إثر قرار بسجنه في رمضان.. مطالبات واسعة بإطلاق سراح الغنوشي وردع انقلاب سعيد

تونس - الاستقلال | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

أطلق ناشطون حملة تضامن واسعة مع رئيس حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي، الذي اعتقل من قبل قوات الرئيس الانقلابي قيس سعيد في ليلة 27 رمضان، التي وافقت 17 أبريل/ نيسان 2023، مطالبين بإطلاق سراحه فورا.

ونقلت وسائل إعلام تونسية عن مصادر حقوقية، أن قاضي التحقيق وجه إلى الغنوشي (82 عاما) وعدد من قيادات حركة النهضة المعتقلين، تهم "الاعتداء على أمن الدولة الداخلي، من أجل تبديل هيئة الدولة وحمل السكان على مهاجمة بعضهم بعضا".  

من جانبها، أوضحت سمية ابنة الغنوشي في تغريدة عبر تويتر، أن قاضي التحقيق أصدر بعد 60 ساعة من اعتقال الغنوشي، حكما جائرا بإيداع والدها السجن. 

وقالت إن "سعيد بهواجسه المريضة وأحقاده الدفينة هو السجين.. والغنوشي حر بفكره وتراثه ونضاله، الذي يأبى المنقلب التعيس إلا أن يزيده شرفا على شرف".

وأشارت إلى أن والدها رد عندما أصدر القاضي حكمه الباطل بسجنه، بهدوئه المعهود، ثابتا راسخا رسوخ الجبال، قائلا: "أمر المؤمن كلّه خير، الخير فيما قضى الله، اقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا. أنا مستبشر بالمستقبل".

وصب ناشطون عبر تغريداتهم على وسم الحملة #غنوشي_ليست_وحدك، جام غضبهم على "سعيد"، واتهموه بتبني مسار الثورة المضادة، وإهانة الرموز الوطنية والخلاص من المعارضين عبر تفعيل الآلة القمعية.

وعدوا اعتقال الغنوشي إفلاسا جديدا لقيس سعيد ومحاولة لإخفاء إخفاقه في التعامل مع الأزمات السياسية والاقتصادية التي تواجه الدولة، مستنكرين الاستهداف المفضوح لحركة النهضة وللتجربة الديمقراطية في تونس.

وأكد ناشطون أن الغنوشي سيبقى أهم المفكرين الإسلاميين ودعاة الوسطية والاعتدال، وأحد رموز النضال الوطني ضد الاستبداد في تونس.

إفلاس سياسي 

وتفاعلا مع الحملة، أكد الإعلامي وضاح خنفر، أن "الاعتقال التعسفي لم يكن يوما سوى دلالة على الإفلاس الأخلاقي والانحطاط السياسي، فكيف باعتقال مفكر وزعيم ثمانيني عُرف دوما بمواقفه المعتدلة، وخطابه المتوازن؟"، مؤكدا أن "الاعتقال لن يزيد الغنوشي إلا مكانة".

من جانبه، قال الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدكتور علي القرة داغي، إن اعتقال الغنوشي إقرار بغدر تونس، وبيان عجز وإفلاس الانقلاب، محذرا من أن السلطة كلما أمعنت في الظلم عجلت من زوالها.

فيما عد رئيس تحرير صحيفة المصريون جمال سلطان، اعتقال الغنوشي بمثابة إعلان إفلاس سياسي، وورقة أخيرة من مشغلي قيس سعيد لدفع تونس إلى عنف وصدام يمسحون فيه فشلهم، مؤكدا أنهم لن يفلحوا، وأن رحلة قيس في محطتها الأخيرة.

عنتريات سعيد

وهاجم ناشطون قيس سعيد، واتهموه بإدخال البلاد فصلا حزينا ومؤلما وكارثيا من تاريخها، باعتماده سياسة التنكيل بالمعارضين في محاولة للانتقام السياسي من خصومه، مطالبين بالإفراج الفوري عن الغنوشي.

وأشار السياسي والحقوقي المصري أسامة رشدي، إلى أن اعتقال الغنوشي رئيس البرلمان المنتخب والمنقلب عليه يؤكد أن قيس سعيد فقد بالفعل عقله، خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية القادمة 2024 التي لا يريدها قيس ويعلم أنها نهايته.

وأضاف أن سعيد لذلك عبر عما في صدره بتصريح قبل أيام قال فيه إنه: "ليس مستعدا لأن يسلّم الوطن لمن لا وطنية له"، متعجبا من أن قيس يرى أنه هو فقط الوطني.

وأكد أن هذا قمة الشيفونية وجنون العظمة المرضي، ولذلك يقوده شيطانه لاعتقال كل قيادات الطيف السياسي في تونس معتقدا أنه بذلك سيخلي الساحة له بمفرده، قائلا: "على العموم هو أغبى إخوانه من الطغاة وكل يوم يقترب من ساعة السقوط".

وكتب الإعلامي أحمد منصور: "حينما يفلس النظام السياسي كما في تونس يلجأ لاعتقال معارضيه وتلفيق التهم الفارغة لهم مثل اعتقال راشد الغنوشي وتوجيه اتهامات مضحكة له. وأكد الكاتب الدكتور إبراهيم الحمامي، أن الأقزام أمثال قيس سعيد لن يفلحوا في كسر الكبار، قائلا: "كم طاغية مر ورحل ولا يذكره التاريخ لكن تظل سيرة الكبار تتذكرها الأجيال".

وأضاف أن قيس سعيد لو عاش غير عمره عشرة أعمار لن يصل لشسع نعل الشيخ راشد.

وطالب الكاتب والباحث في شؤون الشرق الأوسط فراس أبو هلالة، بالحرية لرئيس البرلمان التونسي المنتخب الغنوشي، مؤكدا أنه ليس سياسيا تونسيا فقط بل هو رمز فكري عالمي، وإدارة الاختلاف معه يجب أن تكون بالقانون والسياسة لا بالقمع.

وأشار إلى أن الغنوشي ليس وحده المختطف في تونس، بل العملية السياسية ككل، منذ انقلاب قيس سعيد.

ورأى استاذ الاتصال السياسي أحمد بن راشد بن سعيد، أن اختطاف الغنوشي نتيجة طبيعية لعَقدٍ أسودَ من “الثورة المضادّة”، أو ثورة الخوارج المعاصرين على الأمّة. 

وأضاف أن تأخر اعتقال الغنوشي عقدا كاملا بعد اعتقال الرئيس مرسي، لأسباب كثيرة منها إنضاج الانقلاب ليبدو ضروريا أو مفهوما.

واستدرك: لكن كان لابد من ضرب التجربة التونسية، لأنها كانت القطرة الأولى من غيث الربيع العربي، وكان لا بدّ من خنق الأمل في مهده، حتى لا يكون مصدر إلهامٍ في المستقبل.

وأكد أن اعتقال الغنوشي دليل آخر على حيوية هذه الأمة وديناميكيتها، وقدرتها الخلّاقة على المقاومة والتضحية والصمود.

وأكد دحان عبدالكريم، أن الغنوشي والنهضة وحلفاءها ما كانوا يريدون بتونس إلا خيرا وإن خانهم الملف الاقتصادي والاجتماعي الذي من الطبيعي أن يعاني في إطار التحول الديمقراطي.

وأضاف: جاء هذا الأفاك المجرم وخدع التونسيين بفقاعات من الكلام ليتضح أنه جندي من جنود الثورة المضادة.

تضامن وتآزر

من جانبه، خاطب الأكاديمي التركي ياسين أكتاي، الغنوشي قائلا: "لست وحدك ولن تكون، فالسجون للمجرمين والفاسدين، وليست للساسة ولا للمفكرين". 

وأضاف أن سجن الغنوشي، "عار على من سجنوه ومن أيد أو حتى صمت".

وحث الكاتب والصحفي الأردني ياسر أبو هلالة، على المشاركة في حملة التضامن مع الغنوشي، قائلا إن ذلك أقل ما يمكن تقديمه للشيخ له، وهو يواجه الطاغية الوضيع. وخاطب الداعية طارق سويدان، الغنوشي قائلا: "أشهد أنك من عظماء هذه الأمة، بذلت جهدا وأبدعت فكرا وصبرت دهرا، فجزاك الله خيرا ً عن أمتك وعن تونس خاصة، وقطع الله يدا امتدت إليك، ولسانا أساء إلى قامتك العالية". وأكد الباحث العربي مهنا الحبيل، أن التضامن مع الشيخ الغنوشي واجب فكري وأخلاقي لكل مثقف عربي، واصفا محاصرته واعتقاله بأنه "غدر بتونس والحلم العربي". 

وأوضح أن الغنوشي لا يمثل شخصية مفردة لها دورها الفكري المميز في تاريخ الشرق الإسلامي والإحيائيين الكبار وحسب، لكنه رائد تجربة تاريخية لشراكة فكر النهضة الإسلامي في سبيل دولة العدالة والحقوق والاندماج الوطني العام.

مكانة الغنوشي

وتحدث ناشطون عن مكانة الغنوشي وأشادوا بعلمه وحكمته ودوره في دعم الإسلام الوسطي، وأذكوا سيرته في النضال ضد الظلم والديكتاتورية.

وأكد الأكاديمي التونسي نبيل المصعبية، أن التاريخ سيذكر أن الغنوشي أهدى تونس استثناء ديمقراطيا صمد عشر سنوات. 

وكتب عبدالرحمن يلماز: "اعتقله النظام الانقلابي في تونس بتهمة التحريض على حرب أهلية، لكن المتتبع لتصريحاته منذ 4 عقود يجد تمسكا ثابتا بنبذ الإقصاء والدعوة لقبول الاختلاف والوحدة الوطنية".

وقال الكاتب الصحفي تركي الشلهوب، إن الغنوشي قامة فكرية وسياسية، ومحاولة الانقضاض عليه بهذا الشكل هي محاولة قتل متعمد للسياسة في تونس.

وأكد المحلل السياسي ياسر الزعاترة، أن السجون لا تدفن الأحرار، والقمع لا يرفع الصغار.

وأضاف: "الغنوشي سيرة من النضال ضد الظلم والدكتاتورية، فيما كان من يستهدفه من أتباع الدكتاتورية، وبلا أي سيرة نضالية من أي نوع، وصعد بعد أن داعب خيال الناس بشعبويات أسفرت عن لا شيء".

وعد أستاذ الشؤون الدولية بجامعة قطر محمد مختار الشنقيطي: "اعتقال سعيد ورهطه المفسدين للغنوشي في رمضان هو اعتقال لأفضل ما في تونس: تاريخا، وقيما، وشهامةً، وصلابة في وجه الظلم، وحملا لهمِّ الشعب والأمة.. على يد أسوأ ما في تونس: خيانة، وفسادا، واستبدادا، وانحلالاً، وتبعيةً.

وأضاف أنه "وقت الاختيار، وعلى شعب تونس أن يختار".