تحول خطير.. توجه أوروبي جديد للتضييق على اللاجئين ومطالبتهم بالعودة

قسم الترجمة | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

أكد موقع دولي يعنى بالقضايا الإنسانية، أن تحرك الحكومة الدنماركية لترحيل اللاجئين السوريين يكشف توجها أوروبيا واسع النطاق للتضييق على اللاجئين ومطالبتهم بالعودة.

وأوضح "ذا نيو هيومانيتريان The New Humanitrian" أنه خلال 2020، عملت اللاجئة السورية رشا قيروت في مجال رعاية كبار السن في العاصمة كوبنهاغن، بعد أن فقدت وظيفتها في مجال الضيافة بسبب جائحة كورونا.

وقالت قيروت البالغة من العمر 38 عاما، إنها وبعد 6 سنوات من العيش في الدنمارك مع طفليها، فإنها تشعر كما لو أنها "تعيد شيئا للمجتمع الذي احتضنها".

وأضافت "هذا ما يجعلني أشعر أنني أستطيع أن أقول إنني سورية ودنماركية في نفس الوقت".

أمر خطير

ورشا، نموذج للاجئين الذين تمت الإشادة بهم في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الدنمارك، خاصة خلال أول موجة من جائحة كورونا، لذلك صدمت عندما تلقت بريدا إلكترونيا من الحكومة يبلغها بإلغاء تصريح إقامتها.

وجاء القرار بعد مراجعة الحكومة الدنماركية لوضع الحماية المؤقتة لـ1250 لاجئا سوريا من دمشق وضواحيها نهاية العام 2020.

وفي حين أن أكثر من 35 ألف سوري يعيشون في الدنمارك لم يتأثروا  بالقرار، فقد تم مؤخرا إلغاء وضع 380 -بما في ذلك الأطفال- وطلب منهم العودة طواعية إلى سوريا.

وإذا لم يفعلوا ذلك، فيمكن إرسالهم إلى مراكز الترحيل التي يقول مراقبو حقوق الإنسان إنها "غير لائقة".

وأشار التقرير إلى أن غالبية المتضررين من النساء، لأن الدنمارك لا تزال تعتبر العودة إلى دمشق وضواحيها "أمرا خطيرا" على الرجال، الذين يمكن تجنيدهم في الجيش.

وفي حين أن الدنمارك هي أول دولة أوروبية تلغي رسميا تصاريح إقامة اللاجئين السوريين، فإن القرار يتناسب مع اتجاه مقلق من البلدان في جميع أنحاء القارة التي تنفذ سياسات تهدف إلى ثني الناس عن طلب اللجوء عن طريق تجريدهم من عدد من المزايا وجعل الحماية مؤقتة.

وفي هذا السياق، قالت الباحثة الأورومتوسطية في مجال حقوق الإنسان، ميشيلا بوجليس، "لقد حدث تحول كبير في عملية دمج اللاجئين نحو التأكيد على الطبيعة قصيرة المدى للحماية والحاجة إلى عودة هؤلاء إلى بلدانهم في أقرب فرصة ممكنة"، مشيرة إلى  أنه ورغم أن قرار الدنمارك هو الأكثر تطرفا، إلا أنه يتناسب مع توجه أوسع في جميع أنحاء أوروبا.

الحماية المؤقتة

في الدنمارك، هناك أوضاع مختلفة تمنح على ضوئها للأشخاص الحماية، ويمنح الأفراد الذين لديهم "خوف مبرر من التعرض للاضطهاد"، وفقا للتعريف الوارد في اتفاقية اللاجئين لعام 1951، كما أن الأشخاص الذين يفرون من العنف ضد المدنيين في وطنهم مؤهلون للحصول على الحماية المؤقتة.

وحتى وقت قريب، كان السوريون الذين يتمتعون بوضع الحماية المؤقتة مثل رشا قادرين على تجديد تصاريح إقامتهم كل عام.

ومع ذلك، بدأت الأمور تتغير عندما أعلنت الحكومة الدنماركية أول تقييم لها للوضع الأمني ​​في دمشق عام 2019، ثم راجعت المناطق المحيطة بدمشق نهاية العام الماضي 

وخلصت المراجعات إلى أن الوضع "قد تحسن بشكل كبير"، حيث لم تعد هناك ضربات جوية أو قتال على الأرض.

ووفقا لمعايير وضع الحماية المؤقتة، فإن هذا يعني أنه يمكن للحكومة الدنماركية إلغاء تصاريح إقامة السوريين إذا كانوا من هذه المناطق، ومطالبتهم بالعودة.

ومع ذلك، فإن العديد من الخبراء الذين تمت استشارتهم لصياغة المراجعة، يؤكدون أن الحكومة الدنماركية أساءت فهم النتائج التي توصلوا إليها.

وقال 8 من الخبراء في رسالة مشتركة: "استخدم هذا القرار شهاداتنا.. لكننا لا نعترف بآرائنا في الاستنتاجات أو السياسات الحكومية اللاحقة، ولا نعتبر أن سياسة الدنمارك بخصوص اللاجئين السوريين تعكس تماما الظروف الحقيقية على الأرض".

وسلط الخبراء الضوء على استمرار عمليات الاعتقال والاحتجاز والتعذيب الممنهجة بحق الأشخاص الذين يعتقد أنهم موالون لمعارضة رئيس النظام السوري بشار الأسد من قبل قوات الأمن في البلاد.

وجاء في الرسالة: "ربما لم تشهد دمشق أعمال عدائية نشطة منذ مايو/أيار 2018، لكن هذا لا يعني أن عودة اللاجئين إلى العاصمة السورية آمنة".

وفي السنوات الأخيرة، استعاد جيش النظام السوري السيطرة على معظم أجزاء البلاد التي كانت تسيطر عليها المعارضة في السابق، بما في ذلك ضواحي دمشق، مما يعني قمع المعارضة وتصفية الحسابات في هذه المناطق.

وفي مارس/آذار 2021، وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، 143 عملية اعتقال واحتجاز، معظمها في دمشق والمناطق المحيطة، وهي نفس المناطق التي أعلنت الحكومة الدنماركية أنها آمنة للاجئين للعودة إليها.

وتم القبض على شخص لإجراء مكالمة هاتفية مع مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة، وآخر لنشره تدوينة عبر حسابه على فيسبوك تحدث فيها عن سوء الأحوال المعيشية والفساد في المناطق الخاضعة لسيطرة نظام الأسد.

وفي كثير من الحالات، تنظر حكومة النظام إلى اللاجئين الذين عادوا إلى البلاد بريبة، وقد تم اعتقال واستجواب وتعذيب المئات ممن عادوا.

تشدد المواقف

الدنمارك، هي الدولة الأوروبية الوحيدة التي ألغت في الوقت الراهن تصاريح الإقامة للاجئين السوريين، لكن السياسات بدأت في التحول في بلدان أخرى أيضا.

وتوصلت السويد والمملكة المتحدة إلى استنتاجات مماثلة بشأن تحسن الوضع الأمني ​​في دمشق، وأصبحت ألمانيا أول دولة في الاتحاد الأوروبي تعلن انتهاء حظر شامل على الترحيل إلى سوريا نهاية 2020، وقالت إنه سيتم النظر في ترحيل السوريين، فقط الذين يرتكبون جرائم أو "يسعون وراء أهداف إرهابية".

مع تشدد المواقف تجاه الهجرة في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي، شددت الدول معاييرها للجوء، مما أدى إلى منح المزيد من الأشخاص الحماية المؤقتة بدلا من وضع اللاجئ.

وقالت الأمينة العامة لمجلس اللاجئين والمنفيين، كاثرين وولارد: "أصبحت الدول الأعضاء تقدم أشكالا أدنى من الحماية، لأنها تحاول الحد من مقدار الوقت الذي تستضيفهم فيه".

وأضافت وولارد أن "الوضع الفرعي سمح لآلاف الأشخاص الفارين من النزاعات والأزمات الإنسانية الأخرى بالحصول على الحماية، لكنه يسمح أيضا للدول المضيفة بالحد من حقوق المستفيدين.

وتابعت قائلة: "بموجب قانون الاتحاد الأوروبي، لا ينبغي أن يكون هناك فرق كبير بين وضع الحماية المؤقتة ووضع اللاجئ، ولكن في الممارسة العملية، هناك اختلافات كبيرة".

وعلى سبيل المثال، لا يتمتع الأشخاص الذين يتوفرون على حماية مؤقتة بنفس حقوق لم شمل الأسرة التي يتمتع بها اللاجئون.

وفي عام 2016، علقت ألمانيا حق أصحاب الحماية المؤقتة في لم شمل الأسرة لمدة عامين، تاركة الآلاف من العائلات المشتتة دون سبيل للم شملهم بشكل قانوني.

وقالت وولارد: إن "ذلك يحدث فرقا كبيرا في حياة الناس، وأمنهم، وآفاق اندماجهم".

لا أستطيع العودة

وفي الوقت الحالي، تنتظر رشا لمعرفة ما إذا كان من الممكن استئناف قرار إلغاء تصريح إقامتها، لدى المجلس الدنماركي لاستئناف طلب اللجوء -وهو هيئة شبه قضائية مكونة من قاض ومحام وممثل عن وزارة شؤون اللاجئين والهجرة والاندماج-.

ولا تعرف رشا التي تتذكر قرع المباحث السورية على أبواب حيها في ضواحي دمشق، كيف ستنتهي محاولتها لاستئناف القرار، لكنها تؤكد أن هناك أمرا واحدا واضحا بالنسبة لها وهو أنها "لا تستطيع العودة إلى سوريا".

وتفترض رشا أن رئيسها في العمل والذي تشاجرت معه أبلغ عنها قوات الأمن.

وبعد أن أيقنت أن الوضع غير آمن، أمسكت رشا بطفليها وهربت؛ أولا، إلى لبنان، ثم بعد 3 سنوات، في قارب عبر البحر إلى اليونان، حيث سافرت عبر أوروبا وانتهى بها المطاف في الدنمارك، حيث حصلت على الحماية.

وطالما أن الأسد لا يزال في السلطة، فهي تعرف أن نفس النظام الذي استهدفها قبل 10 سنوات يمكن أن يلاحقها مرة أخرى، وتخشى أن تقديم نفسها على الحدود السورية قد يكون أقرب إلى تسليم نفسها لجلادها.

وقالت رشا، مرددة مخاوف العديد من السوريين الآخرين الذين فروا من وطنهم دون نية العودة "أنا لست خائفة من القنابل" لكن الوضع السياسي لم يتغير بشكل جذري.

وأضافت "أنا أم عزباء إذا تم القبض علي، فمن سيعتني بأطفالي؟".

أما بالنسبة للمنزل الذي صنعته لنفسها في الدنمارك فتقول اللاجئة السورية: "لقد أمضينا 6 سنوات في العمل وتعلم اللغة والمساهمة في دعم هذا البلد.. أنا لست مستعدة للاستسلام."