بحثا عن اللقب.. مشاهير عرب "سفراء نوايا حسنة" بالاسم فقط

قبل أيام عينت منظمة السلام العالمية للتنمية الدبلوماسية الإعلامية اللبنانية إيفا مقدسي، كسفير للفن والإبداع العالمي، وبالتالي استحقت مقدسي، رئيس تحرير موقع المرأة اللبناني، حصانة قانونية نصت عليها المواثيق والمعاهدات الدولية، كما تمثل المنظمة لاحقا في المحافل الدولية كسفيرة للعمل الخدمي والإنساني.
تضاف مقدسي إذن لمشاهير خاصة من الفنانين، على المستوى العربي نالوا لقب سفراء شرفيين من الأمم المتحدة يُكلف أصحابه بالقيام بدور على المستوى الدولي من أجل إنهاء معاناة ملايين المنكوبين بفعل النزاعات والكوارث والحروب.
لكن هل حقق الفنانون عادل إمام، حسين فهمي، محمود قابيل، محمد عساف، أحمد حلمي، منى زكي، ونانسي عجرم وصولا للمطرب شعبان عبد الرحيم شيئا ملموسا يمكن أن يعد إنجازا حقيقيا على أرض الواقع يشبه مثلا ما فعلته الفنانة الأمريكية أنجلينا جولي التي مازالت تحتل هذا اللقب منذ عام 2001 حتى عامنا الحالي.
لماذا ينصبون كسفراء؟
تم إنشاء الأمم المتحدة لإقرار السلام في العالم عقب الحرب العالمية الثانية، ولاحقا اعترفت بقدرة المشاهير على القيام بالأعمال الخيرية، حتى أنه في نهاية ولاية الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة كوفي عنان عام 2006 صار هناك أكثر من 400 سفير للنوايا الحسنة مع تزايد العدد اليوم.
ومع الوقت صارت هناك جهات أخرى مانحة لنفس اللقب، كمنظمة السلام العالمية للتنمية الدبلوماسية الإعلامية وهي مؤسسة خاصة غير ربحية تهدف لإقرار السلام العادل بين الشعوب، ونفي التمييز بين البشر، ومقاومة الأفكار الهدامة، ومن المنظمات التي تمنح ألقابا بالسفارة مؤسسة "أيادي الخير نحو آسيا".
وبعد أن كان اللقب الأممي مقتصرا حتى العصر الحديث على الرؤساء أو الحكام والملوك، لأداء مهمة محددة، مع إمكانية تمثيله لبلاده لدى حكومات أخرى ويمنح حصانة خاصة بذلك، توسعت الأمم المتحدة في اختيار السفراء من الشخصيات العامة ذات المكانة كتشريف وتكليف بأعمال إنسانية، ولدعم قضايا مختلفة.
التوسيع الأممي في منح اللقب جاء أملا في أن تنشر هذه الشخصيات الوعي لدى شعوبها سواء في نطاق محلي أو إقليمي أو دولي، وغالبا ما تكون هذه الأسماء من الفنانين أو الرياضيين أو الشخصيات العامة، كسفراء الغذاء والزراعة، السلام، شؤون اللاجئين، النوايا الحسنة للصحة العالمية، كما تم إنشاء برنامج رسل السلام في 1998، وفي عام 2010 عين الأمين العام للأمم المتحدة سفيرا للنوايا الحسنة للمرة الأولى.
مواصفات نظرية
المواصفات النظرية التي تضعها الأمم المتحدة وغيرها من منظمة العالمية للسلام والتنمية الدبلوماسية العربي، وأيادي الخير نحو آسيا، في اختياراتها للسفراء، لا تكون دائما صحيحة عند اختبار هذه الشخصيات عمليا وعلى أرض الواقع.
فكثير من اختيارات هذه المنظمات، بخاصة على المستوى العربي تثبت قصورها وعدم جدارتها بخلاف نماذج محدودة فقط إيجابية مثل اللبنانية كارول سماحة التي قامت بزيارات للاجئين فلسطينيين وجرحى لعدوان إسرائيلي على قطاع غزة، واللبنانية أيضا ماجدة الرومي التي قامت بزيارات ميدانية لتنبيه العالم لوجوب الحد من مظاهر الجوع، بالإضافة للتونسية هند صبري التي قامت بدور مشابه تقريبا.
حتى المجتهدات من الفنانات العرب لم يتركن بصمة في هذا المجال مثلما فعلت الأمريكية أنجلينا جولي التي تكرس جزءا كبيرا من وقتها لخدمة القضايا الإنسانية، مع تخصيصها لثلث ثروتها لخدمة المناطق المنكوبة، والمنظمات الخيرية، ومساهمتها في معسكر اللجوء الأفغاني في باكستان، ومنكوبي دارفور، ومخيمات اللاجئين في العراق ولبنان وكينيا وسيراليون وتنزانيا والصومال، بالإضافة لتبرعها للمنظمات الخيرية كأطباء بلا حدود، وغلوبال إيدز إليانس، ومنظمة الطفل العربي.
طابور أسماء الفنانين العرب الذين تم اختيارهم كسفراء على اختلاف مناصبهم، طويل من بينهم المصريون صفية العمري، محمود ياسين، خالد أبو النجا، ومن سوريا: دريد لحام، منى واصف، وجمال سليمان، ومن لبنان جورج قرداحي راغب علامة، ومارسيل خليفة، ومن تونس: لطفي بوشناق، ومن السعودية: فايز المالكي وسامي الجابر.
سفراء للأطفال
لقب السفراء التشريفي امتد منحه من قبل مؤسسات دولية معبرة عن الطفولة والبراءة، عبر مؤسسة اليونيسيف التي ظهرت للعلن عام 1946م، للعناية بالأطفال بعد الحرب العالمية الثانية.
الشرط الوحيد الذي وضعته اليونيسيف لاختيار هؤلاء السفراء بالإضافة لشهرتهم هو "تحسين حياة الأطفال في العالم"، وفي 28 مايو/آيار 2018 تم منح لقب سفير للطفل أو اليونيسيف للممثل المصري أحمد حلمي، ومواطنتيه دنيا سمير غانم، ومنى زكي، كما تم منحه سابقا للعراقي: كاظم الساهر، ونانسي عجرم.
فنانون عرب استقالوا من منصب سفير النوايا الحسنة عقب عدوان إسرائيل على لبنان في أغسطس/آب 2006، وأبرزهم السورييان: دريد لحام وجمال سليمان، والكويتية: سعاد العبد الله.
الفنان المصري حسين فهمي، أول سفير للنوايا الحسنة منذ عام 1998، حاول الاستقالة أيضا في نفس المناسبة عام 2006، إلا أن مواطنه الشاغل لنفس المنصب، الفنان محمود قابيل أكد في اليوم التالي لاستقالة فهمي أن عقد الأخير مع الأمم المتحدة انتهى منذ 10 أشهر، وبالتالي لا تحق له الاستقالة، وعقبها تبادل الفنانان الاتهامات.
ماذا قدموا؟
المخرج عبد الحميد حبيب قال: "الفنانون المصريون بوجه خاص، والعرب بوجه عام ما يهمهم في أمر تنصيبهم كسفراء شرفيين لمنظمات أممية وغيرها، هو الاسم فقط، فلا ينظرون إلى جانب التكليف منه، وبالتالي تسير مناصبهم ومسمياتهم أفضل بمراحل مما يفعلونه عمليا".
حبيب تساءل في حديثه مع "الاستقلال": "وإلا فماذا فعل أحمد حلمي، دينا غانم، ومنى زكي ليصيروا سفراء لليونيسيف والطفل العربي؟ أولهم (حلمي) أبرز ما قام به في هذا المجال برنامج للأطفال لا أكثر، ماذا قدم محمد صبحي مثلا ليصير سفيرا للنوايا الحسنة لمكافحة الإدمان؟ في المقابل لدينا الأمريكية أنجلينا جولي قدمت وتقدم دورا إغاثيا عبر العالم كله".
وتابع حبيب: "إذا كانت الأمم المتحدة أصلا لا تقوم بدورها في إغاثة اللاجئين بسوريا واليمن والعراق، وحفظ وإقرار العدل والسلام في العالم، ولا تقوم مؤسسة مثل السلام العالمية بشيء يوافق اسمها؟ فلماذا ننتظر خيرا من هذه المنظمات وممن تختارهم من بيننا كسفراء شرفيين؟".
المنتج الفني أيمن عبد الرازق قال لـ"الاستقلال": "إذا كان لدينا شعبان عبد الرحيم سفير شرفي للأمم المتحدة، فماذا ننتظر منه وممن عينوه؟ وبمقياس هؤلاء أنفسهم فإنهم لا يرشحون من هو أهل للصنعة أو للإبداع في مناصبهم، وإنما الأمر مقصور على أسماء معينة يرشحونها في ظل غياب معايير حقيقية للاختيار".
الأديب المصري محمد فؤاد يرى أن "ثقافتنا كمصريين وعرب صارت مسخا بأيدينا أولا، بالتالي صارت قدراتنا واهنة، وللأسف إبداعاتنا تفاهة، ووعينا شعوذة وجدلا، وكأننا بوجه عام وجدنا لهوا فلهونا، ومن هنا قمنا بأيدينا بإهانة أنفسنا قبل أن تنتقي مؤسسات غربية أكثرنا هزلا وبعدا عن الثقافة والإبداع كسفراء شرفيين، لا يرون لأنفسهم عملا ولا تكليفا".
فؤاد قال لـ "الاستقلال": "إنهم يختارون كمنظمات عالمية سفراء شرفيين لهم من بيننا، وفق رؤيتنا نحن أولا، في حين نجد الغرب نفسه في اختياراته لنفس المناصب جاد، ولذلك نراهم يقومون بأعمال جليلة، والأصل أن نصارح أنفسنا بأننا نعيش فقدانا للهوية وتبديلا للقيم وتعكيرا لصفو نهرنا العذب وتسميما لأجوائنا النقية بكل سام، ويوم نحسن الاختيار لأنفسنا ونعلي الذين يستحقون.. يحسن الغرب الاختيار منا".المصادر
- موقع المنظمة العالمية للسلام والتنمية الدبلوماسية العربي ـ مبادئ وأهداف المنظمة العالمية للسلام والتنمية الدبلوماسية
- السفراء.. اللقب واحد لكنَّ الاستخدامات تتعدَّد ـ مصطفى السداوي
- رُسُل الأمم المتحدة للسلام - موقع الأمم المتحدة باللغة العربية
- سفراء النوايا الحسنة من الفنانيين لقب أم فعل؟
- سفراء النوايا الحسنة ـ أسرة اليونيسيف
- سفراء النوايا الحسنة ليونيسف مصر ـ موقع اليونيسيف العربي
- نجوم لقبوا بسفراء للنوايا الحسنة .. فماذا قدموا؟ ـ سعد أبو علي
- فنانون بدرجة سفراء للنوايا الحسنة.. عمل خيري أم وجاهة اجتماعية؟