انتخابات لبنان المحلية.. الثنائي الشيعي يثبت نفوذه بالجنوب مع غياب المنافسة

منذ ١١ ساعة

12

طباعة

مشاركة

سلط "معهد دراسات الأمن القومي" العبري الضوء على نتائج الانتخابات المحلية اللبنانية، وما يعنيه إجراؤها في ظل الحكم الجديد بقيادة الرئيس جوزيف عون.

وقال المعهد: إن "إجراء الانتخابات الآن، في ظل القيادة الجديدة يُعد خطوة أخرى في مساعي الرئيس عون لتجديد شرعية الحكم في جميع أنحاء البلاد، وانعكاسا للتقدم نحو عهد جديد".

وأُجريت أخيرا الانتخابات المحلية اللبنانية في مايو/ أيار 2025، بعد أن أُجلت مرات عديدة منذ عام 2016، على خلفية الأزمات السياسية والأمنية المتلاحقة التي عاشها هذا البلد.

القاعدة الشعبية

ووفق المعهد: "تعكس نتائج الانتخابات، كما في الماضي، الانقسام الطائفي وانتخاب العائلات النافذة على أساس عشائري"، مضيفا: "لم تنجح حركات التغيير التي ظهرت في السنوات الأخيرة في كسب تأييد محلي".

وأشار إلى أن "إقبال الناخبين كان أقل قليلا من الانتخابات السابقة، مع تسجيل نسب مشاركة منخفضة جدا في جنوب لبنان، حتى بالمقارنة مع انتخابات 2016".

ولفت إلى أن "حزب الله أولى أهمية كبيرة لهذه الانتخابات بصفتها وسيلة لإثبات استمرارية الدعم الشعبي له".

وأردف: “بذل الحزب جهودا مكثفة بين أوساط الناخبين الشيعة لتشجيعهم على التصويت، لكنه لم يشارك بقائمة منفردة”.

بل خاض الانتخابات ضمن قائمة موحدة باسم - التنمية والوفاء-، بالتعاون مع حركة أمل، مع الاتفاق مسبقا على رؤساء وأعضاء المجالس البلدية.

وأضاف: "كما كان متوقعا، فازت هذه القائمة بالأغلبية الساحقة في المناطق ذات الغالبية الشيعية، مثل الجنوب وبعلبك والهرمل، وأحياء بيروت الشيعية".

وتابع: "بل إنه في نصف بلديات الجنوب وجزء كبير من بلديات قضاء بعلبك، لم تُجر الانتخابات أصلا، لعدم وجود منافسين للقائمة الشيعية الموحدة، فهناك 127 بلدية جنوبية فازت بالتزكية، بينها 9 بلدات مسيحية".

وبالتالي، اعتبر المعهد أن حزب الله "يمكن أن يدّعى حفاظه على قاعدته الشعبية"، وهو ما أكّده مصدر من حركة أمل.

وصرح المصدر الذي لم يشر المعهد إلى هويته بأن النتائج "ثبتت تمسك أبناء الجنوب بالخيار الذي يمثله الثنائي الوطني (أمل وحزب الله)".

وأردف المعهد: "في المدن الكبرى، عكست النتائج الانقسامات الطائفية المعروفة في لبنان، ففي بيروت، حيث بلغت نسبة المشاركة 21 بالمئة، فاز مرشح مسيحي بمنصب رئيس البلدية عبر قائمة موحدة ضمّت جميع أحزاب الائتلاف".

أما في طرابلس، "فقد فاز مرشح سني بعد تنافس بين قائمتين سنيتين، في غياب تأثير الجماعات الإسلامية التي تنشط في المدينة. وفي صور، فازت القائمة الشيعية، بينما فازت في صيدا قائمة تابعة لتيار المستقبل السني".

وأكمل: "أما في المناطق المسيحية، فقد فاز مرشحو الأحزاب الثلاثة الرئيسة كما كان متوقعا، وهي: القوات اللبنانية والكتائب والتيار الوطني الحر".

وأحرز الأخير انتصارات في عدد كبير من البلديات، ما يدل على استمراره في الحفاظ على شعبيته المسيحية وعلاقاته مع العائلات النافذة.

نفوذ الأحزاب 

وفي إطار تحليله للنتائج، يرى المعهد أن "الانتخابات المحلية كرَّست نفوذ الأحزاب في كل المناطق اللبنانية، وهو ما انسحب على واقع الثنائي الشيعي في الجنوب، والحزبين المسيحيين: التيار الوطني الحر بمدينة جزين، وحزب القوات اللبنانية في زحلة، بمحافظة البقاع".

واستدرك: "لكن أهميته بالنسبة إلى الثنائي كانت أكبر؛ إذ شكل استفتاء على شعبيته؛ حيث أكدت نتائج انتخابات الجنوب التصاق أغلبية الشيعة بأمل وحزب الله أكثر من ذي قبل".

ورجح أن "ينسحب هذا الواقع على الاستحقاق النيابي في مايو 2026، ما لم يتغير الوضع القائم، وتبدأ عملية إعمار المناطق المهدمة من قبل الدول العربية، أو في حال وقع لبنان اتفاق سلام مع إسرائيل".

وسلط المعهد الضوء على الجهد الكبير الذي بذله الثنائي لـ"منع إحداث أي خرق للوائحه في البلديات والمدن الكبرى، خصوصا مدينتي صور والنبطيّة".

إذ فازت لائحة التنمية والوفاء في صور بفارق 6 آلاف صوت بين آخر الرابحين فيها والمرشّح الذي نال النسبة الأعلى من الأصوات في اللائحة الخاسرة. أما في مدينة النبطية، فإن الفارق بلغ نحو 4 آلاف صوت لمصلحة لائحة الثنائي.

ولفت إلى أن "هذا الواقع يشبه إلى حد كبير الفارق الذي حققه تحالف أمل وحزب الله في انتخابات مدينة بعلبك (البقاع) بفارق 6400 صوت عن اللوائح المنافسة، التي عززت حضور هذا الثنائي أكبر من الانتخابات البلدية عام 2016".

مع ذلك، وفي ظل غياب المنافسة الفعلية بين الثنائي وخصومهم، سجل تحالف العائلات المعارض للثنائي خرقا لافتا ببلدية الزرارية في قضاء الزهراني.

وأكمل: "إذ فازت العائلات بـ 9 مقاعد مقابل 6 للثنائي، كما فازت هذه اللوائح بمقعد واحد ببلدية حبّوش ومقعد واحد أيضا في بلدية شوكين".

وأوضح المعهد أن "ثمة أسبابا أدت إلى هذا التفوق لفريق طالما حمّله كثيرون -حتى داخل البيئة الشيعية- مسؤولية ما آلت إليها نتائج العملية الإسرائيلية الأخيرة على لبنان".

وعزا تلك النتائج إلى كون "الشيعة يعيشون الآن حالة ضغط غير مسبوقة، خصوصا في ظل تنامي الخطاب الطائفي وشدّ الأعصاب القائم في لبنان، لا سيما بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان وما خلفته في الجنوب".

واستطرد: "الشيعة ما زالوا بحاجة إلى المساعدات التي يقدمها حزب الله كبدل الإيواء، والإيجار للعائلات التي تهدمت بيوتها".

ونوّه إلى أن "الحزب أنفق حتى الآن ما يزيد على مليار دولار بدل إيواء وتعويضات، وهذا في حد ذاته استثمار له داخل هذه البيئة".

أما في جزين جنوب لبنان، والتي تعد معقلا للأحزاب المسيحية، فقد فازت لائحة التيار الوطني الحر، برئاسة النائب جبران باسيل بكامل مقاعد البلدية.

وهذه النتيجة لا تختلف كثيرا عن انتخابات عام 2016، حين كان هناك تحالف بين التيار والقوات اللبنانية.

وتابع المعهد: "في الانتخابات الحالية، صوت 4700 ناخب في المدينة، فحصلت القوات اللبنانية على 1800 صوت، مقابل 2600 للتيار، وباقي الأصوات لمرشحين من خارج هذين الفريقين".

وأشار إلى أن "ما عزز حظوظ التيار تحالفه مع النائب السابق إبراهيم عازار، الذي يحظى بشعبية وازنة في مدينة جزين، وهو ما جعله يستحوذ عليها، رغم أن القوات حصدت الأكثرية في عموم قضاء جزين".