صحيفة إسبانية: تركيز الغرب على روسيا يخفي تورط الإمارات في حرب السودان

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

مع تصاعد حدة الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع وتدهور الوضع الإنساني بالبلاد، سلطت صحيفة "لاراثون" الإسبانية الضوء على دور القوى الدولية في هذه الحرب.

ورأت الصحيفة أن حالة الاستقطاب التي تخيم على المشهد العالمي بالوقت الراهن، جعلت الغرب يركز على ربط روسيا بالأحداث في السودان، رغم أنها غير مستفيدة منها، بينما يغطي على تورط دول أخرى بالحرب مثل الإمارات.

وضع حرج

وقالت "لاراثون" إنه مع مرور أكثر من أسبوع على اندلاع الحرب بين قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي" وقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، بات عدد القتلى يقترب من ألف بين المدنيين والجنود، فيما فشلت الدعوات المتتالية من قبل المجتمع الدولي لكلا الجانبين لإلقاء السلاح. 

في الوقت ذاته، جعلت المشاركة الضئيلة للسكان المدنيين في القتال الكثيرين يعتقدون أن الصراع لن يطول.

في حين أن المساحة الهائلة للبلاد، إضافة إلى المصالح المحتملة لقوى ثالثة، جعلت البعض الآخر يخشى أن يصبح السودان أرضا مشابهة لليبيا، التي تحولت إلى أمة بلا سلام منذ مقتل القذافي. 

ونقلت الصحيفة أن الاشتباكات بين قوات الدعم السريع والجيش النظامي اشتدت بشكل خاص في العاصمة الخرطوم، ولكن أيضا في مدن مهمة مثل الفاشر والضعين ومروي.

في الأثناء، أصبح البلد مقسما بين الأراضي التي تحتلها قوات الدعم السريع في الجنوب الغربي، والأراضي الممتدة على المناطق الجنوبية والجنوبية الشرقية التي يسيطر عليها الجيش النظامي، والتي لها منافذ إلى نهر النيل. 

وبعد أن فشل الجانبان في الامتثال لاتفاق وقف إطلاق النار المتفاوض عليه لإنشاء ممر إنساني، أصبح من الصعب توزيع الماء والغذاء بين السكان أكثر تعقيدا.  

وعلى الرغم من أن طرفي الصراع أمروا في السابق بمذابح ونظموا انقلابات وتعاونوا في تشكيل حكومة عسكرية، إلا أنه سعى كل طرف منهما على الظهور في صورة الزعيم المنقذ لشعبه. 

وهنا، تبرز اللغة التي تستخدمها قوات الدعم السريع على حسابها على تويتر؛ حيث إنهم يتهمون البرهان بالتعاون مع الإرهابيين وتنظيم انقلاب واختطاف السيادة الشعبية، وانتهاك حقوق الإنسان.

وأعلنت قوات الدعم السريع أنها ستفتح خطا هاتفيا حتى يتمكن المواطنون من التنديد بالفظائع المختلفة التي قد يرتكبها الجيش النظامي ضد السكان المدنيين.

استقطاب عالمي

وأشارت الصحيفة إلى أنه في ظل سياق عالمي مستقطب، سارع الجمهور الأوروبي إلى "إدماج" روسيا في الصراع.

وذهبت وسائل الإعلام الغربية إلى حد اتهام مجموعة فاغنر بدعم قوات الدعم السريع للاستيلاء على السلطة من البرهان.

على الرغم من حقيقة أن خلود خير، مؤسسة مركز الأبحاث السوداني "كونفلويس أدفيازوري"، أصرت مرارا وتكرارا على أن الصراع في السودان ينبع من الصراع بين القوى الداخلية وهذا لا يفسره بالضرورة بالتدخل الروسي.

من ناحية أخرى، أظهر السفير الروسي في الخرطوم قبل أيام دعمه للجيش النظامي، واصفا قوات الدعم السريع "بالمتمردين".

بالإضافة إلى ذلك، صادق وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، في شباط/ فبراير 2023 مع البرهان على بناء قاعدة بحرية في البحر الأحمر بسعة أربع سفن نووية.

وبشكل عام، لا يوجد دليل اليوم للدعم الروسي في الصراع الذي تقوده قوات الدعم السريع.

ومع ذلك، أدت الحاجة إلى "إلقاء اللوم على الكرملين في العلل العالمية" إلى إطلاق عنان رواية لا تنطبق بالضرورة على الحقيقة.

ولإثبات تورط موسكو، نشرت شبكة "سي إن إن" الأميركية قبل يومين تقريرا يبرر مساعدة فاغنر بالأسلحة لصالح حميدتي في تصريحات نسبت إلى "مصادر دبلوماسية".

ويدعم تقرير "سي إن إن" روايته بالاستشهاد برحلة نفذتها طائرة روسية من طراز إليوشن 76 قامت بسلسلة من الهبوط في الأراضي الليبية في الأيام التي سبقت الانقلاب في السودان.

على الرغم من حقيقة أن عمليات فاغنر معروفة في ليبيا منذ سنوات ولا يبدو أن هناك شيئا يشير إلى أن هبوط طائرة روسية في المنطقة هو أمر خارج عن المألوف. 

وبهدف إضفاء الحقيقة على القصة، تؤكد "سي إن إن أن" الطائرة المذكورة هبطت في قاعدة يسيطر عليها الجنرال الليبي خليفة حفتر، والذي لم يثبت تورطه في الصراع السوداني بعد.

باستثناء ما أكدته هذه "المصادر الإقليمية" التي تستخدمها وسائل الإعلام الأميركية دون ذكر أسماء فعلية. 

استسهال لافت

وأوضحت الصحيفة الإسبانية أن هذه الرواية الغربية تساعد دول أخرى منخرطة في الأحداث في السودان، مثل الإمارات أو مصر، على الإفلات من الأضواء العالمية والتركيز الدولي.

وذلك على الرغم من أن الأدلة المتاحة تظهر أن الإمارات ستكون الجهة الأكثر اهتماما بسقوط البرهان. 

في الحقيقة، سجل الجيش السوداني استخدام الذخائر الإماراتية من قبل قوات الدعم السريع بعد الاستيلاء على إحدى قواعدها، التي يعرف أنه جرى تسليمها إلى حميدتي وقواته شبه العسكرية منذ عام 2019.

علاوة على ذلك، اتخذت مصر، التي كانت تدعم في البداية البرهان، موقفا محايدا بعد اجتماع طارئ للجامعة العربية.

وأشارت الصحيفة إلى أن قائد قوات الدعم السريع التقى في فبراير/ شباط 2023 مع رئيس الإمارات محمد بن زايد، وهي لحظة استغلها الأخير للتعبير عن "قلقه" بشأن الوضع السياسي في السودان.

من المثير للاهتمام معرفة أن حميدتي كان له لقاء أيضا مع كبار المسؤولين الإماراتيين في الأسابيع التي سبقت انقلاب 2021 بالتعاون مع البرهان.

لكن، تتمثل ميزة حميدتي في أنه حصل بالفعل على دعم عربي نهائي من خلال قواته التي عززت التحالف الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين في اليمن.

وجادلت "لاراثون" بأن أولئك الذين يبررون تدخل اليد الروسية من خلال حقيقة أن حميدتي مسؤول عن إدارة شحنات الذهب إلى موسكو، فهم يتجاهلون بشكل ملائم أن الجنرال السوداني مسؤول أيضا عن شحنات الذهب إلى أبوظبي ودبي، كونه مسؤولا ساميا يتحكم في الاقتصاد السوداني، نظرا لأنه يشغل منصب نائب رئيس مجلس سيادة السودان.

وعلى نفس المنوال، تساءلت الصحيفة عن السبب الذي يجعل روسيا ترغب في سقوط حاكم وقعت معه منذ شهرين بناء قاعدة بحرية؟!