السيسي وابن زايد دعما روسيا ضد أوكرانيا.. ماذا تقول الوثائق السرية الجديدة؟

إسماعيل يوسف | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

في يناير/كانون الثاني 2023 نشر عضو مجهول في مجموعة دردشة تُسمى "ديسكورد" Discord، يزيد عدد أعضائها عن 10 أشخاص، ملفات تحتوي على وثائق عسكرية أميركية مصنفة على أنها "سرية" و"سرية للغاية".

صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، قالت في تقرير موسع لها عن هذه الوثائق العسكرية في 9 أبريل/نيسان 2023 إنه "على ما يبدو لم يلحظ أحد هذه الوثائق في العالم الخارجي عندما تسربت للمرة الأولى".

لذلك بقيت الوثائق، التي كانت بالمئات، حتى أوائل مارس/آذار 2023 متداولة بين أعضاء المجموعة الصغيرة على "ديسكورد"، وهي منصة تواصل اجتماعي للدردشة، طبقا للصحيفة.

لكن في أوائل مارس، أعاد مستخدم آخر نشر العشرات من تلك الوثائق في مجموعة أخرى ذات جمهور أكبر قبل أن تنتشر بين مجتمع لعبة "Minecraft" الإلكترونية.

بحسب صحف أميركية، تدور الوثائق التي جرى كشفها، حول فضح كيف تتجسس واشنطن ليس على أعدائها فقط، بل وأيضا على حلفائها مثل تركيا وكوريا الجنوبية وحتى إسرائيل، وخطط عسكرية أميركية أوكرانية لصد العدوان الروسي، إضافة إلى قضايا ترتبط بمصر والإمارات وأوكرانيا.

 لكن الكثير من الوثائق مسحته مجموعة الدردشة "ديسكورد" من موقعها تماما، كما تعطل الموقع جزئيا ما يعني سرعة إخفاء وثائق أخرى.

هذه القضية الكبرى طرحت تساؤلات بشأن مصدر تسريب الوثائق العسكرية والاستخباراتية شديدة السرية، أهمها من الفاعل؟ ولماذا تتجسس واشنطن على حلفائها؟ وكيف تؤثر التسريبات على علاقاتهم؟

مصر والإمارات

كانت مفاجأة الملفات التي لا تزال تتسرب، هي وثيقتان تشيران لعمل نظامي عبد الفتاح السيسي في مصر ومحمد بن زايد في الإمارات ضد المصالح الأميركية والتعاون مع روسيا عسكريا وسياسيا.

وأظهرت وثيقة استخباراتية أميركية مُسربة، أن السيسي، أحد أقرب الحلفاء لواشنطن بالشرق الأوسط، أمر مرؤوسيه بإنتاج عشرات الآلاف من الصواريخ ليجرى شحنها سرا إلى روسيا، لتستخدمها في هجومها على أوكرانيا.

صحيفة "واشنطن بوست" قالت في 10 أبريل 2023، إن الوثيقة المصنفة على أنها سرية للغاية مؤرخة في 17 فبراير/شباط من نفس العام، تشير إلى أن السيسي يُعد مستفيدا كبيرا من المساعدات الأميركية بالمنطقة، لكنه يعمل ضد مصالح واشنطن.

الوثيقة ترصد محادثات بين السيسي وكبار المسؤولين العسكريين المصريين تشير إلى خطط لتزويد روسيا بقذائف المدفعية والبارود، وأن رئيس النظام المصري أمر بإنتاج ما يصل إلى 40 ألف صاروخ لإرسالها إلى روسيا.

بحسب الوثيقة أيضا، فإن السيسي أمر المسؤولين المصريين بالحفاظ على سرية إنتاج وشحن الصواريخ من أجل "تجنب المشاكل مع الغرب".

وقالت صحيفة واشنطن بوست إنها حصلت على الوثيقة من مجموعة من صور الملفات السرية المنشورة في فبراير ومارس على موقع ديسكورت، وهو تطبيق دردشة شائع بين من يمارسون الألعاب الإلكترونية ولم يتم الحديث عن الوثيقة إعلاميا من قبل.

وتقول الوثيقة إن السيسي أصدر تعليمات في 1 فبراير/شباط 2023، إلى وزير الدولة للإنتاج الحربي محمد صلاح الدين أنه "يجب إخبار عمال المصنع بأن المقذوفات موجهة للجيش المصري".

كما نقلت الوثيقة عن "صلاح الدين" قوله إنه سيأمر موظفيه بالعمل بنظام الورديات إذا لزم الأمر، "لأنه أقل ما يمكن أن تفعله مصر لرد الجميل لروسيا"، مقابل مساعدتها لها في وقت سابق، دون توضيح ماهية هذه المساعدة الروسية.

وتقول الصحيفة إن الحرب بين أوكرانيا وروسيا، عرقلت الحصول على القمح الأوكراني، لذا أصبحت القاهرة تعتمد بشكل أكبر على الحبوب الروسية، في وقت تحتاجها بشدة لأن نقص القمح من شأنه أن يؤدي إلى اضطرابات شعبية.

وتنقل الوثيقة أيضا عن السيسي قوله إنه يفكر في بيع "أشياء عادية" إلى الصين، من أجل إفساح المجال "لمزيد من إنتاج صقر 45″، في إشارة إلى نوع من الصواريخ عيار 122 ملم التي تصنعها مصر.

وفيما لا تذكر الوثيقة صراحة،  إذا ما كانت الصواريخ التي سيجرى إنتاجها لروسيا هي صواريخ "صقر 45″، فإن الصحيفة الأميركية قالت إن هذه الصواريخ ستكون متوافقة مع قاذفات الصواريخ المتعددة الروسية من طراز غراد.

في رده على أسئلة بخصوص الوثيقة المسربة، وما تضمنته من حديث عن محادثات بين السيسي ومسؤولين بالبلاد، تحدث المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، أحمد أبو زيد بطريقة غامضة عامة دون نفي الأمر.

قال لصحيفة واشنطن بوست، إن "موقف مصر منذ البداية يقوم على عدم التدخل في هذه الأزمة، والالتزام بالمحافظة على مسافة متساوية مع الجانبين".

أضاف أبو زيد أن القاهرة تؤكد على "دعم مصر لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي في قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ونواصل حث الطرفين على وقف الأعمال العدائية والتوصل إلى حل سياسي من خلال المفاوضات".

لكن الصفحة الرسمية لوزارة الخارجية المصرية، وكذا صفحة المتحدث باسم الرئاسة، تجاهلتا الإشارة للأمر تمام، كنوع من التعتيم وكي لا يثير جدالا لدى الرأي العام المصري.

ولا تذكر الوثيقة كيف استخلصت الحكومة الأميركية تفاصيل المداولات المصرية، لكن يبدو أن بعض المعلومات الواردة في الوثائق التي تم تسريبها أخيرا تأتي من استخبارات الإشارات، والتي تشير إلى وسائل تقنية مثل اعتراض الاتصالات.

وتقول الصحيفة الأميركية، إن تزويد الحكومة الروسية بالأسلحة قد يؤدي إلى فرض عقوبات أميركية على مصر، وأن تقديم الأسلحة لروسيا في حربها على أوكرانيا، سيمثل مناورة قد تنفجر في وجه القاهرة.

وقال السيناتور الديمقراطي، كريس مورفي، والذي يعمل في لجنتي العلاقات الخارجية والمخصصات بمجلس الشيوخ، إنه "إذا كان الحديث عن أن السيسي يصنع سرا صواريخ لروسيا يمكن استخدامها في أوكرانيا صحيحا، فنحن بحاجة إلى مراجعة جادة بشأن علاقتنا".

ورأت سارة مارغون، مديرة السياسة الخارجية الأميركية في مؤسسة "المجتمع المفتوح"، إن ما جرى الكشف عنه في الوثيقة، إذا كان صحيحا فإنه "يثير التساؤل بشأن إذا ما كان ينبغي على الولايات المتحدة الاستمرار في الدفاع عن مصر ودعمها".

وقال مدير البرامج الأميركية في مجموعة الأزمات الدولية "مايكل وحيد حنا"، إن "فكرة مخالفة مصر الجهود الغربية لحرمان روسيا ومرتزقتها من التكنولوجيا والأسلحة اللازمة لحربها في أوكرانيا، يمثل إحراجا للولايات المتحدة".

مديرة منظمة هيومان رايتس ووتش بواشنطن "سارة ييجر"، والتي دعت في السابق إلى حظر أسلحة على مصر لتورط قواتها الأمنية في الانتهاكات، استغربت تقديم واشنطن مساعدات للقاهرة تُستخدم لتصنيع هذه الأسلحة التي تذهب إلى روسيا.

أيضا ذكرت وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية في 10 أبريل 2023 أن عملاء مخابرات أميركيين رصدوا ضباطا في المخابرات الروسية وهم يتفاخرون بأنهم أقنعوا الإمارات، الدولة الخليجية الغنية بالنفط، بالتعاون معهم.

وكان هذا التعاون يجرى ضد وكالات المخابرات في الولايات المتحدة وبريطانيا، وفقا لوثيقة أميركية مسربة.

الوثيقة التي كانت تحمل علامة سري للغاية، واطلعت عليها وكالة "أسوشيتيد برس" تعود إلى 9 مارس 2023 بعنوان: "روسيا -الإمارات: تعميق العلاقات الاستخباراتية".

وتشير الوثيقة إلى أنه: "في منتصف يناير 2023، زعم مسؤولو جهاز الأمن الفيدرالي أن مسؤولي جهاز الأمن الإماراتي وروسيا اتفقا على العمل معا ضد وكالات المخابرات الأميركية والبريطانية".

وأن "الإمارات تفكر على الأرجح في التعامل مع المخابرات الروسية كفرصة لتعزيز العلاقات المتنامية بين أبوظبي وموسكو وتنويع الشراكات الاستخباراتية وسط مخاوف من تراجع ارتباط الولايات المتحدة بالمنطقة".

ذكرت أن الولايات المتحدة لديها مخاوف متزايدة من أن الإمارات كانت تسمح لروسيا بالتحايل على العقوبات المفروضة بسبب غزو أوكرانيا.

ونفت الحكومة الإماراتية، مثل النظام المصري، أي اتهام للإمارات بتعميق العلاقات مع المخابرات الروسية ووصفتها بأنها "خاطئة بشكل قاطع".

ماذا تقول الوثائق؟

هذا التسريب لوثائق سرية كشفت عنه للمرة الأولى صحيفة "نيويورك تايمز" 7 أبريل 2023 وتبين أنه لا يشمل فقط تقارير ووثائق متعلقة بالنزاع في أوكرانيا.

لكنه يتعلق أيضا بتحليلات حساسة جدا بشأن حلفاء الولايات المتحدة وأسرار تتعلق بالأمن القومي الأميركي في أوكرانيا والشرق الأوسط والصين.

"نيويورك تايمز" الأميركية نقلت عن محللين أمنيين راجعوا الوثائق قولهم إن "الوثائق المسربة تتجاوز المواد السرية للغاية المتعلقة بخطط الحرب في أوكرانيا.

وأوضحوا أن العدد الأكبر منها "يشمل المتزايد إحاطة استخبارية حساسة عن الصين والمسرح العسكري في المحيطين الهندي والهادئ والشرق الأوسط والإرهاب"، دون تفاصيل.

وكذا تنصت يُظهر محاولة مجموعة فاغنر الروسية الحصول على أسلحة من دولة في حلف شمال الأطلسي "الناتو" لاستخدامها في الحرب الأوكرانية وصور أقمار اصطناعية استخدمتها الولايات المتحدة لملاحقة القوات الروسية، بما في ذلك تكنولوجيا لم يجر الكشف عنها من قبل.

قالت وكالة رويترز البريطانية في 10 أبريل 2023 إنها راجعت أكثر من 50 من هذه الوثائق، التي تحمل عنوان "سري" و"سري للغاية"، مؤكدة أنها تكشف تفاصيل نقاط الضعف العسكرية الأوكرانية "ومعلومات حول الحلفاء بما في ذلك إسرائيل وكوريا الجنوبية وتركيا".

وقالت صحيفة "واشنطن بوست" 8 أبريل 2023 إن الوثائق تحتوي على معلومات من الوكالات الاستخباراتية الأميركية الأخرى جمعتها عن روسيا ودول أخرى، وكلها تقوم على معلومات مستقاة من مصادر أمنية سرية، دون تحديد.

حذرت من أن "الإحاطات والملخصات تقدم صورة نادرة عن عالم التجسس الأميركي، فمن بين الأسرار الأخرى التي كشفت عنها الوثائق، معلومات حول الأماكن التي جندت فيها المخابرات مخبرين عارفين بلقاءات لقادة العالم خلف الأبواب المغلقة".

أكدت "واشنطن بوست" أن الوثائق تكشف معرفة الاستخبارات الأميركية بخطط لوكالة الاستخبارات العسكرية الروسية (جي أر يو) لتنفيذ حملة دعاية في إفريقيا لتشويه الولايات المتحدة وفرنسا تحديدا.

وتكشف الوثائق أن الولايات المتحدة اخترقت القوات الروسية بشكل عميق، بحيث تستطيع تحذير الأوكرانيين مسبقا حول تحركات الروس وخططهم ومكامن ضعفهم وقوتهم.

قالت صحيفة "واشنطن بوست" 8 أبريل 2023 إن الوثائق التي تحمل علامة "سري للغاية" من وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" كانت تقدم معلومات تكتيكية عن وضع الحرب في أوكرانيا بما فيها قدرات البلد القتالية.

وفي نفس الوثيقة، جرى ذكر مصدر المعلومات ممثلا بـ "لابيس تايم-فيديو سيرز" وهو نظام أقمار اصطناعية متقدم، ويلتقط صورا جيدة للأهداف على الأرض، وربما أصبح الآن هدفا للتشويش الروسي.

وبعض الوثائق قد تثير جدلا دبلوماسيا، حيث يكشف بعضها محاولة شركة فاغنر الروسية للمرتزقة الحصول على أسلحة من متعهد تركي لاستخدامها في أوكرانيا ومالي.

وسبق أن أكد الرئيس المالي الانتقالي أسيمي غويتا أن بلاده ستحصل على أسلحة من تركيا نيابة عن فاغنر.

لكن التقرير لا يذكر مدى علم الحكومة التركية بالأمر، وعما إذا كانت قد صادقت على جهود المتعهد أم لا؟

ويكشف التقرير عن لقاء مسؤولي شركة فاغنر مع متعهد تركي، أن المعلومات عنه جمعت عبر "إشارة استخباراتية"، أي التنصت الإلكتروني.

أيضا تظهر الوثائق المسربة متابعة واشنطن تحركات إيران للحصول على أسلحة نووية، واحتوت إحاطة على مراقبة لجهود إيرانية لفحص صواريخ باليستية قصيرة المدى.

وهناك إحاطة تشك في قدرة الوكالة الدولية للطاقة الذرية على تنفيذ مراقبة أمنية للمشروع النووي الإيراني، وتقدم تقارير أخرى، صورة عن متابعة المخابرات الأميركية لوضع البرامج النووية الكورية الشمالية.

وفي تقرير آخر 8 أبريل 2023، ذكرت "نيويورك تايمز" أن بعض الوثائق المسربة من وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، بينت أن قادة الموساد (جهاز الاستخبارات الإسرائيلي) دعموا الاحتجاجات الحاشدة ضد التعديلات القضائية المقترحة من حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

نشرت تقييما قالت إنه "إفادة" من الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) بتاريخ الأول من مارس 2023 تضمنت أن قيادة الموساد، شجعت أفراد الجهاز والإسرائيليين في فبراير 2023 على الانضمام إلى الاحتجاجات الحاشدة.

وكان لافتا قول الوثيقة إن الولايات المتحدة "علمت بذلك من خلال إشارات مخابرات"، مما يشير إلى أن واشنطن كانت تتجسس على واحدة من أهم حلفائها في الشرق الأوسط.

من سربها؟

قال مسؤولون أميركيون إن التسريب الاستخباراتي يمثل أحد أكثر وأخطر الخروق الأمنية بعد تسريبات موقع "ويكيليكس" عام 2013 والتي شملت ما يزيد على 700 ألف وثيقة ومقطع فيديو وبرقية دبلوماسية.

ونُشرت عشرات الوثائق السرية على تويتر وتلغرام وشبكات اجتماعية أخرى في الأيام الأخيرة، ولا تزال وثائق جديدة تظهر.

صحيفة "نيويورك تايمز" أكدت 10 أبريل 2023 أن خطورة الوثائق المسربة نابعة من فضحها تجسس واشنطن على حلفائها لمعرفة أسرارهم والتورط الأميركي العميق في حرب أوكرانيا.

وقالت صحيفة "واشنطن بوست" 8 أبريل 2023 إن التسريبات أثرت على علاقات أميركا مع حلفائها في الغرب خصوصا الذين تساءلوا حول قدرة الولايات المتحدة على حفظ الأسرار وإمكانية الحد من المشاركة الأمنية خاصة بعد أن تبين أنها تجسست على أعدائها وحلفائها معا.

لذلك يقول خبراء إن الوثائق يمكن أن تؤثر على الحرب في أوكرانيا، حيث ستعطي أجهزة الاستخبارات الروسية صورة عن الجهاز الأكبر الذي اخترقته، مما يمنحها فرصة لقطع مصادر المعلومات.

وقد اضطرت أوكرانيا إلى تعديل خططها العسكرية قبل شن هجوم مضاد ضد القوات الروسية، بسبب تسريب الوثائق الأميركية السرية وفق ما نقلت شبكة "سي إن إن" الأميركية عن مصدر مقرب من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، 10 أبريل 2023.

ووصف مسؤول بارز لصحيفة "نيويورك تايمز" التسريبات بأنها "خرق أمني كبير"، ومنحت الروس صورة عن الطريقة التي حصلت فيها واشنطن على المعلومات، في وقت يعترف المسؤولون بأن تحديد مصدر التسريب أمر صعب نظرا لحصول آلاف المسؤولين والمتعهدين على إذن أمني لمعاينة إحاطات الحكومة.

وأعرب مسؤولون سابقون في المخابرات والجيش الأميركيين عن قلقهم في مقابلات مع شبكة "سي إن إن" 8 أبريل 2023 بشأن النطاق والتأثير المحتملين للتسريب.

وقال جيمس كلابر، الذي كان مديرا للاستخبارات الوطنية في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما: "هذا انتهاك خطير للغاية للأمن، ومن المحتمل أن يكون ضارا للغاية لكل من الولايات المتحدة والعديد من الأصدقاء والحلفاء".

وأوضح أنه سيجرى استغلال جميع الموارد للعثور على من يسرب هذه المعلومات الحساسة، فالمشكلة هي منع الأشخاص الخطأ من الوصول لهذه الوثائق.

وقال جلين غيرستيل، المستشار العام السابق لوكالة الأمن القومي، إن هذا "يؤكد الحاجة إلى إصلاح نظام الوثائق السرية الذي عفا عليه الزمن".

وأكد البنتاغون 10 أبريل 2023 أن الوثائق الاستخباراتية المسربة نشرت بنفس الشكل المستخدم لتقديم إفادات لكبار القادة، وأن الصور المنشورة تظهر وثائق مماثلة في الشكل لتلك المستخدمة في الإحاطات الداخلية اليومية.

قالت صحيفة "واشنطن بوست" 8 أبريل 2023 إن المسؤولين الأميركيين والأوروبيين يبحثون الطريقة التي جرى فيها تسريب عشرات الوثائق السرية، والتي تغطي كل أشكال جمع المعلومات الاستخباراتية، بدون ملاحظة أحد.

أوضحت أن المسؤولين كانوا مصعوقين وغاضبين أحيانا من حجم المعلومات التي كشفت عنها الملفات التي فضحت الطريقة التي تتجسس فيها الولايات المتحدة على الأعداء والأصدقاء على حد سواء.

نقلت وكالة "رويترز" 10 أبريل 2023 عن "مايكل مولروي" المسؤول الكبير السابق في وزارة الدفاع الأميركية أن الوثائق تشير إلى أنه جرى تسريبها من أحد المواطنين الأميركيين وليس من الحلفاء.

رجح ذلك "نظرا لاتساع الموضوعات التي تغطيها الوثائق"، لكنهم لا يستبعدون الجهات المؤيدة لروسيا. "مولروي" قال لرويترز: "التركيز الآن على أن هذا تسريب من الولايات المتحدة لأن العديد من هذه الوثائق كان بحوزتها فقط".

لكن "رويترز" عادت لتنقل في 8 أبريل 2023 عن مسؤولين أميركيين أن من المحتمل أن تكون روسيا وراء تسريب الوثائق العسكرية الأميركية وتحمل معظم الوثائق رمز NOFORN ويعني أنه "غير مسموح للأجانب" بالاطلاع عليها.

لكن ما حدث هو أنه في وقت ما، جرى السماح بمشاركة وثائق أخرى مع حلفاء واشنطن في مجموعة التجسس "العيون الخمس" التي تضم كندا، بريطانيا، أستراليا ونيوزلندا إلى جانب أميركا مما يعني أن التسريب قد لا يقتصر فقط على الولايات المتحدة.

وقد تتبع موقع "بي بي سي" البريطاني في 10 أبريل 2023 قصة كيف وجدت الوثائق طريقها من منصة المراسلة "ديسكورد" إلى "4 تشان" وتلغرام.

ونقل عن "أريك تولر" من موقع "بيلينغكات" للصحافة الاستقصائية وتدقيق الحقائق، قوله إن ظهورها بدأ على منصة مراسلة شائعة لدى لاعبي ألعاب الفيديو على الإنترنت منذ أوائل مارس 2023.

ثم وفي الرابع من مارس 2023، وبعد جدال حول الحرب في أوكرانيا انتقلت على خادم "ديسكورد" الذي يتردد عليه لاعبو لعبة الكمبيوتر "ماين كرافت".

وكتب أحد المستخدمين: "هنا، بعض الوثائق المسربة"، قبل أن ينشر 10 منها وهو شكل غير معتاد من أشكال التسريب، لكنه ليس فريدا من نوعه.