لن تستطيع احتواءها.. هل تواجه إسرائيل حقبة جديدة من الهجمات السيبرانية؟

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

تسلط الهجمات الإلكترونية السيبرانية الضوء على "عجز" الحكومة الإسرائيلية في الدفاع عن "خصوصيات مواطنيها" وحمايتهم، في وضع يتم فيه التخلي عن الأنظمة العامة للبنية التحتية الحيوية.

هذا ما خلص إليه موقع "غلوباس" العبري بعد هجوم على أنظمة الكمبيوتر في مستشفى "هيلل يافيه" في الخضيرة بمدينة حيفا، 14 أكتوبر/تشرين الأول.

بينما كان المستشفى هو الوحيد المتضرر، تتخذ المستشفيات الأخرى الاحتياطات خوفا من تعرضها لهجمات مماثلة.

وصرح مستشفى “شعاري تسيديك” في القدس أن فرق الأمن السيبراني تعمل على مدار الساعة لفحص الأنظمة وتحديث الدفاعات.

أمان مفقود

وأشار موقع "غلوباس" العبري إلى أنه في مثل هذه الحالات، يريد الجمهور الإسرائيلي أن يشعر بأن الحكومة تحميه وتدافع عنه من أي هجمات، ويلزم المؤسسات والشركات بالدفاع ضد الهجمات الإلكترونية، حتى على حساب التضحية بالخصوصية.

ويبدو أن الهجوم السيبراني الخطير على المستشفى انتهى دون وقوع إصابات، وتم تأجيل العمليات الجراحية غير العاجلة، وأيضا إحالة المرضى إلى مستشفيات أخرى ودخلت عمليات استعادة المعلومات في حالة تأهب قصوى.

ولكن ليس ببعيد ذلك اليوم الذي سينقطع فيه التيار الكهربائي في المستشفى نتيجة لهجوم إلكتروني، وفق تقدير الموقع.

ويقول: "سيموت المرضى المتصلون بأجهزة التنفس أو الحاضنات أو أولئك الذين انقطعت الكهرباء عنهم في منتصف العملية الجراحية، هذا ليس مشهدا من فيلم مستقبلي - لقد حدث بالفعل-".

ففي سبتمبر/أيلول 2020، تسبب هجوم إلكتروني على المستشفى الجامعي في دوسلدورف بألمانيا، كما حدث في هيلل يافيه، بإغلاق الأنظمة المسؤولة عن المعلومات والمعدات وصعوبات في تقديم الرعاية المناسبة للعديد من المرضى.

لكن على عكس الحالة الإسرائيلية أدى هذا الهجوم أيضا إلى وفاة مريض في حالة حرجة، وهذه ليست الحالة الوحيدة بالطبع.

فقد تعرض الفضاء الإلكتروني للعديد من الهجمات في السنوات الأخيرة التي تهدد المسار الصحيح لجميع مجالات الحياة، وأصبحت المعلومات الشخصية والاقتصادية، "وأمننا الشخصي والوطني من الأسهم والسلع المتداولة في عالمنا الإلكتروني".

وأردف الموقع: "هذا متسلل متطور يتسلل إلى أنظمتنا الإلكترونية، لديه أجندة سياسية أو من الممكن أن يكون بدونها، فهو يمسك بين يديه القدرة على تقويض إحساسنا بالأمن وتركيز الضوء على عجز الدولة، وتقوض هذه الهجمات ثقتنا بمؤسسات الدولة والحكومة والديمقراطية نفسها".

ووجه الموقع العبري رسالة إلى الحكومة الإسرائيلية والسلطات المختصة: "نريد جميعا أن نشعر بالأمان ونعلم أن الدولة ستحمينا، ليس فقط من الحوادث الأمنية ولكن أيضا من الفضاء الإلكتروني، نريد أن نصدق أن الأنظمة العامة ليست منحلة". 

لكن من الناحية العملية، إذا كان الهجوم الإلكتروني في أي لحظة يمكن أن يشل المستشفيات، فكيف يمكن أن يجد المنظم صعوبة في إلزام هذه المؤسسات العامة بالدفاع عن نفسها كما هو الحال في حماية البنى التحتية الحيوية والإستراتيجية الأخرى مثل (العسكرية، الماء والكهرباء والقطارات)؟ 

مدى الحماية

ويقول: "إذا فكرنا في الأمر، هل البنى التحتية محمية حقا أم أننا نفترض ذلك؟ فمن غير المعقول أن لا يكون لدى المؤسسات العامة في إسرائيل مساحة مؤمنة للحماية من الصواريخ".

ويقول: "على سبيل المثال، لنفترض أنها ليست ملزمة بالقيام بذلك، ولكن لماذا ليسوا ملزمين بالدفاع ضد الهجمات السيبرانية، في حين أنه من المعروف أنها إحدى التهديدات التي تواجهنا في الفترة الحالية والمستقبلية؟".

وأشارت "كيرين ليفي غاني سنايدر" الحاصلة على الدكتوراه في كلية العلوم السياسية بجامعة حيفا، والتي تبحث في آثار الإرهاب السيبراني على السلوك السياسي إلى أنه طبيعة المعضلة.

وقالت سنايدر: "هناك بعد آخر يجب أخذه في عين الاعتبار، وهو الحاجة إلى تأمين الفضاء الإلكتروني وحمايته من الهجمات بما في ذلك استخدام تقنيات المراقبة التجسسية، والمراقبة المكثفة لمستخدمي الشبكة ومنح إذن التنقيب في البيانات".

ويشمل الدفاع السيبراني أيضا التعاون بين وكالات إنفاذ القانون والكيانات التجارية، مثل موفري الاتصالات والشبكات الاجتماعية ومحركات البحث. 

ومن ثم أيضا، من المهم أن نفهم طبيعة العامل الحاسم، بين الحاجة إلى الشعور بالحماية والتنازل عن الخصوصية، وفق قولها.

وواصلت: "يكفي أن ننظر إلى ما يحدث في فترة كورونا، عندما تتعارض الحاجة إلى الشعور بالأمان والصحة مع واجب إعطاء الإدارة لمحة عن أكثر أمورنا الخصوصية".

وكان هذا التعارض بين الحماية من الهجمات الإلكترونية من جهة والتنازل عن الخصوصية من جهة أخرى في قلب العديد من الدراسات في مختبر التأثير السياسي والنفسي للإرهاب السيبراني في جامعة حيفا بقيادة البروفيسور "دافني كنتي" في سلسلة من التجارب.

وتعرض المشاركون لحالات هجوم إلكتروني كان لبعضها عواقب اقتصادية، مثل سرقة الهوية والاحتيال المالي وغير ذلك، وتم عرض حالات مشابهة جدا لتلك التي ربما حدثت في مستشفى هيلل يافيه، وفق قولها.

 وتشير الدراسات إلى أن الذين تعرضوا لهجوم إلكتروني قاتل طالبوا بسياسة حكومية تتطلب من الشركات تثبيت برامج حماية والتحذير من مثل هذه الهجمات.

ولفتت سنايدر إلى أن الدراسات تظهر أن التعامل مع الإرهاب السيبراني، يمكن أن يؤدي إلى قتل الأبرياء وإصابة الكثيرين، ويرفع مستويات تصورات الفرد للتهديد من مثل هذه السيناريوهات.

 وانطلاقا من فقدان الثقة بالحكومة الإسرائيلية ومن ذوي الاختصاص، يطالب الجمهور الإسرائيلي بوضع قواعد تعيد إليه الثقة بمؤسسات الدولة وأمنها الشخصي، وفق الصحيفة.

وسواء كان الطلب فدية أو أهدافا سياسية، يريد الناس أن يشعروا بالثقة في أن تفاصيلهم الشخصية ستظل محمية وأن الأنظمة العامة للبنية التحتية الحيوية لن تترك لأي متسلل يريد العبث بحياتهم وأرواحهم وخصوصياتهم، وفق سنايدر.

وتختم بالقول: "يجب على الحكومة ألا تقلل من شأن هذه الحاجة الماسة لشعبها، وبدونها سيكون من الصعب الاستعداد للعصر الجديد الذي نواجهه، فهذه هي حقبة الهجمات التي إذا لم تتمكن إسرائيل من احتوائها ستفقد ثقة الجمهور الإسرائيلي فيها".