لوموند: خروج السعودية من مستنقع اليمن شبه مستحيل.. وهذه الأسباب

12

طباعة

مشاركة

رأت صحيفة "لوموند" الفرنسية أن مساعي السعودية للخروج من المستنقع اليمني بشكل مشرف، تبدو مهمة شبه مستحيلة، في ظل النزاعات التي لا تحصى وخطوط المواجهة السياسية والعسكرية التي تواجهها من الجنوب إلى الشمال.

وتحت عنوان "معادلة جنوب اليمن تضع السعودية في مأزق"، كتب آلان كافال: "الرياض عاجزة عن التوصل إلى هدنة مع المجلس الانتقالي الجنوبي (STC)، وهو أمر ضروري لتخليص نفسها من الحرب مع الحوثيين".

وأضاف في تقرير: "تريد السعودية أن تخرج نفسها من صراع اليمن، ولكن، من الشمال إلى الجنوب، هناك عدد لا يحصى من الصراعات وخطوط المواجهة السياسية والعسكرية التي تجعل هذه المهمة شبه مستحيلة في بلد لا يزال مجزأ بعد خمس سنوات من الحرب".

وأوضح أن جهود السعودية لإيجاد مخرج مشرف من المستنقع اليمني بدأت منذ أسابيع، عقب إعلان الرياض وقف إطلاق النار من جانب واحد، لكن المملكة الخليجية ورثت القضية الشائكة لجنوب اليمن بعد مغادرة الإمارات ولا يبدو أنها قادرة على الاستفادة من ثقلها السياسي فقط لحلها.

وتابع: "في الشمال، يتجاهل الحوثيون الذين يسيطرون على العاصمة صنعاء هدنتهم ويواصلون هجماتهم، فيما تصاعدت التوترات في الجنوب حول عدن بعد إعلان المجلس الانتقالي تقرير المصير في أواخر أبريل / نيسان 2020".

وأشار إلى أن المجلس الانتقالي الجنوبي يسعى لإقامة دولة مستقلة أو على الأقل منطقة حكم ذاتي داخل الحدود التي كان يسيطر عليها قبل توحيد البلاد في عام 1990 من قبل جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية. 

وأوضح أنه "إذا كان الجنوبيون رسميا جزءا من الجبهة التي تقودها السعودية ضد المتمردين الحوثيين، المدعومين إيرانيا، فإنهم يعارضون الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي المقيم حاليا في الرياض".

في عدن والمقاطعات المجاورة، التصريحات الصادرة عن المجلس الانتقالي الجنوبي، التي أعلنت حالة الطوارئ وتقرير المصير، لم يتغير الوضع، حيث كان ميزان القوى مواتيا بالفعل للانفصاليين على المستوى الأمني، غير أنهم فشلوا في السيطرة على المؤسسات الرئيسية، رغم تحركات القوات بالقرب من البنك المركزي في عدن.

وبين التقرير أن هذه التوترات الجديدة داخل المعسكر المناهض للحوثيين تشكل عبئا إضافيا على الرياض، التي يبدو أن جهودها الدبلوماسية على الساحة اليمنية محكوم عليها بالفشل.

ففي نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، بعد اشتباكات بين أنصار حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي والمجلس الانتقالي الجنوبي، كافحت السعودية لتوقيع "اتفاق الرياض"، بيد أن الاتفاقية غير الواضحة والطموحة بشكل مفرط، لتنظيم تقاسم السلطة مع الجنوبيين، ظلت في الأساس حبرا على ورق.

إحباط المهمشين

ويقول ثانوس بيتوريس المتخصص في جنوب اليمن وباحث في كلية الدراسات الشرقية والإفريقية بجامعة لندن: إن "إعلان الجنوبيين هو قبل كل شيء رمزي، ويهدف إلى تذكير السعوديين بأنهم لا يستطيعون إدارة الجنوب دون مراعاة مصالح الانتقالي وإجبار هادي على تقديم تنازلات".

وتحقيقا لهذه الغاية، يمكن للجنوبيين تسليط الضوء على الأصول التي يصعب إنكارها، بما في ذلك عدم شعبية الحكومة الرسمية في عدن وحولها، والدعم الشعبي الذي يتمتعون به هناك. 

فإعلانهم تقرير المصير جاء بعد فيضانات غزيرة، تُرك فيها سكان المدينة الجنوبية مرة أخرى، يواجهون مصيرهم في عاصمتهم التي سقطت.

وبحسب آلان كافال، أثارت هذه الحلقة الجديدة إحباط الجنوبيين الذين يعتبرون أنفسهم مهملين ومهمشين منذ توحيد البلاد، لافتا إلى ميزة أخرى تقوي موقفهم، تتمثل في تلقي المجلس الانتقالي الدعم اللامحدود من الإمارات وهي عضو سابق في التحالف المناهض للحوثيين، وتتمتع بثقل في الجنوب.

وذكّر بأنه على الرغم من انسحاب الإمارات من الأراضي اليمنية خلال صيف عام 2019، إلا أن القدرات العسكرية للجنوبيين، الذين تم تجهيزهم وتدريبهم من قبل أبوظبي، لا تزال كبيرة.

ويقول: "لقد سمح لهم ذلك بالسيطرة على المحافظات الجنوبية الغربية، حيث يمارسون نفوذهم في المؤسسات المدنية، على الرغم من أن موظفي الخدمة المدنية لا يزالون يتلقون رواتب من حكومة هادي".

لكن رغم ذلك، فإن موقفهم لا يعني هيمنة، يواصل كافال: "فبدون الإمارات، لا يملك المجلس الانتقالي الجنوبي الموارد اللازمة لتعويض مقاتليه، وقد تم استقبال إعلانه تقرير المصير بشكل مختلف في جنوب البلاد، حيث لا يزال هادي يتمتع بدعم كبير، لا سيما في محافظة أبين حيث نشأ".

وأردف الكاتب الفرنسي أنه إذا استمرت التوترات بين المعسكرين، فقد وقع بالفعل عدد من المواجهات، في جزيرة سقطرى، بين أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي والقوات الموالية لحكومة هادي، وعلى الرغم من وقف إطلاق النار، لا يزال الوضع متوترا على الأرض.

خيارات قليلة

ويؤكد كافال أن السعودية ورثت القضية الشائكة في جنوب اليمن بعد مغادرة الإمارات ولا يبدو أنها قادرة على الاستفادة من ثقلها السياسي لحلها.

فقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي تتخذ من أبوظبي مقرا لها، وكان بإمكان مضيفيهم استخدام نفوذهم لثني هذا الكيان عن إصدار مثل هذا الإعلان، لكن من الواضح أنهم امتنعوا عن ذلك، تاركين هذه الأزمة الجديدة في الأراضي اليمنية للرياض. 

وتقول إيلانا ديلوزيير، أخصائية باليمن في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: "إعلان تقرير المصير ضربة قوية، كان الأمل هو دفع المجلس الانتقالي الجنوبي وحكومة هادي للتوصل إلى اتفاق، ومن ثم جلب الحوثيين إلى طاولة المفاوضات، لقد فشلت الرياض في الحالتين". 

وتبين أن اقتراحات السعوديين تجاه المتمردين ظلت سارية دون نتيجة، فبدعم من إيران، يعلم الحوثيون أن الرياض تريد الخروج من اليمن في أسرع وقت ممكن واغتنام الفرصة لتعزيز موقفهم من خلال الحرب.

ورفض الحوثيون وقف إطلاق النار الذي أعلنته الرياض في 9 أبريل/ نيسان 2020، ثم تم تمديده لشهر رمضان، دون التشاور معهم، حيث يريدون فرض السلام على السعودية بشروطهم. 

وتقول الصحيفة: "إنهم يسيطرون على صنعاء منذ عام 2014، ويطمحون إلى الاعتراف بهم كأصحاب حقيقيين لشرعية الدولة ومواصلة تقدمهم إقليميا".

ومنذ يناير/ كانون ثاني 2020، تقدم الحوثيون وحلفاؤهم نحو مأرب، وإذا كانت المدينة لا تزال تواجه مقاومة من الجماعات المسلحة المدعومة من الحكومة المحلية، فإن المزيد من التقدم على هذه الجبهة يمكن أن يسمح لهم بالسيطرة على موارد الهيدروكربونات في شمال شرق البلاد وزيادة الضغط تجاه الحدود السعودية.

وتذكر إيلانا ديلوزيير أنه "أمام السعوديين خيارات قليلة للخروج من الحرب. لا يمكنهم الانسحاب من جانب واحد كما فعلت الإمارات، لأن ذلك سيبقي سيطرة الحوثيين المدعومين من إيران على المناطق القريبة من حدودهم، لذلك ليس لديهم خيار سوى الدبلوماسية". 

وفي هذه اللعبة، تخلص الصحيفة، هم غير مقنعين، فحلفاؤهم، من الخليج إلى واشنطن مرورا بأوروبا، لديهم أولويات أخرى غير دعمهم.