100 مليار دولار.. ماذا وراء الاستثمارات القطرية في 6 دول إفريقية؟

منذ ٣ ساعات

12

طباعة

مشاركة

في وقت تواجه فيه إفريقيا خفضا كبيرا للمساعدات الأميركية، دخلت قطر إلى القارة السمراء بقوة متعهدة بضخ المليارات لصالح تنفيذ مشاريع استثمارية.

وأفادت مجلة "جون أفريك" الفرنسية بأن شركة "المنصور القابضة" القطرية، وعدت في نهاية أغسطس/آب 2025، بضخ 70 مليار دولار في دول إفريقيا الجنوبية قبل أن يرتفع الرقم لاحقا ليتجاوز المئة.

وترجمت قطر هذا التعهد خلال جولة إقليمية استمرت عشرة أيام أجراها مؤسس المجموعة وعضو الأسرة الحاكمة القطرية، الشيخ المنصور بن جابر بن جاسم آل ثاني.

جولة إفريقية

ووفقا للمجلة، التقى الشيخ المنصور قادة كل من بوتسوانا وموزمبيق وزامبيا وزيمبابوي والكونغو وبوروندي، حيث جرى توقيع التزامات مالية كبرى لتمويل مشاريع في قطاعات الطاقة والزراعة والسياحة والتعدين وصناعة الأدوية والمحروقات وغيرها.

ففي العاصمة الموزمبيقية مابوتو، أعلن مكتب الرئاسة أن آل ثاني وقع اتفاق شراكة بقيمة 20 مليار دولار مع الرئيس دانييل تشابو، يتركز بشكل خاص في مجالي الصحة والتعليم.

أما في زيمبابوي، فقد أعلنت الحكومة أن الصندوق القطري تعهد باستثمار 19 مليار دولار، من بينها 500 مليون دولار لمشروع للطاقة الكهرومائية. 

وأعلنت المنصور القابضة عن الاستحواذ على حصة 19.9 بالمئة في شركة Invictus Energy الأسترالية للمساهمة في تمويل مشروع واعد للغاز في زيمبابوي.

وأشارت المصادر كذلك إلى أن حجم الاستثمارات سيبلغ 19 مليار دولار في زامبيا، و12 مليار دولار في بوتسوانا، و12 أخرى في بوروندي.

بدوره، أكد الرئيس البوتسواني دوما بوكو أن هذه الخطوة "ليست سوى البداية"، لافتا إلى أن قيمة الاتفاق المبرم تفوق نصف الناتج المحلي الإجمالي لبلاده الغنية بالماس.

من جانبها، كشفت الحكومة الكونغولية عن خطة لشركة "المنصور القابضة" القطرية لاستثمار 21 مليار دولار في جمهورية الكونغو الديمقراطية، بالتوازي مع مساعي الدوحة للوساطة في النزاع القائم بشرق البلاد.

وقدم الوفد القطري خلال اجتماع عقد مع رئيسة وزراء الكونغو جوديت سومينوا، خطاب نوايا لاستثمار يؤسس لشراكة إستراتيجية بين قطر والدولة الإفريقية.

وبهذا، تجاوزت الاستثمارات الرقم المعلن عنه سابقا من قبل “المنصور القابضة”، لتصل إلى 103 مليارات دولار في ست دول إفريقية.

شركاء بديلين

وتجذب القارة الإفريقية اهتماما متزايدا من دول وشركات في الشرق الأوسط، نظراً لمساحاتها الزراعية الشاسعة، ونقص البنية التحتية.

وكذلك لامتلاكها احتياطيات ضخمة من المعادن الحيوية لقطاع الطاقة المتجددة عالمياً، وسط منافسة محتدمة مع الصين والولايات المتحدة.

ورأى الخبير الاقتصادي بريندون فيرستر من معهد "أوكسفورد للاقتصاد" أن هذه التعهدات القطرية تأتي في وقت تواجه فيه هذه الدول خفضا كبيرا في المساعدات الأميركية". 

وأضاف: "تزايدت حالة عدم اليقين العالمي في ظل الولاية الثانية للرئيس الأميركي دونالد ترامب، مع صعود النزعة الحمائية الأميركية وفرض الرسوم الجمركية وتقليص تدفقات المساعدات، ما أجبر الدول الإفريقية على البحث عن شركاء بديلين". 

وأكد أن "أموال الخليج لا تمثل فقط محركا للاستثمار"، بل أيضا "ثقلا جيوسياسيا يمنح إفريقيا حماية من الانسحاب الغربي، ويزيد في المقابل من نفوذ قطر وجيرانها".

ولكن، أوضح مسؤول قطري في اتصال مع وكالة الأنباء الفرنسية أن الشيخ منصور يزور الكونغو الديمقراطية (وباقي الدول الإفريقية) بصفته الشخصية كرجل أعمال.

والمنصور القابضة لديها سجل حافل من الاستثمارات الخاصة وخدمات الإدارة خلال 20 عاما، وقد نفذت استثمارات في عدد من دول العالم بقطاعات التعليم والشحن والعقارات إضافة إلى مجالات الصناعة والرعاية الصحية والقطاع الغذائي، وغيرها.

ويأتي الاستثمار القطري بعد نجاح الدوحة في التوسط باتفاق سلام بين رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية، إذ لعبت دور الوسيط بين البلدين المتنازعين منذ أواخر 2024.

لاعب جيوسياسي جديد

وفي هذا السياق، أشارت المجلة الفرنسية إلى أن “الإمارات وقعت، بدورها، مع أنغولا، 44 اتفاقا بلغت قيمتها 6.5 مليارات دولار خلال زيارة رئيس الدولة محمد بن زايد لها في 25 أغسطس”.

لكن الباحثة السياسية ماريسا لورينسو حذرت من أن “تفاصيل هذه الاتفاقات، بما فيها المهل الزمنية والأثمان المقابلة، لم تكشف بعد”.

وترى لورينسو أن "الأرقام المعلنة للاستثمارات يجب التعامل معها بشيء من الشك والريبة"، دون تفاصيل.

وأكدت أن "الشرق الأوسط يفرض نفسه كلاعب جيوسياسي كبير جديد في السوق الإفريقية، خصوصا في قطاع التعدين، لكنه قد يسعى أيضا لتأمين إمدادات الغاز".

وفي تعليقه على الجولة، قال موقع “سيمافور” الأميركي: “حملت الزيارات جميع سمات كبار الشخصيات، فقد وصل الشيخ المنصور على متن طائرة إيرباص A319 بقيمة 90 مليون دولار، وأجرى لقاءات ثنائية مع رؤساء الدول، وأعقبها مؤتمرات صحفية”.

وتحدثت وسائل الإعلام المحلية عن الصفقات - حتى إن وكالة رويترز البريطانية التقطت صورا لتوقيع صفقة بوتسوانا - لكن الوكالة الرسمية القطرية لم تذكر شيئًا عن الرحلة أو عن الشركة، التي لا تمتلك موقعًا إلكترونيًا.

وقال رئيس مجلس إدارة شركة المنصور القابضة، لموقع سيمافور: “ما ترونه في إفريقيا الآن هو ثمرة ثلاث سنوات من العمل الجاد والالتزام برؤية حقيقية”، فيما لم يستجب مكتب الاتصال الحكومي القطري لطلب التعليق.