دعمته بالمرتزقة والسلاح.. كيف دفعت الإمارات حفتر لحرق ليبيا؟
.jpg)
منذ 4 أبريل/ نيسان 2019، تشن مليشيا حفتر المدعومة من الإمارات ودول أخرى، هجوما شرسا للسيطرة على العاصمة الليبية طرابلس، مقر حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا.
الهزائم الأخيرة التي مني بها حفتر، وتقهقر قواته، وسقوط معسكرات وقواعد عسكرية، بيد قوات حكومة الوفاق، كشفت اللثام عن كثير من خبايا الدعم الذي تقدمه الإمارات ودول أخرى لقوات حفتر، ما ساهم في زعزعة استقرار ليبيا، وتحويلها إلى أرض صراع وحروب مستمرة.
بيد أن للإمارات طرق وأساليب مختلفة في إدارتها للصراع، منها استخدام شركات أمنية، وأخرى للشحن، تقوم على توريد الأسلحة والعتاد العسكري، وإمدادات الوقود، بالإضافة إلى المرتزقة والفرق شبه العسكرية إلى ليبيا، ضاربة بقرار مجلس الأمن عرض الحائط، ومهددة حياة ملايين المدنيين الليبيين.
تقرير صادم
في 17 مايو/ آيار 2020، أماطت وكالة الأناضول التركية الرسمية، اللثام عن تقرير سري أعده فريق خبراء لجنة العقوبات بمجلس الأمن الدولي، حول فاعليات الإمارات العربية المتحدة ودعمها لقوات الجنرال الانقلابي خليفة حفتر في ليبيا.
وأوردت اسم شركة ''Fulcrum Holding''، ومقرها في دبي، حيث أسست شركة فرعية لها في الأردن، بهدف تقديم دعم لقوات حفتر في انقلابهم على الشرعية، وهجومهم على العاصمة الليبية طرابلس.
وكشف التقرير أن هذه الشركة أنفقت أكثر من 18 مليون دولار لشراء 6 مروحيات وزورقين حربيين، بهدف مداهمة السفن التي تبحر قبالة سواحل ليبيا.
وأكد أن ''Fulcrum Holding''، سعت في يناير/ كانون الثاني 2020، إلى تأسيس فرقة مقاتلة متدربة من عسكريين أجانب في مدينة بنغازي الليبية، بهدف دعم قوات حفتر.
بالإضافة إلى شرائها من جمهورية مالطا، زورقين من طراز "MRC 1250" لصالح الميليشيات الأجنبية التي تساند قوات حفتر في عملياتها.
وفي 15 مايو/ آيار 2020، ذكر موقع "بلومبيرغ" الأميركي، أن الشركة الإماراتية أرسلت فريقا من المرتزقة الغربيين، مكونا من 20 شخصا، إلى بنغازي، بهدف مساعدة مليشيا حفتر، ضد القوات الحكومية.
الأحداث الأخيرة، جاءت لتعضد الروايات السابقة، عن الشركات الإماراتية التي تهندس للصراع الدائر في ليبيا، بداية من الدعم اللوجيستي، حتى التورط الكامل في المعارك.
"بلاك شيلد"
في 18 مايو/ آيار 2020، طالبت دار الإفتاء الليبية، في بيان، علماء السودان بأن يكون لهم موقف حاسم من تورط مسؤولين بتجنيد شبابهم من قبل الإمارات لصالح الانقلابي حفتر، خلال عدوانه الغاشم على طرابلس.
ووصف البيان تجنيد الشباب السودانيين من قبل حفتر، بـ"المتاجرة الرخيصة، حيث يشترون بالمال ليلاقوا حتفهم في الصحراء ضمن عصابات الحرافة التي يقودها مجرم الحرب حفتر".
ولم تنفك الإمارات بعد عن فضيحة شركة "بلاك شيلد" الأمنية، المتهمة بالتغرير بشباب السودان، وإرسالهم إلى جحيم المعارك المستعرة في ليبيا.
في 25 ديسمبر/ كانون الأول 2019، نشرت صحيفة "الجارديان" البريطانية تقريرا عن "تورط" الإمارات، في تمويل نقل مجموعات من المرتزقة، للقتال في ليبيا إلى جانب مليشيات حفتر، المدعوم من أبوظبي والقاهرة.
وفي 28 يناير/ كانون الثاني 2020، تظاهر مئات السودانيين، أمام مقر وزارة الخارجية بالعاصمة الخرطوم، احتجاجا على إرسال أبنائهم للقتال في اليمن وليبيا، بدلا من العمل في خدمات أمنية، حسب عقود مبرمة معهم من قبل شركة إماراتية تدعى "بلاك شيلد".
ردد المتظاهرون هتافات منددة بولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، رافعين لافتات مكتوب عليها: "أولادنا ليسوا للبيع"، "من أجل كرامتنا قامت الثورة"، "فلذات أكبادنا ليسوا بمرتزقة"
وبلاك شيلد، تعرف نفسها أنها من الشركات المتخصصة في حلول الأمن والتشغيل والتدريب لمكافحة الإرهاب.
وفي 30 يناير/ كانون الثاني 2020، نشرت شبكة "الجزيرة" الإخبارية، مقاطع مصورة حصلت عليها، تظهر مجموعة من الشباب السودانيين الذين تعرضوا للخدعة من "بلاك شيلد"، التي نقلتهم إلى ليبيا بعد إخضاعهم لتدريب عسكري في معسكرات داخل الإمارات.
شركات أخرى
رغم أن مجلس الأمن، حظر تصدير السلاح إلى ليبيا بداية من 2011، حتى 30 أبريل/نيسان 2021، لكن صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، كشفت في 21 أبريل/ نيسان 2020، أن شركات إماراتية شحنت نحو 11 ألف طن من وقود الطائرات إلى شرقي ليبيا، معقل خليفة حفتر، منتهكة بذلك قرار حظر الأسلحة الدولي.
وفي ذلك الإطار قالت ستيفاني ويليامز، مبعوثة الأمم المتحدة بالإنابة لليبيا، في تصريح للصحيفة: إنه "في حكم الأمم المتحدة اعتبر وقود الطائرات إمدادات قتالية، ويمكن أن يشكل الشحن إلى شرق ليبيا انتهاكا للحظر".
وقد أشارت الوثائق أن مورد الوقود كان شركة "Afrifin Logistics FZE "، ومقرها إمارة الشارقة.
كما أوضحت الوثائق أنه تم تحميلها على ناقلة تحمل علم ليبيريا وتديرها شركة "FZC" لخدمات الشحن الخليجي.
وفي 29 أبريل/ نيسان 2020، نشرت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية، تقريرا تحت عنوان "ليبيا: غارة إماراتية تقتل 8 مدنيين"، قالت فيه: "القوات المسلحة الليبية، التي يقودها خليفة حفتر ومقرها في شرق البلاد، تحظى بدعم جماعات مسلحة متعددة، بعضها من المدن الساحلية الغربية مثل صبراتة وصرمان ومن ترهونة، حصلت على دعم عسكري من الإمارات، والأردن، ومصر رغم حظر الأسلحة المفروض على ليبيا".
وأكد التقرير الحقوقي: أن "الإمارات تشغل قاعدة جوية عسكرية شرق ليبيا، وتمد القوات المسلحة العربية الليبية بالأسلحة والذخائر، وتنفذ طائراتها المقاتلة والمسيرة المسلحة عمليات دعما للقوات المسلحة العربية الليبية".
وأضاف: "تحظى هذه القوات بدعم مقاتلين أجانب، من السودان وتشاد، ومقاتلين روس يعملون لحساب شركات أمن خاصة (إماراتية) بالإضافة إلى مقاتلين سوريين تدعمهم روسيا".
سجال "تويتر"
وجاء السجال القوي، بين مسؤولين من كلا البلدين، معبرا عن حالة الغضب والاستياء الليبية، من أفعال الإمارات العدائية ضد شعبها، فبعد الهزائم المنكرة التي تعرض لها حفتر خلال الفترة الماضية، كتب الإماراتي أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية، على تويتر: "الأزمة الليبية مستمرة منذ قرابة 10 سنوات. ولن تتاح لليبيين فرصة العيش في بلد آمن ومزدهر طالما أن الأطراف المتقاتلة تهدف إلى تحقيق مكاسب تكتيكية صغيرة وهي تجري وراء سراب النصر المؤقت، فلا بديل للعملية السياسية لإحلال الاستقرار الدائم".
ليرد عليه وزير الداخلية الليبي في حكومة الوفاق، فتحي علي باشاغا، عندما أعاد نشر تغريدته، وعلق عليها قائلا: "الأزمة في ليبيا ما كانت لتكون أصلا لولا تدخلاتكم الخبيثة في شؤونها الداخلية، ودعمكم للانقلابيين، وإرسالكم للأسلحة، وشرائكم للذمم بمالكم الفاسد، وتحريضكم على العنف بإعلامكم المُضلل".

وأضاف: "أسلحتكم التي خلّفها عملاؤكم وراءهم ستظل شاهدا على سوء أعمالكم، ودليلا نلاحقكم به ما حيينا".
كما غرد، مهاجما الإمارات: "كفاكم ضحكا على المغفلين، وتلاعبا بالألفاظ والموازين، وقلبا للحقائق، ولعبكم دور أبناء يعقوب، وادعائكم البكاء على يوسف. سخَّرتم إعلامكم المضلل، ومالكم الفاسد، وخرقتم باستمرار قرارات الأمم المتحدة، بحظر توريد الأسلحة إلى ليبيا سعيا منكم وراء سراب حلمكم بمشروع ديكتاتوري آخر في المنطقة".
سفك الدماء
وبناء على التدخلات الإماراتية المباشرة، وعبر الشركات التابعة لها، في الصراع الليبي، طالب المندوب الليبي في الأمم المتحدة، الطاهر السني، في 19 مايو/ آيار 2020، مجلس الأمن بعقد جلسة خاصة "لبحث التدخلات غير القانونية من قبل الإمارات في ليبيا، ومحاولاتها الانقلاب على سيادة الدولة".
وأكد السني، أن "بلاده توفر لديها عدد من الأدلة الدامغة والمتطابقة مع تقارير سابقة، لتورط الإمارات في نقل وإرسال هذه الأسلحة والمعدات إلى مجرم الحرب ومليشياته الانقلابية كما فعلت ذلك عدة مرات سابقا".
وشدد المندوب الليبي على مطالبته بأن "الدول التي يتم استخدام مواطنيها كمرتزقة من قبل الإمارات، بإرسالهم إلى ليبيا، باتخاذ الإجراءات الواضحة حيالهم، وسحبهم على الفور ومعاقبة المسؤولين على تجنيدهم، وليس فقط الاكتفاء بعدم مسؤوليتها عن تصرفاتهم".
وفي 18 مايو/ آيار 2020، أعلن المتحدث باسم الخارجية الليبية، محمد القبلاوي، أن "حكومة بلاده ستقدم أدلة إلى مجلس الأمن على تورط الإمارات في سفك دماء الليبيين، وخرق القرارات الدولية".
وأضاف: "ما تم العثور عليه من أسلحة بقاعدة الوطية، سنتوجه به إلى مجلس الأمن كأدلة على انتهاك عدة دول قرار حظر تصدير السلاح إلى ليبيا".
المصادر
- فايننشال تايمز: شركات إماراتية انتهكت حظر الأسلحة إلى ليبيا
- مندوب ليبيا يطالب مجلس الأمن بعقد جلسة لبحث "تدخل الإمارات"
- ليبيا: غارة إماراتية تقتل ثمانية مدنيين
- معدات عسكرية ومرتزقة.. تقرير أممي يكشف تفاصيل دعم الإمارات لحفتر
- فايننشال تايمز: شركات إماراتية متورطة في خرق حظر تصدير السلاح إلى ليبيا
- النص الكامل لكلمة مندوب ليبيا أمام مجلس الأمن
- الحكومة الليبية: سنقدم أدلة تورط الإمارات بسفك دماء شعبنا