يبحث عن مخرج.. لماذا ألمح نظام الأسد لاحتمالية تأجيل انتخابات الرئاسة؟

يوسف العلي | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

تلميحات سفير النظام السوري في موسكو رياض حداد، بشأن إمكانية تأجيل الانتخابات الرئاسية للنظام، فتحت باب التساؤل واسعا بخصوص دلالات وأهداف مثل هذه التصريحات قبل أقل من شهر على موعد الانتخابات التي يسعى النظام لإجرائها في أبريل/ نيسان 2021.

سفير بشار ربط تحديد موعد الانتخابات بالوضع الوبائي لفيروس كورونا في مناطق سيطرة النظام، وفق ما نقلت وكالة "تاس" الحكومية الروسية 24 مارس/آذار 2021.

حداد تهرب من الإجابة على سؤال للوكالة الروسية حول إمكانية دعوة مراقبين دوليين للإشراف على الانتخابات، بالقول: "لا تزال الاستعدادات جارية للانتخابات الرئاسية في سوريا".

ولم يحدد النظام حتى الآن موعدا لتلك الانتخابات، لكن دستور 2012، فرض على رئيس مجلس الشعب (البرلمان) الدعوة لانتخاب رئيس الجمهورية قبل انتهاء ولاية الرئيس الحالي في مدة لا تقل عن 60 يوما ولا تزيد عن 90 يوما، وبالتالي فإنها تنحصر بين 16 أبريل/ نيسان، و16 يونيو/حزيران 2021.

انتخابات شكلية

وبخصوص ترجيحات تأجيل الانتخابات، قال عضو الهيئة السياسية للائتلاف السوري المعارض عبد المجيد بركات: "من غير المنطقي أن يلجأ النظام إلى تأجيل الانتخابات بذريعة انتشار فيروس كورونا. فالجميع يعلم أن مناطق النظام لم تلتزم بالإجراءات الاحترازية لمكافحة الفيروس".

وأضاف بركات في تصريحات صحفية 27 مارس/آذار 2021: "الظرف الدولي والداخلي هو الذي قد يدفع النظام لتأجيل الانتخابات. فالمواقف الأميركية والأوروبية، وجميع الدول الفاعلة في الشأن السوري، واضحة حيال معارضة إجراء الانتخابات".

وأوضح أن "النظام كان يراهن، على تخفيف القيود والعقوبات الاقتصادية عليه مع تولي بايدن للسلطة في الولايات المتحدة، لكن العكس تماما ما حصل، فهناك مشروع قانون جديد يتم تحضيره في الكونغرس، يؤكد على تطبيق قانون قيصر، ويذهب باتجاه محاسبة مسؤولي النظام. ورأينا المحاكم الأوروبية التي بدأت بمحاسبة مسؤولين من النظام المتهمين بجرائم حرب".

وأشار بركات إلى أن "النظام فشل في مفاوضاته مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) شمال شرق سوريا، لوضع صناديق انتخابات هناك. وبالتالي كل المؤشرات تتجه إلى أن الانتخابات في حال حدوثها ستكون شكلية، وستلقى ردود فعل دولية وداخلية رافضة، ما يدخل النظام وحلفاءه بمأزق سياسي جديد مع المجتمع الدولي، وتحديدا الدول الداعمة للمعارضة".

وفي بيان موحد صدر 16 مارس/آذار 2021 من الولايات المتحدة و4 دول أوروبية، بمناسبة الذكرى العاشرة للثورة السورية، قالت إنها لن تعترف بالانتخابات الرئاسية المقررة في سوريا هذا العام.

وجاء في البيان المشترك عن وزراء الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن والبريطاني دومينيك راب والألماني هايكو ماس والفرنسي جان إيف لودريان والإيطالي لويجي دي مايو، أن "الانتخابات الرئاسية السورية المقررة هذا العام لن تكون حرة ولا نزيهة، ولا يجب أن تؤدي إلى أي إجراء دولي للتطبيع مع النظام السوري".

وأضاف البيان أن "أي عملية سياسية يجب أن يشارك فيها جميع السوريين، بمن فيهم الجاليات والنازحون، لتكون كل الأصوات مسموعة. على النظام وداعميه أن ينخرطوا بجدية في العملية السياسية ويسمحوا بدخول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحتاجة إليها".

وأكد الوزراء "تمسكهم بالحل السلمي" للنزاع في سوريا بناء على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، وأنهم سيسعون لمحاسبة المسؤولين "عن الجرائم الأكثر خطورة" وسيواصلون دعم لجنة تقصي الحقائق الدولية.

ورحب الوزراء بجهود المحاكم في مختلف الدول "لمحاسبة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة في سوريا"، مشيرين إلى أنهم "لن يتسامحوا مع عدم التزام سوريا باتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية" وأنهم سيدعمون عمل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بهذا الشأن.

كما أكدت الدول، دعمها لجهود المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسن، معتبرة قرار مجلس الأمن الدولي 2254 "الوسيلة الوحيدة لتسوية النزاع"، مضيفة أنه "ليس بوسعها أن تسمح باستمرار هذه المأساة لعقد آخر من الزمن".

نظام مستميت

لكن الباحث والخبير في الشأن الروسي محمود الحمزة، قال إن "النظام يستميت لإجراء الانتخابات، فهي بالنسبة له مسألة مصيرية، لإثبات أن بشار الأسد تم انتخابه شرعيا، ما يمكنه المحاججة بذلك أمام المجتمع الدولي، في مراهنة على خداعه، ومن ثم الحصول على تمويل لعملية إعادة الإعمار".

وأوضح الحمزة، خلال تصريحات صحفية في 27 مارس/آذار 2021، أن "المجتمع الدولي والغرب وحتى الروس، يعلمون أن هذه الانتخابات ليست سوى مسرحية هزلية فاشلة. وبما أن الأوضاع الاقتصادية في البلاد، ولا سيما في مناطق سيطرة النظام، كارثية للغاية على المستويين المعيشي والصحي، فالنظرة الآن إلى كيف يمكنه إجراء انتخابات في هذه الظروف".

وتابع: "فالمناطق التي يسيطر عليها النظام، لا يوجد فيها أكثر من 9 ملايين سوري، من أصل 24 مليونا، ومناطق شمال غرب وشمال شرق سوريا كلها خارجة عن سيطرته، بالإضافة إلى وجود ما بين 7 إلى 8 ملايين مهجرين خارج سوريا".

وأردف الحمزة، قائلا: "كما أن التسعة ملايين الموجودين داخل مناطق سيطرة النظام ليسوا جميعهم ناخبين، وعلى الأغلب فإن المقترعين منهم ليسوا جميعا مع انتخاب الأسد مجددا، نظرا للحال الذي أوصلهم إليه هذا النظام".

وأشار إلى أن "النظام لم يجر طوال عهده انتخابات ديمقراطية، حرة ونزيهة. وبالتأكيد سيلجأ كما في السابق، إلى وضع النتيجة التي سيراها مناسبة لإنجاح بشار الأسد، كما حدث في الانتخابات السابقة".

من جهته، قرأ الباحث في جامعة "جورج واشنطن" الأميركية، الدكتور رضوان زيادة، حديث حداد عن كورونا، بأنه "مؤشرات على احتمالية تأجيل الانتخابات، بضغط روسي".

وأضاف زيادة في تصريحات 25 مارس/آذار 2021 أن "تأجيل الانتخابات أمر محتمل، والواضح أن روسيا ترغب بابتزاز الغرب فيما يتعلق بإجراء الانتخابات".

لكن المطلوب، وفق زيادة، "ليس تأجيل الانتخابات، وإنما وقف تنظيمها كليا، وعقدها تحت إشراف الأمم المتحدة الكامل وفقا للقرار الأممي 2254، الذي ينص على انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف أممي.

الموقف الروسي

وعن الموقف الروسي من إجراء الانتخابات أو تأجيلها، قال الحمزة: "الوضع والظرف الدولي مختلف، لا سيما مع إدارة بايدن. والروس الآن يلجؤون لحلحلة الوضع السياسي، فهم يدركون أن الانتخابات ستشكل عرقلة لأي حل سياسي مقبل، فاللجنة الدستورية، مثلا، لا تعمل بسبب تعنت النظام".

وأردف: "أخيرا ظهرت إشارات من موسكو، بشكل غير رسمي، بأن الانتخابات ستخلق لهم مشكلات جديدة مع الغرب، ففرنسا قدمت وثيقة لمنع الانتخابات لكونها غير شرعية، والأميركيون قالوا صراحة إنهم لن يتعاملوا مع بشار الأسد".

وأوضح الحمزة أن "هذه المقاطعة المسبقة تجعل الروس يفكرون بكيفية إيجاد حلول كي لا يضعوا أنفسهم في موقف محرج، لدرجة عدم إيجاد من يتعاون معهم في البحث عن حل. ومن هنا قد يكون الروس أرسلوا إشارات للنظام السوري بالتريث في إجراء الانتخابات".

 وأكد الخبير السوري أن "سفير النظام في موسكو لا يمكن أن يصرح من عنده، ولا شك أنه جرى إبلاغه برمي هذا الطرح، للقول بأن النظام والروس لم يفشلوا بإجراء الانتخابات في موعدها، وتحميل ظروف كورونا أسباب التأجيل. النظام قد يلجأ إلى تأجيل الانتخابات لكن لن يقوم بإلغائها، بانتظار معرفة ما إذا كان الروس سيستطيعون إحداث خرق ما".

في المقابل، قلل الكاتب الصحفي المختص بالشأن الروسي، طه عبد الواحد، من احتمالية توجه النظام وروسيا نحو تأجيل الانتخابات، قائلا: "أرجح أنه إذا لم يخرج كورونا عن السيطرة لن يكون هناك أي تأجيل".

وقال عبد الواحد خلال تصريحات صحفية 25 مارس/آذار 2021: "لكن إذا ارتفعت الإصابات، فإن هذا يزيد من الضغوط على النظام والروس، وأقصد هنا تصاعد حالة الاستياء داخليا، وهذا قد يعطل الانتخابات".

وأضاف: "المجتمع الدولي سيكون له موقف إن أصر النظام على الانتخابات في حال تفشى الوباء بصورة أكبر. النظام هنا أمام مأزق كورونا، فهو يخشى تأثيره على الانتخابات، علما أن المجتمع الدولي أعلن مسبقا عدم اعترافه بها"، متسائلا: عن الصيغة التي حصل النظام بموجبها على اللقاحات الروسية، وأجاب: "هل هي هبة، أم بيع، وكيف سيتم السداد"؟.

المحلل السياسي الروسي، يفجيني سيدورف، قال خلال مقابلة تلفزيونية في 2 مارس/آذار 2021: "إذا قرر رئيس النظام السوري بشار الأسد تأجيل الانتخابات إلى موعد آخر، فهو يخالف الدستور الحالي للبلاد، ومخالفته تعني فتح الملف الجنائي لرئيس الدولة، وبالتالي نحن أمام مأزق دستوري".

وأوضح أن "روسيا مهتمة لمرحلة ما بعد الانتخابات في سوريا، بإعادة الإعمار في البلاد، وروسيا عاجزة تماما في التعاطي بمفردها مع هذا الملف، فهي تحاول جذب عدد من الدول الغربية للمشاركة في هذه العملية".

وأعرب سيدورف عن اعتقاده بأن "الحوار الصريح مع روسيا حول الموضوع مع الدول الغربية بما فيها مثلا فرنسا سيكون أمرا مفيدا للتوصل إلى حلول مقبولة لدى جميع الأطراف، وبالتالي سيكون بالإمكان استنادا إلى ذلك إطلاق عملية سياسية حقيقية بعد الانتخابات".