حقل الدرة للغاز.. كيف أشعل جبهة جديدة في المعارك بين إيران والسعودية؟

يوسف العلي | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

تجدد الصراع على حقل الدرة (آرش على الجانب الإيراني) للغاز الطبيعي، بين الكويت والسعودية من جهة، وإيران من جهة أخرى، وذلك بعد أيام من توقيع اتفاق بين البلدين الخليجيين لتطوير الحقل، بينما أبدت طهران اعتراضها من الاستثمار في هذه البقعة الغنية بالهيدروكربون دون إشراكها.

وأعلنت مؤسسة البترول الكويتية (حكومية) في 21 مارس/ آذار 2022، أن مشروع تطوير حقل الدرة من شأنه أن يؤدي إلى إنتاج مليار قدم مكعب قياسية من الغاز الطبيعي، إضافة لإنتاج 84 ألف برميل من المكثفات يوميا، مؤكدة أنه "سيجري تقسيم الإنتاج بالتساوي بين البلدين".

الاعتراض الإيراني على الاتفاق بين السعودية والكويت على استثمار "الدرة"، أثار تساؤلات عن مدى القدرة على المضي في إتمام الاتفاقية الثنائية بين البلدين الخليجيين في ظل رفض طهران إبعادها، وتأكيدها أنها صاحبه حق في الحقل المعطل منذ ستة عقود.

تحرك إيراني

على ضوء الاتفاق السعودي الكويتي، أعلن مساعد وزير النفط الإيراني للشؤون الدولية والتجارية أحمد أسد زادة، أن وزارة النفط قامت باتخاذ الترتيبات والدراسات اللازمة لتطوير وتشغيل حقل "آرش" (الدرة) في الخليج، حسبما نقلت وكالة "فارس"  في 27 مارس 2022.

وقال أسد زادة إن سبب التأخير في تشغيل هذا الحقل المشترك يعود إلى قرار ترسيم الحدود مع الكويت، لكن لا يوجد سبب للتأخير إذا طور الجانب الآخر المجال من جانب واحد دون اعتبار للمفاوضات السابقة.

وأضاف: نعتقد أن استغلال الحقول المشتركة يجب أن يتم بشكل متكامل، وهذا سيؤدي إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، موضحا أنه حتى في الحالات التي لم يجر فيها ترسيم الحدود، يمكن تطوير الحقل بطريقة متكاملة باستخدام النماذج الدولية ذات الخبرة، وأن وزارة النفط تعلن استعدادها للتفاوض بهذا الشأن.

وفي 26 مارس 2022، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زادة، إن "حق إيران محفوظ للاستثمار من حقل الدرة المشترك بينها وبين الكويت والسعودية"، على ما نقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا).

وأوضح خطيب زادة في تصريح له حول الاتفاق الجديد المعلن بين السعودية والكويت، إن "حقل آرش/الدرة هو حقل مشترك بين دول إيران والكويت والسعودية وهناك أجزاء منه في نطاق المياه غير المحددة بين إيران والكويت".

وأشار إلى أنه "وفقا للضوابط والأعراف الدولية فإن أي خطوة للاستثمار والتطوير في هذا الحقل يجب أن تتم بالتنسيق والتعاون بين الدول الثلاث، لذا فإن الخطوة الأخيرة للكويت والسعودية غير قانونية ومناقضة للأعراف الجارية والمحادثات المنجزة سابقا ولا تأثير لها على الوضع القانوني للحقل".

وأكد زاده أن إيران مستعدة للدخول في مفاوضات مع السعودية والكويت حول كيفية الاستثمار في هذا الحقل المشترك "بالتزامن مع مواصلة المفاوضات الثنائية مع الكويت في إطار نتائج المفاوضات السابقة معها حول تحديد حدود الجرف القاري وكذلك بدء المفاوضات ثلاثية الجانب لتحديد النقطة الثلاثية فيما بين هذه الدول".

"جولة حرب"

وبخصوص مدى مضي الكويت والسعودية بالاتفاق والوصول للإنتاج من حقل الدرة، استبعد مختصون سماح إيران بذلك، لا سيما أن التجارب السابقة أدت إلى توقفه منذ تاريخ اكتشافه عام 1960.

ويفسر الخبير الإستراتيجي، نايل الشافعي، خلال تحليل نشره على "يوتيوب" في 24 مارس 2022، ذلك بالقول: "يبدو ما نراه هو جولة رئيسة في حرب الغاز بالخليج".

وأرجع الخبير الإستراتيجي تفسيره هذا إلى أسباب عدة، منها: "وجود حاجة ماسة لاتفاقية تقاسم مكامن الهيدروكربون في الخليج، في ظل امتلاك إيران مساحة صغيرة من الحقل، بينما تمتلك السعودية الجزء الأكبر".

وتابع: "الأمر الآخر هو عكس الحالة في حقل الدرة موجودة بين إيران وقطر، فالأخيرة تستثمر في حقل الشمال وتنتج كمات هائلة منه وإيران لا تنتج شيئا منه، في حين أن الاتفاق كان 60 بالمئة إلى قطر و40 بالمئة لإيران، لكن الأخيرة لم تبدأ بعد بأي شيء، وهذا شيء آخر يشير إلى أهمية تفعيل اتفاقيات تقاسم المكامن".

وأردف الشافعي، قائلا: "بعد هجمات جماعة الحوثي المدعومة إيرانيا على منشآت أرامكو بمختلف المدن السعودية، بشكل مباشر عمدت الرياض والكويت إلى توقيع اتفاقية بدء استغلال الغاز في الدرة، وبهذا يمكن أن نشهد بداية صراع على الغاز في منطقة الخليج".

وأشار الخبير إلى أن "العراق قد يكون له تداخل في اتفاقيات مكامن الهيدروكربون في منطقة شمال الخليج كونه يبعد مسافة 50 كيلومترا أو أقل من ذلك، وفي هذه الحالة قد تقف الحكومة العراقية في صف إيران من أجل هذا التقاسم".

وفي المقابل، قال الخبير النفطي الحجاج بو خضور خلال تصريحات صحفية في 26 مارس 2022، إن إيران "ليس لها أي حق قانوني" في هذا الحقل، مشيرا إلى أنها أثارت هذه القضية في الفترة الحالية لاستخدامها "سياسيا".

وأوضح بو خضور أن إيران تريد استخدام هذه القضية كورقة ضغط سياسي على السعودية والكويت في ملفات أخرى مثل الاتفاق النووي، بالإضافة إلى محاولة الاستفادة من ارتفاع أسعار الطاقة بعد الحرب على أوكرانيا وزيادة مصادرها من خلال هذا الحقل.

ورأى الخبير النفطي أن أزمة الحقل ليست "كبيرة" مقارنة بحجم الخلافات بين السعودية وإيران في ملفات مثل اليمن والاتفاق النووي.

أهمية جغرافية

لا تكمن أهمية حقل الدرة باعتباره مخزنا منتظرا لإنتاج الغاز فحسب، وإنما على الصعيد الجيوسياسي يعد موقعه حساسا ومهما كونه يقع في منطقة حدودية وجرى تعطيل إنتاجه منذ تاريخ اكتشافه في العام 1960.

ويقول الدكتور محمد الصبان، المستشار الاقتصادي والنفطي الدولي إلى أن "الدرة" حقل غاز مشترك في المنطقة المغمورة بين السعودية والكويت، وكانت إيران تنازع للحصول على جزء منه، وذلك لموقعه الحدودي.

ولفت الصبان خلال تصريحات له في 27 ديسمبر/ كانون الأول 2019، إلى أنه كان من المفترض أن يعمل منذ فترة طويلة، لكن ما تسبب في تأخره هو موقعه الحدودي الذي جعله محل خلاف.

وأوضح أن "طول فترة تجميد الحقل أدت إلى ادعاء إيران أن لها نصيبا فيه"، مضيفا: "من المعروف أن هذا الحقل يقع في المنطقة المحايدة بين السعودية والكويت".

ويمتلك حقل الدرة مخزونا من النفط والغاز، وهو يقع في المنطقة البحرية المتداخلة التي لم يجر ترسيمها بين الكويت وإيران، وتقع أغلب مساحة الحقل في المياه الكويتية والسعودية.

ويحتوي الحقل الذي اكتشف في ستينيات القرن العشرين على مخزون كبير من الغاز، يقدره خبراء بنحو 11 تريليون قدم مكعب، إضافة إلى أكثر من 300 مليون برميل نفطي.

ويعود الخلاف على حقل "الدرة" منذ وقت اكتشافه؛ حيث كان محل تنازع بين إيران والكويت، بشأن استغلال ثرواته من النفط والغاز، ومنحت إيران امتياز التنقيب والاستغلال للشركة الإيرانية - البريطانية للنفط.

وفي الوقت ذاته، كانت الكويت قد منحت الامتياز لشركة "رويال داتش شل"، وقد تداخل الامتيازان في الجزء الشمالي من حقل الدرة. وفي عام 2012 قامت شركة الخفجي بإرساء حق التطوير والإنتاج على شركة "شل" النفطية.

وفي 7 يونيو/ حزيران 2006، اتفقت الكويت والسعودية على تطوير حقل الدرة الغازي للوصول إلى إنتاج نحو 600 مليون قدم مكعب من الغاز في غضون نحو أربع سنوات سيتم اقتسامها بالتساوي بين البلدين، لكن شيئا لم يحدث.