زيارة رشاد العليمي إلى موسكو.. كيف تعيد رسم الدور الروسي في الأزمة اليمنية؟

منذ يوم واحد

12

طباعة

مشاركة

بعد أكثر من عقد على آخر لقاء رفيع المستوى بين البلدين، تدور علامات استفهام كبيرة بشأن زيارة رئيس المجلس الرئاسي اليمني رشاد محمد العليمي إلى موسكو.

واستقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 28 مايو/ أيار 2025، رئيس المجلس الرئاسي اليمني الذي وصل إلى روسيا في زيارة رسمية، هي الأولى له منذ توليه منصبه في عام 2022.

وبدورها، استعرضت صحيفة "فيدوموستي" الروسية آراء العديد من المحللين السياسيين حول أسباب الزيارة وأهميتها وسر توقيتها، وعلاقة التحركات الروسية في الملف اليمني بالحرب الأوكرانية، والدور المستقبلي المحتمل لموسكو في اليمن.

وكان آخر لقاء على هذا المستوى بين روسيا واليمن جرى عام 2013، عندما التقى بوتين بالرئيس اليمني السابق عبد ربه منصور هادي.

علاقات ودية 

وتركزت المحادثات بين بوتين والعليمي على العلاقات الثنائية والوضع السياسي الداخلي في اليمن، الذي يشهد صراعا مستمرا منذ أكثر من 10 سنوات بين القوات الحكومية اليمنية المعترف بها دوليا، والحوثيين الذين يسيطرون على جزء كبير من البلاد.

ولفتت الصحيفة إلى أن "العلاقات بين روسيا واليمن كانت دائما ودية منذ إقامة العلاقة بين البلدين في عام 1928".

وذكرت أن بوتين "دعا العليمي إلى حضور قمة (روسيا-جامعة الدول العربية) التي ستُعقد في موسكو في أكتوبر/ تشرين الأول 2025".

وتحدث الرئيس الروسي عن دور موسكو في اليمن، إذ ذكّر بـ"الدور الكبير الذي لعبه الخبراء السوفييت والروس، في إنشاء العديد من المنشآت الصناعية والبنى التحتية هناك، مؤكدا أن البلدين يتعاونان معا على الساحة الدولية.

وأوضحت الصحيفة أن هذا التعاون المشترك "يتزامن مع استعداد السفارة الروسية لاستئناف عملها في عدن قريبا".

كما "عبر بوتين عن قناعته بوجود العديد من المجالات الواعدة للتعاون بين البلدين، خاصة في المجالات التجارية والاقتصادية".

ولفت إلى أن حجم التبادل التجاري بين الجانبين يبلغ حاليا نحو 400 مليون دولار، وأن هناك آفاقا واسعة للتعاون في مجالي الزراعة وصيد الأسماك. 

إضافة إلى ذلك، أشار إلى أن أحد المجالات المهمة للتعاون هو إعداد الكوادر البشرية؛ حيث يدرس حاليا في روسيا نحو 1500 طالب يمني.

من جانبها، ذكرت الصحيفة أن العليمي "عبر عن سعادته بزيارة موسكو في الشهر الذي تحتفل فيه روسيا بالذكرى الـ 80 للنصر في الحرب الوطنية العظمى (الحرب العالمية الثانية)".

وقال: "جئت أولا لأعبر عن شكري لكم على دعمكم للحكومة الشرعية في اليمن بعد الانقلاب الذي نفذته جماعة الحوثي بدعم من إيران".

وأشاد بالدعم الذي قدمه الاتحاد السوفيتي لليمن، لا سيما الدور البارز الذي لعبه في تاريخ اليمن، مشيرا إلى أن موسكو كانت من أوائل الدول التي اعترفت بالجمهورية اليمنية. 

وأوضح أنه "خلال فترات الحروب، وبينما كانت البعثات الدبلوماسية تغادر اليمن واحدة تلو الأخرى، استمر السفير السوفيتي في العمل في صنعاء، وقدم الاتحاد السوفيتي الدعم لليمن".

ورأى أن "هذا الدعم ساعد اليمن كثيرا في بناء دولته"، معربا عن أمله في "استمرار هذا الدعم من جانب روسيا لإعادة السلام والاستقرار والأمن إلى بلاده".

وأضاف: "نعول على التعاون مع روسيا، ونتطلع إلى مساهمتها في استعادة السلام والاستقرار والأمن في اليمن، وكذلك في إعادة بناء نظام جمهوري يعمل بكفاءة".

كما أكد العليمي أن اليمن يتطلع إلى افتتاح السفارة الروسية قريبا، معربا عن أمله في أن تعطي القمة الروسية-العربية المقبلة، التي دعاه إليها بوتين، دفعة جديدة للعلاقات بين موسكو والعالم العربي.

وفي سياق متصل، شكر العليمي بوتين على دعمه للطلاب اليمنيين، وأشار إلى أن العديد من مواطنيه متزوجون من روسيات، وأن وفده يضم خريجي الجامعات الروسية.

وأردف: "للأسف، نفذت جماعة الحوثيين انقلابا، ولكن ما زلنا نؤمن بالسلام وبالعودة إلى الاستقرار ونطمح إلى إعادة بناء المؤسسات الحكومية".

وأشارت الصحيفة إلى أن المحادثات "تناولت آفاق تطوير العلاقات الثنائية في المجالات السياسية والتجارية ـ الاقتصادية والإنسانية، بالإضافة إلى قضايا الأجندة الإقليمية، وفقا لما أعلنته الخدمة الصحفية للكرملين".

وذكرت أنه "قبل محادثاته في الكرملين، التقى العليمي في موسكو أيضا برئيس مجلس الدوما، فياتشيسلاف فولودين، الذي أكد استعداد النواب الروس لتبادل الخبرات التشريعية مع نظرائهم اليمنيين في المجالات التي تهمهم".

وبينت أن "برنامج زيارة رئيس المجلس الرئاسي اليمني إلى روسيا تضمن لقاءات مع كبار المسؤولين في مجلس الدوما والحكومة الروسية، إلى جانب ممثلي مجتمع الخبراء والدبلوماسيين".

وضم الوفد اليمني وزير الخارجية شايع محسن الزنداني، ووزير النفط سعيد الشماسي، ومستشارين في مجالات الدفاع والثقافة وإعادة الإعمار.

ولفتت إلى أن قطاع الطاقة "يبرز كأحد المجالات العملية الرئيسة للمرحلة الجديدة من العلاقات بين البلدين".

وكان سفير اليمن في موسكو، أحمد سالم الوحيشي، قد أكد في تصريحات لصحيفة "إيزفستيا" الروسية أن البلدين "يجريان مفاوضات لتطوير التنقيب المشترك عن النفط".

وأشار إلى اهتمام شركة "روس جيولوجيا" بالمشروع، حيث التقى ممثلوها مع وزير النفط اليمني على هامش المنتدى الدولي للطاقة في موسكو".

دمج الحوثيين

واستطلعت الصحيفة آراء العديد من المحللين السياسيين حول أهداف الزيارة وأهميتها، ودور روسيا في الأزمة اليمنية.

ويرى الباحث في معهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم الروسية، غريغوري لوكيانوف، أن روسيا "لم تربط نفسها يوما بأي طرف من أطراف الصراع في اليمن، بين الحكومة التي تتخذ من جنوب البلاد مقرا لها، وجماعة الحوثيين التي تسيطر على الشمال والعاصمة صنعاء".

ويوضح لوكيانوف أن "السفراء والدبلوماسيين الروس سلّموا أوراق اعتمادهم إلى مجلس القيادة الرئاسي، الذي يسيطر بشكل أساسي على جنوب اليمن ومدينة عدن"، مشيرا إلى أن "هذا المجلس يمثل الحكومة المعترف بها دوليا".

من جانب آخر، يرى أن "روسيا تحافظ على تواصل محدود مع الحوثيين بما تقتضيه الضرورة، لا سيما فيما يتعلق بضمان أمن الملاحة الروسية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، بالإضافة إلى سيطرتهم على مناطق واسعة من البلاد بما فيها العاصمة".

ومع ذلك، شدد الخبير السياسي على أن"موسكو تؤكد دائما التزامها بدعم الحل السياسي الداخلي بين القوى اليمنية، وتحرص على النأي بنفسها عن أي محاولة للانحياز إلى أحد الأطراف".

ويشير لوكيانوف إلى أن روسيا "تفضل لعب دور وسيط أو مسهّل لحل النزاع، بصفتها عضوا دائما في مجلس الأمن، وكدولة ذات خبرة طويلة في العمل الدبلوماسي في المنطقة".

وأكمل: "يحافظ الدبلوماسيون الروس على قنوات اتصال منتظمة مع الحكومة اليمنية وكذلك مع الحوثيين".

واستطرد: "تعمل موسكو على الجمع بين القنوات الثنائية والمبادرات متعددة الأطراف، من خلال المحادثات التي ترعاها السعودية، ما يعكس رغبتها في البقاء طرفا مؤثرا في رسم مستقبل اليمن السياسي والأمني".

كما أوضح أن "مشاركة اليمن في القمة المرتقبة بين روسيا وجامعة الدول العربية، المقرر عقدها في الخريف المقبل، تُعد جزءا من هذا التوجه".

في هذا الصدد، أفادت الصحيفة أن "السفارة اليمنية في موسكو بدأت بالفعل في بناء حوار نشط لا يشمل فقط العلاقات الروسية-اليمنية، بل أيضا علاقات الكرملين مع الدول العربية بشكل أوسع".

ولاحظ لوكيانوف أن "مسار المفاوضات في اليمن تعرقل نتيجة التوتر المتصاعد في المنطقة عقب أحداث 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 في إسرائيل، واندلاع الحرب في غزة، وتورط الحوثيين في هذا الصراع".

ويرى أن "عملية إعادة الإعمار والفترة التي ستلي النزاع ستكون مرتبطة بدور السعودية، التي تدعم الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا". 

وأضاف: "لا روسيا ولا الصين ولا أوروبا ولا الولايات المتحدة ترغب في تحمل مسؤولية قيادة هذا المسار بمفردها".

ويؤكد الباحث أن "مجلس القيادة اليمني، الذي يتعاون مع الرياض وأبوظبي، يُعد جهة أساسية لا يمكن تجاوزها في أي نقاش حول مستقبل اليمن".

كما يعتقد أن "روسيا لا تنظر إلى مستقبل اليمن من خلال إلغاء دور الحوثيين، بل عبر دمج مطالبهم في جدول أعمال التسوية السياسية".

وأوضح أن موسكو "قد تكون أحد الأطراف الداعمة لأي اتفاق محتمل في حال توفر الإرادة لدى الأطراف الأخرى".

ويختتم لوكيانوف حديثه بالإشارة إلى أن "اليمن، نظرا لموقعه الجغرافي عند مدخل البحر الأحمر، يُعد نقطة استراتيجية مهمة لروسيا، خاصة في سياق تطوير ممرات النقل، بما في ذلك ممر الشمال-الجنوب".

بدوره، يرى الخبير في المجلس الروسي للعلاقات الدولية كيريل سيميونوف، أن "اتصالات روسيا بالعليمي تُظهر انخراط موسكو في الملف اليمني".

واستدرك: "هذا المجلس نفسه ليس كيانا موحدا، بل يتكون من مجموعات مختلفة تتنازع داخليا، ويملك كل منها تشكيلات مسلحة خاصة به".

"أما العلاقة مع الحوثيين، الذين يسيطرون على شمال البلاد، فهي ليست دائما سلسة"، بحسب الخبير. 

وأضاف: "لقد سبق لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن وجه انتقادات لتزايد راديكالية الحوثيين".

من جانبه، يشير رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط صاديغ زاده إلى أن "زيارة ممثل القوة الأكثر شرعية دوليا، وإن لم تكن الأقوى ميدانيا، جاءت في وقت يمر فيه اليمن بأزمة إنسانية واقتصادية خانقة".

ورأى أن "الأمن الغذائي بات يمثل أولوية قصوى، في ظل تقديرات الأمم المتحدة التي تشير إلى أن أكثر من نصف السكان يعانون من الجوع".

واستطرد: "تذكيرا بالماضي، فإن لروسيا (السوفياتية سابقا) تاريخا من الدعم لجنوب اليمن الذي كان يدور في فلك موسكو".

شريك سياسي واقتصادي 

على الجهة الأخرى، يتركز اهتمام اليمن بتعزيز علاقاته مع روسيا على ثلاثة محاور رئيسة، بحسب الخبير الاقتصادي اليمني ناظم صالح. 

ووفقا له، "يتمثل المحور الأول في الحصول على دعم سياسي متزايد من موسكو، خاصة داخل المحافل الدولية، وهو أمر تزداد أهميته في ظل استمرار الأزمة الداخلية وتعقيداتها السياسية".

ويقدّر أن "الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا ترى في روسيا شريكا يمكن أن يدعم شرعيتها على الساحة الدولية، ويسهم في التخفيف من الضغوط الدبلوماسية المفروضة عليها".

المحور الثاني هو التعاون الاقتصادي، لا سيما في مجالي الطاقة والتجارة، حيث تمتلك روسيا إمكانات كبيرة تجعلها شريكا اقتصاديا محتملا ومؤثرا.

وتابع: "يأمل اليمن في جذب استثمارات روسية في البنية التحتية وقطاع الطاقة، وفتح قنوات تبادل تجاري تعزز الاقتصاد المحلي الذي يعاني من الانهيار".

"أما المحور الثالث، فيتعلق بالدور الوسيط الذي يمكن أن تلعبه موسكو في عملية التسوية السياسية، بفضل علاقاتها المتوازنة مع مختلف أطراف الصراع، من الحكومة والحوثيين إلى المجلس الانتقالي الجنوبي"، وفقا لاعتقاده.

ويؤكد صالح أن "روسيا تملك مقومات تؤهلها لتكون عامل استقرار في اليمن والمنطقة، سواء من خلال مساهمتها في جهود التهدئة الداخلية، أو عبر دورها في حماية الأمن الملاحي في البحر الأحمر ومضيق باب المندب".

وأردف: "تزداد أهمية هذا الجانب في ظل التهديدات المتصاعدة للممرات البحرية، حيث يمكن لموسكو أن تشارك في المبادرات الأممية أو الإقليمية لحفظ الأمن، أو تسهم في تشكيل أطر تعاون دولي لضمان سلامة الملاحة".

أما مدير وحدة الدراسات الروسية في مركز الدراسات العربية الأوراسية، ديمتري بريجع، فيرى أنه "من الناحية السببية، تكمن دوافع موسكو في دعوة العليمي إلى رغبتها في امتلاك موطئ قدم فعال على ساحل بحر العرب".

وأيضا ربطه بخطط الممر الشمالي- الجنوبي، الذي يصل الموانئ الروسية بموانئ الهند مرورا بإيران، حيث يريد الكرملين كسر الطوق البحري الغربي حول خطوط الشحن الروسية، وفق تقييمه.

علاوة إلى ذلك، فإن "حصول روسيا على شراكة تشغيلية في موانئ عدن أو المكلا يتيح لها الالتفاف جزئيا على الاختناقات المحتملة في قناة السويس".

كما أنه يتقاطع مع رغبة الكرملين في توسيع وجوده في القرن الإفريقي لموازنة النفوذ الأميركي والصيني.

وهذا "يمنح موسكو ورقة ضغط في السوق العالمية للطاقة، من خلال التحكم الجزئي في مسارات الشحن نحو شرق إفريقيا".

في المقابل، يرى ديمتري بريجع أن "مجلس القيادة الرئاسي يجد في الانخراط الروسي حائط صد موازنا لنفوذ طهران في صنعاء، وإشارة إلى عواصم الخليج بأن الحكومة المعترف بها قادرة على حشد دعم دولي من خارج الفلك التقليدي للتحالف العربي".

تحولات وعقبات 

من جهة أخرى، أشار الخبير السياسي إلى أن أهمية توقيت الزيارة "تكمن في أن توازنات الخليج تشهد تحولات جوهرية بعد تقارب الرياض وطهران برعاية بكين في مارس/ آذار 2023".

وهو ما يرى أنه "ولّد فراغا جزئيا في رعاية الملف اليمني، وأضعف الحماسة السعودية لمواصلة الإنفاق العسكري".

ورأى أن "دخول موسكو في هذه اللحظة يملأ فراغ الضامن الدولي البديل، ويمنح روسيا موضعا في معادلة الأمن البحري الدولية التي تتصدرها منذ أواخر 2023 عمليات التحالف الغربي في إطار حماية الممرات".

وتوقع أنه "إذا نجحت موسكو في التوصل إلى تفاهم بحري يحد من الهجمات على السفن، فإنها ستكسب مكانة تفاوضية تسمح لها بطرح نفسها وسيطا رئيسا في صياغة جدول زمني لوقف النار الشامل".

وتابع: "كما ستحظى مقابل ذلك بامتيازات طويلة الأجل في حقول النفط اليمنية، ومشروعات الموانئ والاتصالات البحرية".

والأكثر أهمية من ذلك أنه يمكن تسويق نجاح موسكو في وقف الهجمات على السفن ووقف الحرب، كالتزام روسي يمكن استخدامه كورقة تفاوضية في ملفات أخرى متصلة بالحرب الأوكرانية وعقوبات الطاقة، بحسب تقديره.

من ناحية اقتصادية، تشير الصحيفة إلى أن العليمي "يعد روسيا شريكا قادرا على تزويد حكومته بالحبوب والديزل بشروط تفضيلية، وتمويل مشروعات كهرباء وغاز تعيد الحياة إلى شبكات البنية التحتية المتهالكة في حضرموت وشبوة".

واستدركت: "لكن الأكثر أهمية أن موسكو قادرة بحكم علاقتها بطهران على ممارسة ضغط ناعم على الحوثيين لوقف الهجمات البحرية، وهو ما يدعم موقف مجلس القيادة في أي مفاوضات مستقبلية".

على الصعيد اليمني الداخلي، أوضح مدير وحدة الدراسات الروسية في مركز الدراسات العربية الأوراسية أن زيارة موسكو "تعزز موقع العليمي في معادلة السلطة الهشة داخل مجلس القيادة".

إذ "تمنحه صفة الممثل الحصري للشرعية أمام قوة عظمى، كانت تحتفظ بقنوات مفتوحة مع خصومه الحوثيين والانتقالي الجنوبي".

هذا الاعتراف -وفق رأيه- يكبح نزعة الانفصال لدى المجلس الانتقالي الذي يرى في التحالف مع موسكو فرصة استثمارية لا يمكن خسارتها بمغامرة عسكرية في عدن.

"في الوقت نفسه، يكتسب حزب الإصلاح (الإسلامي) ورقة ضغط جديدة حين يجلس مع العليمي لتوزيع عوائد أي استثمارات روسية محتملة في مأرب؛ ما سيجبر الأطراف على تجديد تفاهمات تقاسم السلطة لتجنب تعطيل تدفقات التمويل المرتقبة"، حسب توقعه.

مع ذلك أشار إلى أن "مذكرات التفاهم بين روسيا واليمن تواجه عقبات هيكلية بسبب استنزاف الموازنة الروسية بفعل الحرب في أوكرانيا".

وكذلك بسبب تخوف موسكو من الاستثمار في بيئة صراع غير مستقرة، إلى جانب ضعف الرقابة المؤسسية في اليمن ومخاطر الفساد.

ورجح أن "تواجه الشركات الروسية معارضة من فصائل محلية مسلحة غير خاضعة بالكامل لسلطة عدن، مما يهدد المشاريع بالتحول إلى نقاط توتر".

وأضاف: "كما أن أي دور بحري روسي كبير قد يثير رد فعل أميركي مما يزيد من مخاطر التصعيد".

في هذا السياق، خلص ديمتري بريجع إلى ثلاثة سيناريوهات مستقبلية للعلاقات بين روسيا واليمن.

يتمثل السيناريو الأكثر ترجيحا بـ "توقيع عقود حبوب ووقود بتمويل ميسر، مع دراسة جدوى روسية لمحطة غاز في حضرموت، وتعليق مؤقت لعمليات الحوثيين البحرية لاختبار الوساطة الروسية".

ويعتقد أنه "إذا نجحت الخطوة وتسلمت عدن شحنات قبل نهاية 2025، فقد تعقد موسكو حوارا غير رسمي على هامش قمة روسيا-العالم العربي في أكتوبر لتثبيت وقف إطلاق نار وضمان حرية الملاحة".

في المقابل، رسم "سيناريو متشائما، يتمثل في فشل هذه الخطوات لأسباب مالية أو أمنية، وحينئذ سيتصاعد التوتر البحري، مما يدفع السعودية والولايات المتحدة لتكثيف عملياتهما واستبعاد روسيا".

أما السيناريو الأقل احتمالا، فهو "انخراط روسي عسكري مباشر لحماية منشآت استثمارية، وهو خيار مكلف يتعارض مع مصلحة روسيا في تجنب تشتيت قواتها".