ابن شقيقة عرفات يجوب أوروبا بمقترح جديد بشأن قضية فلسطين.. ماذا عن تفاصيله؟

"إما أن نقتل بعضنا البعض أو نقبل بعضنا البعض. لا توجد بدائل أخرى"
يجري الدبلوماسي الفلسطيني ناصر القدوة، جولة في العواصم الأوروبية منذ أسابيع، برفقة رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت، في ظل العدوان المستمر على غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وأصبح الاثنان رفقاء في رحلة مدفوعة بالاقتناع بأن الوقت قد حان لإبرام السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وجاء ذلك “انطلاقا من إحساس خالص بالبراغماتية والحاجة الملحة للخروج من دوامة العنف إلى الأبد بعد أن حكمت الشرق الأوسط خلال العقد الماضي”، وفق صحيفة الإندبندينتي الإسبانية.
والقدوة (72 عاما) هو ابن شقيقة الرئيس الراحل ياسر عرفات، ويعترف أنه ترعرع في صلب حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح، التي تجمعه الآن علاقة صعبة بقيادتها الحالية.
وفي أبريل/نيسان 2021، أنشأ الملتقى الوطني الديمقراطي، وهو فصيل منشق عن فتح، ثم انضم لاحقا إلى مروان البرغوثي، الأسير (مدى الحياة) في إسرائيل، لتأسيس قائمة "الحرية" وتحدى الرئيس الحالي محمود عباس في الانتخابات التي ألغاها الأخير إلى أجل غير مسمى.
وبسبب “تجاوزه للنظام الداخلي للحركة وقراراتها والمس بوحدتها”، قررت اللجنة المركزية لـ"فتح"، في 11 مارس/آذار 2021، فصل القدوة.

خطة مريبة
ويقول ناصر القدوة، وزير الخارجية الفلسطيني الأسبق بين عامي 2005-2006، في مقابلة مع صحيفة الإندبندينتي: "إما أن نقتل بعضنا بعضا أو نقبل بعضنا بعضا. لا توجد بدائل أخرى"، وفق تعبيره.
وأشارت الصحيفة إلى أن القدوة قدّم خلال مروره بالعاصمة الإسبانية الخطة التي وضعها مع أولمرت، وتهدف إلى وضع نهاية للحرب في غزة.
وتتضمن الخطة، تقسيم الأراضي المتنازع عليها (المحتلة)، والسيطرة المشتركة على القدس، وهو طرح ترفضه الفصائل الفلسطينية.
وأشار القدوة إلى أن “الخطة التي يقدمها في العواصم الأوروبية ليست سحرية، لكن من المهم اقتراحها”.
من ناحية أخرى، فإن إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته على الحرب واستخدام القوة العسكرية لتحقيق الأهداف يجعل الوضع صعبا للغاية.
وواصل القدوة: “لكن بمرور الوقت، أنا على يقين بأن كلا الجانبين سيبدأ برؤية واقع كل منهما والبحث عن بدائل”.
ويرى أن الخطة التي يقترحها بديلا قابلا للتطبيق، وهي الطريقة الوحيدة للمضي قدما.
لذلك، "من المهم طرحها على الطاولة، وشرحها للرأي العام، سيستغرق الأمر وقتا، وسيتطلب جهدا ودافعا جديا من جميع المعنيين بالأمر".
وحول نقطة التحول التي ستجعل من هذه الخطة ممكنة، يتوقع القدوة أنها “ستكون في المستقبل غير البعيد، حيث إنه رغم الضوضاء التي يحدثها، لم يحقق نتنياهو وجيشه الأهداف التي يريدونها”.
وأردف: "لا يوجد شيء اسمه النصر الكامل، وفي نهاية المطاف، لن يؤدي استخدام القوة العسكرية دون منظور سياسي إلى أي نجاح، سنشهد نقطة تحول وبداية التغيير في الوضع".

تدمير حماس
وينوه الدبلوماسي الفلسطيني إلى أن “هذا الأمر لن يكون ممكنا مع وجود نتنياهو في السلطة؛ حيث إن لديه مصلحة شخصية في استمرار الحرب".
إذ إنه "سيكون في مأمن باستمرارها، وبهذا الشكل سيستمر في منصب رئيس الوزراء، حتى إن مصالحه الشخصية هي التي تحكم هذا الوضع".
ولفت إلى أن من هم في السلطة في إسرائيل مقتنعون بانتصار وتدمير حركة المقاومة الإسلامية حماس وحزب الله وحتى تغيير النظام الإقليمي.
وبحسب قوله، فإن “هذا الأمر غير ممكن، ويعني أن نتنياهو يغذي انتصاراتها بصورة الإنجازات وتقاعس المجتمع الدولي”.
وتابع القدوة أن "نتنياهو ومن حوله سيحاولون الحصول على ما يريدون بالقوة الغاشمة، لكن ذلك لن ينجح".
ورأى أنه لا يمكنه تدمير حماس وحزب الله بشكل كامل لأنك “لا يمكنك تدمير فكرة”.
واستدرك: "لقد قلت شخصيا مرارا وتكرارا إن بإمكانهم إضعاف حماس، لكن القضاء عليها أمر مثير للسخرية".
وذكر أنه "من الممكن أن نرى حماس أضعف أو حركة جديدة ومتغيرة وأكثر واقعية وانفتاحا كجزء من سياق سياسي فلسطيني جديد. إنه شيء سيفعله أعضاؤها، وليس أنا".
وبينما يصرّ أولمرت والقدوة على ضرورة ممارسة ضغط من المجتمع الدولي لتنفيذ خطتهما، تحظى إسرائيل حتى الآن بدعم غير مشروط من إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن.
وفي هذا السياق، قال القدوة: “الإدارة الأميركية سئمت، من نتنياهو، ولكن يجب علينا أن نرى الفرق بين التزام الغرب، بشكل عام، بأمن ورفاهية إسرائيل كدولة، وحقيقة أن هذا الغرب قد سئم سلوك أو التوجه السيئ للحكومة الإسرائيلية الحالية. إنهما شيئان مختلفان”.
ورأى أنه "ربما يكون هذا أيضا جزءا مما لا يفهمه بعض الفلسطينيين، حيث إنهم لا يرون فرقا في أن هذا الغرب لن يتردد في مساعدة إسرائيل إذا لزم الأمر، بغض النظر عما يقولونه أو ما يفعلونه أو لا يفعلونه تجاه نتنياهو نفسه".
ونقل السياسي الفلسطيني أن “غياب القيادة الجيدة من كلا الجانبين هو جزء من المشكلة لأن القيادة مهمة”.
وتابع: “القادة يشكلون الرأي العام. لكن، لا يساعد القادة الفلسطينيون أو الإسرائيليون في هذه المسألة. بل على العكس من ذلك، فإنهم يجعلون الأمور أسوأ بكثير”.
ويرى وجود "غياب على مستوى القيادة، وأيضا صورة زائفة للإنجازات. إنها وصفة للكارثة، لكن هذا أمر غير مستقر، ومستمر في التغيّر، نحو الطريق الصحيح".

المستقبل الفلسطيني
وحول إمكانية تغيير الرأي العام، أشار القدوة إلى أن “العمى الذي يصيب الرأي العام سينكسر، سيكون هناك حل سياسي، وإذا لم يكن نتيجة الشهامة والحماس، فسيكون نتيجة اليأس وعدم قدرة الطرفين على التلاعب بالآخر”.
وواصل القول: "هذه هي النتيجة النهائية. إما العنف تجاه الآخر أو التعايش معه، وسيكون عاجلا وليس آجلا، لن يكون الأمر سريعا جدا، لكنه لن يكون في المستقبل البعيد".
وحول القيادة الفلسطينية، يرى القدوة أنهم "فظيعون، وأسوأ من الذين يقودون إسرائيل".
ويرى أن “محمود عباس رجل متقدم في السن وعليه أن يغادر. وبغض النظر عن التفاصيل وسوء إدارته خلال ولايته، إلا أن 19 سنة تعد كافية”.
وتابع عن عباس: “إنه جزء من المشكلة، رفض المغادرة وتنظيم الانتخابات، فضلا عن الإصرار على تركيز السلطات كافة في يد شخص واحد”.
وبالطبع، ليس هذا الطريق نحو التقدم أو الحفاظ على الديمقراطية أو محاربة الفساد أو منع اضطهاد شعبك، وفق قوله.
وحول السيناريوهات الممكنة، وفرضية فوز حماس في الضفة الغربية، أورد السياسي الفلسطيني أنه "يشك في ذلك".
وقال: "على الرغم من أن القاعدة تقول إنه كلما ابتعدت عن مركز الصراع، حصلت حماس على دعم أكبر، والمركز بالطبع هو غزة، لذا فإنهم يحظون بدعم أكبر في الضفة الغربية والأردن.
لكن في نهاية المطاف، علينا أن نبني وضعا سياسيا مختلفا في فلسطين، وأن نخلق اتجاهات وتيارات سياسية جديدة تفكر بشكل مختلف، بحسب تعبيره.
ويعتقد أن "الوضع الحالي غير قابل للحياة. لقد فقدنا نحن الفصائل الفلسطينية معظم الدعم الشعبي، لذا فهو ليس خيارا، يجب علينا أن نتغيّر".
وحول اتهامه بالخيانة بسبب المخطط الذي يقوده مع أولمرت، أورد السياسي الفلسطيني أن “مقترحه يمثل تهديدا للأشخاص الذين يريدون الحفاظ على الوضع الراهن، داخليا وخارجيا”.
وخاصة في رام الله، حيث إنهم يبقون في السلطة بشكل غير قانوني ويريدون الحفاظ على الوضع الراهن، و"أنا أريد تغييره داخليا".
فيما يتعلق بالعلاقة الإسرائيلية الفلسطينية، أنا لا أحاول إعادة خلق الحب المفقود بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ولكن أحاول إيجاد حل، بحسب قوله.