طريق الحرير الجديد.. هكذا تنقل الصين أكباد الإويجور إلى السعودية

12

طباعة

مشاركة

هل تعيد الصين الروح إلى "طريق الحرير" ليعمل من جديد؟ يبدو كذلك لكن هذه المرة لن يكون طريقا للتجارة ونقل البضائع القديمة المتعارف عليها، فهذه المرة البضاعة قد تكون مختلفة تماما، إنها الأعضاء البشرية المقتطعة من أجساد مسلمي الإويجور بالصين، والتي تجد رواجا واسعا بين الأثرياء من المرضى السعوديين.

"موت طريق الحرير Death of the Silk Road"، هو عنوان فيلم وثائقي عن الإشعاع النووي في إقليم سنجان (تركستان الشرقية ذاتية الحكم لقومية مسلمي الأويجور التابعة للصين)، ساعد إنفر توهتي جراح الأورام الإويجوري "المنفي" شركة إنتاج إعلامية بريطانية في إنتاجه عام 1998.

قبلها بـ 3 سنوات، هرب توهتي من الصين بعد أن اكتشف أن إحدى منشآت اختبار الأسلحة النووية في سنجان تسببت في ارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان بين مسلمي الإويجور، حسبما ذكر تحقيق استقصائي أجراه مشروع "سي. جي. ويرلمان إندبندنت"، بإشراف الصحفي "سي. جي. ويرلمان"، ونشره على موقع "medium"، بهدف كشف المظالم ضد المسلمين في جميع أنحاء العالم ووضع حد لها.

التقرير الاستقصائي الذي ترجمته "الاستقلال" بدأ بشهادة توهتي "لقد استدعاني رئيس الجراحين للذهاب إلى غرفة بالقرب من ساحة إعدام أورومتشي (عاصمة سنجان) لإزالة الكبد والكليتين من سجين تم إعدامه". "اتضح أنه لم يكن ميتًا تمامًا لأن فرقة الإعدام الصينية أطلقوا النار عليه في صدره الأيمن (عن قصد) ليفقدوه وعيه (دون قتله)، ليتيحوا لي وقتا لإزالة أعضائه" وطلب رئيس الجراحين تنفيذ العملية بدون إعطاء السجين مخدرًا. كان توهتي يرى قلب الرجل وهو لا يزال ينبض بينما يقوم بإزالة كليتيه وكبده.

تم تنفيذ هذا الإعدام الوحشي المتعمد لسجين الأويغور في عام 1995، وستكون هذه هي المرة الأولى التي يشهد فيها توهتي ويشارك عن غير قصد في برنامج حصاد الأعضاء الحية في الصين، ليخبر إحدى الجرائد البريطانية في عام 2013 بأنه لم تمر سنوات حتى أدرك ما كان متورطًا فيه، وليخبرهم عن مدى انتشار هذه الممارسة وانتظامها في منطقة الأغلبية المسلمة في الإويجور.

الزبائن سعوديون

الشهر الماضي، أخبر توهتي إذاعة آسيا الحرة بأنه يعتقد أن العملاء الرئيسيين لأعضاء الأويجور المسلمين هم المرضى الأثرياء في عمليات زرع الأعضاء في المملكة العربية السعودية، حيث تقوم الصين بتسويق هذه الأعضاء التي أزيلت من الأجسام بشكل غير قانوني "كأعضاء حلال"، رغم عدم وجود شيء من هذا القبيل في أحكام الشريعة الإسلامية.

عندما ضغطت على توهتي بشأن هذا الادعاء، اعترف بعدم وجود دليل مباشر، وإنما مصادر ثانوية لم يتم التحقق منها، عن بيع أو تسويق أعضاء "حلال" إلى مستفيدين سعوديين أثرياء، وأصر توهتي على أنه "من الأفضل عدم التحدث عن هذه القضية حتى يتم التأكد منها"، وعندما سألته عن السبب في تخليه عن التأكيد السابق الذي قدمه، أخذ يتحدث عن خوفه على سلامة والدته، التي ما زالت في سنجان.

وأخبرني نشطاء الأويجور، ومنهم أرسلان هدايت، صهر الكوميدي المسلم الشهير الأويجوري عادل مجيت، كيف تهدد الصين أفراد أسر الذين يعيشون في الخارج، وتحديداً أولئك الذين يتحدثون بشكل علني ضد جرائمها في سنجان.

ووفقًا لتوهتي، فإن الطلب على أعضاء الأويجور يفوق العرض، وبالتالي يفسر سبب قيام سلطات الحزب الشيوعي الصيني في سنجان بجمع عينات الدم الإلزامية من مسلمي الأويجور عبر الفحص الطبي الوطني للصحة، بهدف إنشاء "قاعدة بيانات مطابقة للأعضاء الحية".

وقال الدكتور فيصل شاهين، مدير المركز السعودي لزراعة الأعضاء، لمجلة أريبيان بيزنس (إماراتية)، أن 410 سعوديين اشتروا أعضاء في فترة عامين تمتد من 2012 إلى 2014 من "الأسواق السوداء" في الصين ومصر وباكستان، وأضاف أيضًا بأن هناك 7000 من المرضى السعوديين يحتاجون إلى عمليات زرع الكلى.

الحصاد الدامي

وتقول لجنة الصحة العامة التابعة للبرلمان الأوروبي واللجنة الفرعية لحقوق الإنسان إن الكلى التي يتم حصادها بطريقة غير قانونية تصل إلى 150 ألف يورو (نحو 165 ألف دولار أمريكي) للكلية الواحدة!

حذّر البرلمان البريطاني هذا الأسبوع المواطنين المتلهفين لعمليات زرع الأعضاء من أنهم قد يكونون عن غير قصد "يلعبون دورًا في الانتفاع من الأعمال الوحشية التي تمارس ضد النزلاء في السجون ومعسكرات الاعتقال التابعة للحكومة الشيوعية".

مع وجود أكثر من مليوني مسلم من الإيجور محتجزين في شبكة من معسكرات الاعتقال والسجون في جميع أنحاء سنجان وبقية الصين، وهو ما يمثل أكبر احتجاز جماعي لأقلية دينية منذ أسوأ المذابح في منتصف القرن العشرين، وقد أصبحت القضية ضد الممارسات البربرية في الصين لحصاد الأعضاء الحية للمسلمين أمرًا مروعًا للغاية.

في عام 2016، استمع برلمان المملكة المتحدة إلى عرض تقديمي بعنوان "الحصاد / الذبح الدامي"، وهو اسم مأخوذ من كتابين من 3 مؤلفين مختصين هم إيثان جوتمان وديفيد كيلجور وديفيد ماتاس.

ويوفر الكتابان أدلة موثقة على أن الصين قد أنشأت "سلسلة صناعية كاملة" لحصاد الأعضاء من السجناء السياسيين، مع ملاحظة أن الأقليات قد تم استهدافها على وجه التحديد، تشمل مسلمي الأويجور والتبتين (مسيحيي البيت House Christians) وممارسي الفالون غونغ (حركة روحية محظورة في الصين).

في الواقع ، استشهد هذا التقرير بتوهتي، جراح الأويجور الذي قابلته لهذا المقال، واعتبره "الحالة الأولى المعروفة لحصاد الأعضاء الحية"، مما يؤكد ادعائه بأنه انتزع "الكلى والكبد من سجين تم إطلاق النار عليه. في الصدر بهدف عدم قتله وإنما لإدخال جسده في حالة صدمة".

المسار الأخضر

ورصد المؤلفون أيضًا كيف وصف "شاهد طبي آخر أنه تم إجباره على إجراء فحوصات دم لسجناء الأويجور السياسيين لصالح مجموعة من كبار المسؤولين في الحزب الشيوعي الصيني ممن احتاجوا إلى أعضاء مطابقة للأنسجة"، مضيفًا أن "المسؤولين" كانوا قد سافروا إلى أورومتشي خصيصًا لإجراء العمليات، ويمكن اعتبار هذه الحالة واحدة من أولى حالات "سياحة الأعضاء"، وإن كان ذلك داخل حدود الصين، مع التأكيد أيضًا على أن الحزب كان ضالعًا بشكل صريح في حصاد الأعضاء القسري للسجناء السياسيين والدينيين من البداية".

لا تشكل الأدلة ضد الصين مجموعة من الأدلة فحسب، بل تشكل أيضًا "مجالًا معرفيًا جديدًا" في حد ذاته، مع نشر العديد من الكتب حول هذا الموضوع، بما في ذلك كتاب "أجهزة الدولة: إساءة استخدام عمليات الزراعة في الصين"، الصادر عام (2012)، وكتاب "الذبح: حصاد أعضاء القتل الجماعي"، وكتاب "الحل السري الصيني للمعارضين السياسيين (2014)" وكتاب "حصاد دموي (2009)"، وكتاب "الذبح (2014)" إلى جانب العشرات من المقالات المنشورة في المجلات الموثوقة، والعديد من الأفلام الوثائقية، ومنظمة غير حكومية (أطباء ضد حصاد الأعضاء القسرية DAFOH) مكرسة لوضع حد لممارسة الصين حصاد الأعضاء الحية من السجناء السياسيين.

كما وجدت لجنة في المملكة المتحدة الأدلة والشهادات التي ظهرت خلال تحقيقاتها في برنامج حصاد الأعضاء الحية في الصين "دامغة".

في مقابلة مع صحيفة Uighur Times، عرض توهتي للصحيفة على الإنترنت صورة للمسار الأخضر لنقل الأعضاء البشرية (HOTGP) في مطار أورومتشي الدولي، والذي يزعم أنه يوفر قناة لشحن أعداد كبيرة من الأعضاء البشرية خارج البلاد إلى المستفيدين من جميع أنحاء العالم، ويؤيد ما ذكره توهتي انتشار صورة ظهرت على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تظهر علامة على مسارين كتب عليهما "الركاب الخاصون، ومسار تصدير الأعضاء البشرية".

وقد أبلغت شركة طيران جنوب الصين عن أكثر من 500 عملية نقل للأعضاء منذ أن قام توهتي بإجراء مقابلة مع الصحيفة أوائل مارس/آذار الماضي.

هذه الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية مروعة إلى الحد الذي لا يمكن تصوره، لكن بالنظر إلى ما وصفه لي نشطاء الأويجور والعديد من الأشخاص الآخرين كيف يتعرض مسلمو الأويجور المحتجزون في معسكرات الاعتقال لعمليات اغتصاب جماعية، وبرامج تعقيم وتعذيب منتظم وزواج قسري من مواطنين صينيين والإخفاء القسري والإعدام، فإننا نملك كل الأدلة التي تجعلنا نعتقد أن مزاعم حصاد الأعضاء الحية بالكاد تخدش سطح ما يعتبر أكبر إبادة جماعية للمسلمين في العصر الحديث.