مليشيات النظام السوري.. هذه أسباب تصاعد وتيرة الانشقاقات في صفوفها
.jpg)
وتيرة الانشقاقات في صفوف المليشيات الموالية للنظام السوري، أخذت تشهد تصاعدا ملحوظا بمناطق سيطرة قوات مدعومة من إيران وأخرى من روسيا، التي تسببت في أغلب الأحيان بصدامات مسلحة يسقط خلالها عدد من القتلى، ورغم ذلك لم تتوقف حالات الفرار المتكررة.
حالات انشقاق جماعية وفردية عديدة في صفوف هذه المليشيات منذ مطلع 2021، تفرض السؤال عن الأسباب الحقيقية التي تدفعهم إلى الانفضاض عن النظام السوري والذهاب إلى مليشيات إيران وروسيا، وفي حالات أخرى الفرار إلى قوات سوريا الديمقراطية "قسد".
انشقاقات بالجملة
آخر تلك الحالات كانت في 9 أبريل/ نيسان 2021، حيث انشقت سرية كاملة في ريف حلب الجنوبي عن المليشيات التي يديرها الحرس الثوري الإيراني بسوريا، واندلعت على إثرها اشتباكات مسلحة قتل فيها 3 عناصر وجرح فيها آخرون.
وذكرت مواقع سورية، إن مليشيات تابعة للحرس الثوري الإيراني حاصرت قرية بنان في ريف حلب الجنوبي وداهمت منازل فيها بحثا عن المنشقين، ما أدى إلى مقتل عنصرين من المنشقين عن مليشيا "النجباء" وإصابة 3 آخرين، إضافة إلى مقتل عنصر وإصابة آخر من مليشيات الحرس الثوري.
وأفادت بأن الاشتباكات انتهت باستسلام العناصر الفارين، وإعادتهم إلى المقر حيث انشقوا، إذ كان عددهم 18 عنصرا جميعهم سوريون ينحدرون من طرطوس وإدلب وحلب وحمص ودمشق، وعراقي واحد، فروا من مقر "النجباء" بريف حلب الجنوبي مع أسلحتهم وذخيرتهم وتحصنوا في قرية بنان جنوب حلب.
وفي 2 من الشهر ذاته، انشق 5 عناصر من مليشيا "الدفاع الوطني" يرافقهم أحد قيادات التشكيل التابع للنظام السوري، في بلدة السخنة بريف حمص الشرقي، وتوجهوا للانضمام مع لواء "فاطميون" المدعوم إيرانيا.
وشهدت العلاقة بين المليشيات الإيرانية ومليشيا "الدفاع الوطني" المدعومة من روسيا، حالة من التوتر مؤخرا، عقب اعتقال "فاطميون" مؤخرا، عنصرين من "الدفاع الوطني" في تدمر، بتهمة تصوير مقرات المليشيات الإيرانية.
تنسيق مسبق
أغلب حالات الانشقاق كانت بتنسيق مسبق، حيث ذكرت مواقع سورية معارضة في 2 أبريل/ نيسان 2021 أن "عملية الانشقاق سبقها تنسيق مسبق بين العناصر المنشقة والقيادة المحلية للواء فاطميون في البادية السورية، لتجري عملية الانشقاق بعد طلب العناصر إجازات من الدفاع الوطني".
ونقلت عن قيادي في "فاطميون" (لم تكشف عن هويته) قوله إن "العملية جرت في بلدة السخنة في البادية السورية، وعلى الفور، جرى ترحيلهم نحو ريف دير الزور الشرقي بهدف تأمينهم هناك".
وأشار إلى أن "هذه العملية هي الثالثة من نوعها التي تجري في صفوف الدفاع الوطني والفيلق الخامس وتكون الوجهة للواء فاطميون وحزب الله العراقي، بسبب تردي الوضع المعيشي للعناصر المنضوية تحت راية (الدفاع الوطني)".
قبل ذلك بشهر واحد، وتحديدا في 2 مارس/آذار 2021، قال محمد خير القيادي بمليشيا "القاطرجي" التابعة للنظام خلال تصريحات صحفية إن "مجموعة من المقاتلين انشقوا عن القاطرجي، جميعهم من أبناء مدينة الرقة، وإن عملية الانشقاق جرت بعد التنسيق بين أفراد المجموعة المنشقة وعناصر من قوات سوريا الديمقراطية (قسد)".
وأضاف أن "المجموعة وبينهم قيادي ميداني من قوات (القاطرجي) التابعة لقوات النظام، انشقوا بأسلحتهم الفردية، في بلدة الهيشة في ريف الرقة"، مشيرا إلى أن "غالبية المنشقين فروا من جبهات القتال في البادية السورية، التي جرى زجهم فيها مباشرة عقب تجنيدهم للقتال ضد تنظيم الدولة".
وفي 15 فبراير/ شباط 2021، انشق 8 من عناصر "الدفاع الوطني" التابعة لقوات النظام في البادية السورية، وانضموا للقتال في صفوف المليشيات الإيرانية.
وذكرت وسائل إعلام المعارضة، إن عملية انتساب المنشقين إلى المليشيات الإيرانية تمت بالتنسيق مع المدعو "أنس خالد الشليل" وهو أحد وكلاء مليشيات الحرس الثوري بما يخص تجنيد العناصر، حيث جرى ذلك في مكتب الانتساب التابعة للمليشيا في حي المتقاعدين غربي مركز مدينة تدمر.
وبدأت الانشقاقات في عام 2021، عندما انشق 5 عناصر من "الدفاع الوطني" التي تعتبر الرديف لقوات النظام، في 4 يناير/ كانون الثاني، بريف الرقة الغربي، والفرار نحو مدينة "الطبقة" الخاضعة لسيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد).
وجرت هذه العملية أيضا بالتنسيق بين المنشقين، وبين عناصر من قوات "قسد" حيث تمكن المنشقون من الفرار بعد طلبهم الحصول على إجازة من قيادة "الدفاع الوطني" في بلدة الدبسي غربي الرقة.
أسباب متعددة
من أبرز الدوافع التي تقف وراء تصاعد وتيرة عمليات الانشقاق في صفوف المليشيات التابعة للنظام السوري، هي بسبب تخوف العناصر من زجهم في خطوط المواجهة مع خلايا تنظيم الدولة في البادية، حسبما ذكر فهد إسماعيل أحد المنشقين عن مليشيا "القاطرجي".
وأضاف إسماعيل خلال تصريحات صحفية في 2 مارس/آذار 2021 أن "واحدة من أسباب الانشقاق هو "الإهمال الطبي للجرحى وعدم توفر المواد الغذائية للمجندين في ريف الرقة".
وأكد أن "أبناء الرقة غرر بهم للانضمام إلى مليشيا القاطرجي بعد وعود وتطمينات بأنها لا علاقة لها بالقتال والمعارك، ومهمتها حماية مصالح ومنشآت القاطرجي النفطية فقط، إلا أن المليشيا أخلت بهذا الاتفاق وقامت بنقل المئات منهم إلى جبهات القتال في البادية السورية ضد تنظيم الدولة إلى جانب قوات النظام السوري والمليشيات الإيرانية".
وتعمل عائلة القاطرجي، لا سيما حسام القاطرجي العضو في مجلس الشعب التابع للنظام السوري، في تهريب النفط والسلاح بين مناطق النظام السوري ومناطق تسيطر عليها قوات "قسد" على حد سواء، وبتسهيلات من النظام السوري نفسه.
أما السبب الآخر، هو تقديم المليشيات الإيرانية إغراءات للراغبين بالانضمام، تتجلى بالسلطة والإجازات والراتب الذي يتراوح بين 75 و125 ألف ليرة سورية (1 دولار يعادل 3.220 ليرة)، بحسب مواقع سورية معارضة.
وتعود أسباب أخرى إلى منع الإجارات عن العناصر وحرمانهم من رواتبهم المنقطعة منذ نحو 4 أشهر تقريبا، ولا سيما في "النجباء" بقيادة أكرم الكعبي، التي تعتبر من أولى المليشيات الشيعية العراقية التي قاتلت إلى جانب النظام منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011، بحجة الدفاع عن المراقد المقدسة.
وذكرت تقارير إعلامية في 9 أبريل/ نيسان 2021 إن "بعض دوافع الانشقاق تعود للتمييز بين العناصر الإيرانية والمتطوعين من أصل سوري، وزجهم في السجون معاقبة لهم، فضلا عن قطع رواتبهم أو إمدادات الطعام والاحتياجات الأساسية عنهم".
إحدى أسباب انشقاق عناصر من "الدفاع الوطني" والانضمام إلى مليشيا "الفيلق الخامس" المدعوم من روسيا، جاء بدعوى أن موقفها أقوى ورواتبها أفضل، كما أنها تؤمن لعناصرها الحماية من تجاوزات المليشيات الإيرانية، لأن قوات النظام باتت الحلقة الأضعف بين إيران وروسيا، وفقا للتقارير.
وقال الصحفي السوري معن نافع في 2 أبريل/ نيسان 2021: "السبب الرئيس وراء انضمام العناصر إلى المليشيات الروسية كالفيلق الخامس والمليشيات الإيرانية المتعددة، يعود إلى قيمة الراتب المقدم منها والذي يعادل أضعاف الرواتب التي تعطيها تشكيلات النظام لعناصرها، وتفاقمت الحالة بالتزامن مع الأوضاع الاقتصادية المتردية التي تعيشها مناطق سيطرة النظام".
وأوضح النايف أن "كل من هو في سن الـ40 وما دون ويقيم في تلك المناطق، فإنه عرضة للتجنيد أو المضايقات التي تجعل من خيار الالتحاق في صفوف إحدى المليشيات إجباريا أمام التهديدات التي يتعرض لها الشباب، لا سيما أن معظم تلك المناطق استعادها النظام بدعم روسي ومن المليشيات الأخرى معه، ما يعني قلة عدد الشبان وعودتهم المشروطة بالمصالحات والتسوية".
ولا تزال عمليات التجنيد لصالح إيران متواصلة بشكل كبير ضمن المنطقة الممتدة من الميادين حتى البوكمال بريف دير الزور الشرقي، والتي تقع تحت سيطرة النفوذ الإيراني بشكل كامل.
من جانبها تسعى روسيا لتحجيم الدور الإيراني هناك بطرق مباشرة وغير مباشرة، حيث تقوم بحملات أمنية مستمرة برفقة مليشيات موالية لها وللنظام السوري وزيارات دورية إلى مناطق النفوذ الإيراني.
فضلا عن الإطلاع الروسي المسبق بالضربات الإسرائيلية التي تستهدف الإيرانيين غربي الفرات، بحسب تقرير "المرصد السوري لحقوق الإنسان" في 16 يناير/كانون الثاني 2021.
ووفقا لإحصائيات "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، فإن تعداد المتطوعين في صفوف الإيرانيين والمليشيات الموالية لها في الجنوب السوري ارتفع إلى أكثر من 8600.
كما ارتفع عدد الشبان والرجال السوريين من أعمار مختلفة ممن جرى تجنيدهم في صفوف القوات الإيرانية والمليشيات التابعة لها مؤخرا بعد عمليات "التشيع" إلى نحو 7450، وذلك ضمن منطقة غرب نهر الفرات في ريف دير الزور.
إذ تعمد المليشيات الإيرانية لتكثيف عمليات التجنيد هذه في استغلال كامل منها لانشغال الروس في الاتفاقات مع "الضامن" التركي بالشمال السوري.
المصادر
- انشقاق سرية كاملة يستنفر ميليشيات إيران بحلب ويوقع قتلى وجرحى
- ميليشيا إيرانية جديدة تصل إلى تدمر وانشقاقات بصفوف قوات النظام السوري هناك
- انشقاق عناصر من ميليشيا «القاطرجي» في الرقة إلى مناطق «قسد» بسبب تنظيم «الدولة»
- في تدمر.. انشقاق عناصر من “الدفاع الوطني” للانضمام إلى الميليشيات الإيرانية
- انشقاق عناصر من ميليشيا “الدفاع الوطني” بريف الرقة
- بعد فرار مجموعة من عناصرها.. الميليشيات الإيرانية تكثف حواجزها الأمنية في ريف دير الزور
- أسباب الانشقاقات المتبادلة بدير الزور بين ميليشيات روسيا وإيران