نبيل الحلباوي.. دمشقي شيعي تحتضنه إيران ويمرر مشروعها في سوريا

مصعب المجبل | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

يكاد مقام "السيدة رقية"، بحي العمارة في العاصمة السورية دمشق، الذي لا يزال المعمم الشيعي نبيل طالب الحلباوي إماما له منذ 1992، يشبه لدرجة كبيرة مدينة "قم" جنوب العاصمة الإيرانية طهران.

في الحالة السورية يعد الاهتمام بالمقامات الدينية التي ترمز للمذهب الشيعي أمرا غير مألوف، إلا أن إيران نجحت في توظيف شخصيات مثل الحلباوي لترعى المذهب وتروج له في سوريا بأساليب متعددة.

النشأة والتوجه

في عام 1946، ولد نبيل الحلباوي في حي الأمين الدمشقي، حيث يقطن الحي أغلبية شيعية، وحصل على إجازة جامعية في آداب اللغة العربية في جامعة دمشق 1968، وعلى إجازة جامعية في الحقوق من كلية الحقوق بنفس الجامعة عام 1969.

الحلباوي، نال درجة الماجستير في التربية من جامعة دمشق عام ٢٠٠٢، ثم الدكتوراه من نفس الجامعة والتخصص عام 2006.

عام 1992، درس الفقه والأصول في الحوزة العلمية في حوزات (مراكز دراسية شيعية) "قم" الإيرانية، وحينما عاد إلى سوريا أصبح من الشخصيات الشيعية البارزة.

المعمم الشيعي، تبوأ مناصب كثيرة كلها تدور في فلك المذهب الشيعي، إذ يشغل منصب نائب رئيس "الهيئة العلمائية لأتباع أهل البيت" في سوريا منذ 2010.

عند اندلاع الثورة السورية مارس/ آذار 2011، توقف الحلباوي لدواع أمنية، عن إعطاء المحاضرات في قسم الأدب الفارسي بجامعة دمشق والتي بدأها منذ 2006.

انكفأ الحلباوي منذ 2011 على إعطاء الدروس في المذهب الشيعي، بـ"الجمعية الحسينة" قرب مقام "السيدة رقية" الذي تحولت منطقته على مدى عقد مضى لمستوطنة إيرانية يفصلها 100 متر عن الجامع الأموي الكبير حاضرة بني أمية في دمشق.

يحضر عادة محاضرات الحلباوي ممثلون للمرشد الإيراني علي خامنئي ممن يزورون سوريا بشكل دوري، إضافة إلى ممثل المرشد الإيراني خامنئي الدائم في سوريا حميد صفار الهرندي.

الحلباوي، عضو بـ"المجلس الأعلى للمجمع العالمي لأهل البيت" في إيران، و"مجمع التقريب بين المذاهب الإسلامية" في إيران منذ عام 2000، و"رابطة علماء المقاومة" في لبنان منذ 2010.

خطيب دائم

يخطب الحلباوي الجمعة منذ عام 1992 في مقام "السيدة رقية" في حي العمارة الدمشقي ثاني أهم مزار للشيعة، بعد "مقام السيدة زينب" جنوب دمشق.

وبخلاف الأعوام السابقة شهدت العاصمة دمشق بشكل مكثف عام 2021 إقامة طقوس دينية بمحيط "مقام السيدة زينب"، وأداء ما يسمى "مجالس العزاء واللطميات" داخل المقام، لزوار شيعة من إيران والعراق ولبنان.

في اتباع للتقاليد الشيعية يلتزم الحلباوي بإعطاء محاضرات داخل المقام، تروي سيرا وأحداثا يهتم بتفاصيلها عموم الشيعة في العالم.

كما يتولى الحلباوي بشكل سنوي إدارة مهرجان تقيمه المستشارية الثقافية الإيرانية في مقرها بدمشق بمناسبة ما يسمى "انتصار الثورة الإسلامية الإيرانية".

ويعمد إلى إلقاء نصوص شعرية أمام الحضور الذين يكون على رأسهم المستشار الثقافي في السفارة الإيرانية بسوريا أبو الفضل صالحي نيا.

في مقابلة صحفية مع وكالة "مهر" للأنباء الإيرانية عام 2016 اعتبر الحلباوي أن تدخل إيران إلى جانب النظام السوري، زاد من إقبال حشود الشيعة إلى "مقام السيدة رقية" بعدما سماها "سنوات طويلة من المعاناة".

ترويج الحلباوي لإحياء الطقوس والمناسبات الشيعية في سوريا، بدا عبر مقابلة تلفزيونية عام 2015 خلال الاحتفال بما يسمى "ذكرى ولادة الإمام المهدي المنتظر" داخل "مقام السيدة رقية" بدمشق.

قال حينها: إن "إحياء هذه الليالي يكتسب قيمة مضافة أسمى، لكونها لونا من الرد وبما يحفظ للوطن أرضه وللأمة وحدتها"، على حد زعمه.

الإعلام السوري المدعوم من إيران يهتم بالتغطيات والتقارير التلفزيونية من "مقام السيدة رقية"، والتي يظهر فيها الحلباوي منافحا عن المذهب الشيعي ومشجعا على الزيارة، وذلك انسجاما مع رؤية طهران في تعويم السياحة الدينية في سوريا.

تربط نبيل الحلباوي علاقة مصاهرة مع المعمم الشيعي السوري البارز عبد الله نظام، أبرز رجال إيران في سوريا، والمساهم بشكل علني في نشر المذهب الشيعي، إذ كان وكيلا لخامنئي في سوريا قبل عام 2011.

وكيل محلي

الصحفي السوري حسن الشريف، المختص بالوجود الإيراني في سوريا، يؤكد أن "الحلباوي لعب دورا في جذب الطلاب من أهالي دمشق للدراسة في الثانويات الشرعية التي منحها النظام السوري للطائفة الشيعية وتتبع مباشرة لوزارة الأوقاف".

ويضيف لـ"الاستقلال"، أن الحلباوي، "قدم التسهيلات المادية لمن يتشيع لكونه من الدائرة الضيقة التي تتلقى الأموال الإيرانية الخاصة في سوريا لصرفها على أمور تتعلق بالوجود الإيراني وأشكاله".

الشريف يلفت إلى أن "الحلباوي يتبع منظومة لها ارتباطاتها الخاصة بأجهزة مخابرات رئيس النظام بشار الأسد والتي تتولى نشر التشيع في سوريا، وتقديم الدعم والمساعدة لشيعة باقي المناطق في ديرالزور وحمص وحلب".

وينوه الصحفي السوري إلى أن "تلك المنظومة التي يعتبر الحلباوي ركنا أساسيا فيها كان لها دور كبير بحكم علاقاتها وقدرتها المالية، في إبرام صفقات إخراج أسرى مليشيات إيرانية جرى أسرهم في سوريا".

كثيرة هي الأدوار التي ساهم فيها المعمم الشيعي الدمشقي، الذي احتضنته إيران، وحينما تدخلت في سوريا كان على رأس الداعمين لها والساعين لتمرير مشروعها.

وفي هذا السياق، ورد اسم نبيل الحلباوي في تقرير لموقع "اقتصاد مال وأعمال السوريين"، ضمن قائمة المتعاونين الشيعة الذين ساعدوا في تأمين العقارات والأراضي وشرائها لصالح إيران.

الموقع، أكد أن الحوزات والجمعيات الشيعية كانت بمثابة "أدوات محلية لتحقيق أكبر قدر من عمليات شراء العقارات في دمشق، والتي تتلقى الأوامر والدعم من السفارة الإيرانية".