أسماء مرشحة للإطاحة بها في قضايا الفساد بالعراق.. ما هي؟

يوسف العلي | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

على مدى سنوات عديدة، كانت هناك مطالبات شعبية كثيرة بكشف المتورطين في ملفات الفساد بالعراق، والتي كبدت البلاد خسائر هائلة قدرت بـ 500 مليار دولار، منذ عام 2003.

طيلة 16 عاما، لم تحرك الحكومات المتعاقبة ساكنا تجاه هذا الملف بل عطلت محاكمة الفاسدين أو كشفهم، وظلت هذه الحكومات ورموزها في دائرة الاتهام المباشر بالضلوع في  تلك القضايا.

يبدو أن إعادة إثارة تحقيقات صحفية غربية ظهرت في أبريل/نيسان 2016، عن قضية شركة "أونا أويل" النفطية، والتي تعد من أبرز قضايا الفساد في العراق، وضعت السلطات بموقف لا تحسد عليه، في ظل مظاهرات شعبية تجتاح البلاد، تطالب بإقالة الحكومة، والقضاء على الفساد.

تفاصيل القضية

في أبريل/ نيسان 2016، نشر موقعا "فيرفاكس ميديا" الأسترالي و"هافنتجون بوست" الأمريكي تحقيقا عن صفقات فساد تحت غطاء عقود نفطية شملت مسؤولين عراقيين رفيعي المستوى، أبرزهم وزير التعليم العالي السابق حسين الشهرستاني، الذي كان نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة في حكومة نوري المالكي الثانية 2010- 2014  ووزيرا للنفط في الحكومة الأولى 2006- 2010.

وكشف التحقيق أن شركة "أونا أويل" دفعت 25 مليون دولار على الأقل رشى عبر وسطاء لضمان دعم مسؤولين نافذين" في العراق للحصول على العقود النفطية.

ويورد الموقع قائمة بأسماء مسؤولين قال: إن "أونا أويل" اشترت ذممهم: "وزير النفط آنذاك، وزير التعليم السابق حسين الشهرستاني، عبد الكريم لعيبي وزير النفط عام 2014، مدير عام شركة نفط الجنوب ضياء جعفر الموسوي الذي أصبح عام 2015 وكيل وزير، والمسؤول النفطي عدي القريشي".

المتورطون في قضية الرشاوى الخاصة بالعراق

في غضون ذلك، كشف رئيس لجنة النزاهة في البرلمان طلال الزوبعي أن أحد المسؤولين "المتورطين" في قضية عقود النفط مع شركة "أونا أويل" لديه 600 مليون دولار في إحدى الدول المجاورة.

وأضاف: "لجنة النزاهة قامت بجمع معلومات عن عدد من الشخصيات بقضية عقود النفط في شركة أونا أويل"، وأن "اللجنة بدأت في التحقيق بالقضية بشكل رسمي وعلني".

وبعد تحرك كل الجهات الرسمية للتحقيق في القضية، كشفت تقارير صحفية محلية في أيار/ مايو 2016 أي بعد شهر على كشف تفاصيل الفساد مع "أونا أويل"، عن إغلاق التحقيق بقضية الفساد الكبرى في الموضوع بأمر من مسؤول رفيع المستوى.

وذكرت أن التحقيقات بقضية الفساد في عقود النفط "أونا أويل" أغلقت بأمر من مسؤول رفيع المستوى، ومن ثم إيقاف القضية تدريجيا، مشيرة إلى أن هذه القضية اعتبرت من أكبر القضايا فسادا ومن الأسماء التي كانت متهمة فيها: حسين الشهرستاني وعبدالكريم لعيبي.

وحسب التقارير، فإن إيقاف التحقيق جاء بعد التوصل إلى أسماء جديدة لم تذكر من قبل، ومن بينها شخصيات كردية، إضافة إلى الضغط الذي مارسه الشهرستاني وبصورة كبيرة على لجنة التحقيق ورئاسة هيئة النزاهة.

ووصف الصحفي الأسترالي نيك ماكنزي الذي فجر قضية فساد العقود النفطية حسين الشهرستاني بالشخصية الأكثر فسادا في العراق، فيما في كشف وقت سابق أن الشهرستاني ووزير النفط السابق كريم لعيبي ورئيس شركة نفط الجنوب ضياء جعفر الموسوي كانوا يمتلكون نفوذا ضخما ويؤثرون في صناعة القرار لتحويل العقود إلى الشركات الغربية.

من جهته، نفى الشهرستاني وقتها، علمه بأي وقائع نشرتها وسائل الإعلام عن تلك الاتهامات، مطالبا الحكومة بمطالبة الجهة التي نشرتها بتقديم الوثائق التي تثبت اتهاماتها له.

رشاوى بالملايين

أعيدت القضية إلى الواجهة مجددا بعد تقارير نشرتها صحف غربية في الشهر الجاري وأكتوبر/تشرين الأول الماضي، تناولت موضوع "أونا أويل"، إذ اعترف المدعون الأمريكيون السابقون بأن رؤساء "أونا أويل" ومقرها موناكو بالتورط في ترتيب رشاوى قيمتها ملايين الدولارات للمسؤولين في جميع أنحاء إفريقيا والشرق الأوسط.

قالت وزارة العدل الأمريكية: إن سايروس إحساني، الرئيس التنفيذي السابق لشركة "أونا أويل"، وسامان إحساني، الرئيس التنفيذي السابق للعمليات والمقيمين في المملكة المتحدة من أصل إيراني أقروا بالتآمر لتسهيل الرشوة لتأمين عقود النفط والغاز في دول أجنبية.

سايروس إحساني، وسامان إحساني، تآمرا لترتيب الرشاوى نيابة عن الشركات بين عامي 1999 و 2016، وفقا للمدعين العامين في الولايات المتحدة، وحسب التقارير، أقر الرجلان بالتورط في مارس/آذار الماضي، لكن لم يصدر أي إعلان إلا في أكتوبر/تشرين الثاني الماضي. 

كما أقر ستيفن هانتر (50 عاما)، مدير تطوير الأعمال السابق في "أونا أويل"، وهو من سكان المملكة المتحدة، بأنه مذنب في أبريل/نيسان من العام الماضي بتهمة التآمر لخرق قانون الممارسات الأجنبية الفاسدة.

في يوليو/ تموز الماضي، حصل مكتب أمن الدولة البريطاني على إقرار بالذنب من شريك سابق لشركة "أونا أويل" في العراق، باسل الجراح. وأدانت محكمة ساوثوارك الملكية في لندن الجراح (70 عاما) بخمس قضايا تتعلق بالتآمر لإعطاء رشاوى لمسؤولين عراقيين بين عامي 2005 و2013 عبر منح عقود لتجهيز ونصب مراسي تحميل أحادية مع مد أنابيب نفط جنوبي العراق.

من الأسماء التي أدرجت في التهمة ضد الجراح هو المدير التنفيذي ومؤسس شركة "أرمادا جروب الأردنية" للاستشارات في مجال الطاقة أحمد الجبوري. وتم اتهام الجراح بالتنسيق مع الجبوري لتقديم رشاوى لمسؤولين عراقيين متعلقة بعقدين في قطاع النفط.

وأشار الصحفي الأسترالي نيك ماكنزي في تصريحات صحفية عام 2016، إلى أنه تم تحليل المراسلات الإلكترونية بين أحمد الجبوري، وشركة "أونا أويل" ومن خلالها تم الوصول إلى الشهرستاني وعلمنا أنه المقصود بـ"المعلم" الذي ورد في التحقيق.

الجبوري وصف الاتهامات ضده وضد شركته "أرمادا جروب"، على أنها عارية عن الصحة، وأنه أوكل مؤسسة قانونية للتحقيق ورفع دعوى قضائية ضد الصحفيين في مؤسسة "فيرفاكس ميديا" الإعلامية الأسترالية التي كانت أول من كشفت وحققت في هذه المزاعم ضد شركة "أونا أويل".

خطوط حمراء

رغم أن الشهرستاني وصف في القضية بأنه "الشخصية الأكثر فسادا في العراق"، إلا أن هيئة النزاهة استدعته في 12 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري كشاهد على القضية، وليس متهما.

وقالت: إنها أصدرت مذكرة قبض وتفتيش بحق متهمين في قضية شركة "أونا أويل". وأضافت: إن "الفريق التحقيقي الخاص بالقضية قد أنجز العديد من أعماله وأحال من ثبتت مقصريَّـته على القضاء".

وأوضحت الهئية العراقية أنها دوّنت أقوال عدد من ذوي العلاقة والشهود منهم نائب رئيس الوزراء (الشهرستاني) ووزير النفط الأسبقين والمدير العام لشركة نفط الجنوب والمدير العام لشركة مصافي الجنوب ومدير مشروع تصعيد الطاقة التصديرية ومدير مكتب التصاريح الأمنية في وزارة النفط السابقين وعددا آخر ممن وردت أسماؤهم في التحقيق أو اسْتُدعوا للإدلاء بشهاداتهم في القضية، فضلا عمن سواهم من أصحاب الشركات ومسؤوليها".

ولفتت إلى: أن "التنسيق والعمل المباشر بين الفريق وقاضي التحقيق المُختص، أفضى إلى إصدار الأخير مذكرة قبض وتفتيش بحق متهمين في القضية استنادا إلى أحكام المادة (340) من قانون العقوبات، كما تمت مفاتحة دائرة الاسترداد في الهيئة لفتح ملف لاستردادهم".

ووفق مراقبين، فإن خطوات السلطات العراقية تجاه المتهمين في الفساد لم تصل إلى ما يعرف تسميتهم بـ"الخطوط الحمراء" والذي يعتبر حسين الشهرستاني أحد أبرز هؤلاء الذين خرجت الاحتجاجات تطالب بمحاكمتهم واستعادة الأموال المنهوبة منهم.

وحسب متابعين، فإن محاولة إبعاد الشهرستاني عن تهم الفساد، ربما تكون صلة القربى التي تجمعه بالمرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله علي السيستاني، إذ أن الأول ابن شقيقة زعيم المرجعية الدينية بمدينة النجف.

وتحمّل أطراف سياسية وبرلمانية ومختصون حسين الشهرستاني "مسؤولية تدمير الاقتصاد العراقي"، وحسب  العضو السابقة في لجنة النفط والطاقة النيابية، النائب مازن المازني فإن "وزير النفط السابق حسين الشهرستاني يقول إن تكلفة استخراج برميل النفط (2) دولار، وهذا كلام غير دقيق، إذ أن تكلفة البرميل الواحد (11) دولارا وبعض الحقول تكلف (22) دولارا" .

وفي تقرير سابق تحدث نواب لـ"الاستقلال" عن أن المتظاهرين لن يقتنعوا بجميع إجراءات الحكومة في محاربة الفاسدين ما لم تطيح برؤوس كبيرة نهبت المال العام على مدار 16 عاما.

وأشاروا إلى أن الأسماء الصغيرة التي تحاول الحكومة التسويق من خلالها على أنها تستجيب لمطالب المتظاهرين وتحارب الفساد، ما هي إلا محاولة لذر الرماد بالعيون، وقد تدفع إلى زيادة الزخم في الاحتجاجات بدلا من تهدئتها.