غير مرئية.. صحيفة تركية: 4 جبهات مفتوحة بين أنقرة وموسكو في إدلب

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة تركية الضوء على إمكانية اندلاع صراع جديد في مدينة إدلب شمال سوريا ومحيطها بعد التصعيد الأخير، حيث عادت الأنظار لمراقبة تلك المنطقة بقلق.

وتساءلت صحيفة "ستار" التركية في مقال للكاتب "نجدت أوزتشيليك" عما إذا كان الصراع الذي حدث في فبراير/شباط 2020 سيتجدد مرة أخرى.

وأوضح: تعتبر الهجمات الإرهابية ضد الوجود العسكري التركي في إدلب ومحيطها، وكذلك الغارات الجوية الاستفزازية والهجمات المدفعية التي نفذها النظام السوري والروسي قرب القواعد العسكرية التركية منذ يوليو/تموز 2021، نذير معركة كبيرة.

إضافة لذلك، تشير الاشتباكات التي تجري في هذه الأيام إلى أنه في حال اندلع صراع هناك، فستشارك فيه أطراف عديدة، وأنها لن تقتصر على إدلب، بل وستنتشر واسعا كالنار في الهشيم على المناطق المجاورة، على عكس ما كان في 2020.

أربع جبهات

يستدرك أوزتشيليك: هنا يمكننا الحديث عن حرب هادئة غير معلن عنها تستمر بين تركيا وروسيا في مناطق الصراع المختلفة منذ عام 2015 وتجري في الميادين وعلى الطاولة. 

إذ لوحظ أن كلا الطرفين حاول كسر النفوذ العسكري للآخر بالاشتباكات غير المباشرة أو بإرسال عناصر لتحارب عنها بالوكالة؛ لتجنب الاشتباك المباشر في سوريا، وكذلك في ليبيا وقره باغ في أذربيجان مؤخرا.

ويضيف: حققت تركيا في كل من ليبيا وقره باغ تفوقا عسكريا واضحا على روسيا. غير أن طبيعة الصراع في سوريا سمحت لروسيا بإرسال المزيد من الوكلاء متفوقة بذلك على أنقرة. 

فالنظام السوري والمليشيات التابعة له في شرق وجنوب إدلب، وحزب العمال الكردستاني (بي كا كا) وذراعه السوري حزب الاتحاد الديمقراطي (ي ب د) في تل رفعت ومنبج، والتنظيمات الإرهابية الصغيرة التي ظهرت مؤخرا، كلها عناصر تحارب عن روسيا بالوكالة ضد تركيا في سوريا، وفق الكاتب.

وعلى الناحية أخرى، أصبح ضغط الهجرة المتولد عن العنف وانعدام الاستقرار الذي تتسبب به هذه الجهات، مسألة أمن قومي بالنسبة لتركيا.

إذ إن هذا الأمر برمته يبقي تركيا مشغولة على أربع جبهات مختلفة في حربها ضد روسيا: اثنتان منها ظاهرة وأخريان غير ظاهرتين، كما قال.

ويتابع: يمكن القول أن الجبهتين الظاهرتين عسكريتان وتكمن خلف كل منهما بيادق مختلفة. 

الجبهة الأولى في منطقة جبل الزاوية جنوب إدلب المطلة على الطريق السريع إم-4 من الجنوب، وتهدف روسيا من خلال النظام السوري إلى السيطرة عليها وتشغيل الطريق السريع بين حلب واللاذقية والسيطرة على إدلب عسكريا.

لذلك تعتبر منطقة جبل الزاوية ذات أهمية حيوية وحاسمة بالنسبة لروسيا والنظام السوري، وهما تخططان لإطلاق عملية عسكرية شاملة لإجبار القوات المسلحة التركية وجماعات المعارضة المسلحة على الانسحاب من هذه المنطقة. 

وفي هذا، تملك القوات الجوية التركية عشر قواعد عمليات متقدمة في هذه المنطقة تتمركز على طول خط الامتداد الجنوبي الغربي - الشمالي الشرقي لجبل الزاوية، وهي متموضعة بحيث تستطيع إطلاق وتنفيذ عمليات دفاعية ضد روسيا والنظام السوري.

ويقول الكاتب: تحاول القوات الجوية الروسية ووحدات المدفعية السورية السيطرة على ساحة المعركة من خلال تكثيف غاراتها الجوية قريبا من قواعد العمليات المتقدمة التابعة للقوات الجوية التركية. 

فقد نفذ سلاح الجو الروسي أكثر من 60 غارة جوية في هذه المنطقة خلال الشهرين الماضيين، فيما نفذ النظام السوري أكثر من 200 هجوم مدفعي.

ومن المعروف أن تركيا تحاول الحفاظ على وجودها العسكري في هذه المنطقة بإستراتيجية دفاعية ديناميكية، تعمل من خلالها على تعزيز قواتها بقوات الكوماندوز وقوات الجيش الوطني السوري، وتعزيز أنظمة الدفاع الجوي المنتشرة على ارتفاعات متوسطة وزيادة دوريات الطائرات المسيرة. وفقا للكاتب.

ويعقب: أما في الجبهة الثانية، فتشن روسيا هجمات هجينة على خط عفرين - أعزاز - الباب - منبج من خلال بي كا كا وفرعه السوري.

وتنفذ هذه "المنظمات الإرهابية" محاولات تسلل متكررة على هذا الخط، يقول الكاتب.

كذلك تقف "بي كا كا" و"ي ب د" التي تتمركز في تل رفعت الخاضعة للسيطرة الروسية خلف الهجمات بالسيارات المفخخة وقذائف الهاون على منطقتي عفرين وأعزاز.

تحركات غير مرئية

ويلفت الكاتب إلى أن هجمات حزبي العمال الكردستاني والاتحاد الديمقراطي، التي يلاحظ أنها تركز على خط تقاطع المناطق التي أطلقت تركيا فيها عمليتي غصن الزيتون ودرع الفرات، تستعد لهجوم أكثر شمولا وأوسع نطاقا على منطقة عفرين لفصل هاتين المنطقتين.

من ناحية أخرى، يلاحظ زيادة كبيرة في تحركات حزبي العمال الكردستاني والاتحاد الديمقراطي على خط المعرة والباب. 

ويبدو أن هجوم هذه المنظمات على عفرين بالتزامن مع العملية التي تخطط لها روسيا، وبالتالي النظام في جنوب إدلب، سيجد ترحيبا من قبل هذه الجهات الثلاث.

وبحسب الكاتب، بدأت سلسلة من الأعمال الإرهابية ضد الوجود العسكري التركي في إدلب بالتزامن مع الهجمات الروسية التي تنفذها بأيدي النظام والمنظمات المذكورة.

وكان من الواضح أن الهجمات بالعبوات الناسفة والأسلحة المضادة للدبابات على خط معرة مصرين وكفريا والتي تقع على خط الإمداد الرئيس للقوات الجوية التركية بين بوابة "جيلفا غوزو" الحدودية وإدلب، تستهدف الأنشطة الإدارية لأنقرة.

وقال الكاتب: تبنت منظمة تدعى سرايا أبو بكر الصديق الهجمات، وهي منظمة لم يسمع أحد بها من قبل. 

غير أن تمكن منظمة تأسست لتوها من الحصول على أسلحة وأنظمة تفجير فعالة، يحتم امتلاكها لأصول مالية قوية، أو شبكة تنظيمية واسعة، أو دعما من وكالة استخبارات قوية.

وأضاف: وبما أن الهيمنة المالية وشبكة التأثير التنظيمي للمنظمات القائمة في المنطقة أقوى من أن تسمح لمنظمة صغيرة بمنافستها، يبقى خيار أن مثل هذه المنظمات تجد تمويلا معتبرا من قبل وكالة مخابرات قوية. 

وما يقوي هذا الاحتمال، شن هذه المنظمات هجمات ضد تركيا وعلى خط إمداد القوات الجوية التركية في إدلب فقط، وتحت عين روسيا والنظام السوري. 

ولا شك، ترحب روسيا بذلك لأن هذه الهجمات تبقي تركيا مشغولة على جبهة غير مرئية، وفقا لما يراه الكاتب التركي.

واستطرد قائلا: أما الجبهة الرابعة فهي ورقة الهجرة. إذ يبدو أنه لا مفر من بدء موجة هجرة جديدة مع التصعيد الأخير في إدلب، والذي يهدد تركيا بالدرجة الأولى. 

وهكذا تهدف روسيا إلى إنهاء الوجود العسكري التركي في سوريا باستغلال حركة مناهضة الهجرة التي بدأتها المعارضة في تركيا، من خلال شن هجمات بالتزامن مع هذه النقاشات.   

ويختم الكاتب مقاله منوها إلى أن هذه الجبهات متداخلة مع بعضها البعض جغرافيا وموضوعيا، ما يعني أن التصعيد على إحدى هذه الجبهات قادر على إشعال فتيل الجبهات الأخرى. 

ودونما شك يزيد كل هذا من هشاشة موقف تركيا في سوريا ويضيق الخناق عليها في إدلب.

ويقول: هنا وجب التنويه أنه يجب إيضاح العواقب المحتملة لعدم وجود قوة موازنة لروسيا في سوريا للرأي العام الدولي، مع أن إستراتيجيات تركيا لصد موسكو تعطي مفعولها.

إذ يمر طريق حفاظ تركيا على نفوذها الجيوسياسي خارج الحدود واستمرارها في مكافحة الإرهاب من تبني إستراتيجية جديدة ضد روسيا والنظام وتدويل الوضع المأساوي في إدلب، وفق تقديره.