"زينبيات اليمن".. رعب بمسحة إيرانية يبطش بمعارضي الحوثيين

منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

"كان زوجي في باحة المنزل الخارجية، عندما جاءت مجاميع مسلحة من الحوثيين واعتقلته، وأتت بعد ذلك ست نساء واقتحمن البيت وأرغمننا على البقاء في ركن إحدى الغرف، كُنَّ عنيفات وعدائيات وأصبننا بالخوف والذعر، وقمن بتفتيش الشقة بالكامل، وأخذ الهواتف وأجهزة الكمبيوتر، ونهب كثير من الأغراض"،  هذا جزء من حديث أميرة محمد، زوجة أحد المعتقلين، التي التقت بها صحيفة "الاستقلال".

حتى وقت انقلاب الحوثيين على الدولة، لم يكن المجتمع اليمني قد عرف "الكتائب الزينبية" أو سمع عنها، لكن الحوثيين عملوا على استيراد هذه الوسيلة، عبر تدريب نساء حوثيات على القمع واستخدام السلاح والهراوات واقتحام البيوت وصالات العزاء والأفراح، كما جرى تنظيم برامج ودورات تدريبية لهذه العناصر النسائية؛ بهدف استقطاب وتجنيد أخريات.

كتائب الزينبيات

يطلق الحوثيون على العناصر النسائية المجندة "الزينبيات" نسبة إلى زينب بنت الحسين بن علي، على الأرجح، وهي التسمية نفسها التي جرى إطلاقها على العناصر النسائية في مليشيات عراقية، وهي ذات المهمة التي تقوم بها المجندات في قوات الباسيج الإيرانية، على نحو يوحي باستنساخ الظاهرة بجميع تفاصيلها من إيران.

وبحسب مستشار وزارة الإعلام اليمنية، فيصل العواضي: فإنّ "هذه الكتائب من أدبيات الحرس الثوري الإيراني، والحشد الشعبي العراقي، وحزب الله اللبناني، وكل الميليشيات الإيرانية في المنطقة التي تسير على النهج نفسه، من خلال تجنيد الأطفال والنساء".

أما الباحث والمحلل السياسي، محمد جميح، فيقول: إنّ "الزينبيات تسمية إيرانية تم استقدامها إلى اليمن، فالمجتمع اليمني في معظمه، قبلي محافظ، ما زالت المرأة فيه تواجه تحديات في ممارسة العمل والوظيفة، فضلا عن تحديات أخرى في الدراسة والتعليم".

"الزينبيات .. قمع واقتحامات"

تلقّت "الزينبيات" دورات مكثفة في القمع والاقتحام، وكيفية التعامل مع المعتقلين، والنساء على وجه الخصوص، وهو ما كشفت عنه وكالة "أسوشييتد برس" الأمريكية، في تقرير لها صدر في منتصف يناير/كانون الأول الماضي.

ونقلت الوكالة الأمريكية عن منظمة مكافحة الاتّجار بالبشر، أن "القيادي الحوثي، سلطان زابن، هو المسؤول عن اعتقال عشرات النساء من مقاهٍ وحدائق ومحلات عامة، واحتجازهن في فلل تابعة لقيادات حوثية"، مضيفة أن "المعتقلات تعرضن للتعذيب والضرب والابتزاز"، ما أكدته صحيفة "الواشنطن بوست"، أن "الفتيات يتعرضن للابتزاز من خلال توجيه تهم أخلاقية لهن، من أجل ابتزازهن، وسرقة أغراضهن".

وفي حديث لـ"الاستقلال"، قال أستاذ جامعي، طلب عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية: "نظّمنا وقفات احتجاجية للتنديد بوجود الحوثيين في كليات جامعة صنعاء، وفي يوم الوقفة فوجئنا بمجاميع من النساء يرفعن شعارات الحوثيين، ويتهمننا بالارتزاق والعمالة للسعودية"، وتابع: "باشرن الاعتداء علينا بهراوات، وجاءت على إثر ذلك، قوات الحوثيين واعتقلتنا، كان ذلك في سبتمبر/ أيلول من العام 2015".

وبحسب وكالة "سبأ" اليمنية للأنباء، فإنّ حافلات مليئة بما يسمى "الزينبيات" يحملن صواعق كهربائية، نفّذت حملات اعتقال عدة، طالت إحداها طلابا وطالبات في كلية التجارة بجامعة صنعاء، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كما اعتدين على طالب آخر قام بتصوير حادثة الاعتقال".

وكانت آزال علي، الطالبة في جامعة صنعاء، قد تحدثت في مقابلة تلفزيونية لها، عن "اعتداء جسدي ولفظي لمجموعة من الزينبيات عليها وعلى زميلاتها، واعتقالهن على خلفية تنظيم دعوات للمطالبة بصرف رواتب الموظفين المتوقفة منذ عامين". وتحدثت خلال المقابلة التي عرضت في وقت سابق، عن مشاهداتها لمعتقلات من جميع الفئات العمرية في سجون الحوثيين.

وفي 6 ديسمبر/ كانون الأول 2017،  اعتدت كتائب "الزينبيات" بالضرب على مسيرة نسائية من حزب المؤتمر الشعبي العام، مستخدمة الهراوات، وذلك بعد مطالبتهنّ بتسليم جثة الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وقد أظهرت مقاطع فيديو "الزينبيات" وهنّ يلاحقن ويعتدين على المحتجات، الآتي يتعرضن للضرب والاعتقال.

"الشحن الطائفي"

كان الحديث يجري عن تدريب عناصر من "حزب الله" اللبناني لكتائب "الزينبيات" في صنعاء والحديدة، وهو ما أكدته إحدى "الزينبيات"، التي كشفت لموقع "نيوز يمن"، أنهن يتلقين تدريبات على يد أجانب، يتعلمن فيها خبرات في الرماية واستخدام الأسلحة.

لم يتوقف دور "الزينبيات" على قمع الاحتجاجات واقتحام البيوت فحسب، بل جرى العمل على تنمية غريزة العداء لديهن، عبر دورات شحن طائفية، تعزز مفهوم المظلومية لديهنّ، وتبرر كل عنف يستخدم ضد من يعتبرونهن عملاء ومرتزقة من المواطنين اليمنيين.

لهذا فقد عٌرف عن "الزينبيات" التوحش والعنف في التعامل مع المعتقلين، خصوصا مع أمهات المختطفين خلال الوقفات التي نظمتها الرابطة أمام السجون والمعتقلات الحوثية.

تعدّت أدوار الزينبيات أيضا إلى ممارسة مهام أمنية واستخبارية، من خلال حضور مجالس نسائية، ونقل كل معلومات الأحاديث الدائرة إلى مسؤولين حوثيين، إضافة إلى رصد التحركات؛ ما تسبب ببث الرعب في المجتمعات، وجعلها مسكونة بالخوف والريبة، وبالتالي تسبب بفرزها على أسس طائفية، وانقسامها على نحو حاد.

زاد نشاط الزينبيات بعد مقتل الرئيس السابق صالح، وفشل الدعوة للانتفاضة ضد الحوثيين في 2 ديسمبر/كانون الأول 2017، فتوسعت دائرة المستهدفين؛ لتشمل بعض القيادات التابعة لحزب المؤتمر ونسائهم، بعد أن كانت محصورة في المعارضين لها من تيار حزب الإصلاح، والمحسوبين عليهم.

تتسع الظاهرة، ويجري الحديث عن تجنيد 3 آلاف "زينبية"، وما زالت جهود الاستقطاب والتجنيد قائمة من الحوثيين، في مسعى منهم لإحكام القبضة البوليسية والأمنية على كل المعارضين والمخالفين، وتطويع المجتمعات بقوة السلاح، وحكمها بالقهر والخوف، واستيراد ظواهر بوليسية ليست من أدبيات المجتمع اليمني، ولا من قيمه وأخلاقه.