحادية وقد تكون تلك القيادات مناطقية".
وبدأ ريفي بعد دخوله البرلمان، بمقارعة "حزب الله"، ولا سيما بعدما توجه رئيس كتلة الحزب النيابية "محمد رعد"، إلى المعارضين في 17 مايو/أيار 2022 بقوله: "نتقبلكم خصوما في المجلس النيابي، ولكن لن نتقبّلكم دروعا للإسرائيلي ومن وراءه"، حسبما قال لقناة المنار التابعة لحزب الله.
ليرد عليه أشرف ريفي قائلا "نحن لسنا عملاء لإسرائيل، أنت عميل لإيران"، داعيا إلى وقف لغة "التخوين".
وانخرط أشرف ريفي في 15 يوليو/تموز 2022، في كتلة "تجدد" النيابية، التي أسسها النائب أديب عبد المسيح وضمت كذلك النائبين "ميشال معوض وفؤاد مخزومي"، والتي تهدف لترجمة ما وعدوا به في الانتخابات النيابية أمام اللبنانيين.
وقال ريفي حينها: "بإعلاننا اليوم ولادة الكتلة، نطالب بتطبيق الدستور وببسط سلطة الدولة على الأراضي كافة، وبتسليم أي سلاح غير شرعي، فسلاح حزب الله فقد أي صفة مقاومة".
وحدد زعيم حزب الله "حسن نصر الله" موقف حزبه من مسألة تنصيب رئيس جديد للبلاد خلفا لميشال عون الذي انتهت ولايته نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2022، بقوله في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني من العام ذاته بأنه "يرغب بأن يكون للبنان رئيس جمهورية غير خاضع للولايات المتحدة ومطمئنا للمقاومة".
حينها، رد ريفي قائلا لـ "نصر الله": "خطابك الخشبي تخطاه الزمن، ولن يفرض على لبنان رئيس يحمي سلاح الغدر والغلبة".
كما غرد ريفي وهو عضو تكتل "تجدد" الذي يدعم ترشيح النائب ميشال معوض للرئاسة على تويتر في 12 نوفمبر 2022: "نريد رئيسا يحمي لبنان واللبنانيين من كل المخاطر والتهديدات بما فيها خطر سلاحكم وخطركم.. حان الوقت لتتعظوا من ثورة الشعب الإيراني البطل على نظام الملالي".
وفي حديث لإذاعة "لبنان الحر"، في 24 فبراير 2023 قال ريفي: "سيكون للبنان رئيس سيادي وإنقاذي وبعيد من محور الممانعة في الربيع المقبل".
وفي كثير من اللقاءات الشعبية هاجم ريفي إيران، وذات مرة قال بعد تأدية صلاة الجمعة في مسجد خلدة في 21 أكتوبر/تشرين الأول 2022: "في لبنان سننهي الوجود الإيراني وسنعيش مع إخواننا الشيعة والدروز والمسيحيين بوئام وبمحبة وباحترام".
مناهض للأسد
ومن أكثر الشواهد على صد ريفي تدخلات نظام الأسد بلبنان، رفضه حينما كان وزيرا للعدل، في 16 ديسمبر/كانون الأول 2015، طلبا من نظام الأسد بتسليمه هانيبال نجل رئيس النظام الليبي الراحل معمر القذافي.
وأكد ريفي وقتها أن الوزارة محتفظة لنفسها بحق الإفراج عنه أو عدمه وفق مسار التحقيقات التي تجريها معه في قضية "إخفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه".
وتحمل الطائفة الشيعية في لبنان معمر القذافي مسؤولية اختفاء الصدر الذي شوهد للمرة الأخيرة في ليبيا في 31 أغسطس/آب 1978 بعدما وصلها بدعوة رسمية قبلها بأيام مع رفيقيه.
وحينما حكمت محكمة التمييز العسكرية في لبنان على الوزير السابق ميشال سماحة بالسجن لمدة 13 عاما مع الأشغال الشاقة بجرم نقل متفجرات من سوريا الى لبنان والتخطيط لتنفيذ تفجيرات عام 2016، تطرق ريفي إلى الأمر بتصريحات لافتة.
وقال وقتها مخاطبا اللبنانيين: "حق لكم أن تفرحوا لأن عميل بشار الأسد وعلي مملوك (رئيس جهاز مخابرات النظام سابقا) عاد إلى السجن وواجب علينا وعليكم أن نكون جاهزين لمتابعة الطريق حتى تحقيق العدالة الكاملة".
ولعب ريفي موقفا بارزا في إعادة السلطات اللبنانية في 25 سبتمبر/أيلول 2014، جواز السفر الخاص بالمغنية السورية أصالة نصري المعروفة بمواقفها المعارضة لنظام الأسد، بعد حجزه لدى وصولها إلى بيروت إنفاذا لمذكرة قضائية أصدرها الإنتربول (الشرطة الدولية) بناء على ادعاء من دمشق عليها بجرم "التعامل مع إسرائيل".
ووقتها قال ريفي بصفته وزيرا للعدل اللبناني: "سنعيد جواز السفر إلى أصالة ولن نكون أدوات في يد النظام السوري لتنفيذ توقيفات ظاهرها قضائي ولكن خلفياتها سياسية".
كما لعب دورا كبيرا في رد مذكرات استدعاء قدمها نظام الأسد عبر محاكمه في دمشق، بحق شخصيات سياسية وصحفية لبنانية بتهمة "النيل من هيبة" الدولة السورية على خلفية مواقفهم الداعمة للثورة السورية، ومنهم الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط والصحافي اللبناني فارس خشان.
ولطالما أبدى ريفي مواقف جريئة، ومنها حينما أعادت حادثة تعذيب شاب سوري حتى الموت في لبنان مطلع أغسطس 2022 بعد يوم من توقيفه، تسليط الضوء على المعتقلين السوريين في سجن رومية شرق بيروت وانتهاكات النظام الأمني اللبناني.
ودفعت هذه الحادثة ريفي لتقديم في 29 أغسطس 2022، اقتراح قانون معجل مكرر لمنح عفو عام استثنائي عن المساجين، لأسباب إنسانية بعد وفاة سجينين بسبب انعدام الرعاية الصحية.
وفي موقف مساند لأهالي طرابلس، نجح ريفي بالتعاون مع شقيقه المغترب في أستراليا وعدد من أبناء الجالية اللبنانية هناك، أواخر أبريل 2022 بالإتيان بالغواصة الهندية "بايسيز 6"، في مهمة البحث عن زورق غارق لمهاجرين غير نظاميين معظمهم من أبناء مدينة طرابلس على بعد 6 كيلومترات من شاطئ المدينة.
لكن رغم ذلك، فقد اتهم النائب ريفي والدولة والمعنيون بملف غرق القارب أنهم "لا يريدون انتشال الجثث والمركب لإخفاء كيفية غرقه، من أجل منع محاسبة ومحاكمة من تسببوا بحادثة غرقه".